كتب - لميس سامي - أماني زيان - آيات الموافي - لمياء جمال عندما تعاني من مشاكل اقتصادية عندما تصرخ طول الوقت من ضيق ذات اليد عندما تشكو ليل نهار من أسعار اللحوم والخضار ومصاريف المدارس والدروس الخصوصية وعندما تصرف في ثلاثة أشهر 11 مليار جنيه علي الكلام في المحمول فهل أنت «اقرع ونزهي» الإجابة في السطور التالية: كشف التقرير ربع السنوي لوزارة الاتصالات عن الفترة من أبريل إلي يونيو 2010 ارتفاع عدد مستخدمي المحمول في مصر إلي 58 مليوناً.. وأن إجمإلي إيرادات شركات الاتصالات في الأشهر الثلاث من أبريل إلي يونيو الماضي بلغ 46,11 مليار جنيه. وأن المصريين ينفقون نحو 40 مليار جنيه سنوياً علي الهاتف المحمول، يذهب 35 مليار جنيه منها علي المكالمات، فيما ينفقون الباقي علي شراء أجهزة الهواتف المحمولة. الملل هو السبب أجابت سارة محمد عن سؤالنا قائلة: فلوسي كلها رايحة علي كروت الشحن بسبب الوحدة التي أعيشها والملل الذي أشعر به هو الذي يجعلني أنفق أموالي علي الاتصالات، فأنا لدي أصدقاء كثيرون في مختلف المحافظات ويصعب علي لقاؤهم لذلك تصبح الوسيلة الوحيدة هي محادثتهم هاتفياً فأنا لا أستطيع أن يمر يومي إلا إذا قمت بعمل من 10 إلي 15 مكالمة هاتفية وقد يكون الحد الأدني من الدقائق في المكالمة 3 دقائق وكل يوم اشحن كارت بعشرة جنيهات وأحياناً أقوم بشحن كارت فئة بعشرين علي حسب «الكاشات» وفي الأعياد أستخدم كل العيدية في شراء كروت الشحن وفي كثير من الأحيان أقوم بشراء أكثر من كارت عندما يكون المتاح لي من المال كثيرًا وأقوم بشحن كارت واحد وأترك باقي الكروت لحين انتهاء «رصيدي»، ولذلك أكون قد أمنت نفسي إذا احتجت إلي رصيد في أي وقت ولا أملك أموالاً. المكالمات وأنتيمتي وقالت «آلاء علي»: علي الرغم من أنني غير مرتبطة إلا أنني أقوم بإجراء مكالمات لصديقتي الأنتيم فأهلها يمنعون عنها (هاتف المنزل) حتي تهتم بدراستها، ولكنها تحتاج في أحيان كثيرة إلي شرح بعض النقاط فتقوم بإرسال «كلمني شكرا» أو (رنة) لأنها لاتستطيع أن تشحن كثيرا وأقوم أنا بالاتصال بها وأتحدث معها بالساعة يوميا علي الهاتف وأحيانا أقوم بالاتصال بها حتي نسمع شريط كاسيت نزل في الأسواق حديثا أو نحكي عن حلقة فائتة لأحداث في مسلسل ما ولا أشعر بالوقت الذي أضيعه في المكالمات، فالشيء الوحيد الذي يشعرني لمدة المكالمة عندما ينتهي الرصيد لأسمع الجملة الشهيرة «لقد نفد رصيدكم برجاء إعادة شحن البطاقة وعندما أسمع هذه الجملة ولا أملك نقوداً أو لا أستطيع شراء كارت لتأخر الوقت أقوم بتحويل رصيد أبي أو أمي دون علمهما لأكمل المحادثة، فأنا أري أن الصداقة أجمل بكثير من الحب. اتصالات لاتنقطع أما مروة عثمان فتقول: يكفي أن أخبركم بأنني مرتبطة وأعيش قصة حب وهذه الجملة ستوضح لكم هل اتصالاتي كثيرة أم لا، فأنا طوال الوقت أتحدث في الموبايل وأري أن الموبايل هو حياتي فإذا حدث أي شيء لموبايلي أشعر كأن العالم انتهي وأقوم بعمل أي شيء حتي يكون في موبايلي رصيد يكفي لاتصالاتي، فأنا أتحدث مع حبيبي طوال الوقت حتي أكون معه خطوة بخطوة وإذا فعلت أي شيء أقوم بالاتصال به لإخباره وإذا فكرت في أي شيء أيضا أتصل وأخبره بخط سيري كله وإذا أخبرته أنني سأذهب إلي مكان ما يشترط علي أن أتصل به قبل النزول وعند الوصول إلي المكان الذاهبة إليه وفي كل شيء أو في أي مكان أقوم بالذهاب إليه