مع انتهاء جلسات الاجراءات فى قضية محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وباقى المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين ومع سخونة القضية ومحاولة كل طرف حسمها لصالحه منذ الحظة الأولى، بدأ محامو المتهمين البحث عن ثغرات تبرئ موكليهم. وفى إطار ذلك انطلقت حرب الفتاوى الدينية التى يحاول كل طرف انتزاعها لصالحه فسارع المدعون بالحق المدنى الى طلب الحصول على فتوى تؤكد عدم جواز العفو عن المتهمين تحت أى ظرف من الظروف كما حاول محامو المتهمين ستصدر فتاوى يجوز دفع الدية لأهالى الشهداء وعدم جواز القصاص من المتهمين أن القتل تم على « المشاع» فلا يعرف من قتل من؟ وهل هناك تعمد فى قتل المتظاهرين أم لا؟ «اكتوبر» طرحت القضية على مائدة عدد من علماء مجمع البحوث الاسلامية والمتوقع طلب رأيه الشرعى فى القضية خلال الجلسات القادمة، ننقل أراءهم بكل حيادية وأمانة.. ففى البداية يقول د. محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه وعميد كلية الشريعة الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية إن جريمةالقتل تتنوع بين القتل العمد والقتل شبة العمد القتل الخطأ موضحاً أن القتل العمد يكون بقتل الجانى للمجنى عليه بآله تقتل غالباً كالسكين أو السيف أو الأسلحة النارية. وأما القتل شبه العمد فهو أن تكون جريمة القتل قد تمت بآله لا تقتل غالباً كما لو كان قد ضربه بعصا فأفقده حياته» فالعصا لا تقتل غالبا» ولهذا لم يكن قتل عمد، وأخيراً القتل الخطأ الذى تتعدى صوره كما لوكان يريد الشخص توجيه رصاصة إلى طائر فأصابت انساناً أو خرجت منه رصاصة دون قصد فقلت إنساناً، وأضاف عضو مجمع البحوث الاسلامية أن قتل العمد عقوبته لاعدام وهو ما يعبر عنه فى الاصطلاح الاسلامى »القصاص» مشيراً إلى أن آيات القرآن الكريم نصت على وجوب القصاص من القاتل المتعمد قال تعالى «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى».. وعلى هذا فلا يجوز للقاضى أن يحكم بعقوبة أخرى على من ارتكب جريمة القتل العمد إلا القصاص. وأوضح د. رأفت عثمان أنه لا يجوز التنازل عن هذه العقوبة «القصاص» إلا برضا أولياء الدم فإذا عفوا عن القصاص إلى الدية وجب دفعها، وأما القتل شبه العمد فلا يجب فيه القصاص وانما يجب فيه دفع دية، أما القتل الخطأ فلا يعاقب فيها القاتل بالقصاص، وانما عقوبته الديه والتى حددتها الأحاديث النبوية بمائة من الابل أو الف دينار فى البيئة التى لا يوجد فيها الجمال بصورة كافية. اعتداء على أمة ويرى د. محمود مهنا أستاذ القانون الدولى وعضو مجمع البحوث الاسلامية أن من قتل له قتيل عمداً فهو مخيرّ بين أمر من أمور ثلاثة إما أن يقتص أو يأخذ الديه أو يعفو ويأخذ الدية مضيفا أما إذا كان القتل قد وقع بهذه الصورة التى تمت ورأيناها فى أحداث ثورة 25 يناير من قتل للثوار والمتظاهرين فالأولى أن يكون العقاب صارمًا لأنه يعد قتلا جماعيا واعتداء على أمة بأسرها. وقال عضو مجمع البحوث الاسلامية إن الدية يمكن قبولها فى حالة القتل العمد إذا عفا صاحب الدم، لكن قبلوها هذه الحال يفتح الباب على مصراعية للأغنياء الذين يريدون أن يعيثوا فى الأرض فسادًا ويقتلوا فى الناس. واختتم أن ما جرى فى أحداث يناير لا يجوز فيه اسقاط القصاص لأن ذلك يشجع الحاكم أن يفعل ما يريد. فى حين يقول د. محمد الشحات الجندى أمين المجلس الأعلى للشئون الاسلامية وعضو مجمع البحوث الاسلامية إن المفروض أن من ارتكب جريمة قتل يعاقب بالقصاص والنصوص فى ذلك واضحة، موضحا أن فى حالة القتل العمد من حق ولى الدم أن يستبدل القصاص بالدية قائلًا إن دية القتل العمد والقتل الخطأ تكون مغلظة وتكون على الفاعل الأصلى ومن اتفق أو حرض أو شارك فى الجريمة. وفى حال انقسام أهالى الشهداء إلى فريقين أحدهما يريد أخذ الدية والآخر يريد القصاص يرى د. الجندى أنه فى هذه الحال يتم دفع الدية المغلظة ولا يطبق القصاص استنادًا على القول «ادرءوا الحدود بالشبهات» قائلًا: أرى الأمر معقدًا جدًا لأن العفو فى حالة قتل المتظاهرين يتطلب موافقة الشعب المصرى لأنها تعبر جناية للمجتمع ككل. أما د. عبد المعطى بيومى الاستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية فيقول إن الدية مقدارها 4 كيلو ذهب وربع الكيلو، يدفعها القاتل فى حالة ارتكابه لجريمة القتل بطريق الخطأ غير أن تنازل ولى الدم يعد شرطًا أساسيا فى حالة دفع الدية مع القتل العمد. فيقول تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن يقتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا..». وذكر عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه لا تقبل الدية فى حالة قتل المتظاهرين موضحًا أن قتل الثوار هو قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد وليس قتلا خطأ. متسائلًا كيف يكون القتل خطأ واستعملت فيه قناصات موجهة نحو الثوار فى الميادين؟ الاشتراك فى الجريمة وأوضح د. حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الشريعة السابق أنه لو اشترك أكثر من فرد فى قتل إنسان فيقتص منهم جميعًا ويعدمون مهما كان عددهم لكن إذا عفا ولى الدم فى هذه الحالة فيشتركون جميعًا فى دفع الدية وتطبيقه على ما نحن فيه من قتل للثوار فلابد من القصاص كل من قام بالتحريض على القتل أو الذى أعطى أوامر بذلك وعلى من قام بإطلاق النيران لأن جميعهم مشتركون فى الجريمة. ويختلف د. حامد ابو طالب فى رأيه حول ما إذا انقسم أولياء دم الشهداء إلى فريقين أحدهما يريد القصاص من القتلة والآخر يريد أخذ الدية مع د. محمد الشحات الجندى فى أنه إذا اتفق أولياء الدماء على أخذ الدية واصر واحد فقط على القصاص وعدم أخذ الدية فهذا حقه وفى هذه الحالة يكون من اختار فله الدية، ومن لم يختر الدية فيجب القصاص من القاتل. ويقول د. عبد المقصود الباشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن القصاص من القاتل أمر واجب فالقتل العمد فى الإسلام عقابه قتل القاتل وقال تعالى: «ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها». وأشار د. عبد المقصود إلى أن ما حدث مع الثوار يعد قتلا مع سبق الاصرار والترصد ولا يجوز فيه إلا القصاص موضحًا أن القصاص لو كان واجبًا وحقًا للمقتول، فهناك من هو أشد من ذلك فى الشرع ومعاقبتهم بتهمه الإفساد فى الأرض.