خلال الندوة نظمتها القوات المسلحة نهاية الاسبوع الماضى بعنوان «الإعلام.. الريادة والتحدى» وحضرها نخبة من الإعلاميين والأكاديميين والمثقفين، أكد اللواء مختار الملا عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة ضرورة إعادة النظر فى كل القوانين التى تنظم الإعلام فى مصر، مضيفا أن مصر كانت رائدة فى مجال الإعلام سواء الإذاعى أو التليفزيونى أو الصحفى ويجب أن يعمل الإعلام المصرى على استعادة هذه الريادة من خلال إعلام ينحاز للحقيقة وللنقد البناء ويحافظ على مصالح الوطن، مشددا فى هذا الصدد على ضرورة أن يكون هناك قانونا لمعالجة موضوع تزاوج رأس المال مع الإعلام. عرض اللواء مختار تجربة هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) التى تتسم بالاستقلال المالى والقانونى وتحصل على اشتراكات من الأسر البريطانية لتضمن استقلالها. وفيما يتعلق بمطالبة البعض بضرورة عرض صور المسئولين السابقين المتهمين فى وسائل الإعلام خلال محاكمتهم، قال اللواء مختار الملا إن القضاء المصرى يتعامل مع هذا الموضوع بحذر لافتا إلى أن القوانين الدولية تمنع عرض صور للمتهمين وهو ما يمكن أن يشكل مشكلة فى مرحلة استرداد الاموال المهربة. ومن جانبه أكد اللواء إسماعيل عتمان مدير إدارة الشئون المعنوية أهمية التنسيق بين وسائل الإعلام فى مصر، موضحا أن التنسيق لا يعنى التشابه بينها ولكن التنسيق بهدف الحفاظ على أمن واستقرار البلد. وأشار عتمان إلى ضرورة مراعاة طريقة التعامل مع الموضوعات العسكرية ومع القوات المسلحة لأنها أمور تمس أمن وسلامة البلد، موضحا أن الدعوة لعدم التعرض للقوات المسلحة ليس لأن العسكريين لديهم ريشة فوق رؤوسهم لكن لأن هذا أمن قومى للبلد فالموضوعات الأمنية لها طبيعة خاصة. وقال إنه إذا كان هناك موضوع يتعلق بالبنك المركزى إذا نشر بشكل يهدد الاقتصاد فهذا يعتبر موضوعا أمنيا. وتابع: القوات المسلحة هى لمصر وأفرادها مثل بقية الشعب المصرى يخافون على البلد وأمنها القومى، مشددا على ضرورة الحفاظ على أمن وهيبة القوات المسلحة والدولة المصرية. وأكد عتمان أن حكومة شرف ليست مرتعشة ولكنها جاءت فى ظروف غاية فى الصعوبة، وفى ظل وضع اقتصادى هش مما يؤدى الى صعوبة تنفيذ كافة القرارات على أرض الواقع. وشدد اللواء إسماعيل عتمان على أنه لا أحد يشكك فى القنوات الخاصة لافتاً إلى أن أول ظهور لأعضاء المجلس العسكرى كان فى قنوات خاصة. ومن جانبه أكد حسن حامد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق ضرورة تحقيق الاستقلال القانونى والمالى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، موضحا أن الإذاعة والتليفزيون مملوكان للشعب ويجب ترجمة ذلك على أرض الواقع لكى يكون ولاؤهما للشعب وأن يكون تمويلهما المباشر من الشعب ليستقلا عن أى وسط سياسى، لافتا فى هذا الصدد إلى مشكلة تضخم عدد العاملين بجهاز الإذاعة والتليفزيون والذى يعد الأكبرعلى مستوى العالم. وفى السياق ذاته أكد الأستاذ عادل عبد العزيز رئيس مجلس إدارة رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ضرورة أن يتحرر الإعلام المصرى من السعى لتحقيق المصالح الذاتية أيا كانت هذه المصالح وأن تكون مصلحة الوطن والمواطنون هم الهدف الأول والأخير له يعمل من أجلهم ويدافع عنهم مهما كانت التحديات التى تواجهه. وشدد عبد العزيزعلى ضرورة عدم الارتماء فى أحضان السلطة أو النظام الحاكم مهما كانت المغريات أو التهديدات كما كان فى السابق وأن يحتفظ الإعلام باستقلاليته وحريته وضرورة عدم الخضوع لتهديدات السلطة وأن يحتفظ بحريته التى منحتها له ثورة 25 