إقبال مكثف من المصريين في جدة على التصويت بانتخابات مجلس النواب| صور    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 21 نوفمبر 2025    سعر كرتونة البيض في بورصة الدواجن والسوق اليوم الجمعة 21نوفمبر 2025    نائب وزير السياحة تبحث في هونج كونج آليات التعاون لجذب الاستثمارات إلى مصر    "متبقيات المبيدات" ينفذ برنامجه التدريبي الدولي السابع لمتخصصين من تنزانيا    الضرائب: نظام مبسط وإعفاءات واسعة لدعم المشروعات حتى 20 مليون جنيه    ترامب يلغى 40% من الرسوم على ورادات برازيلية لإنقاذ البرجر.. تفاصيل    فرنسا تطالب مواطنيها التأهب لحرب مع روسيا: استعدوا لخسارة الأبناء    مجلس الأمن الأوكراني: نتوقع مراعاة الولايات المتحدة ضرورة مشاركتنا في العمل بشأن خطة السلام    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الاحتلال الإسرائيلي يواصل الانتهاكات وشلال الشهداء لا يتوقف    ثلاثة قتلى جراء الزلزال في وسط بنجلادش    مواجهات قوية في جدول مباريات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    كواليس جلسة هاني أبوريدة ووزير الرياضة    توروب والشناوي يحضران اليوم المؤتمر الصحفي لمباراة شبيبة القبائل    مواعيد مباريات اليوم - عودة الدوريات الأوروبية.. والمغرب تصطدم بالبرازيل في مونديال الناشئين    طقس حار نهارا ورطوبة متوسطة بكفر الشيخ الجمعة 21 نوفمبر 2015    أطلق اعيرة نارية احتفالا بفوز أحد مرشحي مجلس النواب: حبس شخص 15 يومًا لحيازته سلاحًا بالفيوم    وزارة التضامن تعلن غدا أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    ضبط 15طن أعلاف مجهولة المصدر خلال حملة تموينية مكبرة بالمنوفية    أول تعليق من كريم الحو بعد اصرار عائلة محمد فووي على مقاضاته    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    اليوم.. حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته ال46 وتوزيع الجوائز    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    فرص عمل في شمال القاهرة للكهرباء.. اعرف التفاصيل    مدبولي يكشف مكاسب محطة الضبعة النووية.. مليارات الدولارات سنويًا    الصحة المصرية تعلن خلو البلاد من التراكوما فى ندوة لقيادات الصحة فى الصعيد    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    نفاد تذاكر دخول المصريين لقاعات عرض المتحف المصري الكبير اليوم الجمعة وغدا السبت    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 21 نوفمبر 2025    الأبيض يرفض رحيل بنتايج| الزمالك يحشد أسلحته للقاء زيسكو.. وتكريم الراحل صبري    هل تنجو «نورهان» من الإعدام؟.. تطور جديد بشأن قاتلة أمها ب «بورسعيد»    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    محمد صبحي: اوعوا تفتكروا إني اتعالجت على نفقة الدولة ولم أفرح بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في المؤتمر "المصري العُماني" لبحث فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين    بسبب أعمال المونوريل.. غلق كلي لمحور 26 يوليو في اتجاه طريق الواحات    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    رئيس جامعة المنوفية يشهد ملتقى التعاون بين الجامعات المصرية والكورية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقصر قصص في العالم
نشر في نقطة ضوء يوم 27 - 04 - 2017

أقرأ بمزيد من الدهشة والإستغراب ما نشره عدد من النقاد والكتّاب العرب من كتب ودراسات عن "القصة القصيرة جداً"، وكأنها جنس أدبي جديد ظهر في الأدب العربي المعاصر في التسعينيات من القرن الماضي، إستجابةً لمجموعة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المستجدة في المنطقة والعالم.
ووصل الحماس بالبعض الى حد المطالبة بإدخال هذا (الجنس) الإبداعي الجديد الى المناهج الدراسية في شتى مراحل التعليم الثانوي والجامعي. وهم يتحدثون عن خصائصها الفنية بإسهاب. ويسترسلون في الأطناب التنظيري لها. ويحددون أركانها، وشروطها، ومعاييرها.
