تجر قدميها.. تبحث عن أى شىء يكون سندا لها.. تتقدم خطوة تلو الأخرى فى صعوبة شديدة.. وجهها أصفر.. عينان زائغتان.. دموع الحزن تترقرق داخلها.. هى غير قادرة على الحركة تخرج الكلمات من بين شفتيها بصعوبة بالغة ويحاول من يستمع إليها أن يفسرها بصعوبة.. تتحدث فتقول: إنها تنتمى لإحدى القرى التابعة لمحافظة من محافظات الدلتا.. كان شباب القرية يطلبون ودها ويتمنى أى واحد منهم أن يحظى بها، ظلت ترفض حتى جاء صاحب النصيب.. عاشت معه على الحلوة والمُرة وما أكثر المُر معه الذى حّول حياتها كلها إلى مرارة تجرعتها رشفة.. رشفة.. لم تكن تعلم أنه بلطجى وصاحب سوابق كما تقول إلا بعد أن سمعت ورأت بعينيها.. ولكن بعد فوات الآوان فقد رزقها الله منه بأربعة أطفال اثنتين من البنات واثنين من البنين.. كانت تتحمل ضربا وإهانة وذلا ليس لها مثيل من أجل هؤلاء الأطفال الذين ليس لها أى ذنب فى الحياة سوى أنهم أولاد ذلك الرجل.. كان يتركها أياما بدون طعام لم يحّن يوما لبكاء طفل مما دفعها إلى أن تخرج لتبحث عن لقمة العيش.. ولكن بعد فوات الآوان.. وما أن خرجت لتعيش إلا وبدأت تظهر أعراض المرض.. أصابها الذى لم يكن على بالها.. بدأت تشعر باختناق.. ضربات قلب سريعة.. بل تحول الاختناق إلى عدم استطاعتها بلع حتى شربة الماء.. أصابتها رعشة فى يديها حتى أنها أصبحت غير قادرة على حمل كوب الماء هكذا طار حلم عملها واكتساب رزقها ورزق أطفالها.. كانت تحاول العمل ولكن ذلك أصبح صعباً جداً عليها.. ذهبت إلى المستشفى لعلها تجد الحل والعلاج حتى تواصل مسيرتها ومسيرة أطفالها بعد اختفاء الزوج.. فحصها الطبيب وحولها إلى معمل التحاليل لإجراء بعض الفحوصات حتى يتأكد مما شك فيه.. وكانت النتيجة أنها مصاربة بارتفاع فى إفراز الغدة الدرقية مما أثر على قلبها وتحتاج إلى علاج إلى أن يحين وقت استئصالها وعليها الراحة حتى لا يتزايد المرض ومضاعفاته، ولكن من أين لها بالعلاج المطلوب؟.. ساعدها الجيران على بعض النفقات حاولت أن تجد الزوج لمساعدتها والوقوف بجانبها.. ظلت أسابيع تبحث عنه إلى أن وجدته وعندما رأها لم تجد منه إلا الإهانة والضرب وطلب منها عدم البحث عنه مرة أخرى وعليها أن توفر علاج ونفقات أطفالها بنفسها.. خرجت من عنده تجر أذيال الخيبة.. ولكنها كانت على علم مسبقا بما سوف يحدث منه.. عادت لتقف حائرة لا تجد العلاج ولا حتى الطعام.. عاشت على المساعدات ولكنها مساعدات بسيطة جدا مما أدى إلى عدم استطاعتها شراء الأدوية والعلاج.. كل هذا أثر على حالتها الصحية وتدهورت حالة الغدة وظهر تورم بها وتغير صوتها وأصبح حشرجة عادت مرة إلى إلى المستشفى مجرد تحليل بسيط وما كان من الطبيب إلا أن حّولها إلى معهد الأورام القومى بالقاهرة فهو يشك فى الورم فإنه ربما يكون ورما خبيثا، وبحثت مرة أخرى عن الزوج لتخبره علّ قلبه يحّن عليها وعلى حالتها، ولكنه اختفى تماما، ساعدها الجيران وجمع لها الأهل مبلغا من المال ليكون عونا لها فى رحلتها إلى القاهرة.. جاءت وهى لا تعلم ما يخفى لها القدر.. دخلت المعهد وتم إجراء فحص وأشعة وتحاليل ودخلت غرفة العمليات لاستئصال الغدة الدرقية التى تأكد أن السرطان قد اصابها وكان عليها أن تعود للقاهرة كل أسبوع لمتابعة الحالة.. أطفالها يعيشون فى بؤس وهى تعيش حزنا وأسى.. ولم تلبث أن تنقضى فترة بسيطة بعد الاستئصال إلا وعاد المرض مرة أخرى أكثر شراسة.. فقد أصاب المعدة وجزءا من الكتف اليمنى وأصبحت طريحة الفراش حاول أولادها البحث عن الأب المختفى.. ولكن بدون جدوى، وقد ذكر بعض المعارف أن اختفاءه كان بسبب الظروف المرضية للزوجة والهروب من مسئولية الأولاد والهروب من عدة أحكام بالسجن.. ماذا تفعل هذه السيدة المسكينة التى هدها المرض والحزن وكان من أثار ذلك إصابتها بمرض السكر أعقبه إصابتها بجلطة بالمخ من كثرة الهموم ولم تتركها الجلطة إلا بعد أن أصابتها بشلل بالجانب الأيسر.. كما أدت إلى ثقل باللسان وأصبحت حطام سيدة كانت تحاول أن تكافح من أجل أسرتها، خاصة بناتها وقد حصلت الأولى على دبلوم فنى وتزوجت ولم تلبث أن عادت إليها مرة أخرى مطلقة والآن الابنة الثانية تم عقد قرانها ولكنها لا تجد ما تقدمه لابنتها لتتم زفافها، خاصة أنها لا تجد ثمن تذكرة السفر أو لقمة العيش.. فهل تجد من يقف بجانبها ويساعدها؟.. من يرغب يتصل بصفحة بمواقفة إنسانية.