لليوم الخامس علي التوالي.. محافظ شمال سيناء يتابع عمليات النظافة بالعريش    رئيس أشمون يشدد على المتابعة اليومية لملف التصالح والتقنين    النائب عاطف مغاوري يطالب بإسقاط مشروع قانون الإيجار القديم وتدخل الرئيس السيسي    سفير تركيا بالقاهرة: نقدر الأهمية الكبيرة التي توليها مصر لتعزيز الأسرة    هيئة البث الإسرائيلية: لا انفراجة في مفاوضات صفقة التبادل    الأهلي يعلن عن أول خطوة بعد إلغاء خصم 3 نقاط بنهاية الموسم    إيداع نجل محمد رمضان بدار رعاية في واقعة التعدي على على أحد الأطفال    "النجم الأزرق" في مكتبة الإسكندرية    6 أبراج تحب الحيوانات.. هل أنت منهم؟    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    خبير دولي: روسيا لن تتراجع عن مطالبها في أوكرانيا.. والموارد تلعب دورًا خفيًا    جامعة سيناء تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف لفرع القنطرة    في اتصال مع مبعوث ماكرون.. المنفي: لا تساهل مع من ينتهك وقف إطلاق النار    وفد اللجنة الأولمبية يدعم اتحاد الدراجات ويشيد بتنظيم بطولة أفريقيا للمضمار    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    مد الفترة المخصصة للاستديوهات التحليلية في الإذاعة لباقي مباريات الدوري    أتلتيكو مدريد يسقط أمام أوساسونا بثنائية في الدوري الإسباني    إعلان الفائزين بجائزة «المبدع الصغير»    مهرجان العودة السينمائى يُكرّم أحمد ماهر وسميحة أيوب وفردوس عبد الحميد    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الدين والتدين    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    طارق محروس: مشاركة منتخب الناشئين في بطولة أوروبا أفضل إعداد لبطولة العالم    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    حبس عامل مغسلة 4 أيام بتهمة هتك عرض طفلة في بولاق الدكرور    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى رمد شبين الكوم ويتابع معدلات الأداء.. صور    كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    بوكيه ورد وصرف فوري.. التأمينات تعتذر عن إيقاف معاش عبد الرحمن أبو زهرة    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قلق مشروع على التعددية الحزبية
نشر في أكتوبر يوم 05 - 12 - 2010

بصرف النظر عن أعمال العنف والشغب والبلطجة التى شهدتها الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب الأحد الماضى فى عدد كبير من الدوائر، والتى تسببت فى وقوع قتلى وإصابة العشرات من أنصار المرشحين، وبصرف النظر عن منع مندوبى كثير من المرشحين من دخول اللجان الانتخابية، وبصرف النظر أيضاً عن الاتهامات من جانب أحزاب المعارضة باستخدام الرشوة والتزوير وتسويد البطاقات الانتخابية، إلا نتائج تلك الجولة التى أسفرت عن فوز ساحق للحزب الوطنى.. سيتأكد فى جولة الإعادة (اليوم) مقابل هزيمة ساحقة أيضاً للأحزاب المشاركة فى المنافسة.. تعنى أن ثمة خللاً مزمناً فى التركيبة الحزبية المصرية.
إن هذا الفوز الساحق للحزب الوطنى والذى حصد وسيحصد الغالبية الكاسحة من مقاعد برلمان (2010) فى الجولة الأولى ثم الثانية التى ستجرى اليوم (الأحد) مقابل عدد محدود جداً من المقاعد لأحزاب المعارضة، لهو أمر يثير قلقاً حقيقياً ومشروعاً بشأن تقدم مسيرة التحول الديمقراطى التى بدأت أولى خطواتها الحثيثة منذ أكثر من ثلاثين سنة.
