يد تبني ويد تزرع ويد تحمل السلاح.. إنهم خير أجناد الأرض الجيش المصري.. درع الأمة في معركة الأمن والتنمية
سيناء بين السيف والمعول.. الاستراتيجية المصرية لتحويل أرض الفيروز من جبهة قتال إلى قاطرة تنمية
عملية سيناء 2018.. الإستراتيجية العسكرية متعددة الأبعاد من العبوات الناسفة إلى الضربات الجوية لمواجهة حرب العصابات بين الجبال وبؤر الإرهاب
جبل الحلال معقل الإرهاب الأخير وقصة التطهير الاستراتيجي لأصعب التضاريس في وسط سيناء
معركة بناء الدولة.. مشروعات التنمية والتعمير: ثورة الأنفاق الستة تحت قناة السويس ونهاية عزلة سيناء وبداية عصر التجارة والاستثمار من ندرة المياه إلى الاكتفاء الذاتي.. محطات بحر البقر والمحسمة قاطرة استصلاح 450 ألف فدان في سيناء
على مدار عقد من الزمان لم تكن شبه جزيرة سيناء مجرد مسرح لعمليات عسكرية تقليدية بل كانت ساحة لتحدٍ وجودي مزدوج خاضته الدولة المصرية بقيادة قواتها المسلحة منذ عام 2013 وجدت القوات المسلحة نفسها في قلب معركتين متوازيتين لا تنفصلان معركة تطهير الأرض من الإرهاب والتطرف ومعركة بناء البنية التحتية وربط سيناء بالعمق المصري هذا الدور غير المسبوق حول الجيش المصري من حارس للحدود إلى قاطرة التنمية التي تدفع عجلة الإعمار بميزانية استثمارية تجاوزت 700 مليار جنيه مصري ليتحقق بذلك ما يمكن تسميته ب العبور التنموي الثاني لأرض الفيروز.
شبه جزيرة سيناء تلك الأرض التي تمثل 6% من مساحة مصر ليست مجرد رقعة جغرافية بل هي عمق استراتيجي وجسر تاريخي ورمز للسيادة الوطنية لقد شهدت هذه الأرض عبر التاريخ معارك مصيرية في حروب عام 56 و67 و73 لكنها تحولت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين إلى ساحة لمعركة وجودية جديدة لم تكن ضد جيش نظامي تقليدي بل كانت ضد تنظيمات إرهابية متطرفة هدفت إلى تقويض أمن مصر واستقرارها، جاءت هذه التحديات في أعقاب ظروف إقليمية مضطربة استغلت فيها جماعات إرهابية أبرزها أنصار بيت المقدس التي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش لاحقا فراغا أمنيا نسبيًا لتبني موطئ قدم لها في شمال ووسط سيناء. حملة شاملة بإرادة شعبية ورؤية متكاملة ردا على هذا التحدي شن الجيش المصري بقرار سياسي وإرادة شعبية حملة شاملة غير مسبوقة في تاريخه الحديث تجسدت في عملية سيناء 2018 التي أطلقت في فبراير من عام 2018 لكن هذه العملية لم تكن مجرد حملة عسكرية تقليدية للقضاء على الإرهاب فحسب بل كانت رؤية متكاملة جمعت بين القوة الصلبة في مواجهة الإرهاب والقوة الناعمة في إعادة البناء والتعمير في سردية بطولية جمعت بين السيف والمعول والبندقية وجرار الزراعة. لم تظهر التحديات الأمنية في سيناء بين ليلة وضحاها بل كانت نتيجة تراكمات لسياسات وإشكاليات تاريخية تفاقمت في أعقاب أحداث 2011 مع حالة عدم الاستقرار التي شهدتها مصر خاصة مع تولي جماعة الإخوان الإرهابية زمام الأمور قبل التصدي لها من الشعب والجيش بعد كشف المؤامرة الكبري والتي انتهت مع ثورة 30 يونيو 2013. ويمكن