رئيس جامعة المنصورة يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بعدد من الكليات    نائبة: تعديلات قانون الانتخابات تضمن عدالة التمثيل وفق بيانات 2025    ارتفاع الرقم القياسي للصناعات التحويلية 3.9% خلال مارس 2025    قانون تنظيم الحج: فرض عقوبات مشددة لحماية الحجاج وتنظيم الرحلات    7 شهداء و60 مصابا في قصف للاحتلال على رفح الفلسطينية    وزارة الدفاع الروسية: دمرنا 94 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل فوق عدة مقاطعات    مستقبل وريثة عرش بلجيكا في خطر.. بسبب أزمة جامعة هارفارد وترامب    تجميد حسم البطل.. المحكمة الرياضية تحدد موعد قرار قمة الأهلي والزمالك    13 لاعبة ولاعبًا مصريًا يحققون الفوز ويتأهلون للربع النهائي من بطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    المؤبد لمتهم بحيازة 1839 طربة حشيش في الإسكندرية    بعثة حج القرعة المصرية: وصول 6720 حاجًا إلى المدينة المنورة وتقديم كافة التسهيلات    نائب وزير الصحة تبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة    الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل تطلق حملة «تأمين شامل.. لجيل آمن» بأسوان    «الداخلية»: إحباط محاولة تشكيل عصابي جلب «حشيش اصطناعي» ب70 مليون جنيه    طارق الشناوي ينعى المخرج الجزائري محمد الأخضر حامينا: يغادر الحياة يوم عرسه    محافظ أسيوط يزور جامعة بدر ويتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية    نائب وزير الصحة تبحث مع وفد الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    وزير الري يوجه بتطهير مصرف البلبيسي بالقليوبية    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم 24-5-2025    صدقي صخر عن فيلم "ولا عزاء للسيدات": "جريء ومختلف"    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    ماجد سامي: زيزو فقد لقب أسطورة الزمالك.. وإمام عاشور لا يُشبه الأهلي    مكافأة وعتاب.. محمد رمضان يمنح طالب 50 ألف جنيه ويوجه له رسالة مؤثرة    خلاف على «انستجرام» بين مراهقات يتحول إلى عنف خارج أسوار المدرسة    توفير فرص عمل بالأردن برواتب تصل إلى 290 دينارا شهريا    أخبار الطقس في الإمارات اليوم السبت.. أجواء غائمة على هذه المناطق    الضفة.. الجيش الإسرائيلي يقتحم نابلس ويعتقل ثلاثة شبان    لماذا يصل تأثير زلزال كريت إلى سكان مصر؟.. خبير فلكي يجيب    فركش فيلم "روكي الغلابة" ل دنيا سمير غانم وعرضه بالسينمات بموسم الصيف.. صور    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يعود إلى أرض الوطن بعد إنتهاء زيارته الرسمية لفرنسا    مسئولو "الإسكان" يتابعون المشروعات الجاري تنفيذها بالقرى السياحية    وزيرة البيئة: نسعى لاتفاق عالمي عادل لمواجهة التلوث البلاستيكي يراعي خصوصية الدول النامية    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز بذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    مواعيد مباريات السبت 24 مايو - نهائي دوري أبطال إفريقيا.. والزمالك ضد بتروجت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    موسم تاريخي ل"رجال يد الأهلي" بعد التتويج ب6 بطولات والابطال يتحدثون    انخفاض أسعار البيض في الأسواق اليوم 24-5-2025 (موقع رسمي)    أحمد عيد يعود لتقديم الكوميديا السوداء في فيلم الشيطان شاطر    البابا تواضروس يترأس القداس من كنيسة العذراء بمناسبة يوبيلها الذهبي    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    "القاهرة _ واشنطن" جهود مشتركة وعلاقات وطيدة    ضبط عاطل بتهمة الاعتداء على طفل جنسيا في الحوامدية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين فى واقعة انفجار خط غاز الواحات    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    دمشق ترحب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    سباق سيارات ينتهى بحادث تصادم فى دمياط وإصابة 3 أشخاص    القيعي: الأهلي لم يحضر فقط في القمة.. وقرارات المسابقة «توصيات»    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان.. حرب أم سلام؟
نشر في أكتوبر يوم 26 - 09 - 2010

بكل الأسى والحزن والخوف من المستقبل - القريب وليس البعيد- أكاد أرى أن السودان الشقيق مقبل على أخطر مراحله. وربما معه المنطقة برمتها.. ضمن التغيرات التى نشهدها وسوف نشهدها خلال الشهور والسنوات القادمة.