أو أفعله أكون معه بالموبايل ، وأحيانا أخري أتصل به ليكون معي علي الموبايل إذا كنت خائفة من سائق التاكسي أو إذا كنت أمشي في مكان مظلم أظل معه علي الموبايل وأنا أحيانا أقوم بأخذ سلفة من أختي أو صديقتي حتي أستطيع أن أكلم حبيبي وأنفق حوالي 400 جنيه اتصالات كل شهر ،لذلك كلما رأتني أختي أتحدث في الموبايل تقول لي «يخرب بيت الحب وسنينه». حبيبتي علي التليفون واشترك خالد مكي قائلا: العرف دائما يقول أننا إذا كنا حبيبة نشتري كروت شحن وهدايا وأنا مرتبط عاطفيا منذ ثلاث سنوات ومن أحبها لاتستطيع مقابلتي يوميا وحتي إن استطاعت ففي فترة بعدها عني أكون في اشتياق لسماع صوتها ومحادثتها في كل شيء وأي شيء وأحيانا أتصل بها لأهديها أغاني تعبر عما في داخلي دون النظر إلي ما أقوم بدفعه للحصول علي رصيد ، فمن الطبيعي عندما يكون الشخص مرتبطاً ينفق كل ما لديه علي حبيبته وأقوم بإنفاق ثلاثة أرباع مرتبي علي فاتورة الموبايل وسابقاً كنت أقوم بشراء كروت شحن ولكنها لاتكفيني فقمت بتحويل نظامي من كارت إلي خط له فاتورة ومعدل الفاتورة يكون 600 جنيه شهرياً إضافة إلي أنني أقوم بشراء كروت لحبيبتي و أقوم بعملية (شحن علي الطاير) حتي تستطيع هي الأخري أن تكلمني أو ترسل لي رسائل، وعلي الرغم من أنني قبل الارتباط كنت أستخدم الموبايل في حالة الضرورة فقط ودائما كان موبايلي يملك أعلي رصيد بين أهلي وأخوتي لأنني لم أجد له استخداما إلا أنني الآن من أشد مستخدمي الموبايل وبعدما كنت أسخر من أصدقائي لكثرة مكالماتهم العاطفية إلا أنني الآن أصبحت مشهوراً ب (خالد فون) لأن الموبايل طوال الوقت علي أذني. شعور لا إرادي أما عصام حسن فيقول: المشكلة غالباً تكمن في فلا أدري كيف ينتهي رصيدي بهذه السرعة ما بين مكالمة ورسالة وأنا دائماً في عملية متابعة العروض علي اعتبار أن فترة العروض ستكون أرخص وخدمة أفضل إلا أنني مؤخراً اكتشفت أن فترة العروض وكثرة اشتراكي في عروض وخدمات متعددة تقوم بخصم رصيد كبير طوال الوقت إضافة إلي أنني بداخلي شعور دائما يدفعني إلي شحن الموبايل بالرصيد حتي وإن كان لدي رصيد كاف لإتمام مكالماتي وهي عادة لا أستطيع بطلانها فكلما اتصل بي أي أحد أقوم بغلق الاتصال وأتصل به من رصيدي لا أدري لماذا أقوم بفعل هذا فهو شعور لا إرادي يدفعني لشراء كروت شحن وهو نفسه الشعور الذي يجعلني أتصل بأصدقائي دون أن أتلقي مكالماتهم خوفا علي رصيدهم!! اتصالات وأكثر وقال أحمد عبدالله: لدي استعداد أن أبقي طوال اليوم في غرفتي دون أن أذهب إلي أي مكان طالما لدي موبايل فهو رمز الأمان بالنسبة لي فمن خلاله أتواصل مع جميع الناس في أي مكان حتي أصدقائي الموجودين في خارج مصر أستطيع التواصل معهم إضافة إلا أنني استخدمه في الدخول علي الإنترنت، فأنا طوال الوقت استخدم الإنترنت من خلال الموبايل لأن «جهاز الكمبيوتر» (ضرب ويندوز) يعني لايعمل «من الآخر» فأقوم بتنزيل ألعاب من النت علي الموبايل وهذا يتطلب رصيداً كبيراً.. إضافة إلي ذلك أشعر بأنني تحولت إلي سنترال، فوالدتي تتصل بأختها طوال الوقت من موبايلي وأخي يسرق هاتفي ليكلم خطيبته ليلاً وكلما أعلن بأنني لن أشحن رصيد في الموبايل يحدث شيء ما يجعلني اشحن فأنا شهرياً أشحن ب 350 جنيها وأحيانا أكثر. بعاكس شكرا ويقول عبدالرحمن هنداوي: رصيدي ينتهي علي المعاكسات بالموبايل فأنا أقوم بشراء كروت شحن عديدة