إرجاع جذور الأزمة إلى عدة عوامل منها الطبيعة الجغرافية والصعوبة التضاريسية حيث تتمتع سيناء بمساحات شاسعة من الجبال الوعرة خاصة في وسط وشمال سيناء والصحاري مما وفر ملاذا طبيعيا للمتطرفين والإرهابيين وصعب من عمليات المطاردة والتتبع كما لعبت سياسات الإهمال التنموي التاريخي دورا مهما حيث عانت سيناء لعقود طويلة من التهميش التنموي مقارنة بوادي النيل مما خلق بيئة خصبة للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة التي استغلت مشاعر السخط لدى بعض البدو الذين شعروا بالتهميش والإقصاء. ساهم السياق الإقليمي المضطرب أيضا في تفاقم الأزمة حيث أدت الحروب في قطاع غزة والأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق في تهريب الأسلحة والعتاد إلى الجماعات الإرهابية في سيناء كما وفرت شبكات التهريب عبر الحدود قنوات للتمويل والاتصال وبعد ثورة 2013 تصاعدت هجمات الجماعات الإرهابية بشكل كبير مستهدفة مقرات الشرطة والمنشآت العسكرية والمدنيين الأبرياء بل ووصلت إلى البر المصري في مدن القناة والقاهرة. بلغت الذروة بهجوم مسجد الروضة في نوفمبر عام 2017 الذي راح ضحيته أكثر من 305 قتلى و128 مصابًا وهي الحادثة التي شكلت صدمة للوجدان المصري وأكدت الحاجة إلى استراتيجية حاسمة وشاملة، حيث يمثل هذا الهجوم أكثر الحوادث الإرهابية دموية في تاريخ مصر. عملية سيناء 2018.. معركة شاملة في هذا المناخ أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في 9 فبراير عام 2018 انطلاق عملية سيناء الشاملة كأكبر حملة عسكرية في تاريخ سيناء الحديث بمشاركة كافة أفرع القوات المسلحة والشرطة. اعتمد الجيش المصري في مواجهة الإرهاب في سيناء على استراتيجية متعددة المحاور تجمع بين الضربات الجراحية والعمليات البرية الواسعة والحصار الاستخباراتي. لعبت القوات الجوية دورًا حاسمًا في الضربات الاستباقية الدقيقة لاستهداف الأوكار والمخازن ومراكز القيادة التابعة للعناصر التكفيرية حيث تم تدمير عشرات الأهداف الحيوية للإرهابيين في الأيام الأولى للعملية سيناء 2018 وبشكل متواصل اعتمدت قوات الصاعقة والمظلات والتدخل السريع على تكتيكات المداهمات النوعية في المناطق الوعرة والمناطق السكنية لضبط وتصفية العناصر شديدة الخطورة وحققت هذه القوات نجاحًا كبيرًا في تطهير منطقة جبل الحلال المعقل الوعر الذي كان يوفر غطاء طبيعيًا للإرهابيين ولقد كان المهندسون العسكريون في طليعة هذه القوات حيث تولوا مهمة اكتشاف وتفجير عدد ضخم من العبوات الناسفة التي زرعها الإرهابيون على محاور التحرك لإعاقة تقدم القوات وتشير الإحصاءات الرسمية للعملية الشاملة إلى تصفية واعتقال مئات الأفراد التكفيريين شديدي الخطورة وتدمير واكتشاف آلاف الأوكار والملاجئ والمخازن بالإضافة إلى ضبط وتدمير كميات ضخمة من المتفجرات شملت أطنانًا من مادتي C4و TNT وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر فضلًا عن تدمير مزارع المخدرات التي كانت تمثل مصدرًا رئيسيًا لتمويل الإرهاب.
