أطلقت الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة الطبعة الثالثة من رواية "كوكو سودان كباشي" للروائية سلوى بكر. ومن خلال شخوص الرواية تتناول الروائية المصرية جانبا لا يعرفه المصريون أو السودانيون من تاريخهم المشترك، بل وغفلت كثير من الكتابات التاريخية والمؤرخين عن هذا الجانب، وهو أن هنا فرقة مشتركة من جنود مصريين وسودانيين، كان يشار لها باسم "أورطة" حسب الاصطلاحات العسكرية التي كانت مستخدمة في هذه الفترة، شاركت في غمار الحرب الأهلية المكسيكية التي شهدتها المكسيك ومناطق مجاورة لها شمال الولاياتالمتحدة الأميركية خلال الفترة من 1863 إلى 1867. وتلتقط سلوى بكر شخصيات روايتها من خلال شخوص حقيقيين خاضوا تجربة الحرب والموت بسبب الأمراض بعيدا عن وطنهم، وكان للجنود المشاركين في هذه الحملة تجارب ومشاعر إنسانية وظفتها الكاتبة في رسم الخط الدرامي الذي قامت عليه الرواية. وتقول مؤلفة الرواية عن تجربتها الإبداعية في رواية "كوكو سودان كباشي": إن روايتها التي صدرت الطبعة الأولى منها في عام 2004 جاءت لتعبر عن تجربة إنسانية تعرفت عليها من خلال سرد لشخص حقيقي مرتبط بأحد شخصيات الرواية الحقيقية، وتقول: "كنت أجلس في كافيتريا، وتعرفت على شاب مصري أمه مصرية ووالده مكسيكي، وله أصول هندية، وهو بالفعل بطل الرواية، والرواية يمكن أن تجعلنا نسأل عن التاريخ، والسؤال هو هل التاريخ الذي استقر في أذهاننا هو ما حدث بالفعل؟". وعن رواية "كوكو سودان كباشي" تقول الناقدة د. هويدا صالح: الروائي يبحث دائما عن التفاصيل والناس في الحرب والحدث التاريخي في هذه الرواية لم يكن هو الرئيسي، وبها خطان دراميان، الأول اجتماعي والخط الدرامي الثاني هو الأوراق، والرواية فيها لغة جميلة وشغف، وخاصة تأثر البنت بالأب الذي تبحث عن صورته دائما. وأضافت هويدا: أرادت الكاتبة من هذه الرواية أن تحاكم القهر الناتج عن الواقع، وظلت تبحث عن مبررات لمحاكمة التاريخ والواقع، واعتمدت الكاتبة على تقنية الحلم والتي استدعت بالتالي الفانتازيا والمحاكاة الساخرة، واعتبرت هويدا في هذا الصدد أن الروائي يراهن على التاريخ، ولكن قد يأتي الإنصاف متأخرا على حد قولها. أما الكاتب المصري محمد موسى، فيقول عن الرواية ومؤلفتها: تتمتع الكاتبة بحالة من تحدي الذات وتعنى بهموم الهوية المصرية وهناك لغة وتكنيك خاص جدا بها، وقصدت أن تشرك القارئ معها في الرواية ولديها أسلوب متفرد من الكتابة. وتتناول الرواية ما حدث من جانب الحكومة المصرية في عهد حكم الخديوي سعيد لمصر، ومن بعده الخديوي عباس، حيث رضخت الحكومة المصرية لطلب فرنسا بإرسال جنود وأطباء مصريين للمشاركة في الحرب الأهلية في المكسيك التي كان يعتبرها حاكم فرنسا في ذلك الوقت نابليون الثالث جزءا من ممتلكات فرنسا عبر البحار. وتفضح سلوى بكر من خلال روايتها "كوكو سودان كباشي"، العنصرية التي كانت تتصرف بها السلطات الفرنسية، بالرغم من أن أحداث الرواية وقعت بعد الثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الحرية والإخاء والمساواة، حيث تكشف الرواية عن أن جانبا كبيرا من الصراع الذي كان يدور في هذا الوقت ضمن أحداث الحرب الأهلية المكسيكية كان مجرد حلقة من حلقات تجارة العبيد التي كانت تحت رعاية الدولة الفرنسية، ومن جوانب العنصرية التي تكشفها الرواية أيضا هو أن الأطباء الفرنسيين في ذلك الوقت يعتقدون أن هناك مرضا غامضا في هذه البلاد لا يصيب الأطباء ذوي البشرة السوداء.