التضامن: تركيب مسارات للطلاب المكفوفين وضعاف البصر بجامعة الزقازيق    عيار 21 يسجل 3150 جنيها.. أسعار الذهب فى مصر الجمعة 21 يونيو    غرفة السياحة: لا علاقة لشركات السياحة بتأشيرات الزيارة وحذرنا من أداء حامليها للحج    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الجمعة 21-6-2024    الرئاسة الفلسطينية ترحب باعتراف أرمينيا بدولة فلسطين    ميسي يتوهج في حملة الدفاع عن لقب كوبا أمريكا    أحمد سالم يكشف موقف الزمالك من خوض مباراة القمة أمام الأهلي    تعليم البحيرة يرفع درجة الاستعداد لاستئناف امتحانات الثانوية العامة    ضبط عنصر إجرامي بحوزته 371 ألف قرص مخدر في المرج    ابنة تامر حسني تعلق على فيديو طيرانه في حفله الأخير    5 شهداء في قصف إسرائيلى قرب ملعب اليرموك وسط مدينة غزة    في ذكري ميلاد عبد الحليم حافظ.. ناقد فني يوضح أبرز المحطات بحياة العندليب    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    كشف ملابسات العثور على جثة شاب بها طلقات نارية في قنا ( تفاصيل)    محافظ أسيوط: تنفيذ 9 حالات إزالة لتعديات على الأراضى الزراعية ومخالفات المباني ببعض المراكز والأحياء    محمد العدل خطيبا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    سر اختلاف موعد عيد الأب بمصر عن العالم.. إجازة رسمية في دولة عربية    عمرو يوسف سعيد باعتلاء اولاد رزق 3 قمة الافلام المصرية الاعلى إيرادا عبر التاريخ    سوزوكي: طوكيو وسيئول تبحثان فرض عقوبات على روسيا وكوريا الشمالية    الصحة: فحص 454 ألف مولود ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    وزير المالية: ميكنة منظومة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديوناتهم لدى الحكومة    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    «أنا سلطان زماني».. رد ناري من شوبير على عدم انضمامه لقناة «mbc مصر»    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة - فيديو    أسعار البيض اليوم 21 يونيو 2024    الجيش الإسرائيلي يقصف مناطق مختلفة في غزة    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    مدير منطقة أثار الكرنك يكشف تفاصيل تعامد الشمس على قدس الأقداس (فيديو)    حسام حبيب: هقدم بلاغ ودي جريمة... تفاصيل    شاهد.. فرقة «أعز الناس» تشعل ستوديو منى الشاذلي بأغنية للعندليب    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    سموحة يدخل معسكر مغلق استعدادًا لطلائع الجيش غداً.. وغيابات مؤثرة تضرب صفوف الفريق    صباحك أوروبي.. اعتراف ووكر.. قرار فليك.. ومفاوضات إنتر مع إنزاجي    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    أخبار مصر: رابطة الأندية تصدم الزمالك والأهلي يترقب، اقتحام مقر التليفزيون السوداني بسبب "مذيعة"، والأرصاد تحذر من أيام صعبة    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    هآرتس: الجيش الإسرائيلي يريد مغادرة غزة ونتنياهو يخالفه الرأي    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    طريقة عمل كيكة الشاي بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    منظمة الصحة العالمية تحذر من أدوية مغشوشة لمرض السكري    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. جعلنى صحفيًا
نشر في أكتوبر يوم 30 - 10 - 2011

إذا نظرت إلى السماء.. وقلبك مفتوح وذراعك، وقلت: ساعدنى على ضعفى وغرورى.. اجعل نهايتى أفضل من بدايتى.. وعمرى القصير أبديا فى جنتك يارب إذا فعلت هذا فأنت أسعد الناس لأنه لا شىء يهدىء القلب وينعش العقل ويريح الضمير مثل هذا الإيمان.
بهذا الدعاء الصوفى اختتم العملاق الأستاذ أنيس منصور عموده اليومى «مواقف» قبل وفاته بأيام وهو يودع رحلته فى الدنيا إلى رحلته فى الحياة الأبدية.
رحم الله هذا العملاق الساكن فى قلوبنا نحن أبناءه وتلاميذه.. والساكن أيضاً فى قلوب وعقول قرائه من البسطاء والمثقفين فى مصر والعالم العربى.
