من جديد عادت أزمة السكر للاشتعال حتى أن مؤشر أسعاره مازال يواصل الارتفاع يوما بعد آخر حتى وصل سعر الكيلو إلى 8 جنيهات فى مناطق عديدة. وفى ظل مشاركة شركات القطاع الخاص للحكومة فى إنتاج السكر من القصب والبنجر استغل التجار ارتفاع الأسعار عالميا ومع غياب الرقابة رفعوا الأسعار دون مبرر جريا وراء تحقيق مكاسب سريعة وخيالية على حساب المستهلك المصرى الذى أنهكته مغامرات التجار من سلعة لأخرى. أكتوبر رصدت الأزمة وتتبعت تفاصيلها للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع الجنونى لأسعار السكر فى الأسواق المصرية.. ولكن قبل استقصاء آراء المسئولين والخبراء حول الأزمة.. كان من الضرورى رصد ما يدور فى صناعة السكر ومن الذى يتحكم فى سوق السكر بمصر. وتتحكم فى صناعة السكر بمصر، خمس شركات حكومية تتبع الشركة القابضة للصناعات الغذائية، التى تخضع لسيطرة وزارة الاستثمار، وهى: شركة السكر والصناعات التكاملية، المسئولة عن توفير سكر البطاقات التموينية، وشركة الدلتا، الدقهلية، الفيوم والنوبارية إلى جانب شركتين للقطاع الخاص تتنجان بنجر السكر الأولى شركة النيل المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس وشركة صافولا السعودية ومقرها فى السويس. وبلغ إنتاج مصر من السكر مليونى طن فى عام 2010، ليحقق زيادة فى نسبة الاكتفاء الذاتى، تصل إلى نحو 80.4 % مقابل 71% الموسم الماضى. ويقدر الاستهلاك السنوى من السكر فى مصر بنحو 2.7 مليون طن سكر. وتحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا فى إنتاج قصب السكر، بمتوسط 50 طنًا للفدان، حيث تنتج 700 ألف طن سنويًا من البنجر، و950 ألف طن من قصب السكر، وفقا لآخر إحصائية لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى. ووصل نصيب الفرد من استهلاك السكر، إلى 34 كيلو جراما فى عام 2008، وفقا لدراسة أعدها قطاع بحوث دراسات السوق بالبنك الأهلى المصرى، حول «صناعة السكر فى مصر» صدرت العام الماضى. فى الوقت نفسه، قدر متوسط نصيب الفرد من استهلاك السكر عالميًا، بمتوسط 24 كيلو فى العام نفسه، وفقا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. أباطرة الاستيراد أما استيراد السكر فتتحكم فيه أربع شركات كبرى أصحابها من كبار رجال الأعمال هم: شركة النوران وهى مملوكة لرجل الأعمال عبدالمنعم ساير داير وشريكه أشرف محمود نجل وزير التخطيط السابق محمد محمود ومقرها فى ميدان الحجاز بمصر الجديدة وشركة كارجيل وهى شركة أمريكية عالمية ويتولى إدارتها فى مصر رجل الأعمال إسلام إمام ومقرها فى المعادى وشركة البيان صاحبها يحمل الجنسية اليمنية اسمه محمد الغباتى ومقرها فى المهندسين، أما الشركة الرابعة فهى شركة ويكالست المملوكة لشهبندر التجار أحمد الوكيل وهو رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية وهؤلاء المستوردون الأربعة الكبار يستوردون السكر الخام من الخارج ويعيدون تكريره فى مصانعهم أو السكر الأبيض نفسه بجانب الشراء من مصانع الإنتاج الوطنية التابعة للقابضة للصناعات الغذائية أى أن فرصة الاحتكار ممتازة وجيدة. أما الصف الثانى الذى يتعامل معهم فعددهم لا يتجاوز الأيدى الواحدة وهما شركة المبروك لصاحبها سيد مبروك وشركة البدر وصاحبها عادل عبده بدر