تخفيض سرعة القطارات على الوجهين البحري والقبلي بسبب الحر    5 جنيهات لكيلو الطماطم.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    ندوة توعوية حول تدوير مخلفات الموز بدندرة في قنا    استصلاح الأراضي: إزالة 37 حالة تعد وتقنين أوضاع 56 حالة خلال النصف الأول من أغسطس    ضابط إسرائيلي كبير يعترف: لهذا كان من الضروري قتل 50 ألف فلسطيني    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية في باكستان إلى 636 قتيلًا    وزير الخارجية يحذر من خطورة أوهام إسرائيل الكبرى    موعد مباراة مانشستر سيتي وولفر هامبتون في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    موعد مباراة ليفربول القادمة في الدوري الإنجليزي بعد فوزه على بورنموث    "رقم تاريخي".. ماذا قدم محمد صلاح مع ليفربول أمام بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي؟    انتظام امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة بالغربية    الاستماع لأقوال مصور فيديو واقعة مطاردة شباب لسيارة فتيات على طريق الواحات    مصرع 3 أشخاص وإصابة 12 في تصادم سيارة ربع نقل وميكروباص شرق العوينات    إحياءً لذكرى سيد درويش، وزير الثقافة يطلق "اليوم المصري للموسيقى" في 15 سبتمبر    وفاة والدة الفنان صبحي خليل    الصحة: تشغيل وحدة جراحة الكبد والبنكرياس بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    اليويفا يتضامن مع أطفال غزة| «تويتة صلاح».. صاروخ في صدر العدوان الصهيوني    موعد إطلاق جامعة القاهرة الأهلية: التسجيل الإلكتروني لبيانات الطلاب تمهيدًا لإبداء الرغبات    18 قتيلا و24 مصابا في حادث سقوط حافلة وسط العاصمة الجزائرية.. صور    ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات في باكستان إلى أكثر من 320 قتيلا    استخراج سائق وتباع احتجزا داخل سيارة نقل انقلبت أسفل كوبرى أكتوبر.. صور    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    مساعد الرئيس الروسي: لم يتم بحث عقد اجتماع ثلاثي بين بوتين وترامب وزيلينسكي    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 16 أغسطس 2025    تفاصيل إخلاء سبيل عبد الرحمن خالد في واقعة فيديو المتحف المصري الكبير    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    وفقا للقانون.. تعرف على حالات تتسبب فى وقف ترقيات الموظفين    اليوم.. نظر محاكمة 53 متهما في خلية القطامية    السيسي يوافق على ربط موازنة الهيئة الوطنية للإعلام لعام 2025-2026    هل كتبت انتخابات الشيوخ نهاية الأحزاب ذات المرجعية الدينية؟ صبرة القاسمي يجيب    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    حلا شيحة تفاجئ جمهورها ب إطلالة محتشمة في أحدث ظهور.. ماذا قالت؟    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    أول تعليق من مدرب فاركو بعد الخسارة أمام الأهلي    إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    الصحة تخصص خطا ساخنا لمعرفة أماكن توفير تطعيم السعار    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    ترامب يغادر ألاسكا بعد قمته مع بوتين    حيل ذكية لتخفيف الغثيان في الشهور الأولى من الحمل    محمد معيط يشارك في عزاء وزير التموين الأسبق علي المصيلحي    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    الخسارة ال 800.. مارسيليا يخسر من رين المنقوص في