مر عامان على ثورة 25 يناير، الثورة التى ازهلت العالم وجعلته يؤكد أن مصر لم تكن هبة النيل كما قال هيرودوت، ولكن مصر هبة المصريين، ومع الاحتفال بعيد الثورة المجيدة كان لابد أن نستعرض جزءًا من الدور المشرّف الذى قام به الجيش المصرى لحمايتها، عقب نزوله الى الشارع يوم 28 يناير 2011، والذى أكد أن هذا الشعب العظيم لديه جيش عظيم يحمى مكتسباته وترابه الوطنى، «أكتوبر» التقت اللواء أحمد عبد الحليم الخبير الاستراتيجى لتتعرف على ما يجب أن يقوم به الشعب المصرى من جهة والحكومة المسئولون من جهة أخرى لكى تعبر مصر تلك المرحلة. فى البداية قال اللواء أحمد عبدالحليم إن القوات المسلحة أوفت بما وعدت به منذ تسلمها البلاد عقب إعلان تنحى الرئيس السابق مبارك وتولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد فقد وضعت خارطة طريق أعلنتها على الشعب من خلال البيانات التى أصدرتها عقب تولى السلطة، والتزمت بكل ما جاء فيها خاصة الإعلان الدستورى الذى صدر فى مارس عام 2011 فقد تم انتخاب المجلسين الشعب والشورى فى انتخابات شهد لها العالم اجمع وتحت إشراف قضائى كامل لأول مرة فى تاريخ مصر، ثم انتخب رئيس الجمهورية وتم تسليم السلطة إليه فى 30 يونيه 2012، واستطاعة القوات المسلحة حماية كيان الدولة، فقد اتخذت مبدأ لها منذ اللحظة الأولى عندما تحركت للنزول إلى الشارع يوم 28 يناير وهو عدم الصدام مع الشعب، والحفاظ على الثورة، ومنع إراقة دماء أى من أبناء هذا الوطن، مؤكدة على أن الجيش المصرى لن يصوب الرصاص أبدا إلى الشعب المصرى الذى هو جزء منه مهما حدث من تجاوزات من قبل البعض نظرا للحالة الثورية التى تمر بها البلاد، وتحمل قادة وضباط وصف وجنود القوات المسلحة محاولات البعض من استفزازات لجر القوات المسلحة الى الصدام مع الشعب إلا أن تلك المحاولات جميعها تحطمت على صخرة العقيدة العسكرية المصرية التى تربى أبناء تلك المؤسسة العريقة عليها وهو أن الجيش المصرى يحمى الشعب، ولا يقبل أن تسال قطرة دم واحدة من أبناء هذا الشعب. وأضاف اللواء احمد عبد الحليم قائلا: لقد استطاعت المؤسسة العسكرية أن تضرب المثل والقدوة فى كل شىء للحفاظ على كيان الدولة من الانهيار ففى فبراير 2011 قام البعض بإطلاق شائعة إفلاس البنوك، وهو ما أدى الى سحب المصريين والعرب وغيرهم لكميات ضخمة من ودائعهم مما عرّض البنوك المصرية لأزمة حقيقية كادت ان تؤدى الى كارثة مالية، وقامت القوات المسلحة عندما استشعرت خطر سحب الودائع من البنوك بضخ 3 مليارات جنيه لضمان عدم كشف الموقف المالى، لنجد أن الأموال العائدة للبنوك بعد سيطرة القوات المسلحة على الموقف، أكبر من حجم الأموال التى تم سحبها من قبل وهو ما يؤكد أن هناك أيادى كانت تحاول إسقاط البلاد وإعلان إفلاسها. وأضاف اللواء عبدالحليم فى أحداث قنا عندما تم تعيين محافظ جديد فى أغسطس 2011 واعترض الأهالى عليه، ورفضوا تعيينه، كانت هناك قوة خاصة من القوات المسلحة بالمحافظة قادرة على إنهاء العملية، وتمكين المحافظ من القيام بمهام عمله إلا أن المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربى ورئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى ذلك الوقت التقى بالمسئولين عن العملية وكان هذا الحوار بين المشير والمسئولين عن تنفيذ عملة فض التجمهر: المشير طنطاوى: هل هناك قوة لفض التجمع؟ قائد العملية: نعم. المشير طنطاوى: هل سيكون هناك اى إصابات أو ضحايا، أو تسال دماء؟ قائد العملية: نعم خاصة أن هناك 13 عمارة مطلة على مكان التجمع للمتظاهرين. رد المشير ردا قاطعا قال: إن القوات المسلحة لن تسمح بإسالة نقطة دم واحدة من أى مصرى. وأوضح اللواء أحمد عبد الحليم أنه طلب من شباب الثوار المتواجدين بالتحرير انتخاب قائد لهم للحفاظ على اهداف الثورة وتوحيد الرؤى، خاصة ان هناك بعض القوى استغلت عدم وجود رأس لهذه الثورة لحصد مكاسب لصالحها، فى الوقت نفسه حاولت الوقيعة بين الجيش والشعب، لتتحول الهتافات إلى «يسقط حكم العسكر» وسعت بقوة للصدام مع القوات المسلحة فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وأحداث وزراة الداخلية. وروى اللواء أحمد عبدالحليم تفاصيل الجزء المسكوت عنه فى حادثة فتاة قصر العينى التى تحدث عنها الجميع من طرف واحد قائلا: مالا يعلمه الجميع أن أحداث فتاة قصر العينى التى قال عنها الجميع إن القوات المسلحة تقوم بسحل النساء فى الشارع لم يصب الحقيقة، فالأحداث بدأت عندما قامت الفتاة وأحد الشباب المرافقين لها بإلقاء الحجارة على العساكر الموجودين لتأمين مبنى مجلسى الشعب والشورى ومبنى مجلس الوزراء ففقأ حجر قذف به أحد الشباب الموجودين مع الفتاة عين أحد المجندين وهو ما أصاب زملاءه برد فعل لم تمكن السيطرة عليه وسط هذه الضغوط، وهذا ما لم يوضحه الفيديو الذى نشر على مواقع التواصل الاجتماعى، ولم يتحدث احد عن الجندى الذى فقد بصره. وأضاف اللواء أحمد عبدالحليم عندما عرض حجم الخسائر فى القوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية سواء فى المعدات أو الأفراد، اندهش وقال: هذه الأرقام صحيحة. وكان الرد بالايجاب، فقال: لماذا لم يتم إعلان هذه الأعداد من الشهداء والخسائر المادية. فكان الرد هذا أمر طبيعى بالنسبة للقوات المسلحة، فهى لم تعلن عن خسائرها باعتبارها كانت تقوم بواجب وطنى وهذا دورها فى حماية أمن وسلامة هذا الوطن. ويواصل اللواء عبد الحليم قائلا: إن القوات المسلحة عقب تسليم السلطة عادت إلى مكانها الطبيعى فى البناء السياسى للدولة لتقوم بمهمتها الأساسية وهى حماية الأمن القومى المصرى والحدود الدولية لمصر. وطالب بضرورة إزالة الخلافات بين فئات الشعب من أجل مصلحة الوطن والحفاظ عليه، مؤكدًا أنه من الطبيعى عقب أية ثورة أن تحدث اضطرابات، وللخروج من هذه المرحلة على الجميع أن يعلم دوره ويؤديه، فيجب أن يتوافر الاستقرار والأمن فى إطار القانون حتى نعبر تلك المرحلة والشعب يلعب دورا رئيسيا فى تحقيق ذلك. *************** لمسة وفاء للمشير طنطاوى عرضت القوات المسلحة فيلما تسجيليا خلال الندوة التى نظمتها بمناسبة الذكرى الثانية لثورة 25 يناير بمسرح الجلاء مدته اثنتى عشرة دقيقة بعنوان «لمسة وفاء» تناول مسيرة المشير طنطاوى وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق على مدار أكثر من 21 سنة حتى قيامه بتسليم السلطة فى يونيو الماضى. واعتبر الفيلم المشير ضمن الشخصيات السياسية البارزة فى تاريخ مصر مثل سعد زغلول ولطفى السيد وعرابى، واستعرض الفيلم مشواره العسكرى بداية من تخرجه فى الكلية الحربية عام 1956 وعمله بسلاح المشاة ومشاركته فى حروب مصر المختلفة وعمله معلما فى الكلية الحربية وتخريجه أجيالًا عديدة من الضباط ثم عمله قائدا لكتيبة مشاة فى حرب أكتوبر ودوره فى معركة المزرعة الصينية الشهيرة واعترافات موشى ديان بصعوبة وجسارة الجنود المصريين فى تلك المعركة، ثم عمله كملحق عسكرى فى باكستان ثم قائدا للجيش الثانى والحرس الجمهورى ثم وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة ورئيس مجلسها الأعلى. وعن فترة ثورة 25 يناير، أكد الفيلم انحياز المشير للثورة ومساندته لها وكلماته وحرصه على مصر والتزامه بتسليم السلطة فى التوقيت المحدد لرئيس مدنى منتخب، وعدّد الفيلم صفات المشير طنطاوى العسكرية وقدرته على التعامل والتزامه العسكرى وحرصه على النجاح وكلماته التاريخية التى كان دائما ما يقولها للقادة والجنود . وعرض الفيلم تسجيلًا للفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى وهو يتحدث عن المشير طنطاوى ودوره الوطنى فى تاريخ مصر وقال فى كلماته «المشير طنطاوى كان أكثرنا حرصا على بلده، وربنا يجزيه عنا أحسن جزاء، واللى عمله المشير طنطاوى مع الجيش ومصر لا يحصى وقد تحمل ما لا تتحمله الجبال.