وشركة الرائد وصاحبها مكرم غبور، وهؤلاء يقومون بدورهم بتوزيع الحصص على شركات التعبئة الصغيرة، ولكن قرار الشركة القابضة للأغذية بالسماح لهذه الشركات بالشراء مباشرة من مصانع الإنتاج سوف يحجم من سطوة الشركات الكبرى التى تتحكم فى السلعة وتفعل بها ما تريد. ويقول أحمد يحيى رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية إن تغير الظروف المناخية فى الدول المنتجة للسكر وعلى رأسها البرازيل أكبر الدول إنتاجا للمحصول والتى تعرضت للجفاف أثر على المعروض وكذلك الهند ثانى الدول فى الإنتاج حيث أصابتها الفيضانات إلى جانب الدول الأخرى والتى يتم الاستيراد منها مثل باكستان وتايلاند وهو ما ساهم بدوره فى قلة المعروض من السكر وارتفاع أسعار بورصتة العالمية، وبالتالى إحجام المستوردين على الاستيراد. غير أن يحيى يستطرد وأشار إلى أن السبب وراء حدوث الأزمة قيام شركات الإنتاج بتوزيع السكر على مجموعة قليلة من كبار التجار مما يمنحهم فرصة احتكار السلعة وعندما تحدث الأزمة يستغلونها بتعطيش السوق والتحكم فى السعر كما يشاءون. وقال يحيى إنه طالب مراراً بضرورة توزيع وبيع السكر لشركات التعبئة الصغيرة والمتوسطة، لأن ذلك يضمن تنافسية حقيقة وثباتا فى الأسعار، وهو ما استجابت له الشركة القابضة للصناعات الغذائية المالكة لشركات الإنتاج والتى سمحت لشركات التعبئة الصغيرة بالشراء منها مباشرة دون وسيط بسعر 4500 جنيه للطن السائب على أن يتم بيع كيلو السكر للمستهلك بنحو 5 جنيهات متوقعا انحصار الأزمة وتراجعها خلال الأيام القليلة المقبلة. حالة التفاؤل هذه يشعر بها أيضا عبدالله إمام عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالقاهرة وصاحب شركة تعبئة للسكر والذى يقول إن الأزمة سوف تنتهى فى غضون 10 أيام بعد السماح لشركات التعبئة الصغيرة من الشراء مباشرة من شركات الإنتاج وهو ما يقضى على الوسطاء الذين يرفعون الأسعار ويحتكرون السلعة لافتا إلى أن هامش ربح شركات التعبئة لا يتخطى 150 جنيها للطن . ويقول علاء البهى رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات إن مصر تستورد كميات كبيرة جداً من الهند تصل إلى مليون طن سنوياً، الأمر الذى أثر على أسعار السوق المحلى غير أن الشركة القابضة للأغذية تحركت سريعا لمواجهة الأزمة فى كافة الاتجاهات سواء بتوفير سكر البطاقات التموينية وتوافر السكر فى المجمعات الاستهلاكية بسعر 3.75 قرشا للكيلو إلى جانب إمداد شركات التعبئة الصغيرة بالكميات التى تطلبها وكذلك تجار البقالة على أن يتم بيع الكيلو بنحو 5 جنيهات. ويقول البهى إنه لا يوجد عجز فى سلعة السكر فهى متوافرة بكميات كبيرة إلى بداية إنتاج سكر البنجر فى فبراير المقبل لافتا إلى إنتاج محصول القصب الجديد والذى بدأ قبل أيام سوف يساعد على استقرار الأسعار بالرغم من تذبذبها عالميا. ويقول أحمد الركايبى رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية إلى أن مستوردى السكر الذين أعفتهم الحكومة من الرسوم الجمركية، لم يقوموا بالاستيراد حتى الآن، وكان من المفترض أن يتم طرح نحو 30 ألف طن من السكر فى السوق خلال الأسبوعين الماضيين إلا أن ذلك لم يحدث. غير أنه يطمئن المستهلكين قائلا: إن الأزمة تتم محاصرتها حيث تم إخطار الغرف