استمرارا لمشاهد الانقسام التي تعيشها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، بين التأييد والمعارضة، نقف اليوم أمام مشروع قانون "إقليم قناة السويس"، ولكن اليوم هناك اختلافاً كبيراً فنحن لا نتحدث عن مجرد تطبيق قانون على المواطنين، وانما نتحدث عن أهم أعمدة مصر الاقتصادية والسياحية. ومشروع قانون "إقليم قناة السويس" أحدث ضجة كبيرة بين خبراء الاقتصاد والسياسيين والمسئولين والقانونيين، حيث أشادت به الحكومة واعتبرته كنز استراتيجي للمستقبل ومحور حياة محفور عبر التاريخ، كما أنه سيرفع الدخل السنوى لقناة السويس من 6 مليار دولار إلى ما يتجاوز 60 مليار دولار وأكثر، كما وصفه آخرون مشروع «عبقري» وأنه قاطرة الاقتصاد المصري، كما يعد أول ملامح مشروع النهضة – بحب آخرون. في مقابل هذه الاشادة كان الوجه الآخر للآراء، حيث رفضه العديد من الخبراء والسياسيين واعتبروه مصيبة للقناة وأنه مجرد ذراعا استثمارية اقتصادية لجماعة الاخوان المسلمين، ورآه آخرون ''معيب وغير مريح'' كما أكدوا أنه «اغتيال لمصر»، وأنه مشروع «نصب»، ولكن وسط جميع هذه الآراء المؤيدة له على ماهو عليه والرافضة له رفضاً تاماً، رأى أحد السياسيين أنه مشروع قوي وسياسهم في تقوية الاقتصاد المصري ولكنه يحتاج إلى دراسة جدوى شاملة. ملامح القانون والآن نبدأ بعرض رؤية الحكومة للمشروع وبعض من أهم ملامح مشروع القانون الذي أثار تلك الضجة، حيث تبدأ رؤية المشروع بأن يكون لمحور قناة السويس، الريادة العالمية فى صناعة النقل البحري واللوجستيات وأن يكون مركزاً صناعياً وتجارياً وسياحياً عالميا. وأهداف المشروع هي الإستفادة من الميزة الاستراتيجية والتنافسية لموقع مصر الجغرافي، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ونقل التكنولوجيا المتطورة، وزيادة الصادرات لزيادة حصة مصر فى التجارة العالمية، بالاضافة إلي توفير فرص للعمالة المباشرة وغير المباشرة، والارتقاء بالخبرات والمهارات الفنية، وتنمية المجتمع المحلى، وزيادة الدخل القومى من ''ضرائب، ورسوم جمركية على التصدير للسوق المحلى، وعائدات حق الانتفاع، مشاركة الهيئة في مشاريع البنية الأساسية والمرافق . ومن أهم ملامح القانون المقترح لمشروع تنمية محور قناة السويس: 1- تحدد الأبعاد والحدود والمناطق الخاصة والمشروعات الواقعة في نطاق المشروع بقرار من رئيس الجمهورية. 2- فيما عدا وزراء «الدفاع - الداخلية - العدل – الخارجية» ورؤساء «هيئة القناة - مجلس الدفاع الوطني» يكون لمجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية إقليم القناة جميع اختصاصات الوزراء ورؤساء الهيئات العامة والمحافظين في نطاق الإقليم في تنفيذ أحكام هذا القانون. 3- الهيئة العامة لتنمية إقليم القناة تتبع رئيس الجمهورية، ويصدر بنظامها الأساسي قرارا من رئيس الجمهورية. 4- يعين رئيس مجلس إدارة الهيئة بدرجة نائب رئيس وزراء. 