الدفاع الروسي يدمر مسيرة أوكرانية حاولت استهداف موسكو    رسالة من متظاهرين إسرائيليين ل المبعوث الأمريكي الخاص: "دعك من نتنياهو"    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    أخبار مصر: الأرصاد تحذر من الرمال والأتربة، ممدوح عباس يعلن تنحيه عن دعم الزمالك، احتجاجات لوس أنجلوس تجتاح أمريكا    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات كوفيد-19 بسبب متحور جديد    بالأسماء| مصرع وإصابة 10 أشخاص في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    الفول البلدي ب 40 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    استشهاد 5 مدنيين بينهم طفلتان في قصف على خيام النازحين غرب خان يونس    إصابة المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي بطلق ناري في العاصمة بوجوتا    مواجهات بين الشرطة ومعارضين للمداهمات ضد المهاجرين في لوس أنجلوس    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    الشناوي: مباراة باتشوكا إعداد مثالي لمواجهة إنتر ميامي ووجود صورنا مع ميسي فخر لكل الأهلاوية    أسعار الذهب في بداية ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    مسؤولون أمريكيون: الرد الروسي على هجوم المسيرات الأوكرانية لم ينته بعد    انتشال جثمان غريق من ترعة الإبراهيمية بالمنيا    هشام عباس يتألق بأغانيه في حفله بعيد الأضحى على مسرح البالون (صور)    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    موعد مباراة البرتغال ضد إسبانيا والقنوات الناقلة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    مقتل شاب على يد آخرين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    الدولار ب49.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 8-6-2025    مقتل امرأة برصاص الشرطة بعد طعنها شخصين في ميونخ    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    تريزيجيه يعلق على انضمام زيزو ل الأهلي    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    تريزيجيه: هددت طرابزون بعدم اللعب مجددا حال عدم الانتقال للأهلى    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لطشة» ليبرالية !
نشر في أكتوبر يوم 25 - 03 - 2012

فى صدر شبابى الأول فى دنيا الصحافة عرفت زميلا كان يكبرنى فى العمر بكثير من السنوات..وعندما اقتربت منه اقترابا يسمح بأن نتجادل جدالا معمقا حول العقيدة والدين ومن تكرار الحديث والجدل معه اكتشفت أمرين أو ثلاثة تتعلق به وبعقيدته؛ أولها معرفته الواسعة بالأديان الكتابية الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، والأمر الثانى فهمه المشوَّه خاصة للإسلام، هذا الفهم المبنى على تأويلات مغلوطة لبعض آيات القرآن وإصراره الغريب دونما سند أو منطق مقبول على الترويج لتلك التأويلات وعدم القبول بما يخالفها حتى ولو كان الفكر أو التفسير المقابل أكثر قبولا وأقوى حجة. والأمر الثالث الذى لاحظته عليه هو مراوغته فى الكشف عن حقيقة معتقده (فى خانة الهوية هو مسلم) وظل حريصا على كتمان حقيقة هذه الهوية على الرغم من محاولاته المتكررة إلى أن يجرنى لتبنى أفكاره المشوهة.
واعتقدت أنه بهائى بعد أن لاحظت تشابه بعض أفكاره وآرائه مع أفكار وآراء البهائية التى درستها ووضعت فيها كتابا، لكننى اكتشفت متأخرا وكان ذلك بعد رحيله عن الدنيا أنه كان ماسونياً، من بعض كتاباته وبعض المطبوعات التى تدعو لهذا الفكر كان قد منحها لصديق مشترك وأطلعنى الأخير عليها.
وحتى بعد هذا الاكتشاف لم أندم على مصاحبتى له وحمدت الله أننى لم أكن ضعيف الحجة أو العقل أمامه وهو الآن بين يدى خالقه سبحانه وما كنت ولا أريد أن أفضحه حياً أو ميتا حاشا لله وما أوردت هذا المثال هنا إلا لأدلل من خلاله على ما سوف أسوقه لاحقا.