السودان مقبل على احتمالين: حرب أو سلام. وللأسف الشديد أيضا فإن الاحتمال الأول هو الأرجح ما لم يتم الاستفتاء على مصير جنوب السودان.. ثم الانفصال «الأرجح» بهدوء ودون مشاكل. وهذا احتمال مستبعد أيضا استنادا لواقع السودان الحالى والسابق. وانطلاقا من رؤية عميقة للساحة السياسية الخطيرة.. داخل السودان وخارجه.ولو طالعنا واقع جنوب السودان.. فإننا نكاد نشهد دولة قائمة فعليا.. دون إعلان رسمى.. حتى إن هذه الدولة قد أتمت إعداد دستورها.. واستقرت تقريبا على حدودها. وهذه مسألة حيوية ومصيرية. وإذا كان الطرفان اللدودان «فى الشمال والجنوب» قد استقرا على مبدأ ترسيم الحدود.. فإن هناك خلافات واسعة على ترسيم المناطق الغنية بالنفط والثروات الطبيعية. وقد كان مفترضا الانتهاء من هذا الترسيم بعد خمسة أشهر من توقيع اتفاق السلام «الشامل» فى نيفاشا. ومنطقة «هجليج» هى إحدى نقاط الاختلاف حيث تعتبرها الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان تابعة لولاية الوحدة بينما تؤكد حكومة السودان أنها تدخل ضمن إطار ولاية جنوب كردفان. ومنطقة أخرى هى ما كافى كنجى «الغنية بالنحاس والكوبالت والحديد.. وتقع بين جنوب دارفور وبحر الغزال وهى تدخل ضمن مناطق الخلاف الحدودى الحاد! وقد انعكس هذا الخلاف «الحدودى» على الوضعية القتالية للجيش السودانى وجيش الجبهة الشعبية!
نعم لقد كانت الحركة الشعبية مجرد حركة متمردة أو مقاومة لديها مقاتلون وأنصار وتسليح خفيف. أما الآن فنحن نتحدث عن جيش ل «دولة جنوب السودان».. جيش بكل ما تعنيه الكلمة. بل إن الأنباء تحدثت عن سعى هذه «الدولة» الوشيكة لامتلاك طائرات وليس من الصعب أن يمتلك دبابات ومصفحات فى ظل الحدود الفضفاضة والمترامية والعلاقات المتشابكة مع الدول المجاورة لجنوب السودان.
جيش الجنوب اتخذ مواقع قتالية عدائية فى مواجهة الجيش السودانى الشرعى. ليس فقط دفاعا المناطق الغنية بالثروات الطبيعية.. بل دفاعا عن «كيان» منفصل فعلا.. ويتوقع إعلان انفصاله «رسميا» بعد الاستفتاء فى يناير القادم هذه الوضعية العدائية بين جيشى الجنوب والشمال نبعت من الرؤية السياسية والعلاقات المتنافرة بين الأخوة الأعداء والحقيقة أنهم أقرب إلى العداء منهم للإخوة! الأخطر من ذلك أن الإدارة الأمريكية تعاقدت مع شركة «Dyncorp» بمبلغ 40 مليون دولار لتأهيل قوات الجيش الشعبى وتحويله إلى قوة عسكرية محترفة بعد الانفصال. هذا التطور يؤكد موقف واشنطن العدائى ليس لوحدة السودان فقط.. بل ولكافة القضايا العربية والإسلامية بدءا من أفغانستان.. إلى السودان. ومرورا بالعراق وفلسطين ولبنان.
