أعماله عن الفلاحة المصرية لا تتكرر - رحل الفنان الخزاف الكبير حسن حشمت ( 1920 -2006) عن 86 عاماً بعد فترة طويلة امتدت لسنوات مع المرض فوق مقعد متحرك.. ورغم هذا لم يكن بعيداً أو معزولاً عن التفاعل وحركة التشكيل المصرى .. فقبل وفاته بسته أعوام فى يونيو 2000 كرمه بينالى القاهرة الدولى الخامس للخزف وخصصت قاعتا صالة عرض الأوبرا لعرض أعماله وزميل كفاحه الخزاف الراحل الكبير محمد الشعراوى وقد تم تكريمهما كضيفى شرف البينالى الدولى ( 66 دولة ). - وكان هذا التكريم ذا أثر كبير على الفنان وسط خزافى العالم أكثر من حصوله عن جائزة الدولة التقديرية حتى إنه قال حينها ` تكريمى كضيف شرف فى بينالى دولى كان أمنية من أمنياتى ` وهذا التكريم هو جزء من مشوار عمر الفنان الذى لم يتوقف عطاؤه منذ أمسك أول كتلة من طمى النيل يشكلها وهو فى سن العاشرة.. ومنذ ذلك الوقت وإلى أن عجزت يده عن العطاء لفن الخزف لم يتوقف عن العطاء فقد قدم كل ما يملك ، فيلته حولت لمتحف وارضا وخزفاً ومنحوتات للدولة وهو المتحف الكائن فى 4 شارع غرب الشريط بعين شمس وتبلغ مساحته ألف ومائتين متر مربع به أكثر من 20 تمثالاً ولوحة حجرية، وخزفية كبيرة، ومصنعاً أو ورشة متكاملة للخزف .. وهذا المتحف بالفعل هو ناتج كفاح متصل منذ الطفولة وتحد منه لكل المعوقات لإحساسه برسالة الفن التى عليه توصيلها للآخرين محافظاً بها على تجسيد الهوية المصرية - ورغم هذا فقد اقتحمت إحدى السيدات الشهر قبل الماضى فناء متحفه وحطمت تمثال العبور وسط ثلاثة أعمال أخرى - وهذا ليس أول عطاء من الفنان الراحل الكبير فقد سبق وأهدى مدينة العاشر من رمضان متحفاً مفتوحاً على مساحة فدانين بهما 12 تمثالاً ومتحف داخلى به أكثر من مائة وخمسين تمثالاً متوسط الحجم . - وأعماله الخزفية النحتية بحيويتها وشعبيتها وقيمتها الجمالية والتى كان ينفذها بخام البورسلين فى أحجام صغيرة وتباع منها آلاف النسخ كان يقتنيها ذواق الفن والإنسان العادى لقربها من الروح المصرية وكانت خزفياته النحتية تدخل بيوتاً مصرية وكانت معالجات الجمالية للفلاح والفلاحة المصرية والأسرة والأمومة والحلاق والبائع تلقى قبولاً من جميع المستويات الفكرية .. قد كتب عن معرضه الخاص الأول الذى أقامه عام 1953 ` منذ 53 عاماً ` أستاذ ورائد الخزف المصرى سعيد الصدر قائلاً ` حسن حشمت أحد المناضلين لإحياء فن الخزف بمصر بعد رقدته الطويلة والتى تتسم بشخصيتها وتميزها عن غيرها ولا جدال أن استعداده وثقافته الفنية فى تنمية مداركه للسمو بأعماله إلى درجة الكمال كلها عوامل فعالة نرى أثرها فى معرضه الأول ` وقال عنه الفنان الكبير حسن سليمان : ` لأول مرة فى حياتى أرى فناً تطبيقياً سليماً فى هذا البلد `.. أما الراحل الكبير الناقد حسين بيكار كتب عنه مقالاً جاء فيه : ` من الفخر لمصر أن يكون من أبنائها أمثال الأستاذ حشمت الخزاف الذى استطاع أن يسجل الروح المصرية الشعبية فى هذه القوالب الحية النابضة فهنيئاً به للفن المصرى`. - وأعمال الفنان الراحل هى ترجمة لمخزونه البصرى الوجدانى من طفولة فى قريته ومشهده اليومى للنيل ولممارسة الفلاحين لحياتهم فى الحقل وفى البيع والشراء فنرى كتلة الخزفية النحتية تنساب من ذاكرته ومن بين أصابعه طيعة فناً وإحساساً راقياً فى خطوط مبسطة وحيوية داخلية تعكس ديناميكية عاطفية كامنة تؤكدها حركة الخطوط وانسيابياتها فى حوار متصل وتواصل محيطة بالعمل الفنى بالكامل فى نغمية لا تترك جزءاً منه ساكناً أو جامداً دون تحاور مع الأجزاء الأخرى والتى تؤكدها وتضيف إليها حيوية الوجوه التى تلتقى عندها قمة الإنسانية المادية والمعنوية.. رحم الله الفقيد الكبير ونتمنى أن يظل متحفه واجهه لرحلة فنان أضاف لحركة التشكيل المصرى . الفنان حسن حشمت - ولد عام 1920 بإحدى قرى المنوفية - تخرج فى كلية الفنون التطبيقية 1938 -أنهى منحة دراسية فى ألمانيا عام 1958 لدراسة الأعمال الفنية بخامة البورسلين - حصل على منحة تفرغ من وزارة الثقافة عام 1958 ولمدة ستة أعوام .. تم تكريمه فى بينالى الخزف الدولى عام 2000 وفى نفس العام حصل على جائزة الدولة التقديرية.. أهدى متحف النحت الخزفى بعين شمس لوزارة الثقافة عام 1988 . - انتقل إلى رحمة الله فى يوليو 2006 . فاطمة على 1/ 8/ 2006