ثم إن هذا الفوز الساحق للحزب الوطنى، بصرف النظر أيضاً عن مدى صحة تشكيك الأحزاب الأخرى المشاركة فى العملية الانتخابية فى نزاهة الانتخابات وصدقية النتائج.. هذا الفوز الساحق الذى يكاد أن يجعل البرلمان الجديد مجلساً للحزب الوطنى فى غيبة تمثيل معقول وضرورى لأحزاب المعارضة، سوف تتبدّى تداعياته السلبية فى إضعاف الأداء البرلمانى سواء فى التشريع أو فى الرقابة على الحكومة.. حكومة الحزب الوطنى.
ولذا فإنى أحسب أن نتائج الانتخابات الأخيرة والنهائية فى ختام الجولة الثانية للإعادة اليوم، والتى ستؤكد غياب معارضة برلمانية قوية.. أحسب أنها لن تكون فى مصلحة الحزب الوطنى ذاته، باعتبار أن ضآلة تمثيل الأحزاب الأخرى فى المجلس الجديد ليس مكسباً حقيقياً للحزب يحسب له بقدر ما يحسب عليه، ومن ثم فإنه أمر يتعين ألا يثير الابتهاج والارتياح بل من الضرورى أن يثير قلق حزب الأغلبية على مستقبل الديمقراطية وتجربة التعددية الحزبية التى يقوم على أساسها النظام السياسى فى مصر وفقاً لنص الدستور.
بصراحة أكثر وبوضوح أكبر ومن منطلق الحرص على النظام السياسى، فإن قوة الحزب الوطنى كحزب أغلبية حاكم، لا تتبدّى ولا تتأكد إلا بوجود معارضة قوية داخل البرلمان، وعلى النحو الذى يثرى الحياة السياسية ويرسخ التعددية الحزبية، وفى نفس الوقت يضفى على البرلمان الكثير من القوة فى ممارسة مهامه الدستورية كسلطة تشريعية وسلطة رقابة على الحكومة.
أما انفراد الحزب الوطنى بمقاعد البرلمان إلا قليلاً جداً، فليس دليلاً أكيداً على هذه القوة المفرطة حسبما أسفرت نتائج الجولة الأولى وحسبما ستسفر نتائج جولة الإعادة اليوم، بقدر ما يعكس فى حقيقة الأمر ضعفاً وضموراً فى تركيبة وبنية بقية الأحزاب الأخرى.. الثمانية عشر التى خاضت الانتخابات هذه المرة ولأول مرة.
لقد أكدت هذه الانتخابات أن أحزاب المعارضة فى مجملها باستثناء ثلاثة وأربعة أحزاب كبيرة نسبياً.. ليست سوى أحزاب ورقية مجهولة الاسم والعنوان والبرنامج، ليس لدى رجل الشارع فقط ولكن حتى لدى المثقفين والسياسيين والذين يتعذر عليهم ذكر أسماء أكثر من عشرة أحزاب على الأكثر.
حتى الأحزاب الرئيسية منها، فقد تبدّى ضعفها متمثلاً فى ضآلة أعداد مرشحيها، وحيث لم يزد مرشحو حزب الوفد.. أقدم وأعرق الأحزاب المصرية على (168) مرشحاً بينما تراوح عدد مرشحى الحزبين الرئيسيين الآخرين ما بين (66) مرشحاً للتجمع، (31) للناصرى، فى الوقت الذى بلغ عدد مرشحى الحزب الوطنى (763) وبما يزيد على إجمالى مقاعد البرلمان (508) مقاعد بعد إضافة مقاعد «كوتة» المرأة، وحيث ستكون المنافسة فى غالبية الدوائر فى جولة الإعادة بين مرشحيه.
هذه المقارنة بين أعداد المرشحين، وإن كانت تعكس بشكل أو بآخر قدرة الحزب الوطنى على ضخ كل هذه الأعداد التى تزيد على مقاعد البرلمان، إلا أنها تؤكد فى الوقت نفسه حرص أصحاب المصالح وكذلك السياسيين المنتمين إلى العائلات والعصبيات ذات الرصيد الشعبى الكبير والنفوذ المحلى والعزوة الاجتماعية والقبلية على الانضواء تحت لواء الحزب الحاكم، مثلما كان يحدث خلال تجربة التنظيم السياسى الأوحد.. الاتحاد القومى فى الخمسينيات والاتحاد الاشتراكى فى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى وقبل العودة إلى النظام الحزبى منذ ثلاثة عقود.
