مأساة يشهدها الاقتصاد المصرى وتهدد صحة المواطن وتفرض نفسها بقوة على كل المختصين وتدعو نواب مجلس الشعب لضرورة فتح ملفها ومناقشتها للبحث عن طرق العلاج السريعة.. ألا وهى فوضى سوق الدواء والمخاطر التى تواجه صناعته، وسيطرة أصحاب رؤوس المال مع اختفاء الرقابة أو وضعها فى مواجهة مافيا الدواء، وأحيانا نجدها تتأسد فقط أمام الصيدلى الصغير الذى لا يملك نفوذا أو مالا. ومعظم الصيادلة حاليا يشتكون من نقص ما يقرب من 500 صنف دوائى منذ قيام ثورة يناير وغالبيتها نتيجة تلاعب شركات التوزيع أو استحواذ مخازن الأدوية لبعضها لتفرض سعرها بعد ذلك فى الأسواق. بالإضافة إلى شكوى كثير من المختصين من انتشار أدوية غير مطابقة للمواصفات وأخرى مغشوشة وثالثة مهربة تتداول فى الأسواق بحرية تامة. ونتساءل: لماذا تغفل جميع الأجهزة الرقابية هذا العبث بصحة المواطن المصرى بداية من الرقابة الدوائية التابعة لوزارة الصحة ونقابة الصيادلة وجهاز حماية المستهلك، ومما يثير أيضا جموع الصيادلة التوسع فى إنشاء سلاسل للصيدليات رغم اشتراط النقابة للصيدلى بإقامة صيدلية واحدة أو اثنين فقط تفاديا للاحتكار والتلاعب بأسعار الدواء. ومن ضمن المأساة التى يعانيها سوق الدواء اقتحام أدوية تحت مسمى مكملات غذائية لتفلت من تسعيرة الدواء، فمثلا دواء السعال قد يصل إلى ثلاثة جنيهات، أما المكمل الغذائى لنفس المرض فيتخطى الجنيهات العشرة. وبعد عرضنا لمقتطفات فوضى وعشوائية سوق الدواء المصرى.. نتوجه إلى الصناعة الوطنية للدواء التى تعد بمثابة أحد روافد وركائز الصناعة المصرية التى تحتل مرتبة متقدمة فى جلب الاستثمارات الأجنبية وصادراتها تمثل قوة دفع للاقتصاد المصرى.. فلذا وجب علينا التحذير من حملات التشويه المستمرة على صناعة الدواء المصرى سواء من الداخل أو الخارج، فهو مازال بعافية وصحة، ولكن السياسات السابقة لقطاع الصحة التى كانت من ضمن منظومة فساد النظام السابق ألحقت به خسارة فادحة.. وأغفلت وزارة الصحة أيضا الاهتمام بالبحث العلمى للدواء وهو ما أكده الدكتور رءوف حامد الرئيس السابق لهيئة الرقابة الدوائية فى إحدى الندوات عن تراجع البحث العلمى فى قطاع الدواء واقتصار الأبحاث العلمية على الجانب النظرى.. ثم تأتى الطامة الكبرى فى انتشار مصانع «بير السلم». ويقترح البعض للحد من هذه الظواهر السلبية أن يصدر قرار بإنشاء مجلس أعلى للدواء على غرار هيئة الغذاء والدواء (FDA) الأمريكية.. يكون بمثابة الأب الروحى لصناعة الدواء وتوزيعه واستيراده وتسجيله وتسعيره وله الصلاحية فى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية للحفاظ على الصناعة الوطنية وعلى صحة المواطن المصرى من العبث والأهواء الشخصية. *** ** قلوبنا تدمى دما لتتابع الفتن على هذا الوطن الغالى التى أجمع المخلصون على أنها مؤامرة لضرب الدولة ومحاولة لإسقاطها، ولكن عيب على من يخرج علينا ويحمل غالبية الشعب المصرى التناقض فى السلوك بين اختيار التيارات الإسلامية لتمثلها فى البرلمان وبين الفعل الإجرامى والشاذ من قتل وتخريب وسرقة.. فهؤلاء يا سادة لا يمثلون الشعب المصرى.. بل قلة مندسة وبلطجية مأجورة صنعها النظام السابق وأصحاب الأجندات لتحميهم والآن يستعينون بها لخراب مصر.