التجارية بتوفير السكر للمحلات وشركات التعبئة الصغيرة بالكميات المطلوبة بشرط ألا يتجاوز سعر الكيلو للمستهلك 5 جنيهات. ويتابع :أيضا قامت شركه تسويق الأرز التابعة للقابضة الغذائية بتعبئة السكر فى عبوات وزنها كيلو جرام وتقوم بطرحها فى الميادين وأماكن التجمعات المختلفة بسعر 5 جنيهات للكيلو من خلال سيارات الشركة التى تجوب كافة المحافظات، مؤكدا أن احتياطات السكر آمنة حتى شهر يناير 2011 أى أكثر من عام مبددا كل الشائعات التى تزعم وجود نقص فى السكر. ولا يريد اللواء محمد أبوشادى رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التجارة والصناعة التهويل من الأزمة على حد قوله حيث إن لديه من الأسباب والقرائن ما يبرهن به على كلامه ويثبت به اطمئنان فؤاده حيث يقول إن 85 % من المواطنين مسجلون فى بطاقات التموين وعددهم 65 مليون مواطن هؤلاء يحصلون على السكر بمعدل 2 كيلو للفرد وهو أعلى معدل استهلاك فى العالم بسعر 125 قرشا. إلى جانب قيام الشركة القابضة للصناعات الغذائية بضخ 2 طن يوميا فى المجمعات الاستهلاكية بسعر 3.75 قرش للكيلو فضلا عن اشتراط توزيع السكر فى أكياس معبأة ومحددة السعر بنحو 5 جنيهات للكيلو بعد أن كانت تطرح السلعة فى أجولة وزنها 50 كيلو بهدف عدم التلاعب فى الأسعار فهى تحدد هامش الربح لشركات التعبئة بنحو 200 جنيه للطن. ويقول رئيس قطاع التجارة الداخلية إن هناك رقابة صارمة على المجمعات الاستهلاكية للتأكد من بيع السلعة بالسعر المحدد لها وكذلك الرقابة على بطاقات التموين. غير أننى سألته عن دور القطاع فى مراقبة المستوردين الذين يحتكرون السلعة والمتسببين فى الأزمة المشتعلة : قال اللواء أبوشادى إن هؤلاء لا تتجاوز نسبتهم 10 من حجم السوق ونحاربهم بأسلوب العرض حيث إننا فى اقتصاد حر يخضع للعرض والطلب لذلك نحرص على توفير السلعة بأسعار تقل عنهم كثيرا لافتا إلى أن الأسبوعين المقبلين سيشهدان زيادة المعروض من السكر بعد دخول الإنتاج الجديد من القصب، وبالتالى لابد أن تستقر الأسعار . وتقول الدكتورة سعاد الديب نائب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك: إن المواطن لا يتحمل الضربات التى تسقط على رأسه من الارتفاع المستمر للأسعار من حين لآخر. لذلك طالبت الجمعيات تكرارا بمؤشرات للأسعار وبورصة أسعار محلية تحدد الأسعار بصفة مستمرة بما يتناسب مع مستوى الدخل المحلى لحماية المواطن من المحتكرين فى كافة السلع وآخرها ما يحدث فى سلعة السكر. ويوضح د. صلاح الجندى أستاذ الاقتصاد بكلية الزراعة بجامعة المنصورة أن ارتفاع الأسعار بشكل متذبذب، ارتفاعًا وانخفاضًا، يكون حسب طبيعة سوق العرض والطلب، والذى يخضع بدوره للكميات المنتجة والمخزونة، موضحًا أن آليات العرض والطلب فى مصر تكاد تكون معطلة. ويشير إلى أن نظام اقتصاد السوق الحر الذى تتبعه مصر لا توجد فيه أى قيود على المنافسة وتداول السلع فى الأسواق، فبعض التجار يفهمون السوق الحر والحرية على أنها فوضى أو «ترك الحبل على الغارب»، على حدِّ قوله، موضحًا أن نظام اقتصاد السوق الحر لا يعنى انعدام رقابة الدولة على الأسواق، وضبط حركتها، ومواجهة زيادة معدلات التضخم وحالات احتكار السلع والمنتجات الضرورية للمواطن. ويدين التضارب الذى يحدث بين الشركات التجارية