5- لا يجوز للهيئة التصرف في الأراضي التي آلت إليها بغرض إقامة المشروعات طبقا لأحكام هذا القانون "إلا بطريق حق الانتفاع" على أن تستثنى من ذلك الأراضي السكنية داخل الأحوزة المعتمدة للمدن والتجمعات العمرانية المخططة، طبقا للقانون واللوائح. دفاع حكومي وفي دفاع حكومي عن أهداف المشروع وعن محاولات التشويه التي تعرض لها، أكد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء أن مشروع قانون تنمية محور قناة السويس أخذ في الاعتبار كل معايير الأمن القومي والقوات المسلحة، موضحا أنه لا يوجد تمليك للأراضي وإنما هو حق انتفاع. وقال قنديل، في افتتاح مؤتمر تنمية محور قناة السويس، بمشاركة وزراء الإسكان والنقل والمواصلات والتخطيط والتعاون الدولي ورئيس هيئة قناة السويس ومحافظي بورسعيد والإسماعيلية والسويس وعدد من المستثمرين المصريين والعرب والأجانب، بالإضافة إلي عدد من أهالي سيناء وعدد من السفراء المعتمدين في مصر: "إن البعض حاول تشويه الجهد المبذول في المشروع". وأوضح قنديل: "إننا نأمل أن يتم تصحيح الصورة بعد أن وصلت المعلومات الكاملة حول هذا المشروع في المؤتمر، فنحن نتحرك لمواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات لشعبنا العظيم". وأشار إلي أن الهدف من القانون الجديد لمحور تنمية قناة السويس هو تنظيم وتنسيق العمل بين مناطق الاستثمار في مصر وتسهيل الإجراءات، مؤكدا أن حق الانتفاع للأراضي في المشروع سيخضع للقوانين الحالية المطبقة في بقية مناطق التنمية والاستثمار في مصر. وأكد قنديل أن هذا المشروع خضع لدراسة وافية، وسيتم ربط مشروعات التنمية السابقة في المنطقة مثل شرق التفريعة وغرب خليج السويس بهذا المشروع الجديد في إطار ما يسمي بالخطة الشاملة، مؤكدا الحاجة لقانون ينظم هذا العمل وإطار مؤسسي لمنح التراخيص والأراضي والتعامل اليومي مع المستثمرين. وأشار إلي أن هناك بعض المشروعات في إطار محور تنمية إقليم قناة السويس التي سيتم بدء العمل فيها فورا مع استمرار إجراء الدراسات لبقية المشروع، موضحا أنه من بين المشروعات التي سيتم العمل فيها فورا هي الانفاق التي ستعبر تحت قناة السويس حيث بدأت فعلا دراسات الجدوي لتلك الانفاق. ونفي رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي، الشائعات التي ترددت حول المشروع حيث إنه لا يوجد مشروع قانون حتي الآن وأن ما تم إنجازه حتي الآن هو مسودة أولية لم تخرج بعد من مجلس الوزراء إلي مجلس الشوري بل هي لم تناقش بعد في مجلس الوزراء. وقد أكد عدد من الخبراء أن هذا المشروع سيرفع الدخل السنوى لقناة السويس من 6 مليار دولار إلى ما يتجاوز 60 مليار دولار وأكثر إلى جانب إنشاء إقليم سكانى وعمرانى وصناعى شامل يساهم فى دفع عجلة التنمية. الأمن القومي والمشروع وقد لاقى هذا المشروع تأييداً حكومياً وعدد من الخبراء، فمن جانبه، قال الدكتور طارق وفيق وزير الإسكان في كلمته بالمؤتمر: "إن مشروع محور تنمية إقليم قناة السويس ليس مشروعا ينفذ بإرادة وزير أو رئيس بل أصبح مشروعا تأتلف حوله قلوب كل المصريين". وأكد الدكتور وفيق أن مشروع تنمية إقليم قناة السويس يخضع لسلطة الدولة، ونفى في تصريح نشرته جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، ما تردد عن استثناء المشروع من الرقابة المصرية، مضيفًا أنه لا يوجد بيع لأرض مصر لأي جهة لأن الهيئة التي ستدير المشروع ستمثل سلطة الوطن". وأوضح وفيق إن الهيئة المسئولة ستقدم تقريرها لمجلس الشعب وستخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات. وفي ذات السياق، قال وليد عبد الغفار رئيس الأمانة الفنية لمشروع تنمية إقليم قناة