تأمين الحدود وقطع الشرايين اللوجستية في العمق الاستراتيجي شاركت القوات البحرية بفعالية من خلال حاملة المروحيات الميسترال في تمشيط ساحل العريش لقطع أي محاولات للهروب أو الإمداد بحرًا وفي الوقت نفسه شددت قوات حرس الحدود قبضتها على المنافذ الحدودية ونجحت في تدمير مئات الأنفاق على الشريط الحدودي بشمال سيناء ما أدى لقطع شرايين التهريب للسلاح والأفراد وتضييق الخناق على الإرهابيين بشكل غير مسبوق هذا التضييق قطع طرق الإمداد المالي واللوجستي عن العناصر الإرهابية بفضل الرصد الدقيق لأجهزة الاستخبارات العسكرية مما أدى إلى تآكل قدرتها على تنفيذ العمليات الإرهابية ضد الأهداف المدنية كما شكلت القوات البرية بفرقها المدرعة والمشاة الآلية وقوات الصاعقة والمظلات عماد الحملة نفذت هذه القوات عمليات تمشيط واسعة النطاق للمناطق الجبلية الوعرة والوديان في رفح والشيخ زويد وبئر العبد والحسنة وقامت بتطويق وتفتيش المدن والقرى للقبض على عناصر إرهابية متخفية كما أنشأت نقاط تفتيش ومراكز مراقبة متقدمة لعزل ساحات العمليات ومنع تحرك الإرهابيين إلى جانب تنفيذ كمائن محكمة بناء على معلومات استخباراتية. وكان للبعد الاستخباراتي دور محوري في نجاح العمليات عملت أجهزة الاستخبارات العسكرية والأمنية على اختراق صفوف الجماعات الإرهابية وجمع معلومات دقيقة عن تحركاتها وتخطيطها وتحليل الاتصالات والبيانات الرقمية لتتبع الشبكات والتعاون مع الأهالي الذين قدموا معلومات حيوية ساهمت في كشف كثير من الإرهابيين والمخابئ وتفكيك الخلايا النائمة في المدن المصرية الأخرى التي كانت تدعم عمليات الإرهاب في سيناء. نفذ الجيش مشاريع ضخمة لتأمين الحدود المصرية خاصة مع قطاع غزة وليبيا شملت إنشاء منطقة عازلة على الحدود مع قطاع غزة وتدمير الأنفاق التي كانت تستخدم لتهريب الأسلحة والمقاتلين وتعزيز التواجد العسكري على الحدود الليبية لمنع تسلل العناصر الإرهابية والأسلحة واستخدام أحدث تقنيات المراقبة والاستشعار عن بعد على طول الحدود. أسفرت هذه العمليات عن نتائج ملموسة أعلنت عنها البيانات الرسمية بشكل دوري وشملت القضاء على آلاف العناصر الإرهابية بينهم قيادات بارزة وتدمير عشرات الآلاف من العبوات الناسفة والمزروعات البدائية والمركبات المفخخة وضبط وتدمير كميات هائلة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات وتحرير مساحات شاسعة من الأرض كانت تحت سيطرة هذه الجماعات بشكل كامل أو شبه كامل واستعادة السيطرة الأمنية الكاملة على معظم أنحاء سيناء وإنهاء حالة الحكم الذاتي التي كانت تتمتع بها الجماعات في بعض المناطق. الشراكة القبلية والدعم الإنساني أدركت القوات المسلحة أن أهالي سيناء هم خط الدفاع الأول فتم تعزيز الشراكة مع قبائل سيناء "مثل الترابين والسواركة وغيرها" وتشكيل قوة دعم محلية ساهمت بشكل فعال في تأمين المناطق والمدقات وتوفير المعلومات الاستخباراتية الدقيقة هذا التعاون عزز من النسيج الوطني وأسهم في عزل العناصر الإرهابية بشكل كامل عن البيئة الحاضنة وبالتوازي قامت أجهزة الدولة بصرف تعويضات مالية ضخمة بلغت حوالي 4.1 مليار جنيه مصري حتى مارس 2021 لأهالي شمال سيناء المتضررين من المواجهات الأمنية وعمليات الإخلاء القسري كجزء من جهود المصالحة الوطنية وإعادة التوطين.