سوف يظل الراحل العملاق متربعا فى قلوب الملايين من عشاق فكره وفلسفته وأدبه الصحفى - سوف يظل على مر السنين والأحقاب عملاقاً أديبا وصحفيا إلى جوار العمالقة العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ.. ولسوف تظل الأجيال المتلاحقة تهفو إلى قراءة إبداعاته الفكرية والفلسفية - فكتب أنيس منصور هى إصدارات من النوع الخالد الذى لا ينتهى بوفاة الكاتب - فسوف تظل هذه الإبداعات التى صاغها أنيس بأسلوبه المتفرد فى عالم الكتابة فى عالمنا المعاصر نبراساً مضيئاً للأجيال الحالية والقادمة التى تهفو عقولها إلى الثقافة والأدب والفلسفة.
وسوف نظل نحن ما حيينا تلاميذ الأستاذ أنيس فى مدرسته الصحفية «أكتوبر» والتى اعتمد فى تأسيسها على جيل من الشباب دفع بهم دون خوف أو تردد إلى عالم الصحافة وهو على يقين أنهم سيصبحون نجوما كلا فى مجاله.. سوف يظل أنيس منصور الأستاذ والمعلم بداخل كل منا فى عقله وقلبه وقلمه وروحه الصحفية، فلم يكن الأستاذ أنيس معلما وأبا روحيا لنا فقط بقدر ما كان إنسانا ودودا قبل كل شىء يسأل عن أخبارنا الخاصة ويتابع باهتمام بالغ مسيرتنا الحياتية إلى جانب المسيرة الصحفية ويتدخل كثيرا بالنصح والمشورة فى أمورنا الشخصية كلما نلجأ إليه فى ذلك.
***
وكان أنيس منصور هذا الصحفى العملاق الذى اقترب من كل الرؤساء والزعماء وأحبوه متواضعا إلى أقصى درجة فعندما تجلس معه لا تشعر مطلقا أنك أمام هذا العملاق - يحدثك فى كل شئون الدنيا ويستمع إليك باهتمام وأن تبلغه بأخبار تتصور أنها انفرادات حصلت عليها - وهو يبدى دهشته وإعجابه بما أتيت إليه به - ونحن كلنا واثقون أنه كان يعرفها مسبقاً وقبلنا بأيام - ولكن هذه الدهشة كانت تعطينا الثقة فى النفس وتشجعنا على الاستمرار.
***
إن الأستاذ العملاق كان بالنسبة لى قبل أن يكون أستاذًا أو رئيسا فى العمل أبا روحيا فى مناحى الثقافة والفنون وقبلهما الصحافة - هو الذى كتب شهادة «ميلادى» وقرار «مولدى» الصحفى والفارق الزمنى بينهما 24 عاماً.
فقد عرفته منذ طفولتى، كان صديقا حميما لوالدى الشاعر والأديب كمال منصور رحمه الله، تزاملا معا فى مدرجات كلية الآداب جامعة القاهرة، تخرجا فى دفعة واحدة والتحقا للعمل معا فى يوم واحد فى دار أخبار اليوم - إلا أن والدى بعد سنوات ترك الصحافة واتجه إلى العمل فى وزارة التربية والتعليم.. ومع ذلك ظلت تربطهما الصداقة العمر كله وكان صديقهما الثالث المشترك العملاق الراحل توفيق الحكيم - وقتها جئت أنا إلى الدنيا فى أكتوبر 1954 - وكانت مصر قد وقعت اتفاقية «الجلاء» مع بريطانيا - فأصر توفيق الحكيم أن يكتب والدى اسمى فى شهادة الميلاد «جلاء» تيمنا بالاتفاقية التى كانت مصر تعيش أفراحها ذلك التوقيت - إلا أن والدتى رحمة الله عليها لم توافق ولم يعجبها الاسم لندرته وغرابته واتفق والدى ووالدتى على تسميتى «أيمن» - وبارك أنيس منصور الاسم وأراد أن يرفع الحرج عن والدى أمام توفيق الحكيم فسارع بنشر الخبر فى صحيفة أخبار اليوم حتى يضع الحكيم أمام الأمر الواقع - وأدرك توفيق الحكيم مقلب أنيس منصور - غضب قليلا ولكنه سرعان ما بارك الاسم.
