أكدت الكنائس المصرية رفضها للدعوات التى أطلقتها بعض المنظمات المدنية والقبطية بمقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور المقترح، وأشارت القيادات الكنسية إلى أن الكنيسة ليس لها اتجاه سياسى معين وأن عهد الوصاية الكنسية على الأقباط قد انتهى بقيام ثورة 25 يناير التى شارك فيها المصرى المسيحى بجوار شقيقه المسلم من أجل مصر، مشددين على أن الكنيسة تترك الحرية للأقباط لإبداء آراءهم طبقاً لضمائرهم وقناعاتهم باعتبارهم جزءاً لا يتجزءا من الوطن. فى البداية أكد القمص إنجيليوس إسحاق سكرتير البابا تواضروس الثانى أن دعوات المقاطعة لم تصدر فقط من المنظمات القبطية، ولكنها كانت فى معظمها من منظمات المجتمع المدنى عموماً والتيارات الليبرالية، مشيراً إلى أن وجهة نظر هؤلاء أن الجميع كان ينادى بدستور لدولة مدنية يمثل كل أطياف المجتمع، ويضمن حقوق المواطنة لكل المصريين باعتبار ان الدستور هو أبو القوانين، ولذلك كان ينبغى التروى فى وضع الدستور الذى يجب أن يستمر لعهود طويلة لأننا لن نغير الدستور كل فترة. حرية الرأى وأكد إنجيليوس أن الكنيسة ليست لها اتجاه سياسى، وبالتالى فهى تترك الحرية لكل أتباعها لإبداء آرائهم باعتبارهم مواطنين مشاركين فى هذا الوطن وجزءاً لا يتجزأ منه، وأضاف إذا نظرنا إلى المظاهرات فسنجد المسيحى بجوار المسلم، والكل يعبر عن رأيه وتطلعاته لوطن يعيش فيه باطمئنان وأمان ويجد فيه كل حقوقه ويؤدى كل ما عليه من واجبات. وبالنسبة للمبادرة التى طرحها الأزهر الشريف لنزع فتيل الأزمة الحالية قال إنجيليوس نرحب بكل المبادرات، وكنيستنا وطنية تعلى مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والبابا تواضروس ينادى دائماً ويعلم الكنيسة أن نصلى من أجل الرؤساء وكل من هم فى منصب تنفيذاً للوصية الكتابية، لكى يعطيهم الله الحكمة والاستنارة فى كل خطوة لتدبير شئون الوطن ومصرنا الغالية المحبوبة. أما عن أهم انتقاداته لمشروع الدستور المطروح للاستفتاء أكد إنجيليوس أنها كثيرة فمثلاً لا يوجد فى مسودة الدستور ما ينص على تعيين نائب للرئيس على الرغم من أنه كان مطلبًا ثوريًا، وبالتالى كيف يمكن أن نطلق على هذا الدستور أنه «دستور الثورة»؟، مضيفاً إلى أن الدستور يسمح أيضاً لمزدوجى الجنسية بالترشح للرئاسة فكيف يمكن وقتئذ أن نضمن ولائهم لمصر، وهناك أيضاً المادة التى تعطى للرئيس الحق فى تعيين كل رؤساء الأجهزة الرقابية التى من المفروض أن تراقب أعمال الحكومة والرئيس فكيف يكون هذا؟، وفى نفس الوقت تم إلغاء مواد تحظر بيع أراضى الدولة للأجانب أو تأجير قناة السويس مع أنها كانت موجودة فى دستور 71، والأخطر هو أن هناك مادة بالدستور لا تجيز تغيير مواده قبل مرور 10 سنوات على سريانه، أى أنه سيظل العمل بهذا الدستور على الرغم من عيوبه كل هذه الفترة دون تغيير، وشدد إنجيليوس أن الكنيسة تريد دستوراً يعلى من شأن الوطن والمواطنة. وأعرب إنجيليوس عن أمنياته فى تأجيل الاستفتاء ودراسة الدستور دراسة موضوعية، وأضاف لدينا من الفقهاء الدستوريين والخبرات الكثيرة الكافية لإخراج دستور مشرف يرفع رأس مصر عالياً وسط دول العالم، فمصر صاحبة حضارة ممتدة فى التاريخ لأكثر من 7 آلاف سنة فكيف لا تكون على مستوى الدول المتقدمة فى الرقى والتحضر ورفض كل الدعوات التى تجرنا إلى