معركة البناء والتعمير.. مشروع التنمية الشاملة إدراكا من القيادة السياسية والعسكرية أن الحل الأمني وحده غير كاف وأن الإرهاب لا يقضى عليه بالرصاص فقط بل بملء الفراغ التنموي أيضا انطلقت معركة موازية هي معركة البناء والتعمير تحول الجيش المصري من قوة قتالية فقط إلى أداة فاعلة في التنمية مجسدا مقولة أن تبني وتحارب في آن واحد وتجلى ذلك في مشاريع عملاقة غير مسبوقة ثورة الأنفاق والطرق كسر الحاجز الجغرافي كان التحدي الأكبر هو ربط سيناء بالعمق المصري وادي النيل والدلتا فالأنفاق العملاقة التي تم إنجازها تحت قناة السويس تعد الإنجاز الأبرز حيث تم إنشاء 6 أنفاق عملاقة مثل نفقي تحيا مصر بالإسماعيلية ونفقي 3 يوليو ببورسعيد بالإضافة إلى تطوير نفق الشهيد أحمد حمدي هذه الأنفاق التي تكلفت مليارات الجنيهات اختصرت زمن عبور القناة من ساعات إلى دقائق معدودة وحولت قناة السويس من حد فاصل إلى شريان وصل استراتيجي وبالتوازي تم إنشاء وتطوير شبكة طرق تجاوزت 3000 كيلومتر مثل طريق العريش نخل والطريق الدولي الساحلي ومحاور جديدة تخدم التنمية العمرانية والزراعية والسياحية وهي شبكة تكفي احتياجات التنمية لمدة 50 عامًا قادمة كما شملت جهود الربط البري والجوي إنشاء وتطوير 5 مطارات في سيناء لتعزيز الحركة التجارية والسياحية وتوفير مرونة تشغيلية عالية للقوات المسلحة. الماء والزراعة رهان التوطين البشري
لم تكن التنمية لتتحقق بدون تأمين مصادر المياه والكهرباء بعيدًا عن الاعتماد الكلي على مياه النيل لذلك تعتبر محطات معالجة مياه الصرف الزراعي في سيناء من الأضخم عالميًا فمحطة المحسمة بطاقة 1.25 مليون متر مكعب يوم ومحطة بحر البقر بطاقة 5.6 مليون متر مكعب يوم التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية ساهمت بشكل مباشر في توفير مياه ري صالحة ل استصلاح وزراعة 450 ألف فدان في شمال ووسط سيناء مما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتوطين ملايين المصريين على المدى الطويل هذا الجهد المائي يرافقه تطوير شامل للبنية التحتية للطاقة من خلال رفع كفاءة محطات الكهرباء وتوصيل الشبكات لضمان تغطية كاملة لكافة مشاريع التنمية والمجتمعات العمرانية الجديدة
المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة
لتحقيق التنمية المستدامة كان لا بد من خلق مجتمعات عمرانية متكاملة لاستيعاب الكثافة السكانية الجديدة فقاد الجيش المصري مشاريع المدن الجديدة مثل مدينة سلام شرق بورسعيد وهي مدينة مليونية جديدة تهدف إلى استقطاب الاستثمارات الصناعية والتجارية واللوجستية بالاستفادة من موقعها الاستراتيجي على المدخل الشمالي للقناة وتم تنفيذ المئات من الوحدات السكنية في إطار الإسكان الاجتماعي بالإضافة إلى إنشاء وتطوير 17 تجمعًا تنمويًا بدويًا جديدًا في شمال وجنوب سيناء لتقديم خدمات متكاملة لأهالي سيناء وتأكيد دمجهم في الخطط التنموية وكذلك جرت عمليات تطوير شاملة لمدن العريش ورفح والشيخ زويد التي تضررت من الإرهاب وإعادة إعمار البنية التحتية والمرافق بها لتكون جاهزة لاستقبال سكانها بشكل كامل وآمن شجعت الدولة بدعم من