تتجلى عظمة الموسيقى بتأثيرها الروحانى أكثر ما تتجلى فى الغناء الدينى بأشكاله فى القصائد والشعبيات، والغناء التقليدى، ويبلغ قمة التأثير له إذا ما كان المبدع مؤلفا أو ملحنا أو مطربا يتمتع بروحانية متجملاً بالأخلاق الحميدة متسما بمبادئ الدين - ففاقد الشىء لا يعطيه - ومن هؤلاء الموسيقار رياض السنباطى صاحب الألحان الوقورة ذات الطابع الدينى حتى ولو كانت تنتمى لألوان غنائية أخرى. لحّن رياض السنباطى من الغناء الدينى لنفسه ولأم كلثوم ولياسمين الخيام ونجاة وفدوى عبيد وأحمد عبد القادر أغنيات كلها علامات بارزة فى تراثنا الغنائى ومنها «إله الكون» «رب سبحانك دوما»، «ونهج البردة» «إلى عرفات الله» «سلوا قلبى» «ولد الهدى» «حديث الروح» «القلب يعشق كل جميل»، «الثلاثية المقدسة» «فى كل شىء «أراك إلهى ما أعظمك» «إمتى نعود لك يا نبى» «يوم مولدك يا نبى» «على عينى بكت عينى»، «لبيك ربى»، «لك يا حبيب الله» «همزية البوصيرى» «عرفت الهوى» وأغنية «إلهى ما أعظمك» مناجاة لله العظيم الرحيم الكريم كتبها الشاعر الغنائى حسين السيد وهى ثانى لقاء فى مجال الغناء الدينى مع الموسيقار رياض السنباطى، وكان اللقاء الأول فى أغنية إله الكون «غناء وتلحين رياض السنباطى ويقول مطلعها: إله الكون سامحنى أنا حيران جلال الكون يقربنى من الغفران وسحر الكون يشاورلى على الحرمان وأنا إنسان يا ربى أنا إنسان وقد يكون النجاح الذى حققته هذه الأغنية هو الذى شجع حسين السيد لكتابة «إلهى ما أعظمك» وهو المعروف بندرة كتاباته فى المجال الدينى إذ لا يذكر له المستمع إلا مقطعا فى أغنية لمحمد عبد الوهاب مطلعها «الصبر والإيمان».. دول جنة المظلوم يقول فيه: أكرم نبى ورسول له فى العذاب آيات جاءوا عليه كفار عبدوا الحجر والنار والنار لها جبار يسهر علىالفجار لا يفوت عليهم ليل ولا يحلموا بنهار «أغنية إلهى ما أعظمك» أدتها الفنانة نجاة بصوت وقور خاشع يعكس معانيها وطبيعة لحنها المتسامى المحلق المتأمل فى دنيا الله الواسعة. المقدمة الموسيقية بسيطة قليلة.. الجمُل تبدأ بأربعة «موازير» من إيقاع» المصمورى الصغير 4/4 المزين بصوت الصاجات الشعبية المستعملة فى الموالد والغناء الدينى الشعبى تتبعها جملة لحنية صغيرة ثم صوت آلة كمان منفردا فى جملة ورد غطاها بعدها جملة البطل فيها صوت الكورال الرجالى (من طبقة الباريتون) والأداء يجمع بين القوة والخشوع وربما تكون هذه الجملة هى التى أعطت الشكل التأثيرى لهذه الأغنية، ولذلك كررها الملحن كلزمة أساسية تفصل بين مقدمتها ومقاطعها (كوبليهاتها) الثلاثة. وللقارئ المتخصص: فإن المقدمة الموسيقية تبدأ بأربعة موازير تنتهى بجنس بياتى على درجة العشيران تكراراً لبداية العبارة السابقة مع الانتهاء بجنس بياتى على الدولاه. ويظهر صوت آلة الكمان المنفرد عن النهاوند على النوا فترد عليها الوتريات بترديد درجة الدوكاه عدة مرات تتبعها عبارة لحنية من جنس البياتى على الدوكا ثم تبدأ المجموعة بغناء آهات ويبدأ بعدها غناء المذهب وتقول كلماته: إلهى ما أعظمك فى قدرتك وعلاك إلهى ما أرحمك فى غضبتك ورضاك إلهى ما أكرمك للعبد لو ناداك جلت صفاتك يا من لا إله سواك فى لحن المذهب يلعب الكورال الرجالى دور البطولة بأداء لزمات روحية الطابع بعد عبارة «إلهى ما أعظمك» إلهى ما أرحمك، وفى تصاعد نغمى ينتهى لحن المذهب بقفلة عربية «حرّاقه» مؤثرة. وللقارئ المتخصص «بداية المذهب تؤكد مقام البياتى مع الاستقرار فى نهايته على درجة السيكالا أما جملة الكورال فى اللزمة القصيرة فهى من مقام البياتى وتتصاعد إلى درجة المحيرّ، وتنتهى عبارة إلهى ما أرحمك على درجة السيكاه أما عبارة «إلهى ما أكرمك» فتنتهى على درجة العجم و«جلت صفاتك» من راست التوا وتنتهى على البياتى.