بالقرب من قلعة قايتباي، في الجهة الغربية من الإسكندرية، يوجد متحف الأحياء المائية الذي يتميز عن غيره باحتفاظه بمقتنيات تبدو غريبة وغير مألوفة، حيث يضم أنواعا نادرة من الحيوانات المائية والشعب المرجانية التي تتخذ أشكالا ومسميات عدة، لا يوجد مثيل لها في غالبية دول العالم حتى الشهيرة بكثرة وتعدد مخلوقاتها البحرية، مما جعل هذا المتحف يحوي الكثير من أسرار عالم البحار. أنشئ المتحف في الفترة بين عامي 1929 - 1930م تابعا للمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، لكنه لم يلق اهتماما، وبالتالي لم يتم افتتاحه بصورة رسمية إلى بعد مرور 36 عاما على إنشائه أثناء حكم الراحل جمال عبدالناصر، رغم أن الهدف من إنشاء المتحف كان لتعزيز السياحة المائية، والاحتفاظ بما يتم استخراجه من البحار، التي تتخذ أشكالا وألوانا تبدو غريبة وغير اعتيادية، كما أنه خصص لإفادة الباحثين في مجال الأحياء المائية. ويتكون متحف الأحياء المائية من ثلاثة طوابق شيدت على مساحة صغيرة، يغلب على المكان رائحة التراث والعراقة، حيث أنه يتوحد في الشكل العام له مع الطراز الحربي لقلعة قايتباي، لذلك ينظر له الجميع باعتباره حزءا حربيا من القلعة، لا سيما أنها توجد في واجهتها مباشرة، وبالتالي صنف متحف الأحياء البحرية بأنه من أشهر القلاع البحرية ليس في مصر فقط، وإنما في المنطقة العربية بأكملها، يشمل كل طابق من الطوابق الثلاثة على مجموعة أقسام، يحتوي كل منها على أنواع نادرة من الأسماك، بخلاف تماثيل أخرى لأحياء بحرية مختلفة. يبدأ المتحف بمدخل رئيسي تعلوه لافتة تتضمن اسم المتحف، شيدت بشكل يميل إلى الطراز الحربي، تحتوي في جنباتها على عمودين يستند عليهما المدخل، يرمزان إلى عراقة المكان وأهميته، يليه مباشرة مبنى المتحف الرئيسي، الذي يبدأ بالطابق الأرضي ويضم عددا من الأقسام يستقل كل منها بذاته، يوجد بالقسم الأول عدد من الدواليب تحتوي داخلها على أنواع نادرة من الأسماك البحرية، أبرزها أسماك يطلق عليها اسم "الشيطان"، يعرف هذا النوع من الأسماك بتوافره في البحر المتوسط، ويحتمل انقراضه، لذلك كان من الضروري الاحتفاظ بإحداها محنطة داخل متحف الأحياء المائية بالإسكندرية، حيث يعد مثل هذا النوع الغريب من أكثر الأشياء جذبا للسائحين، كما أنها تحتوي على نوع آخر من الأسماك وهو "سمكة الدجاجة" التي تشبه في شكلها العام الدجاج، لكونها تحتوي على أذرع كثيرة رقيقة تشبه "ريش" الدجاجة، لذلك يطلق عليها السمكة الدجاجة، وهذا النوع يكان يكون غير موجود بالعالم، كما يطلق البعض عليها اسم "أسد البحر" لأنها تتميز بقوتها وشكلها المخيف، بالإضافة إلى أنها تحتوي على مواد سامة تقوم بإطلاقها في الماء إذا تعرضت للخطر. كما يحتوي القسم الثاني بالطابق الأرضي داخل متحف الأحياء المائية على دواليب أخرى، تحمل عددا من القواقع والأصداف النادرة مثل صدف الكوكيان، رغم شهرته ولكن لا يوجد في أماكن كثيرة، كما أنه يتطلب مناخا معينا للعيش به، يحتفظ به محنطا في متحف الأحياء المائية نظرا لغرابة شكله، الذي يتكون من عدة رقائق مختلفة الحجم، تصغر كلما ارتفع الصدف إلى أعلى. ويقول د. يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان: يضم الطابق الثاني من متحف الأحياء المائية بغرب الإسكندرية عدة أقسام، يحتوي القسم الأول منها على مجموعة نادرة من الحفريات التي تعود لمئات السنين، بالإضافة إلى عدد من الهياكل العظمية لحيتان وأسماك مختلفة مثل القرش، توضع في مواجهة القسم لجذب الزائرين، لكونها تتميز بقدرتها على لفت الانتباه. كما أن هناك قسم آخر يوجد به الكثير من الدواليب، بداخل كل منها عدد من الشعاب المرجانية، التي تتميز بألوان مختلفة وجميلة تجذب الأنظار إليها، كذلك توجد مجموعة من القواقع البحرية التي تتخذ أشكالا متعددة، بجانب هذا القسم مساحة واسعة وزعت بها فاترينات زجاجية، بداخلها نماذج قليلة من السلاحف البحرية النادرة. ويوضح القزاز، أنه يوجد بمتحف الأحياء المائية أيضا قسما يضم مجموعة من الأسماك الغضروفية التي تم تحنيطها بتقنية عالية، من بينها نوع يطلق عليه "الحداية" يشبه في شكله طائر الحدأة، ويعرف بخطورته على الإنسان، حيث يمتلك أسنانا حادة يستطيع بها قضم الأشياء الصلبة، كما يوجد نموذج من أسماك "الترسة"، الذي يُعرف بندرته، تجاوره ورقة تشرح كيفية وضع البيض الخاص به أسفل حبيبات الرمال للحفاظ عليه ولاكتمال عملية النضج. أما الطابق الثالث من المتحف، فيشير القزاز إلى أنه يحتوي على بعض الأجهزة المستخدمة في عملية تحنيط الأحياء المائية، بالإضافة إلى أجهزة أخرى قديمة كانت تُستخدم قديما في عدة مجالات مائية، فهناك جهاز خاص بقياس زوايا المياه المختلفة، بجانبه جهاز آخر استخدم في التعرف على سرعة الرياح، بالإضافة إلى جهازين آخرين أحدهما خاص بمعرفة مدى رطوبة البحر والآخر بتحديد الاتجاهات.خدمة ( وكالة الصحافة العربية )