بقصد زيادة الربح على حساب المستهلك. وقال هذا سيؤدى إلى تأخر عملية التنمية، وسيوقع على الشعب الضرر؛ لأن المجتمع المصرى اليوم لا يتحمل ارتفاعًا جديدًا فى السلع الغذائية، وخاصةً وجود ما بين 14 و15 مليون مواطن تحت خط الفقر. ويطالب د. الجندى المسئولين والجهات الرسمية بضرورة وضع بعض الضوابط على عملية استيراد السكر أو السلع الغذائية لضمان جودتها بجانب التحكُّم فى الأسعار التى تشترى بها الحكومة من الخارج، خاصةً أن مؤشر أسعار الغذاء اليوم فى العالم قد انخفض. ويشدِّد على ضرورة تأكد الحكومة من سلامة آليات العرض والطلب، بجانب تفعيل القوانين التى تحمى المستهلك؛ كقانون حماية المستهلك، وقانون منع الغش التجاري، وغيرها من القوانين التى تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار. أزمة فريدة وعلى حد قول الدكتور نادر نور الدين الخبير الزراعى والأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة أننا نشهد حاليا أزمة متفردة فى ارتفاع أسعار السكر لم تمتد إلى باقى الدول العربية، تجاوز فيها سعر الكيلوجرام ستة جنيهات بالمقارنة بسعر جنيهين ونصف الجنيه فى مثل هذا الوقت من العام الماضى بزيادة 250%. هذه الزيادة الحالية مبالغ فيها إلى حد كبير نتيجة للثقة الزائدة التى نوليها للمنافسة الحرة الشريفة بين مستوردى السكر من القطاع الخاص، بالإضافة إلى شركة سكر حكومية تحولت إلى شركة قابضة هادفة للربح أكثر من استهدافها لإحداث التوازن المطلوب بين الأسعار العالمية والمحلية، فنجدها متربصة بأية زيادة فى الأسعار العالمية لترفع أسعار منتجها بغية تحقيق أرباح تظهر فى موازنتها الختامية. ويتابع د. نادر قائلا: ونتيجة للجفاف الذى أصاب المحصول فى كل من البرازيل المنتج والمصدر الأول للسكر ثم فيضانات الهند وجفاف المناطق الشمالية بها وهى المنتج والمصدر الثانى للسكر عالميا ارتفع مؤشر أسعار السكر فى البورصة العالمية وصلت إلى 725 دولارا للطن أى نحو أربعة آلاف جنيه مصرى، وبالتالى ارتفعت أسعار بيعه محليا إلى خمسة جنيهات للكيلوجرام بما يعادل خمسة آلاف جنيه للطن وهو سعر عادل وجيد ويتماشى مع الأسعار العالمية. أعقبت هذه القفزة السعرية لأسعار السكر انخفاضا حادا على مدار ستة أشهر كاملة خلال الفترة من فبراير وحتى يونيو ووصل مؤشر الأسعار إلى 216 نقطة فقط كان من المفترض معها أن تنخفض أسعار السكر فى الأسواق المحلية إلى سابق معدلاتها قبل يناير2010 لتكون فى حدود جنيهين ونصف الجنيه، ولكن هذا لم يحدث نتيجة لسطوة المستوردين وانعدام الرقابة على الأسعار وعدم فرض حد أقصى للأرباح على السلع الغذائية المستوردة أسوة بما تفرضه السعودية والإمارات، أو وجود متخصصين ومتابعين للأسعار فى البورصات العالمية. وبدءا من شهر يوليو الماضى بدأت الأسعار فى الارتفاع التدريجى مرة أخرى حتى وصلت إلى أقصاها بنهاية شهر نوفمبر2010 رافعة دليل أسعار السكر إلى 375 وهو مساو بالتقريب لمؤشر الأسعار فى يناير2010 (376) حين وصل سعر السكر فى مصر إلى خمسة جنيهات وعالميا إلى أربعة جنيهات، ولكن هذا الارتفاع النسبى تم التعامل معه على أنه ارتفاع جديد للأسعار لأننا تجاوزنا عن انخفاض الأسعار الحاد خلال الأشهر الستة التى سبقت هذه الزيادة، وبالتالى وصلت أسعار السكر