السويس للشرق الأوسط: "إن مشروع تنمية محور قناة السويس هو قاطرة الاقتصاد المصري وفقا للبنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية"، موضحا أن المشروع ليس جديدا إذ بدأه وزير الإسكان الأسبق حسب الله الكفراوي عندما اهتم بتنمية شرق السويس. وأشار عبد الغفار إلى أن هذا المشروع يخطط كمحور كامل يشمل عدة جوانب ويهدف إلى أن يكون مركزًا عالميًا صناعيًا وسياحيًا واقتصاديًا وأن يكون لمصر الريادة العالمية في مجال صناعة النقل البحري. وبالإضافة إلى هذا وذاك، أكد اللواء طاهر عبد الله، رئيس الإدارة الهندسية بالقوات المسلحة أن مشروع تنمية محور قناة السويس لا يتعارض ولا يضر بالأمن القومي، وإنما هو مشروع تنموي لا يعيق مهام القوات المسلحة التي اطلعت عليه، وأبدت ملاحظات تم قبولها خاصة أن القوات المسلحة معنية بتطوير سيناء وتنميتها ويتلقون مطالب سيناء من شيوخ القبائل وقادة الجيوش والمحافظة. وأضاف طاهر في حواره لبرنامج"هنا العاصمة" على قناة "سي بي سي" أول امس، أن القوات المسلحة قامت بتطوير طريق السويس ونفذته على ثلاث مراحل واستطاعت أن نصل إلى الطريق الدائري، والالتفاف حول محيط القاهرة دون الدخول فى وسط القاهرة. حدث تاريخي واستمراراً للتأييد ولكن على جانب رجال الأعمال، قال المهندس أحمد جلال الدين رئيس جمعية الأعمال والاستثمار الدولي التي نظمت المؤتمر: "إننا بصدد حدث تاريخي نأمل أن يكون قاطرة التنمية في مصر ونأمل أن يكون مشروعا ينقل مصر إلي مصاف الدول الكبري". وأشار إلي أن هذا المشروع سيمثل نقطة محورية في التجارة الدولية وسيحول مصر لدولة مصدرة للتكنولوجيا في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأضاف أن مصر خرجت من سنوات عجاف لتنطلق إلي أفاق أرحب بالتعاون بين الشعب المصري كله، لافتا إلي أن هذا المشروع ليس مشروع هيئة أو وزارة أو حزب بل هو مشروع كل المصريين ونأمل أن يسهم كل المصريين فيه. ومن جانبه، أكد رجل الأعمال منصور عامر أن هذا المشروع عظيم وعبقري، لافتاً إلى أن الاقتصاد المصري قوي جدا، وأن مصر دولة غنية للغاية، وأن الدولة قادرة على إسعاد شعبها بطريقة غير عادية، خاصة أن لدينا قدرات عظيمة جدا يجب أن نفعلها. وأضاف خلال مقابلة تليفزيونية مع برنامج «الحياة اليوم» أنه يجب على المتخوفين من تنفيذ هذا المشروع الانتظار ليفصح القائمين على المشروع عن كل خططهم وأفكارهم المتعلقة بالمشروع دون تخوين أو هجوم دون أي معنى. كما لاقى هذا المشروع تأييد كبير من حزب الوسط، حيث قالت الدكتورة ليلى سامي عضو الهيئة العليا لحزب الوسط: "إن محور قناة السويس ليس ملكًا لحكومة ولا مستثمرين ولا هيئات، ولكنه ملك الشعب المصري كله"، مؤكدة أن مصر لن تيبع ولن تؤجر أي شبر من أراضي المشروع. وأشارت في تصريح صحفي لها الثلاثاء، أن مشروع محور قناة السويس لم يبدأ تصميمه إلا بعد موافقة الجيش المصري على تفاصيله، كما أن اللواء مميش رئيس هيئة قناة السويس يمول دراسة جدوى وتصميم المشروع بالكامل من دخل القناة دون أي تمويل أجنبي. وأضافت أن شعار المشروع "أرض إقليم قناة السويس ككل أرض مصر هي عرض وليست مجرد أرض". ومن جهته، أكد حزب الحرية والعدالة أن مشروع تنمية قناة السويس هو أول ملامح مشروع النهضة الذى تضمن بالفعل إشارات