* (1)
لاشك هناك فرق بين العقل والتعقل.. العقل هو آلة التفكير وهو آلة لا تخطئ المخرجات إذا أدخلت إليها المدخلات الصحيحة، أما التعقل، فهو العملية الفكرية المبنية على المقدمات والنتائج البعيدة عن الهوي.. لكن ماذا لو كانت المقدمات أو المدخلات التى يستقبلها العقل غير صحيحة أو خاطئة؟.. بالتأكيد سوف تكون النتائج أيضا خاطئة، وهذا ما حدث فى حكاية صاحبنا سالف الذكر وقد عرفت منه أنه ساح فى الأرض وهو شاب فى مقتبل العمر يبحث عن تفسيرات للكون والحياة والآخرة وعلاقات البشر والأديان بعضها ببعض، وانساق فى النهاية إلى فكرة توحيد الأديان للخروج بدين يجمع البشر كلهم.. لم يكتف بما لديه وما يمنحه اليقين والهدوء والسكينة فذهب يبحث عن القلق والشك والريبة حتى سلمه حظه العاثر وربما نفسه الأمارة إلى سوء المآل، ولم يسأل نفسه التى ساقته فى هذا الطريق: ما الداعى أو وجه الاضطرار لأن يتم تلفيق عقيدة تأخذ شيئا من سحر المصريين القدماء وأفكار الديانات الهندية وباقى الديانات الأسطورية وحشر بعض النصوص التلمودية والطقوس السرية ليتم من خلال هذا تفكيك المسيحية والإسلام وتمرير أسطورة مملكة اليهود الصهيونية؟ وإذا ما راجعت أدبيات الماسونية، سوف تكتشف هذه الصنعة اليهودية فى التوظيف السياسى للدين بصورة يعجز عن إتيانها الشيطان نفسه، وبعد ذلك يخرج فى الغرب من يلصق هذا الاتهام بالإسلام والمسلمين!.
(2)
وليست قصة هذا الشخص أو معتقده مقصودة لذاتها ولكنها مدخل لفهم ظاهرة ليست جديدة على المجتمع المصرى ولكن الجديد هو انتشارها النسبى خاصة فى أوساط الشباب وأقصد نزوعهم إلى إعلان تبنى الفكر الليبرالى ربما من باب الموضة السائدة والعملة التى راجت خلال السنوات العشر الأخيرة قبل ثورة 25 يناير 2011 والتى لم تسفر عن حجمها كظاهرة إلا بعد الثورة واستقطاب بعض الثوار وخاصة الشباب لحظيرة هذا التيار أو هذه الأيديولوجية بعد تصويرها على أنها عنوان للفكر التقدمى، وترويج أن مجال عملها الأساسى هو السياسة وأنه ليس لها علاقة بالدين وقوامها الحرية فهى بالتالى نقيض الديكتاتورية السياسية والاجتماعية التى ولد هؤلاء الشبان وتفتح وعيهم على دولتها فى ظل النظام السابق الذى لم يكن فقط ديكتاتورياً ولكن كان أيضا فاسداً حتى النخاع.
شباب ناقم على أحوال بلده.. ونظام متكلس فى السلطة لا يريد أن يغادرها بل يسعى إلى أن يورثها كأنها تراث أوعقار لكن ما بال هذا الشباب الثائر حتى ندعوه إلى الفصل بين عقيدته وثورته؟.. عن كرامته وصلاته؟..عن دينه ودنياه؟.. واضح أيضا أن هناك من كان يذكى هذا الاتجاه ويسعى لإقناع هؤلاء الشبان بتبنى قطيعة أو شبه مفارقة للدين ودفعهم لتبنى أيديولوجيات هى فى حقيقتها تعادى المشروع القومى العروبى والإسلامى.
(3)
وفى الغرب هناك تاريخ طويل وفريق متجدد ومتنوع من الأكاديميين المتخصصين فى عزف هذه الألحان، وهم من ذوى الأجندة السياسية الذين تبنوا محاربة الإسلام والعروبة، والطبعات الحديثة من هؤلاء يمثلها «برنارد لويس» صاحب مشروع الشرق الأوسط الكبير والذى يطلق عليه بطريرك الاستشراق الأمريكى الصهيونى، وهناك أيضا المفكر الفرنسى «أوليفييه روي» وأشباههما الذين لا يسأمون إعلان أن فكرة القومية العربية قد انتهت، وأنه قد آن الأوان للقذف بمشروع الوحدة العربية إلى سلة مهملات التاريخ، وإعلان نهاية الإسلام السياسي، ليس فقط كمشروع دولة - على الأقل - يستحق النقد والمراجعة، ولكن نهاية دور الإسلام وقيمه فى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمسلمين.