فى الحضر إلى ستة جنيهات وفى الريف والصعيد إلى ستة جنيهات ونصف الجنيه على الرغم من أن أسعار الاستيراد لم تتجاوز 725 دولارا للطن بنهاية شهر نوفمبر أى نحو أربعة آلاف جنيه للطن وهو ما سيصل إلى مصر بعد شهرين من الآن وبالتالى فما هو موجود فعلا فى الأراضى المصرية لا ينبغى ألا تتجاوز أسعاره أربعة جنيهات فقط قبل تطبيق الزيادة على الواردات الجديدة بعد شهرين من الآن وبما لن يتجاوز 5 جنيهات للكيلوجرام. يظهر هذا استغلالا مقيتا أوجد أزمة فى أسعار السكر على غير الواقع وصلت إلى الشركات المصرية الحكومية التى تنتج نحو 1.5 مليون طن من إجمالى استهلاكنا البالغ 2.7 مليون طن والتى تبنى اقتصاديات إنتاجها على تكلفة لا تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه للطن والتى قررت هى الأخرى رفع الأسعار إلى خمسة آلاف جنيه للطن كسعر بيع للمستهلك. وبلغة الأرقام يقول الدكتور مدحت أحمد عنيبر – الخبير الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى أن فدان القصب يستهلك 12 ألف متر مكعب من المياه وهى كميات كبيرة غير أن هناك أصنافا أخرى تستهلك كميات أقل مع تطوير نظم الرى تصل إلى 7 آلاف متر مكعب للفدان أى توفر 5 آلاف متر مكعب فى حين يستهلك فدان البنجر 3.5 ألف متر مكعب للفدان فضلا عن أن زراعته تصلح فى جميع الأراضى وعلى رأسها المستصلحة حديثا. أما ما يتعلق بالإنتاج فيصل معدل الفدان من القصب 4 أطنان سكر فى حين يعطى فدان البنجر 2.5 طن سكر لافتا إلى أن القصب لا يزال المصدر الرئيسى لإنتاج السكر فى مصر حيث تبلغ نسبة إنتاجه 62.9% فى حين تبلغ إنتاجية البنجر 37.1% وفقا لآخر إحصاءات صادرة عن الموسم الماضى 2009. ويتابع د. عنيبر قائلا إن الأزمات التى تحدث من حين لآخر فى سلعة السكر لن يتم القضاء عليها سوى بانتهاج سياسة زراعية رشيدة تقوم على استخدام طرق الرى الحديثة فى زراعة القصب لتوفير الكميات الكبيرة من المياه التى يتم استهلاكها إلى جانب التوسع فى زراعة البنجر خاصة فى الأراضى المستصلحة حديثا وهى شاسعة وممتدة بطول البلاد وكذلك ترشيد الاستهلاك من السكر لاسيما وإذا علمنا أن نصيب الفرد فى مصر يصل إلى 34 كيلو جراما سنويا بعد أن كان 26 كيلو جراما فى عام 1995. ترشيد الاستهلاك مؤكدا أن ترشيد الاستهلاك يقضى على الفجوة بين الإنتاج والاستيراد حيث إننا ننتج 1.6 مليون طن سنويا من السكر فى حين نستهلك 2.7 مليون طن أى أن الفجوة التى تتم تغطيتها بالاستيراد تصل إلى 1.1مليون طن سنويا فضلا عن فوائد الترشيد صحيا. أيضا يرحب د. محمود عبدالحى الخبير الاقتصادى ومدير معهد التخطيط القومى السابق بفكرة ترشيد الاستهلاك وتغيير الأنماط الاستهلاكية للشعب المصرى.. موضحا ضرورة توفير ملعقة سكر من كل مواطن لأن الوضع الحالى خطير لاسيما أن فاتورة الفجوة الاستيرادية للسكر وصلت إلى 4 مليارات جنيه سنويا.. مضيفا أن الشروع فى بناء المصانع فقط لن يحل المشكلة لأن مصر تحتاج إلى نحو 50 ألف طن سنويا لمواكبة الزيادة فى الاستهلاك بسبب الزيادة السكانية، مؤكدا أن التوسع فى بنجر السكر أمر حتمى نظرا لجودة زراعته وإنتاجيته بالأراضى الجديدة والمستصلحة ، مطالبا الجميع بضرورة الوقوف بجانب مبادرة توفير ملعقة سكر يوميا من كل مصرى توفر 160 ألف طن