يناير وألا يسقط فى مستنقع الاستقطاب والاحتواء الذى سقط فيه من قبل. وطالب كافة وسائل الإعلام بتطهير نفسها من أتباع النظام السابق وحملة المباخر الذين تربوا خلال العقود الثلاثة الماضية على دق الطبول والدفوف للنظام الحاكم بمناسبة وفى غير مناسبة. وقال عبد العزيز:«إنه لابد للاعلام الاستفادة من طاقة الشباب صناع الثورة وإتاحة الفرصة لهم لاكتساب الخبرة العملية لتولى مواقع المسئولية فى مختلف أجهزته بما يتناسب مع قدراتهم». ودعا أيضا وسائل الإعلام إلى التوقف عن إذاعة المعلومات والأخبار غير الموثقة من مصادرها والتى تعمل على إثارة البلبلة بين أفراد الشعب وطوائفه وغالبا ما يقوم بها فلول النظام السابق، مشيرا إلى أن أبرز هذه المحاولات موقعة الجمل وأحداث الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين وغيرها. وأكد أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والدستورية فى مصر تزداد أهمية وخطورة دور الإعلام بكل أشكاله وأنواعه، إذ لابد أن يحافظ الإعلام على حيادته ونزاهته وأن يكون على مسافة واحدة من كافة أطراف هذه الانتخابات وألا ينحاز لطرف على حساب الآخر. وقال عبد العزيز أيضا:«لعل الدور المشبوه الذى قام به الإعلام المصرى فى الانتخابات السابقة لا يخفى على أحد وربما كان السبب فى انطلاق ثورة 25 يناير، ورب ضارة نافعة». ومن جانبه قال السفير اسماعيل خيرت رئيس الهيئة العامة للاستعلامات إن الهيئة قامت بإجراء دراسة على تجارب تنظيم الإعلام فى العديد من الدول منها بريطانيا وفرنسا وأكد أهمية تدريب الإعلاميين مشيرا إلى أن مؤسسات دولية توفر التدريب للإعلاميين المصريين ولكنه رأى أن هذه الفترة تحتاج إلى تدريب وطنى فقط. وشدد كذلك على ضرورة أن يتيح الإعلام مساحة للمؤسسات الدينية الوسطية للحديث فى وسائلها من أجل التصدى للفتنة الطائفية، لافتا إلى ازدواجية معايير الإعلام الغربى فى التعامل مع قيام إسرائيل بقتل الفلسطينيين فى الجولان. ومن جهته دعا الإذاعى محمود سلطان إلى ضرورة إزالة الديون عن الإعلام مشيرا إلى أن حجم الديون على الإذاعة والتليفزيون بلغ 12 مليار جنيه. وأخيرا طالب أسامة هيكل رئيس تحرير جريدة الوفد بإعادة هيكلة الإعلام الرسمى ليدار بفكر اقتصادى وأن يكون لكل مؤسسة جمعية عمومية وأن يطرح جزء من أسهم المؤسسات الإعلامية للعاملين فيها ليمتلكوها وأن يطرح كذلك فى البورصة وهذه الجمعية العمومية هى التى تتولى اختيار رئيس مجلس الإدارة. ولفت إلى صعوبة التنسيق بين وسائل الإعلام لأن الإعلام صناعة تقوم على المنافسة، ولا يمكن أن يكون هناك تنسيق إلا فيما يمس سلامة البلاد، ورأى أن إرادة التغيير لم تدخل الإعلام الحكومى حتى الآن.. فبدلا من أن يكون الخبر الأول عن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك فإن الخبر الأول بات عن المجلس العسكرى مهما كانت أهميته ثم الخبر الثانى عن رئيس الوزراء وهكذا. واقترح أن يقوم المجلس الأعلى للصحافة بدور تنظيمى فلا يتدخل فى المؤسسات ولكن يضع تنظيما لها ومعايير للعمل يتفق عليها المجتمع وفقا للمحددات التى تمس الأمن القومى للدولة، وقال إنه عندما يحدث إثارة للفتنة الطائفية فى وسيلة إعلامية فإن القوات المسلحة يجب ألا تقوم بإغلاق المؤسسة بل التعامل يتم عن طريق القضاء. وتوافق المشاركون على ضرورة وضع قانون لتنظيم القنوات الخاصة، حيث إنها تتبع قانون الاستثمار حاليا وإعادة النظر فى جميع القوانين المنظمة للإعلام، مشيرين إلى ضرورة البعد عن المعلومات غير الموثقة التى تثير البلبلة لدى المواطنين، وكذلك مراعاة الجمهور الذى يخاطبه الإعلام.