لهذا المشروع فى إطار الحديث عن تطوير وتنمية سيناء، فى حين ترجع بدايات هذا المشروع إلى الخمسينيات من القرن المنصرم وتحديدا عندما قامت ثورة يوليو بتأميم القناة وسعى خبراء كثيرون لوضع أفكار كثيرة فى هذا الشأن .. بل أن النظام السابق نفسه اتخذ خطوات أخرى وكان للمهندس حسب الكفراوى حكاية أخرى مع هذا المشروع الذى ظل معطلا حتى قامت الثورة . «اغتيال لمصر» ولكن رغم هذا التأييد الحكومي وبعض من المسئولين إلا أن معارضي هذا المشروع كانت لهم رؤية مختلفة وتحليل آخر لأهداف هذا المشروع، وبداية بأستاذ القانون الدولي الدكتور علي الغتيت، حذر من مشروع محور قناة السويس، حيث وصفه بأنه مشروع ل"اغتيال مصر"، وانتقد المؤتمر الذي عُقد تحت رعاية الدكتور هشام قنديل لمناقشة المشروع، وقال: "إنه مؤتمر تسويقي ولا يليق بمقام رئيس وزراء مصر". وشدد الغتيت على أن المشروع يخدم مصالح إسرائيل وليس مصلحة مصر، مؤكدا أنه يفصل الإقليم عن السيطرة المصرية ويتحدث عن إقامة دولة جديدة. وقال الدكتور علي الغتيت خلال حوار له مع برنامج "جملة مفيدة": "المشروع يرجع الحدود القانونية والسياسية لمصر إلى 5 كيلو غرب قناة السويس، ويصبح لدينا ضفة غربية، بمعنى آخر هذا المشروع من شأنه أن يضمن سلامة إسرائيل ويمكنها من الوصول إلى النيل". واستبعد أن تكون القوات المسلحة قد وافقت على المشروع، وقال: "أريد أن يخرج الفريق عبد الفتاح السيسي ويقول لنا هل هو موافق أم لا" وأكد قائلا: "أنا شخصيا موافق على فكرة التنمية ولكن هذا المشروع اغتيال لمصر". وأوضح الغتيت أن نطاق المشروع سيكون خارج سيطرة الدولة المصرية، فرد واحد هو ما يقرر فيها أي شيء، ولو حدث أن القوات المسلحة اختلفت معه سيكون هناك صدام بينهما، وتابع: "اليوم نحن في موقف لا ينفع معه الصمت". ووصف الغتيت المشروع بأنه "شيطاني" وقال: "سيصبح الإقليم مملوك ملكية خاصة للهيئة"، موضحا: "هذه ليست أراضي دولة صاحبة سيادة، ولكنها مجموعة أراضي ملك للهيئة تستطيع أن تفعل فيها ما تريد، منها أن تنفذ قانون للصكوك". واستمراراً للرفض والتنديد، انتقد الدكتور حازم عبد العظيم الناشط السياسى هذا المشروع، وقال: "إن المشروع يعد ذراعا استثمارية اقتصادية للجماعة، يتحكم فى مصيره الرئيس". وأضاف في تغريدة له، على «تويتر»: "أن هذا المشروع ما هو إلا ذراع استثمارية اقتصادية للجماعة لا يخضع نهائيا للدولة المصرية، ويتحكم في مصيره الرئيس ومن سيعينه لإدارتها". واستطرد كلامه:" لأول مرة أقرأ قانون لإنشاء هيئة قومية أو اقتصادية لا يخضع مباشرة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات". علامات استفهام ومن جانبه، أكد الدكتور باسم خفاجي رئيس حزب التغيير والتنمية والمرشح الرئاسي السابق، أن مشروع قانون محور قناة السويس بشكله الحالي يثير علامات استفهام كبيرة ويؤكد أن هناك تخطيط مقصود لخصخصة الإقليم كما اسموه - حسب قوله. وقال خفاجي، في بيان له الثلاثاء: "قرأت مشروع القانون بشكله الحالي ولا يملك إضافة عن ما قاله المستشار طارق البشري، الذي لا يشك عاقل فى وطنيته ومصداقيته وميله للتيار المحافظ''، مؤكدا أنه يجب أن يعرف الشعب لماذا استقال الدكتور عصام شرف رئيس مجلس لوزراء السابق، من المشروع في هذا التوقيت. واختتم رئيس حزب التغيير