وطاقة مصنع يحتاج لإنشائه مليار جنيه وتوفر فى صورة استيراد تقدر ب 640 مليون جنيه سنويا. ويقول عبد الوهاب علام رئيس المجلس القومى للمحاصيل السكرية بوزارة الزراعة أن ترشيد الاستهلاك أحد أهم الحلول المقترحة لمواجهة أزمة السكر التى بدأت تتفاقم بشكل ملحوظ موضحا أن الوزارة تقوم بالتوسع رأسيا فى زراعة قصب السكر والبنجر لمواجهة النقص فى هذه المحاصيل خاصة أن هذه المحاصيل لا تصلح أن تخزن مؤكدا أن القصب برىء من اتهامه بأنه يستهلك مياها كثيرة حيث يستهلك فدان القصب من 7 إلى 8 آلاف متر مياه، موضحا أن ارتفاع أسعار السكر فى مصر أمر طبيعى فى ظل الارتفاع التصاعدى فى أسعاره، حيث كانت خلال مايو الماضى 400 دولار لطن السكر الأبيض والآن تجاوزت 628 دولارا إضافة إلى 100 دولار مصروفات أخرى من شحن وتفريغ ونقل وتأمين. وأضاف أن ارتفاع السعر يرجع إلى انخفاض الإنتاج العالمى بنحو 12 مليون طن تمثل 8% من الإنتاج العالمى، مشيرا إلى أن هذا النقص فى الإنتاج سيستمر حتى نهاية 2010 حيث انخفض إنتاج الهند الذى كان مخططا لها أن تنتج 29 مليون طن هذا العام، لكنها لم تنتج سوى مليون طن نتيجة الجفاف الذى حدث هذا العام، كما انخفض إنتاج البرازيل لنقص الأمطار وشدة البرودة، وأيضا انخفض إنتاج باكستان التى كانت تصدر لكنها وجدت نفسها مضطرة للاستيراد كذلك تراجعت صادرات الاتحاد الأوروبى من 5 ملايين طن إلى 2.1 مليون طن وذلك من سكر البنجر والذى تنتجه أوروبا الغربية بتكلفة من 700 إلى 1000 دولار للطن، مشيرا إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه مصر بالنسبة لأزمة السكر أهمها وأولها محدودية الأرض، ثم المياه، وأخيرا الزيادة السكانية.. بلاغ ضد المحتكرين ويطالب محمود العسقلانى رئيس «حركة مواطنون ضد الغلاء» جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بالتحقيق مع شركات السكر ومنها شركه صافولا السعودية وشركة الضحى وزمزم وشركة تارجل الأمريكية، وذلك لمعرفة مبررات الارتفاع الجنونى فى أسعار السكر. ويقول العسقلانى أن أسعار السكر ارتفعت فى الأسابيع الماضية بشكل مبالغ فيه ودون ثمة مبرر غير الجشع فى جنى الأرباح الخرافية وانتهاز الفرص لرفع الأسعار بمزاعم واهية حول ارتفاع الأسعار عالميا لتحقيق مكاسب كبيرة على حساب المستهلكين بمجرد نشر معلومات عن زيادات طفيفة فى أسعار السكر عالميا.. ويوضح العسقلانى أن ذلك يحدث رغم وجود مخزون يكفى فى غالب الأحيان لمدة تسعة أشهر، قام المستوردون بالتعاقد عليها بالأسعار القديمة، باعتبار أن السكر سلعة قابلة للتخزين، وعلى النقيض حينما تنخفض الأسعار عالميا لا تخفض الشركات أسعارها إلا بنسب بسيطة لا تتناسب مع الانخفاضات. وأشار إلى أنه رصد من خلال بعض المتعاملين فى سوق السكر اتفاقات مسبقة يحظرها قانون حماية المنافسة، حيث زاد السكر أربع مرات خلال أسبوع وبشكل موحد بما يوحى بوجود اتفاقات مسبقة تغرى هذه الشركات.. قال العسقلانى إن السكر سلعة استراتيجية لا يمكن مقاطعتها وهى سلعة يجرى التلاعب بها وتخزينها وحجبها عن الناس ليرتفع السعر كما يرغب التجار الكبار، وهو ما يحتاج لتحقيق عاجل من جهاز حماية المنافسة وجميع الأجهزة المعنية . لذلك قررت حركة «مواطنون ضد الغلاء» الإعداد لمحاكمة شعبية لمحتكرى السكر.