ويقولون إن القصة القصيرة جداً قصة أو حكاية تتسم بالجرأة والوحدة والتكثيف والإقتضاب، والمفارقة والسخرية، وطرافة اللقطة، والإدهاش وفعلية الجملة، واستخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام، والاعتماد على الخاتمة المتوهجة، واختيار العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها، وما الى ذلك من خصائص لا تقتصر على القصة القصيرة جداً، بل هي خصائص متجذرة في فن القصة القصيرة، منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتتجلى بأوضح صورها في قصص أقطاب كتّاب القصة القصيرة في العالم .
واذا كان المعيار الأساسي هو حجم النص، فإنه لا يوجد تحديد واضح ومحدد لحجم النص القصصي الذي يمكن اعتباره قصة قصيرة جداً، ويحتفظ في الوقت ذاته بكل العناصر الأساسية للقصة القصيرة. ووفقاً للتقاليد الأدبية الإتجليزية، يحدد هذا الحجم بما لا يزيد عن (300 الى 1500) كلمة.
وفي الأدب الروسي يقاس بعدد الأحرف أو الصفحات، حيث يعتبر النص الذي يقل عن 2000 حرف أو ثلاث صفحات قصة قصيرة جداً. ويطلق الروس على القصة القصيرة جداً مصطلح "النثر المصغر" أو ال "منمنمة". وتوجد في الأدب الروسي الكلاسيكي نماذج كثيرة لنصوص قصيرة للغاية، يقل عن نصف صفحة .
ومع شيوع استخدام شبكة الإنترنت أصبح من المريح اعتبار النص قصيرا جدا اذا لم يكن المتصفح بحاجة الى التمرير العمودي للنص على الشاشة. ومن الواضح أن مثل هذا التعريف ليس دقيقا، لأنه لا يأخذ في الاعتبار الاختلاف في أبعاد الشاشة وحجم الحروف .
• الجذور التأريخية للقصة القصيرة جداً
والحق أن "القصة القصيرة جداً" ليس فناً أو جنسا أدبيا جديدا، ولا يعود ظهورها الى التسعينيات من القرن الماضي. بل هي نصوص أدبية تتسم بالإيجاز البليغ، وتتوافر فيها البراعة القصصية وأحيانا، كل العناصر الفنية للقصة القصيرة الناجحة، ونجدها في الأدب الغربي لدى جمهرة من كتّاب القصة القصيرة منذ أكثر من قرن من الزمان. ولا أحد من النقاد الغربيين يربطها بالتغيرات السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، التي شهدتها مجتمعاتهم، أو بالظواهر الدولية أو الكونية، بل ينظرون اليها كلون لطيف من ألوان الأدب القصصي المركز، ساهمت شبكة الإنترنيت في شيوعه وترسيخه .
يعد ايفان تورغينيف (1818-1883) أول من كتب النصوص النثرية القصيرة وذلك في أواخر السبعينيات من القرن التاسع عشر، وتحتفل روسيا سنويا بما يسمى مهرجان "النثر المصغر" تخليدا لذكرى هذا الكاتب الروسي العظيم، الذي يعد المؤسس الحقيقي لهذا النمط المقتضب من القصة القصيرة.
وقد صدرت في روسيا أنطولوجيا "النثر المصغر" تخليدا لذكراه، وتضم مختارات من نتاجات الكتاب الروس المعاصرين البارزين في هذا النمط الإبداعي، وهي لا تختلف عن القصة القصيرة جداً، وان اختلفت التسمية. كما ان العديد من الكتّاب العالميين كتبوا نصوصاً قصصية قصيرة للغاية، وفي مقدمتهم أنطون تشيخوف (1860 – 1904) وايفان بونين (1870 – 1953)، وفرانز كافكا (1880 – 1924)، و أو. هنري (1862- 1910)، وهوارد لوفكرافت (1890- 1937)، وارنست همنجواي (1899- 1961) ومن الكتاب الأميركيين المحدثين راي برادبري (1920 – 2012). وفي بريطانيا آرثر كلارك (1917- 2008). وفي اليابان ياسوناري كاواباتا (1899 – 1972). وفي الأرجنتين مايسترو (القصة القصيرة والسرد القصير) خوليو كورتاثر (1914- 1984).
