بعد سنوات من الإهمال عاشها أكثر من 5 ملايين من الباعة الجائلين، يعكف خبراء ومستشارو اتحاد الجمعيات الاقتصادية على وضع مشروع قانون ينظم عمل هؤلاء الباعة ويحفظ حقوقهم ويعرفهم واجباتهم، وانطلقت شرارة القانون من خلال استمارة استبيان أعدتها د. سوسن جاد الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية رصدت كل مشاكل الباعة الجائلين، وأعقبها عدد من الاجتماعات والندوات لنخبة من خبراء القانون والاقتصاد للتوصل إلى الصيغة النهائية لمشروع القانون. بداية يقول المهندس فؤاد ثابت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية إن فلسفة القانون الخاص بالباعة الجائلين تهدف إلى رعاية أكثر من 5 ملايين من الباعة الجائلين وتقنين وضعهم وحماية حقوقهم وتعريفهم بواجباتهم. مشيرًا إلى أنه هدف وطنى استراتيجى وهو أيضًا ليس مجرد أداة لحل المشاكل من توفير فرص العمل والبعد عن حالات الفقر، مضيفاً أن هذا القانون سيوفر البيئة القانونية الصالحة والمواتية لإقامة واستمرار واستقرار العمل للباعة الجائلين ومكونات هذه البيئة التنظيمية والإدارية والتيسيرات القانونية والمساعدة الفنية ترتكز على سياسات الدعم والحماسة لحماية هذا القطاع المهم. وأشار ثابت إلى أن تعميق فكر النشاط الحر وثقافة العمل الخاص الذى يعتمد على النفس فى توليد فرص العمل وتشجيع المبادرات الفردية والذاتية هى توجيهات لابد أن تساندها الدولة والأجهزة والمحليات وتروج لها وتحفزها فى إطار القانون . مطالبًا باستثمار الأماكن المتاحة والمناسبة فى عواصم المحافظات والقرى والمراكز لبيع سلعة معينة وأسواق اليوم الواحد أو تخصص شوارع محددة لأيام محددة لسلعة محددة. ومن جانبه يوضح المهندس عبد المعطى لطفى نائب رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية أن تعدد وتنوع الأجهزة والجهات التى تراقب وترخص وتتعامل مع الباعة الجائلين قد لا يكون مشكلة فى حد ذاته لتعدد وتنوع طبيعة العمل وديناميكيته ولكن من المُسلم به أن يكون هناك تنسيق بين هذه الأجهزة لمنع التعقيدات الروتينية، مضيفاً لابد من تحديد جهة مسئولة عن الرعاية والتنسيق والسياسات. ومن هنا يجب أن يكون هناك تنظيم شعبى يمثل الباعة الجائلين فى كل محافظة يشارك فى إصدار التراخيص وفى متابعة العمل وفى تقديم المساعدات الفنية والاجتماعية للباعة الجائلين، مشيراً إلى ضرورة وجود تعريف محدد وواضح للبائع المتجول يساهم كثيرا فى تحديد الفئة وتقديم المساندة والدعم لها وتسهيل الوصول إليها، مع ضرورة تيسير إجراءات الترخيص للبائع المتجول وهدف أساسى يجب أن يحققه القانون من ناحية اختيار الإجراءات البسيطة والسهلة والتى تتناسب مع الباعة الجائلين . ومن جهته يشير المهندس مجدى شرارة الأمين العام لاتحاد الجمعيات الاقتصادية إلى أنه يمكن دمج الباعة الجائلين فى منظومة أصحاب المشروعات متناهية الصغر لانطباق هذا التعريف عليهم وبالتالى تحقيق بعض التيسيرات والحوافز التى ينص عليها القانون رقم 141/2004، مضيفاً أنه يجب تشجيع التوارث المهنى للباعة الجائلين إذا