«أوليفييه روي» الذى تخصص فى البحث فى قضايا العالم الاسلامى نشر مقالا فى صحيفة لوموند الفرنسية الصادر عددها بتاريخ 13 فبراير 2011 وصف فيه الجيل الشاب الذى فجر ثورة 25 يناير ب «جيل ما بعد الحقبة الإسلاموية post-islamiste» وأضاف أن هذا الجيل الأكثر برجماتية (نفعى) مقارنة بآبائه، فشعاراتهم كلها شعارات براجماتية ملموسة لخصها شعار واحد أثناء الثورة هو: «ارحل» يعبرون بهذا الشعار وقبل أى شىء آخر عن رفضهم لديكتاتوريات فاسدة، ومطالبتهم بأنظمة بديلة ديمقراطية.
وعلى الرغم من خطأ التعميم وإطلاق الوصف على كامل الجيل فإننا يمكن أن نتغاضى جزئيا عن ذلك، لكن أنظر كيف حور هذا الذى يدعى الأكاديمية والعلمية الحقائق ليصل من خلال هذه المدخلات الخاطئة إلى نتيجة مقررة وموضوعة مسبقا .. يقول أوليفييه فى نفس المقال عن نفس الجيل:
«هو جيل تعددى لأنه بدون أدنى شك جيل أكثر فردانية وهو جيل يملك معلومات أكثر وغالبا ما يملك وسائل اتصال بشبكة المعلومات الحديثة ولا يسحره المثال الإيرانى ولا السعودى، وأبناء هذا الجيل الذين يخرجون فى مظاهرات فى مصر هم بالضبط أنفسهم الذين يتظاهرون فى إيران ضد أحمدى نجاد، وقد يكون هؤلاء من المؤمنين بالإسلام لكنهم يفصلون إيمانهم عن مطالبهم السياسية وبهذا المعنى فإن حركتهم (علمانية) لأنها حركة تفصل ما بين الدين والسياسة.»
انتهى الاقتباس من أوليفييه، ومرة أخرى يمكننا فحص المدخلات التى انتهى منها الأخير إلى نتائج توحى بالهدف المنشود وهو إخراج الدين من الحياة والسياسة وفصله وتحديده فى زاوية أو فى ركن من الحياة لا يتعدى أداء الطقوس لربما يصل بنا الحال فى الشرق إلى ما وصل فى الغرب. فحين يذهب المثليون رجالا ونساء ليباركوا زواجهم من الكنيسة لايعدو الطقس الدينى هنا أكثر من طقس فولكلورى عار من القداسة لا يستحق إلا الاشمئزاز والسخرية.
ونعود إلى أوليفييه الذى لا أصنف اجتهاده إلا فى إطار تراث أسلافه من حواة الغرب المفكرين أو المفكرين الحواة الذين سعوا لإقناع المسلمين وخاصة العرب منهم أنه لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، دون التطرق إلى حقيقة الدين الذى يقصدونه وهو هنا الإسلام وعلاقته بالسياسة وإصرارهم الغريب على تصدير تجربة أوروبا والكنيسة فى العصور الوسطى لنا وإسقاط هذه التجربة على الإسلام وشعوبه الآن .