الوراء؟! حق أصيل من جهته أكد القس د. أندريه زكى اسطفانوس نائب رئيس الطائفة الإنجيلية وممثلها السابق فى الجمعية التأسيسية أن الكنيسة الإنجيلية ترى أن الاستفتاء من عدمه هو حق أصيل للمواطن المصرى سواء كان مسلماً أو مسيحياً. وأضاف بعد الثورة لا يوجد أوصياء على عقول المواطنين، وبالتالى فنحن نشجع كل المواطنين على المشاركة وإبداء الرأى الذى يمثل قناعتهم. وأضاف زكى لقد انسحب ممثلو الكنائس من التأسيسية لأنهم رأوا أن هناك عددًا من المواد التى لا تتناسب مطلقاً مع مصر بعد الثورة، وهى ليست فقط مواد تتعلق بأمور طائفية، ولكن هناك أيضاً مواد تتعلق بقضايا الحريات العامة ومفهوم المواطنة والحقوق، وبالتالى فقد كان الانسحاب مؤسساً على موقف الكنائس من هذه المواد، أما قرار المشاركة فى الاستفتاء فهو قرار المواطن الذى هو صاحب القرار النهائى فى التصويت، مشدداً على أن الكنائس لن تدعو للتصويت فى اتجاه معين. أما بالنسبة للمبادرة التى أعلن عنها من الأزهر الشريف لحل الأزمة أكد زكى أن أية مبادرات للحوار وتقريب وجهات النظر بين المصريين لنشر السلام وضمان حقوق الجميع فإن الكنيسة الإنجيلية ترحب بها وتؤيدها، مشيراً إلى أن التنسيق بين الأزهر والكنائس مازال قائماً ومشدداً على أن العلاقة بين الطرفين علاقة وثيقة وتاريخية. وأكد زكى أن حل الأزمة الحالية يتطلب دعوة رئيس الجمهورية للقاء عاجل مع كافة القوى فى مصر لمناقشة القضايا الخلافية، على أن يتم بعدها إصدار قرارات جديدة بناء على القناعات التى سيتوصل إليها الجميع فى الساعات القليلة القادمة، على أن يتم هذا قبل الاستفتاء مشدداً على أن أى حوارات تأتى بعد الاستفتاء ستكون غير مؤثرة. عهد الوصاية من جانبه شدد الأنبا يوحنا قلته النائب البطريركى للأقباط الكاثوليك وممثل الكنيسة الكاثوليكية السابق فى الجمعية التأسيسية على أن الكنيسة ترفض تماماً الدعوات التى أطلقها البعض بمقاطعة الاستفتاء مؤكداً على أن الكنيسة لا تضع وصاية على ضمائر الناس وتترك لهم حرية الاختيار بإرادتهم المنفردة وأضاف لقد انتهى عهد الوصاية. وأشار قلته إلى أن هناك من المسيحيين من يرفضون مشروع الدستور المقترح وفى نفس الوقت هناك من يقبلونه، وكلا الطرفين حسب رأيه وضميره وقناعاته، والكنيسة لن توجه أتباعها للتصويت فى اتجاه معين، مشدداً على أن هذا هو ميلاد الديمقراطية المصرية الحقيقية. وأكد قلته على أن اعتراض الكنائس على مشروع الدستور والذى أدى لانسحابهم من التأسيسية يرجع لأن المشروع كان يضع مصير الأمة كلها فى يد واحدة، مشيراً إلى أنه لم تصل للكنيسة الكاثوليكية أية مبادرات من الأزهر لحل الأزمة، ولكنه أضاف نحن نرحب دائماً بالتنسيق مع الأزهر الشريف مشدداً على أن هناك حوارًا واتصالات دائمه بين الكنائس والأزهر. وأعرب قلته عن أمنياته بإلغاء الرئيس الإعلان الدستور لنزع فتيل الأزمة القائمة، مضيفاً اما بالنسبة للاستفتاء فلا غبار عليه وعلى الشعب أن يقول كلمته فهو صاحب الكلمة الفصل فى هذا الموضوع. * القمص إنجيليوس: الكنيسة ليس لها اتجاه سياسى وتترك الحرية لأتباعها لإبداء الرأى * أندريه زكى: قرار المشاركة يعود للمواطن والكنيسة لن تدعو للتصويت فى اتجاه معين * الأنبا يوحنا قلته: انتهى عصر الوصاية على الشعب الذى هو صاحب الحق الاصيل فى المشاركه فى الاستفتاء