الثورة تعنى تغييراً فى كل شىء، الثورة تعنى محاولة تجاوز القديم وتجديده وتحديثه وتنويره، ظهر ذلك واضحاُ فى ثورة 23 يوليو 1952، ففى كل المجالات حدث تغيير واضح، حتى فى الفن والأدب، فقد أثرت ثورة 23 يوليو على الأديب نجيب محفوظ فجعلته يتوقف خمسة أعوام كاملة عن الإبداع، وهو الأديب الذى كتب عن كل مساوئ ما قبل الثورة، فكتب «ميرامار» وكتب «ثرثرة فوق النيل» ليعرى الواقع الاجتماعى الثورى ذاته، لأنه لا توجد فى العالم ثورة مكتملة أبداً، و ظهرت كل مساوئ ما بعد الثورة فى روايته الكرنك، كما كتب عبد الرحمن الشرقاوى روايته الخالدة «الأرض» وكُتب الحوار فيها بالعامية، ليفضح سطوة الإقطاع، ويجلو النقاب عن مأساة الفلاح المصرى، وغرد منفرداً كل فى ناحية من نواحى الاتجاهات الأدبية كل من الشاعر صلاح عبد الصبور صاحب «الناس فى بلادى»، «الديوان»، «ومأساة الحلاج»، «والأميرة تنتظر»، «المسرحيتان الشعريتان» ليصنع هو وعبد الرحمن الشرقاوى مجداً جديداً للمسرحية الشعرية، كذلك غرد خارج السرب شاعر الرفض أمل دنقل صاحب القصيدة الخالدة «لا تصالح» وقصيدته التى أعشقها «مقابلة خاصة مع ابن نوح» ليدين التنازلات التى قدمتها الثورة فى كل المجالات وحتى فى حروبها «فلا توجد ثورة بلا أخطاء». وفى شعر العامية يبدع عبد الرحمن الأبنودى. كل ما سبق نماذج قليلة من كثر من الأدباء الذين ظهروا فى فترة ما بعد الثورة، و مثلوا جيلاً من أعظم الأجيال فى الأدب المصرى والعربى فى كل المجالات، كما واكبتهم حركة نقدية واسعة وفاعلة فهل نطمع نحن فى لحظتنا الراهنة فى أدب يوازى قيمة ثورة 25 يناير، إن ذلك هو المأمول، ومعين مصر من مواهبها الأدبية لا ينضب أبداً، ومصر دائماً يشكل الأدب جزءاً من تاريخها ومن شخصيتها عبر الزمان، وبمثل ما كانت ثورة 25 يناير عظيمة بكل إنسان مصرى شارك فيها ولو بالدعاء، فإن أدباء مصر قادرون على أن يحملوا راية ثورة أدبية بحجم عظمة ثورة الربيع المصرى.