هذه الاستراتيجية العدائية الأمريكية يقودها اليمين المتطرف.. الذى مازال يؤثر فى مسرح الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية ..والعسكرية أيضا.. رغم أنه خارج السلطة رسميا. ولكنه على أرض الواقع يمارس نفوذه ويضع السياسات ولديه مسئولون فى مختلف المواقع والجهات والوزارات ينفذون هذه الاستراتيجية الشيطانية. ونحن لا نبالغ إذا قلنا إن الرئيس أوباما نفسه قد وقع فى براثن هذه المصيدة اليمينية الجبارة والمتصاعدة فى أنحاء العالم الغربى. وليس فى الولايات المتحدة وحدها. وقد تحالفت معها الصهيونية العالمية. وتحديداً اللوبى اليهودى فى أمريكا الذى يهيمن فعلا على صناعة السياسة الخارجية الأمريكية فى أغلب القضايا. خاصة الشرق الأوسط. بكل ما يحفل به من تعقيدات ومخاطر. فإسرائيل تريد أن تتحكم – من المنبع- فى أجهزة صناعة السياسة الخارجية الأمريكية. وللأسف الشديد فإن هذا التحالف الشيطانى قاد الولايات المتحدة إلى المزالق والمهالك التى يدفع ثمنها المواطن الأمريكى الذى لا تهمه سوى مصلحته ومتعته الشخصية! وقد نجحت هذه الآلة الجبارة فى تكبيله بها.. بمنتهى الخبث والدهاء.
دولة جنوب السودان تتأهب لإنشاء «سكة حديد الاستقلال» التى سوف تربط «العاصمة» جوبا بميناء مومباسا الكينى الواقع على المحيط الهندى. فحكومة الجنوب تخطط فعلا وبسرعة فائقة لإنهاء ارتباطها بحكومة الشمال وتسعى لنقل صادراتها خاصة من النفط والثروات المعدنية إلى العالم الخارجى عبر كينيا التى رعت اتفاق الانفصال عام 2005. بمعنى آخر فإن الجنوبيين يرون فى الأفارقة الخيار الأنسب والأقرب لهم سياسيا وجغرافيا وأيديولوجيا أيضا. فحكومة الجنوب تتجه أكثر نحو الجنوب. وتبتعد عن الشمال.. بمواقفها وآرائها.. وبخططها التى تنفذها على أرض الواقع.
وبمعنى آخر فإن جنوب السودان لن يكون أقرب إلى العرب.. مهما حاول العرب لسبب جوهرى هو أن فكرة الانفصال هدفها تمزيق المنطقة إلى دويلات صغيرة تسهل السيطرة عليها للغرب عامة. والولايات المتحدة وإسرائيل تحديدا فهم لا يريدون كيانات كبرى أو موحدة. يريدون شظايا دول تدخل فى إطار استراتيجيتهم ولا تهدد أمنهم. ويمكنهم التلاعب بها.. واللعب معها. كما يلعبون بالنار فى السودان. وغير السودان.
ويجب أن نعترف ونستعد بكل الجدية للمرحلة الجديدة بعد انفصال الجنوب أو حتى فى حال دخوله فى نفق مظلم بالحرب أو عودة التمرد ومصر معنية أكثر من غيرها بما يجرى وسوف يجرى فى السودان الذى يمثل أحد أهم ركائز الأمن القومى العربى ولا تريد أن تنهار تلك الركيزة التى تقع فى قلب القلب العربى.. خاصة بعدما انهارت ركيزة العراق.
والوضع بالنسبة لمصر أشد خطورة فأمننا القومى والمائى والسياسى - ولا نبالغ إذا قلنا إن أمننا الاقتصادى - مرتبط بتطورات السودان. فالدولة المتوقعة أكثر ارتباطا بالغرب. وليس سرا أن كثيرا من الترتيبات تم إعدادها بالتعاون مع دول غربية ومع إسرائيل أيضا التى قد تكون من أوائل الدول التى ستعترف ب «دولة الجنوب».
وإذا نشأت هذه الدولة فإنها ستكون «الحادية عشرة» ضمن دول حوض النيل. ومنها ينبع أحد موارد النهر الحيوية وسوف يكون لها صوت. قد يكون معنا فى المستقبل القريب.. ولكننا لا نضمنه على المدى البعيد. هذا واقع يجب أن ندركه ونقدر مخاطره وتداعياته على أمننا المائى والغذائى فى ظل عالم يتصارع على لقمة العيش ورغيف القمح.
نحن لا نريد البكاء على اللبن المسكوب. فقد سُكب وضاع.. ولكننا يجب ألا نسمح بسكب مزيد من الموارد والمقدرات الحيوية التى تعتبر أمانة فى أعناقنا وحق للأجيال القادمة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.