الجيش في تأمينها على ضخ استثمارات في سيناء منها المشاريع السياحية تطوير مناطق مثل شرم الشيخ وطابا ودهب ونويبع وإنشاء منتجعات جديدة لإنعاش قطاع السياحة الذي تضرر بشدة من الإرهاب والمشاريع الصناعية والتعدينية الاستفادة من الثروات الطبيعية في سيناء من فحم ونحاس ورخام في إقامة صناعات وطنية ومشاريع الثروة الحيوانية والداجنة دعم مربي الماشية وتقديم القروض والرعاية البيطرية لهم. لم تكن المعركة في سيناء سهلة أو خالية من التحديات الجسيمة التي واجهها الجيش المصري بشجاعة وتضحيات كبيرة واجه الجيش حرب عصابات غير تقليدية حيث كان الإرهابيون يستخدمون تكتيكات اضرب واهرب ويتخفون بين السكان ويستخدمون العبوات الناسفة والكمائن بشكل مكثف كما شكلت التضاريس الجبلية الوعرة تحديا لوجستيا وعملياتيا هائلا قدم الجيش المصري ثمينا من الشهداء والجرحى في سيناء كل شهيد كان بطولة تروى وتضحية تؤكد صدق الانتماء للوطن. حاولت الجماعات الإرهابية ووسائل إعلام موالية لها تشويه صورة الجيش ونشر الشائعات عن فشل العمليات لكن الحقائق الميدانية كانت أقوى كما واجهت عملية البناء والتعمير تعقيدات كبيرة في بيئة صعبة حيث تتطلب عملية البناء في مناطق نائية وتضاريس صعبة مثل سيناء موارد مالية وبشرية هائلة وتخطيطا دقيقا يتغلب على طبيعة الأرض. كان لنجاح الجيش المصري في سيناء آثار تتجاوز الحدود المصرية حيث ساهم في تعزيز الأمن القومي المصري من خلال استعادة السيطرة الكاملة على سيناء مما يعني تأمين حدود مصر الشرقية وحماية مدن القناة الحيوية والتي تمثل شريان الحياة للاقتصاد المصري كما ساعد في تحقيق الاستقرار الإقليمي حيث ساهمت مصر من خلال تحييد تهديد الإرهاب في سيناء في تعزيز استقرار المنطقة خاصة دول الخليج وإسرائيل والأردن التي كانت تهددها الجماعات المتطرفة القادمة من سيناء. ساهم النجاح المصري في تحسين صورة مصر الدولية حيث أثبتت مصر للعالم قدرتها على هزيمة الإرهاب وإدارة ملف معقد بأعلى درجة من الاحترافية مما عزز من مكانتها الإقليمية والدولية كشريك أساسي في مكافحة الإرهاب كما قدمت التجربة المصرية نموذجا يحتذى به للدول التي تواجه تحديات إرهابية مماثلة خاصة في تجسيدها لفكرة التكامل بين المواجهة الأمنية والتنمية. بعد سنوات من المعارك الضارية يمكن القول إن سيناء تشهد فصلا جديدا من تاريخها لقد نجح الجيش المصري بتضحيات أبنائه البواسل ورؤية قيادته السياسية في تحويل المسار من حرب ضد الإرهاب إلى معركة من أجل البناء لم تعد سيناء ذلك المكان المنسي أو الخطير بل أصبحت ورشة عمل كبرى تعلو فيها أصوات المعاول والجرافات فوق دوي الانفجارات. التحديات لم تنته تماما فجذور التطرف تحتاج إلى وقت أطول لتموت وعملية البناء تحتاج إلى عقود لتحقيق طموحاتها لكن اليقين هو أن الإرادة المصرية الممثلة في جيشها وشعبها قد كسرت ظهر الإرهاب في سيناء لقد أثبت الجيش المصري مرة أخرى أنه ليس فقط درع الوطن في الحروب بل هو أيضا عصاه في السلام وساعده في البناء والتعمير. الجيش المصري.. حصن الأمة وضامن أمنها واستقرارها في أشد اللحظات ظلاما قصة سيناء هي قصة ملحمة