وفي البلدان الناطقة بالإسبانية برز في هذا المجال الكاتب آوغوسطو مونتيروسو (1921-2003) الذي كتب إحدى أقصر القصص في الادب المدون بالاسبانية. وخورخيه لويس بورخيس (1899-1986) واغناسيو مارتينيس كافيرو، ورومون غوميس، وخوسيه مارينو، وخوان ميلياس .
ويقول الناقد والكاتب الكوبي من أصل ايطالي ايتالو كالفينو (1923-1985) إنه كتب في هذا النمط السردي مستلهما تجربة بورخيس، وكذلك الكاتب ادولف بيئوي كاساريسا، وهو الذي قال بأن مونتيروسو كان أفضل الكل، وانه نفسه كتب تحت تأثير هذا الكاتب.
ويتناسى منظرو وكتّاب القصة القصيرة جداً في العالم العربي، ان نجيب محفوظ هو اول كاتب عربي كتب العديد من المنمنمات القصصية، ولم يدر بخلده أن يقول إنه ابتدع جنساً أدبياً جديداً، مع أن تلك المنمنمات ترتفع بمستواها الفكري والفني الى مصاف أجمل ما كتب في هذا النمط الابداعي. ورب قائل إن جبران خليل جبران كان أسبق من نجيب محفوظ في كتابة هذا اللون القصصي، ولكن تجارب جبران كانت أقرب الى "الخواطر" منها الى المفهوم الحديث للقصة القصيرة جداً .
• نماذج من القصة القصيرة جدا في الأدب العالمي
في أواخر القرن التاسع عشر أجرت إحدى المجلات الأميركية مسابقة للقصة القصيرة جداً، شريطة أن لا تتجاوز 55 كلمة (في اللغة الإنجليزية)، وتتوافر فيها كل عناصر القصة من بداية، وذروة، ونهاية، وحبكة. وقد فاز في المسابقة الكاتب الأميركي الشهير أو. هنري (1862- 1910) .
"كان سائق سيارة يدخن عندما انحنى ليرى مستوى البنزين المتبقي في خزان الوقود. كان الفقيد في الثالثة والعشرين من عمره ".
وكتب فرانز كافكا مجموعة كبيرة من القصص القصيرة جدا. وقد سبق لنا ترجمة طائفة من هذه القصص الى اللغة العربية، ونشرت في بعض المجلات والصحف البغدادية في أوائل السبعينيات، في وقت لم يكن شيء من أعمال كافكا قد ترجمت الى اللغة العربية، ما عدا قصة "التحول" التي ترجمت تحت عنوان "المسخ". وهذه ثلاثة نماذج من القصص القصيرة جداً لفرانز كافكا التي قمنا بترجمتها ونشرها قبل أكثر من أربعة عقود .
الأشجار: "ما دمنا نحن مثل أشجار مقطوعة في الشتاء، فإن هذه الأشجار تبدو لنا وكأنها قد تدحرجت على الثلوج ببساطة، وإننا ما أن ندفعها قليلاً، حتى تتحرك. كلا ليس بمقدورنا أن نفعل ذلك، لأنها تجمدت، فالتصقت بالأرض. اقترب منها وجرب، وسترى ان هذا ما يخيل اليك فحسب" .
القرية المجاورة: "كان جدي يقول أحياناً – ما أقصر الحياة! حينما أتذكر حياتي الماضية، فان كل شيء فيها يبدو متراصاً ومتلاحقاً على نحو يجعل من الصعب عليّ أن أفهم كيف يتجاسر شاب على السفر ولو الى قرية مجاورة ممتطياً جواده، ولا يتملكه الخوف - ليس فقط من كارثة في الطريق، بل من أن حياة اعتيادية، ولو كانت موفقة لا تكفيه أبدا للقيام برحلة كهذه".