والتنمية كلامه، قائلاً: ''مشروع القانون بشكله الحالي معيب وغير مريح، ويخفي أكثر ما يظهر ولا يجب أن يتم اتهام من يراه معيبا بأنه ضد التنمية''، مؤكداً أنه مع تنمية قناة السويس ولكن بشكل صحيح يحقق المصلحة العليا لمصر دون الدخول فى متاهات. وفي وصف الفريق أحمد شفيق المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية، للمشروع، قال إنها عملية «النصب»، مضيفاً أنها تستهدف الاحتيال على الشعب المصري، لسرقة مقدراته والأصول الاستراتيجية للدولة - على حد قوله، مشيرا إلى أن القوات المسلحة حافظت على أملاك البلد. وأضاف شفيق، خلال اتصال هاتفي ببرنامج ''في الميدان'' المذاع على قناة «التحرير» مساء الأثنين: ''ليس من حق رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة التلاعب بأصول الدولة المملوكة للشعب المصري، والشعب هو صاحب القرار الوحيد في أملاكه وأصوله الأساسية، وأحذر من الاقتراب من الاستثمار بشراء أصول مصر، ولو الرئيس مصر على بيع مصر لقطر أو غيرها يعود للشعب المصري باستفتاء غير مزور وغير مسبوق". وطالب المرشح الرئاسي السابق الشعب المصري بالوقوف لمنع أي مشاركة لأي طرف في ممتلكاته وأصوله الاستراتيجية. مصيبة قناة السويس وبالتوقف قليلاً على مقالة المفكر الكبير المستشار طارق البشري، الذي كتبها بعد قراءة هذا المشروع، وأكد قناعته بها في اتصال هاتفي له مع الاعلامية منى الشاذلي ببرنامج «جملة مفيدة»، نجد تحليلاً ورفضاً قاطعاً لهذا المشروع حيث بدأ مقاله قائلا: "إن هذا المشروع بمواده الثلاثين يرفع السلطة المصرية عن هذا الإقليم ولا يبقي أي مظهر أو عنصر من مظاهر هذه السلطة علي إقليم مفروض أنه ينتمي لمصر وأنه جزء من ارضها... وهو في كل مواده يقرر تنازل الدولة عن السيطرة عليه وإنحسار ولايتها عنه.... وهو يكاد يكون دعوة للعالم بأن أرض إقليم قناة السويس صارت مستبعدة من نطاق القوانين والأجهزة المصرية وذلك ليتقدم كل من شاء ليمارس نشاطه التجاري فيها حسبما يشاء.. وهو مشروع- حسب مواده- يجعل لرئيس الجمهورية أن يقتطع من أرض مصر مايشاء وبالحدود التي يراها ليضمها الي أرضه وقطاعاته.. وهو مشروع إذا جرت الموافقة عليه يعني أن المجلس التشريعي تنازل لرئيس الجمهورية أن يخرج بقرار منه مايراه من الاراضي المصرية من هيمنة الدولة عليها... وهو مشروع يعهد في إدارته الي ماسمته المادة الثانية من قانونه: الهيئة العامة لتنمية اقليم قناة السويس التي لا تتبع أي كيان مؤسسي في مصر إلا رئيس الجمهورية, فهو الذي يضع لها نظامها الاساسي ويحدد الابعاد والحدود والمناطق الخاصة والمشروعات الداخلة في نطاق الهيئة.. وهذه الهيئة تتكون من رئيس و14 عضوا يعينهم رئيس الجمهورية وحده دون شريك له في اختيارهم. وحسب المادة9 لا يتقيد مجلس الادارة بالنظم الحكومية ويعمل حسب ماهو متبع في المشروعات الاقتصادية والخاصة". دراسة جدوى وبعد هذا التأييد القاطع والانتقاد الحاد، جاء عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، بانتقاد مع حل وسط للمشروع، حيث اقترح، عقد اجتماع يضم 20 شخصًا من رجال الاقتصاد والقانون - على رأسهم المستشار طارق البشري - وممثلي المحافظات ذات المصلحة، وممثلى قطاع الأعمال المصرى الخاص والعام، نصفهم من الحكومة والنصف الأخر