***
واستمرت العلاقة تربط الوالد بالأستاذ لم تنقطع يوما إلا بوفاة والدى منذ قرابة 20 عاما - خلال رحلة الصداقة كنت أرى الأستاذ أنيس كثيرا فى زيارته منزلنا أو عندما يصطحبنى الوالد إلى أماكن لقائهما مع أصدقاء جيل الخمسينيات والستينيات والتى كانت تجمع أنيس والوالد وعبد الرحمن الخميسى وعباس الأسوانى ومحمود السعدنى - فى هذا الجو الذى عشته منذ الطفولة ظلت طموحاتى تنمو تدريجيا طوال فترات الدراسة المتلاحقة وعينى على الصحافة حبا فى الأستاذ أنيس الذى كان يشجعنى ويهدينى دائما كتبه والتى كانت تناسب إدراكى فى كل مرحلة دراسية - وارتباطى الروحى بالأستاذ أنيس هو الذى جعلنى التحق بكلية الإعلام - وقتها قال لى هذا يا بطل بداية المشوار انهى دراستك وأنا منتظرك فى أخبار اليوم - فور تخرجى طلبت من والدى تحقيق الحلم والذهاب إلى أخبار اليوم لألتحق بالعمل فى أى إصدار يرأسه أنيس منصور - فى ذلك التوقيت كان الرئيس السادات قد كلف أنيس منصور بإصدار مجلة أكتوبر فترك أنيس منصور مؤسسة أخبار اليوم وجاء إلى مؤسسة دار المعارف ليصدر منها مجلة أكتوبر فقررت أن ألحقه إلى هناك وسط نصائح أصدقاء والدى من كبار الصحفيين بأن «أكتوبر» مغامرة قد تفشل وعرض الأستاذ موسى صبرى على والدى تعيينى فى «الأخبار» إلا أننى رفضت ذلك تماما فلم يشغلنى بريق الأخبار أو الأهرام كإصدارات صحفية لها وزنها وثقلها فى عالم الصحافة المصرية، وإنما كان إصرارى هو العمل مع الأستاذ أنيس منصور فى أى مكان يذهب إليه وتحقق الحلم وذهبت مع الوالد إلى الأستاذ أنيس منصور الذى استقبلنى ضاحكا بعد أن عرف التخوفات التى سمعتها عن تجربة إصدار أكتوبر وكتب أنيس قرار مولدى وتعيينى صحفيا فى مجلة أكتوبر بعد عام أمضيته متدربًا فيها.
وليعذرنى القارئ إن كنت قد أطلت فى سرد سيرتى الذاتية مع أستاذى أنيس منصور فهى واحدة من ذكريات أحد تلاميذه وأبنائه فى مجلة أكتوبر - وعاش إلى جواره أزهى عصور الصحافة المصرية.
***
وستظل الصحافة المصرية والعربية تذكر أنيس منصور صاحب الأسلوب السلس النافذ بصدق إلى قلوب وعقول قرائه فى كل أرجاء المعمورة على مدى 5 عقود سوف يعيش فى قلوب وعقول الأجيال المتلاحقة بإبداعاته التى تناولت شتى ألوان الثقافة والمعرفة والتى ظل بها متربعا على قمة الكُتاب الأكثر مبيعا لإنتاجهم الأدبى والثقافى فى مصر والعالم العربى، فهذا هو أنيس منصور فيلسوف الصحافة المصرية والعربية.
سيظل الأستاذ يعيش فى قلوبنا وعقولنا نحن أبناء مدرسته الصحفية «أكتوبر» وسوف نظل متمسكين بروح الأسرة والفريق - بروح الحب فيما بيننا وهى التى زرعها بداخلنا منذ بداية مشوارنا الصحفى معه وحوله - وسوف نظل متمسكين بكل هذه القيم وأخلاقيات المهنة التى زرعها فى نفوسنا العملاق الراحل.
***
وها هو أحد تلاميذه النابهين فى مدرسة «أكتوبر» الصحفية الصديق وزميل الدراسة الأستاذ محسن حسنين رئيس التحرير يسير على طريق الأستاذ جاهدا لإعادة هذه الروح إلى أسرة أكتوبر، خاصة بين جيل الشباب من الصحفيين ونحن معه وحوله وسوف ينجح إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.