الفساتين: "حينما أرى الفتيات الحسان وقد ارتدين الفساتين الجميلة، التي زينت بالكشاكش والثنايا الفخمة، وطرزت بالنقوش المتنوعة، يتبادر الى ذهني، ان الفساتين لن تحتفظ بمظهرها وشكلها لمدة طويلة: الثنايا تنكمش، ولا يمكن إستعادة شكلها الأصلي، والنقوش يكسوها الغبار، ولا يمكن تنظيفها. وليست ثمة امرأة واحدة ترضى أن ترتدي من يوم الى يوم، ومن الصباح حتى المساء، الفستان الفاخر نفسه، لأنها تخشى أن تبدو بائسة ذليلة، بيد أني أرى فتيات جميلات، رشيقات القوام، ناعمات البشرة، لهن شعر كثيف باهر، يظهرن بذات الأقنعة التي وهبتها الطبيعة لهن، ويريحن وجوههن المعتادة على الأديادي ذاتها. ولكن في بعض الأحيان فقط، عندما يعدن الى بيوتهن في وقت متأخر من المساء، بعد حفلة راقصة، ويتطلعن الى أنفسهن في المرآة، يخيل اليهن أن وجهاً مغبراً، منتفخاً، مهلهلاً ينظر اليهن. وجه اعتاده الجميع وبلي الى حد كبير".
أما ارنست همنجواي المعروف بأسلوبه الذي وصفه بنفسه أنه أشبه بجبل الجليد، الذي لا يرى منه سوى ثمنه، أما الأجزاء السبعة فهي مغمورة في الماء. فقد كتب أقصر قصة قصيرة مؤثرة في تأريخ الأدب العالمي وهي تتألف من ست كلمات فقط:
” For sale: baby shoes , never used “
" للبيع: حذاء أطفال، لم يستعمل قط ".
وثمة قصة قصيرة للغاية لمونتيرّوسو، وهي تحت عنوان: "الدّيناصور" وهي مؤلفة من سبع كلمات: “عندما استيقظ، كان الديناصور ما زال هناك".
• قصة من مائة كلمة Drabble
ثمة نمط متميز من الوان القصة القصيرة جدا، انتشر في المملكة المتحدة منذ العام 1980 تحت اسم "درابل فلاش فيكشن". ومن أهم شروط قصص "درابل" ان تكون القصة في مائة كلمة بالضبط (ما عدا العنوان)، وتتوافر فيها العناصر الأساسية المعروفة للقصة القصيرة. وهو نمط صعب يتجلى فيه قدرة المؤلف على التعبير عن فكرة ذات معنى بشكل مقتضب في عدد محدود من الكلمات .
ولدت قصص "درايل" في جامعة برمنغهام كشكل من أشكال اللعب اللفظي، قبل أن تتخذ شكل المسابقة الأدبية .
واللعبة مستوحاة من كتاب ساخر يحمل عنوان "كتاب مونتي بايثون الكبير الأحمر" الصادر في لندن سنة 1971، لمجموعة مؤلفين - تهكماً بكتاب ماو "الكتاب الأحمر الصغير". يصف المؤلفون في الكتاب الكبير "لعبة كلمات" حيث يجتمع عدد من الأصدقاء حول موقد النار، يحتسون البراندي، ويتبادلون الأحاديث الممتعة، ويتنافسون فيما بينهم، في تأليف قصة قصيرة جداً، لا يتجاوز عدد كلماتها مائة كلمة بالضبط، ويعتبر فائزاً أول من ينتهي من تأليف القصة، مهما كان موضوعها أو اسلوبها .
صدرت منذ ذلك الوقت العديد من مجموعات قصص "درابل" لكتاب معروفين في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وأميركا اللاتينية والعديد من دول العالم .