افتتاح الدوري    عبيدة تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «ضحكتك بالدنيا»    قرار عاجل من النيابة بشأن صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    «مرسال» يعلن إطلاق مبادرة الإستثمار الزراعي في كينيا    مصرع طفل غرقا في حمام سباحة ببني سويف    السيطرة على حريق بمحطة كهرباء الحصايا بأسوان    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    ب«الجبنة القريش والبطاطس».. طريقة تحضير مخبوزات شهية وصحية (خطوة بخطوة)    ماذا قال ريبيرو بعد فوز الأهلي على فاركو برباعية ؟    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات ومعاهد متاحة والحد الأدنى 2024    «لو بتكح كتير».. تحذير قد يكشف إصابتك بمرض رئوي خطير    وزير الأوقاف يختتم زيارته لشمال سيناء بتكريم 23 شابا وفتاة من حفظة القرآن الكريم بقرية 6 أكتوبر بمركز رمانه (صور)    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثبات الانفعالى
نشر في أكتوبر يوم 25 - 03 - 2012


الثبات الانفعالى ... مصطلح ارتبط دوماً، فى أذهان الناس، بلعبة الجاسوسية والمخابرات، وصار العديدون يرددًَّونه، دون أن يستوعب معظمهم معناه بالضبط، ولقد أدركت معناه العملى، خلال أكثر من عشرين عاماً، تعاملت فيها مع رجال مخابرات محترفين، دون أن ألتقى برجل واحد منهم، يمكن استفزازه أو إثارة غضبه، أو دفعه إلى القيام برد فعل غير مدروس ... وهذا يمكن أن يوضح ما يعنيه مصطلح (الثبات الانفعالى) ... فالمصطلح يعنى، باختصار، القدرة على السيطرة على الانفعالات البشرية، مهما كانت الضغوط والمؤثرًَّات، ومهما كان الموقف، أو بلغت صعوباته وتعقيداته، والقدرة على ضبط تردًَّد العقل، على إيقاع واحد، تحت أحلك الظروف، بحيث يكون قادراً، فى كل الأحوال، على اتخاذ القرار السليم، فى الوقت السليم، دون التأثر بمجريات الأمور القادرة على تشتيت أى عقل ... وبلوغ هذه المرحلة، من الثبات الانفعالى، ليس بالأمر السهل، وليس بالأمر الذى نرثه، أو نولد به، فهو ليس نوعاً من تبًَّلد المشاعر، وإنما هى قدرة مكتسبة، على فصل المشاعر عن العقل، فى اللحظات التى يحتاج المرء فيها إلى قرارات عملية، قد تؤثر فى مجرى الأمور من حوله، أو فى مستقبل وطنه كله، فى بعض الأحيان ... والتدريبات اللازمة، للوصول إلى حالة الثبات الانفعالى، كثيرة، وتحتاج إلى صبر وحكمة، وربما واجه بعض من تقدًَّموا لاختبارات القبول، فى مؤسسات عسكرية، أو فى هيئة الشرطة، ذلك الاختبار الخاص بالثبات الانفعالى، عندما يسعى مختبروه لاستفزازه، ودراسة ردود أفعاله، تحت هذا المؤثر المباشر... فالشخص لحظتها، إما أن يفقد أعصابه، أمام هذا الاستفزاز، أو يتماسك، ويعبر الاختبار بسلام ... أما بالنسبة لرجل المخابرات، فهذا الاختبار الأولى يعد مجرًَّد بداية فحسب، إذ أنه، وفور التحاقه بجهاز المخابرات – أى جهاز مخابرات – يبدأ فى التدرًَُّب عملياً، على اكتساب حالة مرتفعة من الثبات الانفعالى، تؤهله لمواجهة ظروف بالغة الحساسية والخطورة، وعلى نحو مباغت، دون استعداد مسبق لها؛ إذ أن رجل المخابرات المحترف معرًَّض دوماً لمواجهات غير متوقعة، وتطورات غير محسوبة، ولابد له من أن يمتلك القدرة على مواجهتها مباشرة، ودون إضاعة الفرصة... والتدريب على الثبات الانفعالى لا يتم دوماً على نحو مباشر، وإنما من خلال برنامج تراكمى مدروس، يمر به رجل المخابرات خطوة بخطوة، وأحياناً دون أن يدرك أنه يمر بجزء