وفى هذا السياق يمكن تفسير فوز الحزب الوطنى بأغلبية تزيد على أكثر من (75%) من مقاعد البرلمان فى كل الانتخابات السابقة، أما استحواذه على هذه الأغلبية الساحقة فى انتخابات (2010) مع غياب شبه كامل للمعارضة.. مقارنة ببرلمان (2005) وحيث بلغ تمثيل المعارضة والجماعة المحظورة ما يزيد على (25%).. منها (20%) ممثلة فى (88) مقعداً للجماعة تحت مسمى المستقلين، فإنه لا تفسير واضحا سوى الهزيمة الساحقة للجماعة وحيث فشلت فى الفوز بأى مقعد فى الجولة الأولى وهو الفشل المرجح تكراره فى الجولة الثانية اليوم، مع ملاحظة أن حصولها على ذلك العدد من المقاعد فى المجلس السابق كان بسبب ما وصفه المراقبون السياسيون بالتصويت الاحتجاجى على الحكومة بأكثر مما كان تعبيرا حقيقياً عن قوتها الفعلية، وهو التفسير الذى يعنى أيضاً ويؤكد بكل وضوح مدى الوهن الذى تعانيه أحزاب المعارضة جميعها.
الملاحظة الأهم فى المشهد الانتخابى هى الضعف الشديد فى الإقبال على ممارسة الحق الانتخابى، وحيث تراوحت نسبة التصويت فى مجملها ما بين (25%) وفقاً للأرقام الرسمية وبين (15%) وفقاً لتقارير منظمات المجتمع المدنى، وهى ملاحظة لها دلالتها بالغة الأهمية والمثيرة للقلق والتى تعنى غيبة ثقافة الانتخابات، مثلما تعنى أيضاً أن ثمة أزمة ثقة لدى غالبية الناخبين فى نزاهة العملية الانتخابية وفى صدقية نتائجها، ومن ثم عدم جدوى المشاركة الإيجابية والتصويت فى الانتخابات.. أى انتخابات!
***
لقد كان الرهان كبيراً فى هذه الانتخابات على نجاح أكبر وتمثيل أوسع لأحزاب المعارضة.. سبيلاً حقيقياً لإثراء الحياة السياسية والحزبية، ودفع التعددية للأمام، وكذلك كان الرهان كبيراً على ارتفاع نسبة التصويت وزيادة الإقبال على صناديق الانتخاب.
غير أن التجربة هذه المرة انتهت بسقوط كل الرهانات، وحيث جاءت نتائج هذه الانتخابات لتؤكد بكل وضوح تراجعاً مذهلاً ومقلقاً لتجربة التعددية، وبما يؤثر سلباً وبشدة على التجربة الديمقراطية المصرية فى مجملها.
لقد بدا واضحاً أن تجربة التعددية الحزبية ما زالت تتطلب تطويراً حقيقياً وتنمية كبيرة، وهو أمر لن يتحقق إلا بإتاحة مساحة أوسع لحركة الأحزاب ومساعدتها فى إعادة بناء هياكلها التنظيمية.
إن إرساء وإنجاح التعددية لن يتحقق إلا بتمثيل أكبر للمعارضة القوية حتى لو تمثلت فى حزبين رئيسيين آخرين إلى جانب الحزب الوطنى.. حزب الأغلبية.
وإذا كان الحزب الوطنى قد نجح فى إحراز هذا الفوز الساحق الكاسح باستحواذه على مقاعد البرلمان، بينما لم تنجح كل الأحزاب المنافسة إلا فى الحصول على عدد بالغ الضآلة من المقاعد، فإن هذه النتيجة تثير القلق على تجربة التعددية.. لذا لزم التنويه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.