وحتى على مستوى العقيدة فإن تعاطى المسيحية فى عهدها الأول للسياسة يختلف تماما عن الإسلام، بمعنى أنه إذا كانت السماء أرسلت إلى الأرض بالمسيحية عقيدة روحانية لتصحيح الناموس أى الشريعة اليهودية التى أفسدها اليهود وأسلافهم عندما حولوها إلى طقوس كهنوتية ومادية بحتة، وجاء المسيح عيسى سلام الله عليه ليرفض الانقياد للأفكار السياسية لليهود (العمل على إنشاء ملك سياسى لهم فى فلسطين) وقال لهم قولته الشهيرة «مملكتى ليست من هذا العالم».. وخاطبهم فقال: «دعوا مالقيصر لقيصر ومالله لله» علامة على انفصاله عن العمل السياسى الدنيوى وترفعه عن الأطماع الضيقة لليهود - فإن هذا المثال لايصح القياس عليه فى حالة الإسلام، فالإسلام منهج متكامل للحياة ديناً ودولة .. عقيدة وشريعة، ولا ينبغى أن ننجرف أو نسقط فى فخ من يطلق على دولة الإسلام مسمى الدولة الدينية فهذا النوع من الحكم الثيوقراطى الذى يصبح فيه الحاكم ظلا للإله على الأرض غير موجود على الإطلاق لسبب منطقى وبسيط وهو أنه فى الإسلام ليس هناك واسطة بين الله والإنسان.
(4)
لكن وللأسف نجحت بعض الجهود الغربية المدعومة فى الداخل الإسلامى من أصحاب المصالح ورجال الأعمال المرتهنين بالغرب ومشروعه، ومن خلال عمل إعلامى مكثف ومنظم تسانده بعض كيانات ما يسمى المجتمع المدنى لنشر هذا الفكر، وأسفرت هذه الجهود عن إقناع بعض الشباب - بعد التدجيل عليهم - بترديد أن مجال عمل الليبرالية هو السياسة فقط وتم استغلال واقع المسلمين السيئ الذى ضخم من سوئه آلة الدعاية الغربية للوصول بالمسلم إلى حالة من الانهيار والتحلل غير مسبوقة فى التاريخ صار فيها المسلم عنوانا على الإنسان المتخلف،الذى تسكنه الخرافة، نتاجاً لتعليم بشع ومشوَّه، غير قادر على أن يقف موقفا نقديا من ذاته ومجتمعه وقيمه، يفتقد إلى أدنى القيم المدنية، ولا يعرف حقوق وواجبات المواطنة، أما المجتمعات الإسلامية فهى مجتمعات مؤسسة على الاستبداد والنظام الأبوى. وتتمثل الخطوة التالية فى لصق سلوك المسلمين وضعفهم بالإسلام وحسابهم عليه، ومن ثم إرجاع هذه المأساة الحضارية إلى سببب جوهرى هو خلط الدين بالسياسة عند المسلمين.
هذا ما سمعته من بعض شبابنا الذين ضربت أفهامهم لطشة الليبرالية وبعض ممن رددوا هذا على مسامعى كنت أعدهم وأحسبهم ممن يحملون قدرا من الثقافة، فما بالك بمن يفتقر إلى هذا القدر؟!
وعندما يتطور الأمر إلى نقاش أرد على الواحد منهم فأقول له إن الأفكار المنسوبة للغرب التى تتبناها الليبرالية عنوانا للتحضر والتقدم مثل قيم الحرية والديمقراطية والعمل والصدق والعدل والشفافية شىء عظيم، وأتفق معه فى أن هذه القيم لاتتحقق إلا من خلال إصلاح التعليم وترسيخ دولة القانون والمؤسسات وإتقان العمل إلى آخره، بعد ذلك أبدأ فى تذكيره بأن هذه القيم والعناوين وأكثر منها بل وتحققها فى نموذجها المثالى ونبعها الصافى موجود فى الإسلام ومنهجه وكتابه المقدس، وفى الغالب يوافقنى محدثى على هذا الرأى لكنه يعود للمروق ويعلن تمسكه بالمنهج الوضعى.. لماذا؟ لأن خياله لا يسعفه حيث يجهل تفاصيل التجربة الحضارية الإسلامية فى عنفوانها بتميزها الروحانى عن حضارة الرجل الأبيض الغربى التى يحسنون الترويج لها والتخديم على أهدافها الاستعمارية إلى الدرجة التى لم يعد فيها شبابنا قادرا على الإدراك الحقيقى لوحشية هذه الحضارة التى تمارس ساديتها كل يوم فى أفغانستان والعراق وتساند الدولة العنصرية الوحيدة على الأرض الآن فى طرد وإبادة المسلمين لمجرد أنهم مسلمون أو لأنه لم يعد هناك خيار آخر فى عصر العولمة إلا أن يتأمرك المسلمون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.