وطنية ستسجل بأحرف من نور في تاريخ مصر ملحمة جمعت بين البطولة في القتال والعطاء في البناء لتؤكد أن الجيش المصري هو حصن الأمة وضامن أمنها واستقرارها في أشد اللحظات ظلاما. لقد تحولت سيناء من منطقة تعاني من الإرهاب والتخلف إلى منطقة جذب للاستثمار والسياحة والعمران أصبحت شرم الشيخ وطابا ودهب ونويبع مقاصد سياحية آمنة مرة أخرى بعد أن عانت لسنوات من تبعات العمليات الإرهابية كما شهدت مدن شمال سيناء مثل العريش ورفح والشيخ زويد نهضة تنموية غير مسبوقة مع بناء مستشفيات جديدة ومدارس حديثة وطرق محسنة ومرافق خدماتية متطورة مشاريع استثمارية وزراعية لتحسين حياة السكان ساهمت المشاريع الزراعية العملاقة في استصلاح الأراضي في تغيير الخريطة الزراعية لمصر حيث أصبحت سيناء مصدرا هاما للعديد من المحاصيل الاستراتيجية التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي المصري كما وفرت هذه المشاريع آلاف فرص العمل لأبناء سيناء مما سحب البساط الاقتصادي من تحت أقدام الجماعات الإرهابية التي كانت تستغل الفقر والبطالة في تجنيد العناصر. لم يقتصر دور الجيش على العمليات العسكرية ومشاريع البناء الكبرى بل امتد إلى المجال الاجتماعي والإنساني حيث قامت قوات الجيش بتنظيم قوافل طبية شاملة تقدم الخدمات العلاجية والدوائية المجانية لأهالي المناطق النائية في سيناء كما نظمت قوافل بيطرية لعلاج الماشية التي تمثل مصدر رزق أساسي للبدو في سيناء إلى جانب حملات التوعية ضد مخاطر الأفكار المتطرفة وتنظيم ندوات تثقيفية في القرى والنجوع. قامت وحدات الهندسة العسكرية ببناء وتأهيل المدارس في القرى والمناطق النائية وتجهيزها بأحدث الوسائل التعليمية كما ساهمت في برامج محو الأمية لكبار السن وتنظيم دورات تدريبية للحرف اليدوية للشباب لمساعدتهم في إقامة مشروعات صغيرة تدر عليهم دخلا يغنيهم عن الانخراط في أنشطة غير قانونية. وحسب المركز الإعلامى لمجلس الوزراء تم وجارى تنفيذ استثمارات لتنمية شبه جزيرة سيناء بأكثر من 700 مليار جنيه وذلك خلال 8 سنوات فقط، حيث بلغ إجمالى الاستثمارات العامة التى تم ضخها لتنفيذ مشروعات قومية بسيناء ومدن القناة نحو 358.1 مليار جنيه وذلك فى الفترة من عام 2013/2014 حتى عام 2022/2023. التجربة المصرية تقدم نموذجًا عالميًا في مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي حظيت تجربة مصر في سيناء بتقدير واسع من العديد من الدول والمنظمات الدولية حيث أصبحت نموذجا يدرس في كيفية المواجهة الشاملة للإرهاب الذي يجمع بين القوة العسكرية والحلول التنموية والاجتماعية كما عززت مصر من تعاونها الأمني مع الدول المجاورة خاصة في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتأمين الحدود ضد تسلل العناصر الإرهابية ما حدث في سيناء هو قصة كفاح وطني ستظل محفورة في ذاكرة الأجيال القادمة قصة تروي كيف واجه الجيش والشعب معا أخطر التحديات الأمنية في تاريخ مصر الحديث وكيف حولوا الهزيمة إلى نصر والتحدي إلى فرصة والظلام إلى نور إنها ملحمة تستحق أن تدرس وتذكر كشاهد على أن الإرادة أقوى من الرصاص وأن البناء أغلى من الدمار.