من المعارضة، لمناقشة جوانب المشروع فى إطار فترة زمنية محددة، وطرح الأمر على الرأى العام بعد ذلك بما فى ذلك مواد القانون المقترح بعد ضبطه. وقد أشار موسى إلى أن خطورة المشروع تكمن فى عدم قيامه على أساس دراسة جدوى شاملة، بالإضافة إلى المحاذير الأخرى المتعلقة بالسيادة، وسلطة العدالة أو ولايتها على الإقليم، وكذلك الدور المنوط بالهيئة المشرفة على محور قناة السويس خارج نطاق رئاسة أجهزة الدولة فيما يتعلق باختيار الإدارة ، وكيفية منح الأراضي. وأكد موسى أنه يتعين حين يتم سن قانون يحكم هذا المشروع الكبير أن يجنبه قيود الروتين وإحتمالات الممارسات الفاسدة وضمان الشفافية. وأشار رئيس حزب المؤتمر إلى أنه كان أول من طرح اقترح التنمية الشاملة لقناة السويس وما حولها فى بيان ترشحه لرئاسة الجمهورية عام 2012 لتحويل قناة السويس والأراضى المحيطة بها من مجرد مجرى ملاحى دولى تقتصر الفائدة منه على ما تتقاضاه الدولة من رسوم العبور به، إلى مركز عالمى للتجارة والصناعة، وتقديم الخدمات اللوجستية. وأوضح أنه سبق واقترح إنشاء هيئة وطنية تتبعها شركة مساهمة مصرية باسم الشركة الوطنية لتنمية محور قناة السويس تتولى وضع التصور الكامل للمشروع ومخططه الاستراتيجى الشامل بما فى ذلك شبكات الطرق والملاحات، وبدء تنفيذ المرحلة الأولى وعملية التسويق الوطنى و العربى والعالمى، وطرح الأراضى على المستثمرين فى إطار من الشفافية الكاملة ورقابة الأجهزة المعنية بما يحول دون انحراف المشروع عن أهدافه التنموية الخالصة، على أن يكون تمويل المشروع على أساس شراكة بين الدولة والقطاع الخاص الوطنى والعربى والأجنبى. وأكد موسى أن قناة السويس تعطى لمصر ميزة تنافسية منفردة على دول العالم وقد حان الوقت لتنظيم الإستفادة منها لمضاعفة الدخل القومى المصرى خلال (عقد من الزمان) وخلق مئات الآلاف من فرص العمل من مختلف التخصصات والدرجات، ورفع الملايين فوق خط الفقر؛ يضاف إلى ذلك إطلاق حركة عمرانية كبيرة فى تلك المنطقة وبالذات على الضفة الشرقية للقناة لإستقبال واستيعاب الحركة السكانية نحو سوق العمل الجديد. واضاف ان هذا كله يربط مصر بسلاسل خلق القيمة عالمياً وتحويل منطقة القناة الى مركز للتجارة والصناعة والسياحة والإعمار يجذب استثمارات عالمية وإقليمية ضخمة. ودعا موسى الى طرح الأمر على الرأى العام بعد ذلك بما فى ذلك مواد القانون المقترح بعد ضبطه وتمحيصه. نداء للجيش واستمراراً لدور الجيش الذي لا يمكن ان نغفل عنه، ووسط حالة الجدل هذه، التي تشهدها مصر الآن، علق الإعلامي جابر القرموطي، قائلا للقوات المسلحة: "إحنا ملناش دعوة بممثل الجيش في مجلس الشوري، نحن نحتاج إلى بيان رسمي من القوات المسلحة لتوضيح موقفها من المشروع الذي يتم تنفيذه، وتأثيره على الأمن القومي". وتابع القرموطى في برنامجه «مانشيت» على قناة «أون تي في»: "أرجوكم هذا الموضوع لا يحتمل الهزار، عايزين نعرف منكم المشروع ده كويس ولا وحش، لأن أولادنا وأحفدنا هما اللى هيحسبونا على سكوتنا على أي شيء يضر هذه البلد". ووسط تواصل ردود الأفعال المؤيدة والرافضة للمشروع، نؤيد نداء القرموطي للقوات المسلحة، وسنرى الأيام المقبلة ماذا ستشهده قناة السويس من مشاريع تنمية للنهوض بالبلاد اقتصادياً وسياسياً وسياحياً.