أعلنت الهيئة التنفيذية لتظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 خلال ندوة صحفية عن مختلف تطورات البرمجة والإعداد لهذا الحدث الثقافي الهام الذي تقرر أن يكون افتتاحه الرسمي يوم 23 يوليو 2016، حيث تمّ الكشف عن الشعار الرسمي لهذه التظاهرة وتقديم موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت. وتمّ تقديم الشعار الرسمي لتظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016 عن طريق مقطع مصور يجمع بين السفينة كرمز للبحر وسور المدينة كرمز ثقافي وحضاري مهمّ فضلا عن أنه يُعَدُّ المثال الوحيد في كل العالم الذي مازال محتفظا بخصوصيته المعمارية مكتملة وذلك بإحاطته بالمدينة العتيقة، هذا بالإضافة إلى خلفية موسيقية بصوت ابن صفاقس الفنان الكبير محمد الجموسي وأغنيته الشهيرة “ريحة البلاد” ليجتمع كل هذا في تميمة حملت اللون الذهبي الذي هو بالمناسبة نفس لون سور المدينة العتيقة. ثلاثة مشاريع كبرى سيقع العمل على تنفيذها خلال الفترة المتبقية قبل الانطلاق الرسمي والفعلي للتظاهرة، وهي: مشروع تحويل بناية موجودة بوسط المدينة من فضاء للرياضة إلى فضاء ثقافي متكامل، يجمع بين مكتبة رقمية بأحدث التقنيات ومسرح يتّسع لمئتي متفرج وقاعة عروض مجهزة بأحدث تقنيات العرض والإضاءة بالإضافة إلى العمل على استغلال الواجهات البلورية للبناية من ناحية الإضاءة وتحويلها إلى قطعة فنية ليلا لتكون بذلك العمود الفقري لتظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016. المشروع الثاني يُعنى بالتأسيس لمصالحة بين المواطن في مدينة صفاقس والبحر من خلال فضاء “شطّ القراقنة” أو “كورنيش مدينة صفاقس” الذي يعتبر وجهة غير مستغلة وغير محبذة في المدينة بحكم غياب تصوّر واضح لاستغلاله من جميع النواحي ويرمي المشروع الجديد المدرج ضمن أولويات التظاهرة إلى القيام بهذه المصالحة من خلال وضع إستراتيجية واضحة تتمثل في التنشيط الدائم والمستمر للفضاء طوال السنة وتركيز منشآت ثقافية به، فضلا عن تشجيع تركيز نشاط تجاري ترفيهي به يساهم في إعادة الحياة للمكان. أمّا المشروع الثالث فيتعلق بسور المدينة العتيقة الذي تقرر أن يتمّ تعهّده بالصيانة والترميم، ثمّ وفي مرحلة موالية تركيز إنارة فنية عليه باستعمال تقنيات متطورة حتى يتحوّل ليلا إلى ما يشبه البطاقات البريدية التي تختزل في كل مكان من السور ملحمة تحكي تاريخ المدينة أو تخلد ذكرى عَلَمٍ كان يعيش فيها. وقال سمير السلاّمي رئيس الهيئة التنفيذية لهذه التظاهرة أنّ تنفيذ هذه المشاريع يبقى ممكنا بجدية إن تحقق شرط تضافر الجهود سواء داخل صفاقس بين الهيئة التنفيذية ومثقفي الجهة ومواطنيها أو خارجها بتوفر الدعم المادي المطلوب للإنجاز، موضحا أن نجاح التظاهرة وإن كان مكسبا محليا فإنه وبالأساس مكسب وطني لأن صفاقس ستكون محطّ أنظار الجميع في الخارج والداخل. وفي سياق حديثها عن البرمجة الثقافية لتظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية 2016، أشارت ربيعة بلفقيرة الكاتب العام للتظاهرة أنّ الخيار في تونس اليوم هو خيار ثقافي بالأساس وكلّ فعل ثقافي هو فعل مقاوم خصوصا مع تصاعد حدّة الخطاب الرجعي الرافض للفني وللجمالي وللحياة عموما، مؤكدة أنّ نجاح التظاهرة يأتي في هذا السياق تماما. وبخصوص قابلية المشاريع المقدمة للتنفيذ لضيق الوقت ولحجم الدعم المرصود أوضحت أنّ المشاريع لن تبقى حبرا على ورق، بل إنّ العمل قد انطلق بعدُ لتنفيذها وأن انخراط المثقفين في هذا المشروع يعدّ مكسبا مهمّا ودافعا للنجاح خصوصا بعد تكوين اللجان المشرفة ما أتاح وضع تصورات واضحة ودقيقة في لجان مثل المعارض والندوات والملتقيات والفنون التشكيلية والعروض الفنية التي يبقى بابها مفتوحا أمام الفنانين والمثقفين لتقديم ما يرونه مناسبا لتثمين ما تملكه صفاقس من مخزون ثقافي مهمّ. يُذكر أنّ اللجنة الدائمة للثقافة العربية، المنعقدة بالكويت، اختارت الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، بالإجماع ليكون رمزا ثقافيا للاحتفاء به في مدينة صفاقس التي ستكون عاصمة للثقافة العربية لعام 2016. ويأتي هذا الاختيار نتيجة للإنجازات الثقافية والمعرفية التي حققها الشيخ القاسمي، ولجهوده الكبيرة في دعم الثقافة العربية، وتعزيزها على المستوى العالمي. وتُعتبر صفاقس بوابة الجنوب التونسي وأحد أهم المراكز الاقتصادية والصناعية في تونس، وقد توالت عليها الحضارات الرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية ولا تزال شواهدها حاضرة في بعض ضواحيها.