كانت رغبة الورثة قيام أحد الأبناء أو الزوجة باستمرار العمل مع تغيير الرخصة حيث إن ذلك يساعد على انتقال المهارة وخاصة فى بعض المهن والحرف من جيل إلى آخر . وأوضح شرارة أنه يجب أن يراعى القانون وخاصة فى بعض الحرف والمهن مستوى المهارة للحرفيين أوالمهنيين ولذا فلا مانع من توافر تصاريح مصاحبة لتصاريح المحليات خاصة بمستوى المهارة وذلك لحماية جمهور المستهلكين وكمسلك حضارى يشجع على التعامل مع تلك الفئة. حوافز وتيسيرات يرى الدكتور محمد نبيل أستاذ الاقتصاد بتجارة بورسعيد أن القانون يجب أن يراعى استقرار أوضاع الباعة الجائلين بمجموعة من الحوافز والتيسيرات لتتناسب مع ظروف العمل، ولذا فإن قانون التأمينات الاجتماعية الجديد قد أنشأ صندوق تأمين خاصاً للباعة الجائلين (القطاع غير الرسمى) الأمر الذى يساعد على تأمين مستقبل هذه الفئة ويحقق لهم الاستقرار الاجتماعى والعلاج، مشيراً إلى أنه إذا ما تم توفير آلية للإقراض متناهى الصغر للباعة الجائلين، فإن ذلك يعنى انتعاش تلك الفئة، وبالتالى فإن تقليل الضمانات اللازمة وإشراك الجمعيات الأهلية بصفة عامة وجمعيات الباعة الجائلين كجهات وسيطة أمر يحتاج إلى مرونة فى إقراض الباعة الجائلين وتقديم القروض الميسرة لهم وخاصة أن سرعة دوران رأس المال لفئة الباعة الجائلين سوف يكون حافزًا للبنوك. بينما يرى محمد المطرى عضو مجلس إدارة الاتحاد ورئيس جمعية مستثمرى القنطرة غرب والإسماعيلية أن تحقيق فلسفة القانون ومواده ستضمن سياسات التكافل الاجتماعى والضمانات الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وتمنح الأمان وتحقق العدالة من خلال صندوق التأمين الخاص بالباعة الجائلين فى قانون التأمينات الاجتماعية الجديد. وفى هذا الإطار قامت وزارة القوى العاملة والداخلية والصندوق الاجتماعى ومنظمة فريدريش إيبرت بالتعاون مع اتحاد الجمعيات الاقتصادية بتنظيم ندوة حضرها ممثلو الباعة الجائلين ورؤساء الجمعيات الخاصة بالباعة الذين أوصوا بضرورة إنشاء اتحاد يضم الباعة ويدافع عن شئون أعمالهم داخل أروقة مجلسى الشعب والشورى الذى سيتكون عقب انعقاد الانتخابات، إلى جانب تذليل كافة العقبات التى تعوق عمل الباعة فى المدن والمحافظات. عناصر مشروع القانون المعوقات والمشاكل التى كانت تواجه الباعة الجائلين وحرمانهم من حق من حقوق الإنسان وهو «حق البيع»، وبالتالى عدم منحهم تراخيص والتى تم حصرها من خلال اللقاءات التى تمت فى محافظات (القاهرة - بورسعيد - المنيا - الإسكندرية - الإسماعيلية). مطاردات جهاز شرطة المرافق ورجال الوحدة المحلية المختصين الدائم لهم نتيجة لعدم وجود تراخيص لهم والعمل على مصادرة بضائعهم وعدم عودتها عند تسديد الغرامة. تعرضهم بصفة مستمرة لدفع رشاوى للشرطة والمحليات حتى يتحقق لهم الاستقرار اليومى فى أماكنهم وأصبحت ذلك بمثابة إتاوة . الاستبيان الذى أعده خبراء الاتحاد عن الباعة الجائلين وشارك فيه حوالى 500 من الباعة الجائلين فى 5 محافظات وكانت نتائج هذا الاستبيان عنصرا مساعدا لاستيفاء مواد القانون المزمع صياغة مشروعه.