خيمت سحابة من الحزن على سماء الثقافة المغربية هذا الأسبوع، وتبادل الأدباء والنقاد في ما بينهم عبارات التعازي والمواساة، إثر الرحيل المفاجئ للقاصة مليكة نجيب، ووجد الكثيرون أنفسهم ينخرطون تلقائيا في كتابة تدوينات على شبكات التواصل الاجتماعي، تجسد جوانب من الخصال الإنسانية للفقيدة، وكذلك من عطاءاتها الثقافية، ونضالاتها من أجل تبوؤ المرأة المغربية المكانة المستحقة في مختلف المجالات الحياتية. وأصدر اتحاد كتاب المغرب بلاغ نعي القاصة المغربية وعضو الاتحاد التي توفيت في إحدى مصحات الرباط، عصر الثلاثاء المنصرم، وذلك بعد مرض عضال لم ينفع معه علاج. وخلفت القاصة الفقيدة بعض المجاميع القصصية، كانت باكورتها مجموعة «الحلم الأخضر»، فضلا عن كتاب عبارة عن دراسة جامعية في الرحلة بعنوان «المرأة في الرحلة السفارية». وكتبت الناقدة والباحثة الجامعية سعاد مسكين: «هذه سنة تساقط أوراق الإبداع المغربي. يباغتنا الموت، ويخطف منا مبدعينا. سيدة طيبة وعلى خلق عظيم، وصاحبة حكمة وروية. رحمة الله عليها». كما اعتبر الأديب محمد المصباحي الراحلة «قاصة متميزة ومبدعة لم ينتبه لها أحد من نقادنا…». ووصفها الناقد والقاص عماد الورداني ب»زهرة القصة المغربية». وكتب القاص حسن اليملاحي: «القصة المغربية في حداد… رحم الله روح الفقيدة». واستحضر الإعلامي والشاعر محمد بشكار بعض ذكرياته مع القاصة الراحلة قائلا: «رحم الله الأديبة المبدعة مليكة نجيب، التي ما فتئت تفاجئني بين إبداع وآخر بقصة جديدة مسبوقة دائماً بعبارات الود التي تغني بلطفها وأدبها عن كل أدب، ولست أعرف هل لحسن الصدف أو لسوئها أن تحمل آخر قصة بعثتها المرحومة لملحق «العلم الثقافي»، عنوانا مأتميا هو «إكرام الميت دفنه»، وكأنها تؤكد الفكرة الرائجة التي تقول إن إحساس الموت يسكن بحدسه أعماقنا بشهور قبل ملاقاة القدر المحتوم؛ كانت هذه القصة في بداية السنة الجديدة 2016. أكرر الدعاء رحم الله الأديبة القاصة وعوضها في جنته بعالم أسمى وأرقى من دنيانا (…) وأنا موقن أن حياتها في الأدب المغربي ستبقى مديدة أطول ما بقيت ذاكرة مثقفينا بصحتها ولم يتلفها النسيان..!». وكتب الأديب عبد العزيز الراشدي «رحلت لَلّا مليكة نجيب، الأديبة، الصديقة، القلب الكبير، السيدة الفيلالية الأصيلة، الأخت العاقلة المتسامحة. المرأة التي كتبت القصة وتميزت فيها، واشتغلت في بحثها للدكتوراه على المرأة في الرحلة السفارية المغربية، وفازت بجائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي. كانت شخصية متوازنة جدا، ومحبوبة من الجميع، لا تعرف سوى التسامح والصفح الجميل. هذا العالم، كما قال الشاعر، حديقة أشواك. الله يرحمها». وخطّ الكاتب والصحافي أحمد بومعيز السطور التالية: «وترحل مليكة نجيب… هو الاستباق الذي يعتمده الموت، يستل روح الراحلين ويؤجج مذاق الفراق في روحنا، يلح ويطرق ويضرب مرة أخرى… وتغيب مليكة نجيب في أوج حنينها للحياة وللكتابة. ترحل في وقت كنا نحسها قريبة وصامدة ومبدعة وإنسانة جميلة وهادئة… كأني رأيتها يوم أمس في كامل عنفوانها، مسافة الزمن لم تلغ بهاء اللقاء… إذ حدث مرة في منتصف ذات آذار/مارس سنة 2000 في مدينة الصويرة أن احتضناها في لقاء أدبي نسقته بمعية حنان درقاوي الصديقة التي تعيش منفاها الاختياري في فرنسا، كانت المناسبة اليوم العالمي للمرأة، وكان احتفالنا بالمرأة الكاتبة، وقررنا الاحتفاء بصديقات ومبدعات بدأن يبصمن آنذاك مسار المرأة المغربية ببصمة التحدي والكتابة القصصية.. أتذكر الآن الراحلة مليكة مستظرف التي رحلت أيضا والتي كانت بيننا، كما كانت هناك الصديقة العزيزة لطيفة باقا وخديجة مروازي ولطيفة لبصير… كانت لمّة جميلة لا زلت أحنّ لكل تفاصيلها… أكيد أننا نصير أيتاما بالتقسيط، وكل رحيل يحيلنا إلى فراق ووداع لا نود حتى التفكير فيه… هي الوصية والوعد المتبادلان حد الإيمان.. لك مليكة نجيب وعد منا، أن تبقي بيننا حاضرة ما بقينا هنا، ووصيتك حالمة كما كنت، أن نحب الحياة رغم حتمية وغدر الغياب». واختارت الأديبة والباحثة الجامعية زهور كرام توديع القاصة مليكة نجيب على النحو التالي: «الموت يخطف منا صديقتنا الكاتبة المغربية مليكة نجيب. تتساقط أوراق شجرة الإبداع المغربي. وداعا صديقتنا! عندما يرحل مبدع نندهش من الرحيل كأنه يخذلنا عندما لا يخبرنا بقدومه حتى نستعد له لكننا لا نستثمر الرحيل فنعيد التفكير في علاقاتنا ببعضنا قبل أن يخذلنا الرحيل وينتصر على خذلاننا لنحب بَعضنا أكثر لنقترب من بَعضنا أكثر ولو بكلمة طيبة تنعش الروح لننتصر للحب لأن كل واحد فينا هو منا لنحول ترانيم الحزن إلى ألحان حب لبعضنا حتى يهيمن اللحن عند الرحيل ساعتها سنكون قد انتصرنا على الموت حين أحببنا بَعضنا ورحل بَعضُنَا وقد أشبع حبا لنحب بَعضنا قبل أن يأتي الرحيل».