وأطلب أرقامًا من وحي الخيال «عشوائية يعني» وأتصل إذا كان رجلاً أنهي المكالمة، وإذا كان صوت بنت أبدأ بالمعاكسة فهناك بنات يرفضن وهناك يتمنعن في باديء الأمر ثم يوافقن بعد ذلك البنات اللاتي يرفضن لا أحاول الاتصال بهن مرة أخري أما البنات اللاتي أشعر بردود أفعالهن إيجابية أو «ممكن ييجي منهم» أستمر في معاكستهن بوضع أغان أو أقوم باستخدام الخدمات التي تقدم إهداء أغان ويحاسبوني الدقيقة بجنيه ونصف ولكي أرسل أغنية إهداء لأي فتاة أقوم بمعاكستها يخصم من رصيدي 5 جنيهات وإذا وضعت (كول تون) حتي يستمع من يقوم بالاتصال بي إلي الأغنية أيضا يخصم من رصيدي 5 جنيهات يعني «مبقتش ملاحق ما بين خدمات ومعاكسات» . وتعترف مروة علي عبدالعزيز 24 سنة أتحدث يومياً في الموبايل مع خطيبي مدة لاتقل عن 6 ساعات لطبيعة عمله خارج البيت دائماً ، ولذلك نلجأ للموبايل وأصرف شهرياً أكثر من 400 جنيه من مصر وفي الذي لايتعدي ال 500 جنيه شهرياً وبالطبع أحتاج بعد ذلك لأخذ مصروف إضافي من أمي.. ورغم إصابتي بالصداع الشديد إلا أنني لا أستطيع الاستغناء عن الموبايل أبدًا وأشعر أنه أصبح نوعاً من الإدمان فإذا لم أجد أحدًا أتحدث معه أبحث عن أي أحد أرغي معاه.. حتي دون هدف أو موضوع محدد.. أما سمر الغزاوي فتقول «نصف مرتبي يضيع علي الموبايل وكروت الشحن.. فأصدقائي الوصول لهم أسهل عن طريق الموبايل.. وخطيبي أيضاً لا يحاول مكالمتي علي تليفون البيت فالموبايل أسرع ومباشر لي شخصياً.. ثم إن فاتورة التليفون العادي أصبح مبالغًا فيها والأرخص هو استعمال الموبايل.. وكل واحد يدفع مكالماته بنفسه.. ثم إنني في الحقيقة أملأ فراغي بالمكالمات في الموبايل ثم أن الأطفال الآن يحملونه وتكون وسيلة للاطمئنان عليهم.. بل ووسيلة أمان لهم أيضاً إذا احتاجوا للمساعدة أو لشيء من هذا القبيل.. فالموبايل لم يعد من الرفاهيات بل أصبح من الأساسيات في حياتنا الآن. الموبايل أسرع أما أماني محمود فتقول: الموبايل هو أهم شيء في حياتي فمن خلاله أتواصل مع أصدقائي وأنجز أموري بسرعة، وأبعث رسائل بدلاً من الذهاب والإياب.. صحيح أنه مصاريفه كثيرة لدرجة أنني أضحي بأشياء أساسية كشراء حذاء جديد مثلاً لأشتري كرت شحن، وعندما علمت بالآثار الجانبية له حاولت أن أقلل منه إلا أنني لم أستطع فحتي عملي معتمد علي الموبايل ،والتليفون المنزلي أصبح شيئًا قديماً كما أن فاتورته مرتفعة ولا أستطيع الاشتراك في المباشر لأن فاتورته تكون عالية جداً ومبالغًا فيها أيضاً وحتي لو كنت أصرف 350 شهرياً علي كروت الشحن فهذا أوفر. الموبايل زي الأكل والشرب ويقول محمد عبد المقصود حارس عقار- 33 سنة- الموبايل أصبح مثل الأكل والشرب فأحتاج له لأتكلم مع «الجماعة» في البلد وهو أرخص من السنترال.. وفي أي وقت أستطيع التحدث وهم أيضاً يستطيعون الوصول لي بسهولة، وثم إن عملي يحتاجه وأصحاب البيوت التي أحرسها يطلبونني من حين لآخر ويطلبون مني احتياجاتهم بدلاً من صعودي لهم كل مرة وهم لايبخلون علي فأحياناً يعطيني أحد السكان كرت شحن بدلاً من البقشيش وأكون سعيداً جداً به.. لأتحدث مع أهلي وأصدقائي في البلد. وجاهة اجتماعية أكد د. أحمد أبو النور أستاذ الاقتصاد استشاري الاقتصاديات الحرجة والأزمات -جامعة وست ستراث موور - كاليفورنيا و عضو هيئة التدريس بجامعة عين شمس (سابقاً) إن المجتمعات الفقيرة عادة ما ينتشر فيها