الشاعر علي أحمد الشرقاوي من مواليد البحرين 1948. تخصصت موهبته الشعرية وهو في مرحلة الدراسة الجامعية بالعراق، فأخذ ينشر محاولاته الأولى في الصحافة الطلابية، ثم في الصحافة المحلية، انضم الشاعر في مطلع السبعينات إلى عضوية أسرة الأدباء وشارك في نشاطاتها الأدية والإدارية، وترأس هيئتها الإدارية أكثر من مرة، وأصدر مجموعته الأولى عام 1975. ثم تلاحق صدور مجموعاته التي بلغ عددها ما يربو على العشر مجموعات شعرية، وهو بالإضافة إلى كتابة القصيدة الشعرية باللغة العربية الفصحى، يكتب القصيدة العامية ويكتب الشعر والمسرحيات للأطفال أيضاً.. التقينا الشاعر علي الشرقاوي وأجرينا معه حوارا حول شعره وحركة الشعر عموماً في البحرين: * هل يمكن اعطاؤنا لمحة عن الوضع الثقافي في البحرين؟ ** بدأت الحركة الأدبية الجديدة في البحرين عام 1965، وذلك مع ظهور الصحافة من جديد، لأن الصحافة المحلية كانت قد توقفت منذ عام 1956 بسبب بعض الظروف السياسية. ومن خلال جريدة (اضواء) عرفت بعض الأسماء الشعرية التي لم تكن تملك أي مساحة للنشر من قبل مثل علي عبدالله خليفة وقاسم حداد وعلوي الهاشمي، فضلاً عن مجموعة من كتاب القصة أمثال محمد عبدالملك ومحمد الماجد وعبدالله خليفة وأمين صالح وغيرهم. وفي عام 1969 تشكل أول تجمع أدبي في البحرين أطلق عليه اسم (اسرة الأدباء والكتاب). وقد ضمت هذه الأسرة نخبة من أهم الكتاب والأدباء في البحرين، وأخذت تقيم الندوات والأمسيات الشعرية، واستطاعت أن تمد شبكة من العلاقات الثقافية مع الدول العربية من خلال الاتحاد العام للكتاب العرب. وفي عام 1984 بدأت الأسرة بإصدار مجلتها (كلمات) ولا تزال تصدر حتى اليوم. ومع بداية عام 1991 أخذت بإصدار مجموعة من الكتب للأدباء والشعراء تحت اسم إصدارات كلمات. وعلى صعيد الحركة الثقافية في البحرين يتبوأ الشعر المكانة الأولى في الساحة تليه القصة فالرواية، ويلاحظ غياب النقد العلمي والموضوعي. * هل يمكن أن نتكلم عن الشعر والشعراء في البحرين، وما هي أهم المواضيع التي يطرقونها؟ ** من الصعب حصر الموضوعات التي يتناولها الشعراء في الآونة الأخيرة، ولكن مع تأسيس الأسرة كانت المواضيع محدودة جداً، وتتلخص في البحر والنخلة، فالشاعر علي عبدالله خليفة مثلاً تناول موضوع البحر في كثير من قصائده وهو يتساوى في هذا مع الشاعر الكويتي محمد الفايز في تجربته (مذكرات بحارة)، إضافة إلى هذا كان همّ النخلة، أي الأرض واضحاً لدى الشاعر علي عبدالله خليفة من خلال ديوانه عطش النخيل، أما الشاعر قاسم حداد فكانت تجربته أكثر امتداداً في الهموم العربية والمسألة الفلسطينية وأما تجربة علوي الهاشمي فقد كانت أقرب إلى الرومانسية، في حين أن الشاعر عبدالرحمن رفيع زاوج بين الشعر التقليدي وقصيدة التفعيلة وأخذ يكتب بالعامية، وبعد هذه المجموعة ظهرت أسماء أخرى منها: علي الشرقاوي ويعقوب المحرقي وغيرهما.. * إذا تحدثنا عن تجربتك الشعرية الخاصة، يلاحظ توظيفك للتراث، وبالذات التراث الصوفي النفري وابن عربي والحلاج فماذا تقول؟ ** في مسألة توظيف التراث الصوفي في الشعر، لم أتناول هذا الجانب على أساس أنه قضية روحانية أو دينية بحتة بقدر ما هو علاقة إنسانية حاولت أن أبحث عن علاقة صوفي بالواقع، الحلول، الفناء.. العشق هذه المسائل كنت أربطها بحياة الإنسان المعاصرة وبهمومه المعاصرة ومن ثم حاولت الاستفادة من التراث الإنساني بشكل عام، فضلاً عن توظيف الرموز الإسلامية وإسقاطها على الواقع المعاصر، وفيما بعد اتجهت إلى توظيف رموز واقعية، وفي هذه التجربة حاولت إيجاد شخصية، مخطوطات (غيث بن اليراعة) وهذه شخصية وهمية حملتها هماً وهموم الإنسانية وجعلتها تعبر عن الأحلام والآمال.. * ألا تلاحظ أن هناك نوعا الإغراق في استخدام الرموز؟ ** الرمز أساس حياتي نعانيه ونمارسه يومياً حتى في الاستخدامات البسيطة، والفن بصورة عامة غابة من الرموز ولا بد للشاعر من أن يعيش حالة دائمة من الرموز. وإذا سألنا أنفسنا ما الكتابة؟.. إن الكتابة هي نوع من البحث، بحث الواقع، بحث الذات، البحث في الكون، ومن خلال هذا البحث نريد أن ندرك القيم الاجتماعية التي يعيشها مجتمعنا وبالطبع قد لا نصل إلى حلول محددة ولكن المسألة الأساسية هي البحث الدائم عن المعرفة، وهنا نحن نغرق في طوفان من الرموز والمعاني. ولا بد أن تنعكس في إبداعاتنا وكتاباتنا.. رأيي أن الفن بلا غموض ورموز، والقصيدة مختلفة وهي غابة الرؤى والشاعر عندما يكتب قصيدته فهو يبحث ويكتشف عالماً جديداً وبالتالي ليس من البساطة أن يكتشف القارئ هذا العالم من المرة الأولى، ولا بد من قراءة القصيدة أكثر من مرة حتى يتم استيعاب القضايا المطروحة. * كيف تنظر إلى مسألة الالتزام في الشعر إذاً؟ ** الالتزام في رأيي هو التزام الشاعر بإنسانيته، والتزامه بفنه ومحاولته الدائمة للإضافة والتجديد، فالشاعر كإنسان يعيش في هذا الواقع يحترق في البيت، في الشارع، في العمل، أي أنه مجموعة من الاحتراقات التي لا بد أن تخرج بوعي أو بدون وعي في كتاباته لتعبر عن التزامه بهموم الناس والمجتمع، هذا هو الالتزام وليس هو الالتزام الضيق كما طرح في الواقعية الاشتراكية أو كما طرحه سارتر وغيره. * عندما تكتب قصيدة ما، هل تضع في ذهنك القارئ أم الناقد؟ ** بصراحة، انا لا أضع في ذهني أحداً، لا القارئ ولا الناقد، ما يهمني هو ترجمة هاجسي وانفعالاتي في تلك اللحظة، فالكتابة هي لعبة روحية مع الذات، وفي هذه اللحظات لا يمكن أن يخطر أحد على بالك ولكن في الوقت نفسه مجمل هذه الانفعالات هي ناتج تلك الاحتراقات والمعايشات، وبالتالي فأنت في مجتمعك ولن تكتب إلا ما يعبر عن هذا المجتمع أو هذا الإنسان. * يلاحظ في الآونة الأخيرة تراجع جمهور الشعر، ما رأيك؟ ** هذا صحيح، وهناك ظروف عديدة أدت إلى هذا التراجع منها دخول قنوات أخرى أخذت حيزاً أو سحبت جزءاً من بساط الشعر، مثل التليفزيون والفيديو والسينما، ولكن الملاحظ أيضاً تزامن هذا مع تقدم الحركة الشعرية من حيث اللغة والصياغة والأبعاد الفكرية. * وهل ترى حركة النقد الأدبي في تراجع أم في تقدم؟ ** في رأيي انها في تراجع مستمر، ففي بداية تجربة الحركة الشعرية الحديثة التي بدأت مع السياب وصلاح عبدالصبور والبياتي.. كان هناك مجموعة من النقاد الذين وقفوا مع هذه التجارب وحاولوا تفسيرها والدفاع عنها ولكننا لم نر مثل هؤلاء النقاد فيما بعد، حيث توقف الناقد عن متابعة الكتابات الجديدة. الآن هناك مجموعة من النقاد في المغرب، ولكن على مستوى المشرق لا يوجد نقاد يتابعون التجارب الجديدة التي خرجت على الإطار السابق، وبشكل عام أستطيع القول ان التجربة الشعرية الحديثة وصلت إلى مرحلة من النضج بحيث سبقت الناقد وسبقت القارئ معاً، ولا بد لهذه التجارب الجديدة أن تخلق لها نقاداً جدد وأن تخلق قارئها الجديد. * هذا الكلام يجرنا إلى الحديث عن مسألة الحداثة في الشعر؟ ** الحداثة مسألة نسبية.. الجيل القديم تصور أن ما كتبه وأنجزه هو الخلاصة.. وعندما حاول الجيل الجديد التغيير وقفوا ضده، وهو بدوره وقف في وجه الجيل الذي تلاه، وهكذا. تصور البعض مثلاً أن قصيدة النثر هي لا شيء، ولكن نحن لا نستطيع ان نحسم ذلك بسهولة، والتاريخ لا يمكن أن يتوقف عند مرحلة معينة، والقصيدة الحقيقية هي التي تبقى، ففي زمن المتنبي كان هناك عشرات الشعراء.. ذهبوا جميعاً وبقي المتنبي، لأن التاريخ غربال. * ولكن هناك من يتعامل مع قصيدة النثر على أساس أنها المنقذ الآن؟ ** لا يمكن القول ان قصيدة التفعيلة هي المنقذ ولا قصيدة النثر، المستقبل أمامنا مفتوح وهناك الكثير من التجارب سوف تظهر فيما بعد.. * ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن ماذا بعد النثر؟ ** هناك محاولات في النص فالبعض يتناول بروح شعرية والآخر كقصة أو كرواية.. هناك محاولات لجمع بعض الأجناس الأدبية معاً والمهم أن الفن لا يقنن، ولا يمكن الحديث عنه كما نتحدث عن الاقتصاد ووضع خطة سنوية. * من المعروف أن أجمل ما في الشعر موسيقاه، ويرى البعض أن قصيدة النثر تفتقد أهم عنصر في الشعر وهو الموسيقى؟ ** الموسيقى التي يتكلمون عنها هي الموسيقى الخارجية والتي تعني موسيقى الأوزان أو العروض أي التفعيلة لكن قصيدة النثر لا تفتقد إلى الموسيقى الداخلية، وهي علاقة الحرف بالحرف والكلمة بالكلمة، والتناقض والتضاد، لذلك أقول إن الموسيقى متوفرة في قصيدة النثر أيضاً. * صدر لكم أكثر من ديوان للأطفال فضلاً عن مسرحيات للأطفال أيضاً والسؤال: هل هناك خصائص معينة للكتابة للأطفال؟ ** كان حلمي منذ بداية تعاملي مع الحرف أن أقدم تجربة للأطفال، ولذلك الطفل الذي يعيش في داخلي، فداخل كل شاعر أو فنان طفل يعبر عن نفسه بطريقة أو بأخرى، حاولت أن تكون القصائد سهلة وغنائية.. فالطفل لا يقرأ القصيدة وإنما يغنيها ولذلك لا بد أن تكون القصيدة قابلة للغناء فمن خلال اللحن والأداء الراقص تصل إلى الطفل، ولا بد من تضمين هذه القصائد النواحي الربوية فضلاً عن حملها للقيم الإنسانية السامية.. * هل ترغب بإضافة شيء آخر؟ ** كنت أود التنويه إلى ضرورة اهتمام الدول العربية بحركة الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، نحن نتكلم دائماً أن الآخر لا يستطيع أن يستوعبنا أو يفهمنا، أو أنه يفهمنا خطأ.. كما نتحدث عن الغزو الفكري من قبل الآخر للمجتمع العربي الإسلامي وفي الوقت نفسه لا نبذل جهداً لتعريف الآخر على إبداعاتنا، فلا بد من وجود مؤسسات في كل قطر عربي تقوم بعملية الترجمة الصراحه بياخه 2010 الحين كل هاذا شنو وين القصيده او شنو ذي كله بس عن حياته صج بياخه