بعد زيادة حالات العنف ضد المرأة المصرية فى السنوات الأخيرة.. سواء كان عنفا ماديا أو معنويا.. ويصل إلى حد التهديد أو القسر أو الحرمان من الحقوق العامة أو الخاصة، وكشفت أرقام المعهد القومى للتخطيط فى أحدث تقاريره أن 60% من عينة قوامها 863 امرأة من سبع محافظات تعرضن للتحرش الجنسى.. سواء فى الشارع أو المواصلات أو الأسواق.. بدأ المجلس القومى للمرأة برئاسة مرفت تلاوى التصدى بكل قوة لهذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا ليجرم هذه الظواهر.. وإعداد مشروع قانون لتقديمه إلى مجلس الوزراء لمناقشته قبل تقديمه إلى مجلس الشورى لمناقشته أيضا وإصداره.. ويعقد المجلس القومى للمرأة العديد من الحلقات النقاشية مع الباحثين والمتخصصين لدراسة مواد مشروع القانون الذى أعدته لجنته التشريعية.. رغم أننا نقول فى البداية إن العبرة ليست فى إصدار القوانين التى تجرم العنف ضد المرأة فى مجتمعنا.. فالقوانين كثيرة والحمد لله.. ومصر بها غابة من القوانين المختلفة.. ولكن بعض هذه القوانين مجرد حبر على ورق..فالعبرة بالتطبيق وتنمية الوعى لدى المواطنين بتحريم وتجريم العنف ضد المرأة.. وأظن أن المجلس القومى للمرأة عليه دور كبير فى تنمية هذا الوعى.. كما أن وسائل الإعلام يمكن أن تلعب دورا مهما فى مناقشة هذه الظاهرة من خلال الأشكال المتعددة التى تملكها هذه الوسائل سواء عن طريق الأفلام الوثائقية أو الأعمال الدرامية. كما يمكن لوزارة الأوقاف والأزهر الشريف والكنائس أن تساهم فى التصدى لظاهرة العنف لتشتمل الخطب والدروس الدينية التى تلقى فى المساجد والكنائس بأن الإسلام والمسيحية يحرمان العنف ضد المرأة.. ويؤكدان على حقوق المرأة فى التعليم والميراث والزواج والطلاق.. وأن يكثف الدعاة التأكيد على حقوق المرأة فى محافظات الصعيد التى تنتشر فيها قضايا الحرمان من الميراث للإناث وزيادة العنف. *** وأظن أن زيادة حالات التحرش اللفظى أو الجسدى إنما يأتى ذلك بسبب الغياب الأمنى فى الشوارع والأسواق والمواصلات، وقد أدى هذا الانفلات الأمنى إلى نمو هذه الظاهرة خاصة بعد ثورة 25 يناير والفهم الخطأ للحرية الشخصية لدى بعض الشباب وأن بعضهم يظن أن الحرية أن يفعل ما يشاء وما يريد. أما بالنسبة للعنف الأسرى.. فيرجع إلى أن بعض الأزواج يظنون أن ضرب الزوجة والاعتداء عليها حق مشروع لديهم فى تأديب الزوجة، كما قال القرآن الكريم.. ولكن هذا كذب وافتراء على ديننا الإسلامى.. فتأديب الزوجة يمر بعدة مراحل تبدأ بالموعظة الحسنة والتخويف وإذا لم ينفع يجوز للزوج أن يهجرها فى المضجع أى يعطيها ظهره ويهجرها فى الكلام لمدة ثلاثة أيام.. فإن لم ينفع فيضربها ضربا غير مبرح وهو ألا يدمى لها جسما ولا يضرب لها وجها.. فهذه هى تعليمات ديننا الحنيف. فالعلاقة الزوجة تقوم على الحب والاحترام المتبادل بين الزوجين والمودة والرحمة بين الطرفين. أما بالنسبة لمواد مشروع القانون الذى أعدته اللجنة التشريعية بالمجلس فأعتقد أنه يجب أن يطرح على الرأى العام وأن تشارك جميع المنظمات والمؤسسات والهيئات والجمعيات الأهلية فى مناقشة المواد حتى يقول الجميع رأيه قبل تقديمه إلى مجلس الوزراء.. لأنه يتعرض فى المادة الثانية لزواج الأنثى قبل بلوغ السن القانونية.. ولم تحدد المادة هذه السن القانونية للأنثى لأن المادة تقول: كل من زوّج أنثى قبل بلوغها السن القانونية أو اشترك فى ذلك يعاقب بعقوبة السجن المشدد إن تم ذلك الزواج بموجب طرق احتيالية أو بناء على مستندات مزورة. وهذا الباب الثانى من مشروع القانون يتعرض لجرائم العنف ضد المرأة ويعتبر أن كل من حرم أنثى من الميراث أو ارتكب فعلا أو سلوكا عنيفا مع فرد من أفراد أسرته أو حرمها من التعليم أو حرمها حق العمل لكونها أنثى وكل من ارتكب فعلا أو سلوكا يترتب عليه الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل فى نطاق العمل.. أن هذه الأفعال كلها يعاقب الجانى فيها بالحبس والغرامة. ويتعرض الباب الثالث لجرائم العنف ضد المرأة والاستغلال الجنسى وإفساد الأخلاق.. فيشير إلى أن من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد ويعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجنى عليها لم تبلغ سنها ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة أو مصابة بعاهة عقلية أو نفسية أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو من المترددين على المنزل بحكم عملهم أو تعدد الفاعلون للجريمة. عقوبة التحرش أما بالنسبة لجرائم التحرش فقد أكد مشروع القانون أن كل من تحرش بأثنى عن طريق التتبع أو الملاحقة سواء بالإشارة أو بالقول أو بالكتابة أو بوسائط الاتصال الحديثة أو أية وسيلة أخرى بإتيان أفعال غير مرحب بها تحمل ايحاءات أو تلميحات جنسية، أو إباحية فى مكان عام أو خاص يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه أو أحدهما. ونص مشروع القانون على أن كل من استحصل على صور خاصة لأنثى بأى طريقة كانت وهدد بإذاعتها ونشر محتواها أو قام بتغييرها بالوسائط العلمية الحديثة بجعلها صورا إباحية وهدد بنشرها يعاقب بالسجن. وبالنسبة للمحافظة على العلاقة الزوجية فقد نص مشروع القانون على أن كل زوج أذاع أو نشر بأية وسيلة صورا خادشة للحياء بالزوج الآخر أو وقائع العلاقة الحميمة، أو هدد بنشرها، أو إذاعتها وذلك سواء أثناء قيام رابطة الزوجية، أو بعد انتهائها، يعاقب بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة أو غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه أو إحداهما. وأن كل من صور، أو أذاع، أو نشر بأية وسيلة صورا إباحية خادشة للحياء، أو صورا لعلاقة جنسية، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التى لا تقل عن ألفى جنيه.. وأن كل من استخدم جسد المرأة بصورة غير لائقة، بقصد تحقيق ربح مادى، أو دعائى يعاقب بالحبس، أو الغرامة التى لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، أو بإحداهما. وقد وضع مشروع القانون نصا يلزم الدولة باتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية المرأة من كل أشكال العنف.. بالإضافة إلى الالتزام بتوفير سبل المساعدة وتقديم الخدمات لضحايا العنف بدون مقابل.. وأن ينشأ صندوق لرعاية ضحايا جرائم العنف وذويهم وتأهيلهم وتكون له الشخصية الاعتبارية ويصدر بتنظيمه وتحديد اختصاصاته قرار من رئيس الجمهورية ويدخل ضمن موارده الغرامات المقضى بها من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون.. وإذا نشأ عن جريمة العنف مرض من الأمراض الخطيرة أو عاهة أو عجز تتمتع الضحية بالحقوق المقررة للمعاقين طبقا لقانون الإعاقة أو أية قوانين أخرى. كما اقترح مشروع القانون أن تنشئ وزارة الشئون الاجتماعية المعاهد والمنشآت اللازمة لتوفير خدمات التأهيل لضحايا العنف. وأن تنشئ وزارة الداخلية وحدة لمكافحة العنف ضد المرأة فى جميع أقسام الشرطة، تشكل بقرار من وزير الداخلية على أن يتضمن التشكيل العدد اللازم من الشرطة النسائية، والإخصائيات الاجتماعيات، والنفسيات ممن ترشحهن وزارة الشئون الاجتماعية، وأطباء ممن ترشحهم وزارة الصحة بشرط أن يتوافر فى جميع المرشحين الشروط الواردة فى اللائحة التنفيذية لهذا القانون. وأشار مشروع القانون إلى أن الدولة تلتزم بدعم وتشجيع المجتمع المدنى على إنشاء الجمعيات التى تهدف إلى التوعية ضد العنف أو تأهيل الضحايا أو تقديم المساعدات القانونية لهم. وأن يختص المجلس القومى للمرأة بمتابعة فاعلية هذا القانون ورفع تقرير لرئيس الجمهورية عنه بصفة منتظمة، وله حق التدخل فى دعاوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن العنف لصالح ضحايا العنف والطعن فى الأحكام الصادر فيها، وألا تخل العقوبات المقررة فى هذا القانون بأى عقوبات مقررة فى القوانين الأخرى. *** كانت هذه أهم ملامح مشروع قانون العنف ضد المرأة الذى يعده المجلس القومى للمرأة.. وأقترح أنه لابد من عرضه على جميع طوائف المجتمع.. وطرحه على الرأى العام قبل تقديمه إلى مجلس الوزراء حتى يخرج القانون ويحمل كل الأفكار والآراء والاقتراحات والاتجاهات التى يتطلبها.. كما أرجو من المجلس القومى للمرأة فتح قنوات الاتصال مع نائبات مجلس الشورى للتنسيق معهن حول مشروع القانون حتى يقفن مع المشروع عند تحويله إلى مجلس الشورى.