الإنفاق المظهري للوجاهة المجتمعية لافتا إلي أنه كلما زاد الفقر فإن هذا يعني أيضا تزايد الإنفاق المظهري فهذه طبيعة المجتمعات الفقيرة والتي تغلب عليها هذه السمة، لافتا إلي أن هذا الأمر نجده في كل دول العالم الفقير واصفا أياه بأنه إنفاق غير رشيد. إن الحكومة متحملة جزء من أسباب ارتفاع فاتورة استهلاك المصريين للموبايل حيث نجد أن الحكومة تصر مع شركات المحمول علي ارتفاع تعريفة الاتصال والاشتراك مشيرا إلي أن الشركات حاولت أكثر من مرة تخفيض أسعار الكروت أو الفاتورة، ولكن الحكومة تصر علي الاحتفاظ بقيمتها كما هي لأنها تستفيد من الضريبة علي الإيرادات العالية. وواصل أبو النور حديثة قائلا: إن أزمات المرور الطاحنة التي يعيشها المواطن بشكل يومي مما ينتج عنه تعطل مهامة جعلت الاتصال عن طريق الموبايل أفضل بكثير لإنهاء مهامه مما ينتج عنه بالطبع تزايد استهلاك المصريين. وأيضا فإن دخول شركات صينية إلي سوق المحمول أدي إلي وجود أجهزة موبايل رخيصة الثمن وبإمكانيات كثيرةمما ساهم في تزايد معدل الاستهلاك. ويضيف د. أبو النور.. إن فاتورة استهلاك المصريين للموبايل خلال 3 شهور بقيمة 11 مليار جنيه لا تدل علي الإطلاق علي أننا مجتمع ليس فقيرًا ولكنا كما أوضحنا سابقا من تفسيرات فإن هذا الرقم يعود إلي عدة أسباب لافتا إلي أن الأسر الفقيرة تعوض ما يحدث لها من معاناة يومية بأن تقوم بالتواصل عن طريق المكالمات. وأوضح أن 11 مليار جنيه لايعني بالمرة (حرق اموال في الهوا)، وأن الناس سعداء وليسوا فقراء فالإنفاق علي الموبايل لايعني بالضرورة أنه ترفيهي في كل الأحيان ولكن قد يكون اضطراريًا حيث إنه يلجأ إلي ذلك تفاديا من احتياجات أخري. عبء علي الأسرة المصرية وتقول د. ضحي عبد الحميد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية أن معدلات إنفاق الشعوب الغربية علي المحمول ضئيلة مقارنة بالشعوب العربية لأن هناك أولويات أخري لديهم ولكن عندما ننظر إلينا فإننا نجد قائمة أولويات مختلفة مثل (الطعام والشراب- استهلاك المحمول- أما الادخار فإنه عادة يحتل ذيل القائمة) مما يدل علي أننا مجتمع استهلاكي وترفيهي علي الرغم من أننا مجتمع فقير ولانقوم بإنتاج التكنولوجيا ونكتفي باستيرادها واستخدامها. وتؤكد د.ضحي أن استهلاك المحمول أصبح له ميزانية خاصة من ميزانيات البيت المصري الآن مما أصبح يمثل عبئًا علي كاهل الأسرة المصرية. الفقر والمحمول د. صلاح الدسوقي الخبير الاقتصادي ورئيس المركز العربي للإدارة والتنمية أن كل طبقة تحاول أن تحاكي الطبقة الأعلي منها في استخدام بعض السلع والخدمات حتي تشعر بأنها تنتمي للطبقة الأعلي، لافتا إلي أن هناك دوافع نفسية تجعل بعض الناس تتجه إلي بعض الأشياء لإيجاد مكانة اجتماعية لهم رغم عدم حاجتهم إليها وقال إن الموبايل الآن أصبح حلمًا لدي الطبقة الفقيرة. وأضاف أن الإحصائية الرسمية التي تقول إن المصريين ينفقون 11 مليار جنيه علي الموبايل خلال 3 شهور لاتعني بالمرة أن الفقراء يمثلون شريحة كبيرة من مستخدمي هذا الرقم ولكن ينبغي أيضا أن ندرك أن من يعيشون تحت خط الفقر يمتلكون المحمول. ويشير د.الدسوقي إلي أن التشوه الذي نجده في نمط الإنفاق لدي الأسر ناتج عن الفراغ السياسي الذي يعيشه الشباب والاضطراب في نمط القيم التي تحكم تصرفات فئة الأطفال والمراهقين ممن يستخدمون الموبايل بطريقة ترفيهية.