• قصة من 55 كلمة
في عام 1987 عدّل ستيف موس، رئيس تحرير مجلة "نيو تايمز" شروط كتابة قصص (درابل)، وأعلن عن مسابقة أدبية جديدة لكتابة قصة قصيرة جداً، لا يتجاوز طولها 55 كلمة. وكانت شروط المسابقة عديدة وصارمة، ولكن يمكن ايجازها في ما يلي: "ينبغي كتابة قصة قصيرة جدا تتوافر فيها العناصر الأساسية للقصة القصيرة، وذات حبكة واضحة، وبطل واحد أو اكثر، ونهاية غير متوقعة".
وقد استلمت المجلة عددا هائلا من القصص القصيرة جداّ، وفازت في المسابقة قصة الكاتب الأميركي جون دانييل التي تحمل عنوان "الغيتار".
"عندما كنت طفلاً، كانت زوجة أخي الأكبر تشتكي لي دائما بأن زوجها لا يعيرها أي اهتمام حين، يعزف على الغيتار. وكانت تقول، إنني متأكدة أنه يحب غيتاره أكثر مني. وبعد بضع سنوات انفصلا عن بعضهما. أعتقد بأن هذا كان الحل الأفضل لحالتهما " .
إن أهم شرط لنجاح مثل هذه القصص، سواء كانت مؤلفة من (100) أو ( 55) كلمة، هو أن ينسى الكاتب تماماً ما يحدث في الواقع، ويطلق العنان لخياله، وان تكون القصة ممتعة، يقرأها المتلقي بشغف في أقل من دقيقة، مثل هذه القصص قد تكون خيالية، أو بوليسية، أو عبثية، أو مرعبة، أو مؤثرة. أي ببساطة قصة غير عادية .
وقد اختار موس افضل القصص المشتركة في المسابقة وأصدر انطولوجيا تحت عنوان "أقصر قصص في العالم". وكتب للأنطولوجيا مقدمة ضافية حدَّد فيها أهم عناصر وخصائص هذا النوع من القصص.
لم يتوقع موس أبداً أن تدخل القصة القصيرة جداً المؤلفة من (55) كلمة فقط الى المناهج الدراسية، واستلم عددا كبيراً من الرسائل من الأساتذة والطلبة يشيدون بجهوده المبذولة في هذا المجال ويشكرونه، لأن تجربة كتابة قصص من هذا النوع تعلّم الطلبة التعبير عن الأفكار بوضوح ودقة، وتدربهم على إعادة النظر في النص مراراً وتكراراً، وعلى اكتساب المهارة في استخدام تقنيات الكتابة .
هذا اللون الإبداعي مفيد أيضاً لكتّاب القصة القصيرة والرواية، حتى المعروفين منهم، لأنه يعلّمهم الاقتصاد في الكلمات. وثمة اليوم في معظم دول العالم كتاب مشهورون يمارسون كتابة هذا اللون اللطيف من القصص المختصرة الى جانب القصة القصيرة والرواية، ومنهم الكاتبة الروائية الأميركية ليديا دافيس (ولدت عام 1947) التي اشتهرت بقصصها القصيرة جداً، ونالت عنها جائزة البوكر الدولية لعام 2013. وهي جائزة تمنح كل عامين للأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الأنجليزية أو المترجمة اليها. وقال رئيس لجنة التحكيم لجائزة البوكر الدولية السير كريستوفر ريكس في الإحتفال الذي اقيم في 22 مايو/آيار من ذلك العام في متحف (فكتوريا والبرت) بلندن تكريماً للكاتبة :
"يمكنكم اطلاق اسم المنمنمات، أو المشاهد، أو المقالات، أو الحكايات، أو الأمثال، أو الملاحظات، أو حتى الخرافات، أو الأدعية، على هذه النتاجات".
أي أن مفهوم "القصة القصيرة جداً" في الأدب العالمي أرحب بكثير مما يتصوره أولئك الذين يميلون الى وضع هذا اللون الإبداعي في خانة ضيقة وتقنين شروطه ومواصفاته .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.