الأحد: ممل يوم الأحد كعادته، رغم تخيلاتي أنه شاب بهي الطلعة يبتسم دائماً، لكنه لا يبتسم لي أبداً، يتركني ويذهب ليتلهي مع أخريات وأجلس وحدي أحدق في الفراغ. في يوم الأحد لا أتلقي اتصالات هاتفية ولا أقوم بها، أحس أنني سأقتحم خلوة أناس هانئين فأفضل العزلة، سأطلب بيتزا للغذاء وتنتهي مسألة إعداد الطعام، ويستمر الأحد مستلقياً في كسله، بدلاً في الصوت الروتيني الذي يتلقي الطلبات جاءني صوت امرأة عجوز يرتجف ويعاتبني لأني لم أحضر للفطور الذي أعدته خصيصاً من أجلي، ما أن قلت آلو حتي بدا صوتها حزيناً، وهي تحكي عن استعداداتها منذ الصباح وشوقها للقائي، وكما قالت فقد مضي وقت طويل منذ الزيارة الأخيرة لها، صمتت المرأة العجوز، كان مطلوباً مني الرد بدلاً من السكوت ماذا أقول لها عذراً لست أنا. وضعت السماعة، هناك من يشاركني عزلة الأحد أيضاً ليت بإمكاني تلبية تلك الدعوة. الاثنين: متزن جداً، بطيء وحالم. يقترن بذهني دائماً بالامتحانات أو نتائجها. لا يمكن للاثنين أن يحمل عبثاً ما أو مداعبة، يرتدي بذلة رسمية سوداء ويتحرك بكلاسيكية مربكة ويجبرك علي احترامه، ورغم محاولاتي شطب هذه الهلوسات من ذهني، والتكرار لنفسي أن الأيام كلها متشابهة، لكن الاثنين يؤكد لي دائماً أحقيته في أموري الرسمية، أجدد جواز السفر يوم الاثنين، استخرج رخصة القيادة، الوثائق الخاصة، وفي ختام يومه أتابع دروس اللغة في الجامعة، لا يمكن ليوم آخر أن يضاهيه في عمليته ونجاحه، ولا في شبهه بوجوه التماثيل المنحوتة منذ القدم. الثلاثاء: أحب مراوغته، وتخلصه من أثقال الاثنين ورتابته، في ثيابه العصرية والخفيفة يتحرك في حياتي مبدياً قدرة علي المداعبة، يسمح لي أن التقط أنفاسي من ملل الأحد، وبرودة الاثنين، يحرضني بعد نهاية العمل علي هروب صغير إلي قاعة السينما، أو إلي السير علي الكورنيش، يعرف ما أحب، يختار لي فأسير برفقته باستسلام كلي، حين وقفت علي الشاطئ كانت بائعة الشاي تحوم حولي، تلح علي لشراء كوب من الشاي، تلك الطفلة السمراء الجميلة، بدت لي تصخب بحياه مختلفة، حياة تزدحم بقدرتها علي الوقوف ومواصلة اليوم بلا كلل، حين حاولت أن أعطيها النقود ورفضت أن آخذ منها كوب الشاي، أعادتها لي قائلة أنها لا تتسول.
الأربعاء: يكرهه الجميع، أنا أحبه، يرون علي وجهه بثور ودمامل وتشوهات لا تبرأها أي لمسة سحر لكني أحنو عليه، وأضمه إلى صدري كقط أليف. الأربعاء الذي يتشائمون من طلته لا يصيبني من شرره أي أذى، يعبر حياتي بخفة ملقياً تحية صغيرة، أبادله مثلها، يشرب معي فنجاناً من القهوة ويمر بسلام، ليتركني في دوامة العمل.
الخميس: حكيم متريث، شيخ جليل بلحية بيضاء، شيخ لا ديانة له، رحيم يتنقل من الهند إلي الصين، إلي أدغال أفريقيا، داعياً للسلام، خميس المسارات الحالمة والنهايات الوشيكة، وانتظار لوعد ربما لا يأتي. دائماً يدفعني الخميس للانتظار، انتظار ماذا؟ أسأل نفسي! أقول سأنتظر الأحد حتماً ربما سيحمل لي فرحاً ما، وأظل انتظر.
الجمعة: موقعه الذي يتوسط حكمة الخميس، وصخب السبت يجعله حائراً لمن يرتكن أكثر، لا يستقر علي أمر، كل الأعمال يجب أن تحسم فيه وكل المشاريع يتم حزمها في حقيبة وإلقائها إلي جعبه الأسبوع المقبل. الجمعة تابع وغير متبوع، لا ينحاز لأحد لكنه لا يعلن عن هويته الخاصة، ينطوي علي ذاته، ويستعد للرحيل بأقصي سرعة.
السبت: إنه السبت... يوم تليفزيوني بامتياز، للتخلص من تراكمات أسبوع مضغوط تلقي بأعبائك علي السبت النشط لا يمكن للسبت أن يشبه الأحد أبداً، ولا أن يشبه غيره من الأيام، يقف قبل الحافة وحيداً متفرداً بموقعه المميز، هو ليس نهاية ولا بداية، ولا وسط، هو كائن وحيد، لا يتشابه مع غيره من تلك الأيام الكسولة أو المملة. السبت يتحرك بنشاط ويترك لك حرية الاختيار والفعل والتنقل بين شاشات القنوات الفضائية بلا ذنب، مؤكداً أنه لا يحمل ملل الأحد، عندما تجلس وحيداً، حائراً ماذا ستفعل، عندما لا يأتيك أي اتصال هاتفي، ولا تقوم أنت بأي فعل سوي التحرك من أريكة بجانب التليفزيون الذي غدا مملاً إلي أريكة علي الشرفة تراقب منها شارعاً يصخب بالحياة، أنت تراقبها فقط... ليتني أستطيع أن ألبي دعوة تلك المرأة العجوز غداً، إنه الأحد.