باحثة باكستانية مختصة بعلم الأعصاب.. تصفها الصحافة الأمريكية ب «سيدة القاعدة».. وفى باكستان يعتبرونها رمزا وطنيا على الشرف والتضحية.. تسببت فى حدوث أزمة دبلوماسية بين الولاياتالمتحدةوباكستان.. إنها العالمة « عافية صديقي» التى حكمت عليها محكمة فيدرالية أمريكية بالسجن 86 عاما بعد إدانتها بمحاولة قتل ضباط أمريكيين فى أفغانستان عام 2008. تحمل قصة عافية صديقى الكثير من علامات الاستفهام، وتختلف الروايات بشأنها، وإذا تتبعنا قصتها منذ البداية نجد أنها تنحدر من عائلة باكستانية متدينة، أرسلها والدها إلى الولاياتالمتحدة، حيث درست فى جامعة برانديز، ثم درست علم الأعصاب بمعهد « ماساتشوستس» للتكنولوجيا، ثم عادت لباكستان، لكنها منذ 7 سنوات اختفت فجأة مع أطفالها الثلاثة، بعد إلقاء القبض على زوجها الثانى « عمار بلوشي» – وهو ابن شقيقة خالد شيخ محمد المتهم من قبل واشنطن بالتخطيط لهجمات سبتمبر 2001- واحتجازه فى معتقل جوانتانامو بكوبا، وبعد سنة من اختفائها وضعتها وزارة العدل الأمريكية ضمن قائمة الأشخاص المشتبه بعلاقتهم بتنظيم القاعدة، وعقد حينها وزير العدل الأمريكى « جون أشكروفت» مؤتمرا صحفيا، وقدم صورا لستة رجال وامرأة هى صديقي، وقال إنهم يشكلون « خطرا حقيقيا» على الولاياتالمتحدة، ونشرت الصحف الأمريكية أخباراً تفيد بأنها جهادية تخطط لدخول الولاياتالمتحدة، والقيام بعملية إرهابية تستخدم فيها ربما أسلحة كيماوية أو نووية. وامتدت فترة اختفاء صديقى خمس سنوات منذ 2003 وحتى 2008، عندما ألقت القوات الأفغانية القبض عليها فى يوليو 2008، وقالت إنه عثر بحوزتها على مواد كيميائية وملاحظات مكتوبة تحتوى على بعض معالم نيويورك، وبينما كان المحققون يستجوبونها بشأن هذه المواد، أمسكت صديقى ببندقية كانت بالقرب منها، وأطلقت النار على ضباط أمريكيين وعملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وهى تصرخ « الموت للأمريكيين»، كانت هذه هى الرواية الأمريكية لما حدث، أما الرواية الباكستانية التى تؤكدها عائلة صديقى ومحاميها فتقول إن صديقى تم اختطافها من قبل عملاء أمريكيين، ونقلت إلى القاعدة الجوية الأمريكية «بجرام» داخل أفغانستان، وتعرضت للتعذيب هناك. ومنذ صدور الحكم عمت حالة من الغضب عدة مناطق فى باكستان، واندلعت المظاهرات فى أربع مدن باكستانية على الأقل للتنديد بالحكم، واستخدمت الشرطة الباكستانية الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين هتفوا « الموت لأمريكا»، كما عقدت فوزية صديقى شقيقة عافية مؤتمرا صحفيا انتقدت فيه الحكومة لعدم الوفاء بوعودها بإعادة صديقي، ووصفت الحكم بأنه « صفعة على وجه حكامنا الذين كانوا مسئولين عن إعادتها»، مضيفة « الحكومة السابقة باعتها مرة، وهذه الحكومة باعتها مرارا وتكرارا»، وفى محاولة لاحتواء الغضب والمظاهرات، قال رئيس الوزراء الباكستانى يوسف رضا جيلانى إن الحكومة ستبذل كل ما يمكن لكى تعيد صديقى، وصرح أمام مجلس الشيوخ الباكستانى قائلا « سنلجأ إلى كل الطرق لإعادتها.. الدكتورة عافية صديقى هى ابنة الأمة.. لقد قاتلنا من أجلها وسنقاتل سياسيا من أجل إعادتها إلى البلاد»، أما عافية صديقة فقد أدانت الحكم عليها، ولكنها فى نفس الوقت أكدت أن استئناف الحكم سيكون مضيعة للوقت، قائلة « أفوض أمرى إلى الله»، كما دعت المسلمين إلى التحلى بالهدوء، وعدم شن أعمال عنف باسمها.