من أهم تدريباته ... فهو، فى أثناء فترة التدريب الأولى، قد يواصل التدريب حتى ساعة متأخرة للغاية، حتى يشعر بإرهاق شديد، وعندما يغفو قليلاً، يتم إيقاظه بعد ساعة أو ساعتين، وعليه فور استيقاظه، أن يواجه مشكلة ما، ويوجد لها الحلول العملية، فى سرعة مناسبة... هذا لكى يعتاد عقله سرعة الاستيقاظ، تحت أيه ظروف، وتحت أيه ضغوط ... وفى البداية لا يكون هذا سهلاً، ويكون على العقل ان يبذل جهداً شديداً؛ لكى يمكنه الاستيقاظ، والعمل بكفاءة، فى ظل هذا الموقف، ولكن مع مرور الوقت، يعتاد العقل هذا، وتهدأ الانفعالات المصاحبة له، وتبدأ أولى خطوات الثبات الانفعالى، وبعدها يتم طلب مشروع ما، مثل رسم طوبوغرافى للمنطقة المحيطة بمركز التدريب، ويكون على المتدرًَُّب قضاء الليل كله فى رسم المشروع، وعند الانتهاء منه، فى الصباح الباكر، يتم تقديمه إلى المشرف، الذى يقوم بتمزيقه، دون حتى الاطلاع عليه، ويطلب إعادته مرة أخرى ....لو حدث هذا مع أى شخص عادى، لتملكه الغضب، وثار على المشرف، وربما رفض إعادة المشروع مرة أخرى، ولكن فى حالة الثبات الانفعالى، يواجه رجل المخابرات الأمر فى هدوء، ويبدأ فى إعادة المشروع ... هذا بالطبع عندما يصبح مؤهلاً لحالة الثبات الانفعالى، التى يكتسبها مع مرور الوقت، وتصبح جزءاً من شخصيته، وسمة من سماته، فلا يعود من السهل استفزازه، أو إفقاده أعصابه، مهما كانت المؤثرات .... الثبات الانفعالى سمة حتمية، لكل رجل مخابرات محترف؛ إذ أن عمليات المخابرات، مهما بلغت دقة إعدادها وتنظيمها، يمكن أن تواجه تطوًَّرات مفاجئة، أو مصادفات مباغتة، تضطر ضابط المخابرات إلى الخروج عن الخطة الأساسية، أو العمل على تعديل مسارها؛ لتتفق مع المتغيًَّرات، ولو أن رجل المخابرات ارتبك، أو اضطرب، أو فقد قدرته على التحكًَّم فى انفعالاته، تحت وطأة المفاجاة، لانهارت العملية برمتها، وقد ينهار معها خط دفاعى كبير، فى الأمن القومى لوطن بأكمله ... ثم إنه من المحتمل أن يسقط رجل المخابرات، تحت أى ظروف، فى قبضة العدو، وعندئذ سيكون عليه استنفار ثباته الانفعالى إلى أقصى حد، حتى يمكنه مواجهة العدو، والحفاظ على أسرار وطنه، وعدم كشف طبيعة مهمته فى الوقت نفسه، خاصة أنه سيواجه محترفين أيضاً، يجيدون سبل الاستجواب واستخلاص المعلومات، وربما يلجأون إلى وسائل كيماوية، مثل عقار (بنتوثال الصوديوم)، الذى يطلق عليه اسم (مصل الحقيقة)، والذى من سماته أنه يضع العقل البشرى فى حالة من نصف الوعى، يعجز معها عن ترتيب أفكاره، أو كتمان حقائق أساسية لمهمته، أو إلى وسائل إلكترونية، مثل جهاز كشف الكذب، الذى هو عبارة عن جهاز متعدًَّد النتائج، يقيس معدًَّلات النبض، والتنفس، وإفرازات العرق، باعتبار أن الكذب يزيد كل منها، على نحو يمكن معه لأى محترف، أن يكشف ما إذا كان المستجوب يذكر الحقيقة، أم أنه يروى حقيقة مختلقة؛ للتغطية على الحقيقة الأساسية ... والتدريب الطويل على الثبات الانفعالى، يجعل رجل المخابرات المحترف، والذى يخوض مواجهات مباشرة، قادراً على التحكًَّم فى أعصابه، إلى درجة يعجز معها جهاز كشف الكذب عن إدراك حقيقة روايته، أما عقار (بنتوثال الصوديوم)، فيمكن إلغاء تأثيره، عبر سلسلة من التعامل بجرعات صغيرة منه، عبر مسار عمل رجل المخابرات ... والحديث عن تقنيات الاستجواب، فى عالم الجاسوسية، يقود حتماً إلى الحديث عن تاريخ تقنية التجسّس .. ولهذا حديث آخر... قادم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.