بالأسماء.. 21 مواطنًا يتنازلون عن الجنسية المصرية (جريدة رسمية)    رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي    جامعة الجلالة توجه الشكر لأول مجلس أمناء بعد انتهاء بعد دورته    وزير التعليم العالى يفتتح معرض أخبار اليوم للتعليم    رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين    رئيس الوزراء ينعي الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم    مجلس الصحفيين يرحب بمخرجات اجتماع الرئيس مع الهيئات الإعلامية    سعر الذهب المعلن بموقع البورصة المصرية 13 أغسطس 2025    القائمة بأعمال وزيرة البيئة تتابع آخر مستجدات العمل بمصرف المحيط بالمنيا    الرئيس اللبناني: نرفض أي تدخل خارجي ومن غير المسموح لأي جهة حمل السلاح    ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا التي اشترتها أمريكا من روسيا.. فما قصتها؟    د. علي جمعة يؤم صلاة الجنازة على د. المصيلحي.. ونظيف يشارك في المراسم    إذاعة جيش الاحتلال: تقليص عدد القوات المنتشرة في قطاع غزة إلى خمسة ألوية    "عاد للتدريبات".. مصدر ليلا كورة: لا صحة لأنباء غياب رامي ربيعة 3 أسابيع    بعد صرف 800 مليون إسترليني.. هل نشهد أقوى سباق على الإطلاق للفوز بلقب الدوري الإنجليزي؟    وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين    عارضة أزياء عن أسطورة ريال مدريد السابق: «لا يستحم».. ونجم كرة القدم: انتهازية (تفاصيل)    المصري يختتم تدريباته لملاقاة طلائع الجيش في الدوري    نور وغزل تحرزان ذهبية تتابع ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة بالإسكندرية    «أتعرض لحملة تشويه».. الشناوي يوجه رسالة حادة ل مسؤول الأهلي (إعلامي يكشف)    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بعرب العليقات بالقليوبية -صور    "ذهب مع والدته لغسل الأواني فعاد جثة".. طفل يغرق في ترعة بالمنيا    "المتحدة" تطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    فكك 6 شبكات تجسس.. قصة خداع «ثعلب المخابرات المصرية» سمير الإسكندراني للموساد الاسرائيلي    المسلماني: صنع الله إبراهيم كان جديراً بالترشح لجائزة نوبل    أمين الفتوى يحذر من ظاهرة "الشيخ جوجل": الاعتماد عليه في الدين خطر (فيديو)    "هيلعبوا بالفلوس لعب".. 4 أبراج على موعد مع الثراء وتحول مالي كبير    أكاديمية الفنون تكشف عن موعد انطلاق «مهرجان مسرح العرائس».. بالتفاصيل    حقق إجمالي 141 مليون جنيه.. تراجع إيرادات فيلم المشروع X بعد 84 يومًا    «مصر وطني الثاني».. راغب علامة ينهي أزمته مع نقابة الموسيقيين بعد لقاء مصطفى كامل    "خايف عليك من جهنم".. مسن يوجه رسالة مؤثرة لشقيقه من أمام الكعبة (فيديو)    هل يقام حد السرقة على أحد الزوجين إذا سرق من مال صاحبه؟.. عالم أزهري يجيب    بشروط صارمة.. «الإدارة الروحية الإسلامية» بروسيا يُجيز استخدام حقن «البوتوكس»    أوقاف سوهاج تختتم فعاليات الأسبوع الثقافى بمسجد الحق    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    تخفيف الزحام وتوفير الأدوية.. تفاصيل اجتماع رئيس "التأمين الصحي" مع مديري الفروع    بسبب «الجبنة».. عدوى بكتيرية في فرنسا تتسبب في وفاة شخصين وتُصيب 19 آخرين    ياسر قنطوش محامي شيرين عبد الوهاب يكشف تفاصيل الحجز على حسابات روتانا البنكية لصالح الفنانة    رئيس منطقة سوهاج الأزهرية يتفقد اختبارات الدارسين الخاتمين برواق القرآن    وزارة الزراعة: إجراء التلقيح الاصطناعي لأكثر من 47 ألف رأس ماشية    "قيد الإعداد".. الخارجية الأمريكية تقترب من تصنيف الاخوان منظمة إرهابية    وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2025    جهاز تنمية المشروعات وبنك القاهرة يوقعان عقدين جديدين بقيمة 500 مليون جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر    محافظ المنوفية يفاجئ مكتب صحة الباجور ويتخذ إجراءات فورية لتحسين الخدمات    اتصالان لوزير الخارجية مع نظيره الإيراني والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات الأوضاع في غزة    مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات    وزيرة التخطيط والتعاون تبحث مع نظيرتها الأردنية تحقيق التنمية الاقتصادية    وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    وزير الري يتابع المشروعات التنموية في سيناء    شجرة أَرز وموسيقى    قافلة المساعدات المصرية ال 14 تنطلق إلى قطاع غزة    مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد توتنهام بالسوبر الأوروبي    البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"دييغو مارادونا" فيلم آصف كاباديا: الوجه الآخر للأسطورة
نشر في نقطة ضوء يوم 04 - 12 - 2020

الكتابة عن فيلم يتناول دييغو أرماندو مارادونا وهو على قيد الحياة تختلف بعد رحيله. فالأولى تعني الحديث عن إنسان مثل سائر البشر، أما الثانية فتوحي بالتطرق إلى شخصية تاريخية أصبحت الآن بعد غيابه المفاجئ من الماضي. طوال حياته التي امتدت على 60 عاماً، جذب مارادونا الاهتمام وأثار الجدل، "قُدّسَ" وحمل على الراحات، مالئاً الدنيا وشاغلاً الناس، فكان من البديهي أن يهتم به الفنّ السابع. هناك أعمال سينمائية وثّقت فصولاً من سيرة لاعب الكرة الأرجنتيني، أشهرها ما صوّره المخرج الصربي الفذ أمير كوستوريتسا في العام 2009. وهناك وثائقي أبصر النور العام الماضي تجاوز كلّ ما سبق إنجازه عنه، ليس على مستوى المعلومات بل في قدرته على سرد سيرة أحد أكبر الرياضيين في القرن العشرين. هذا الوثائقي تناوله بالتفاصيل المملة، التي هي هنا في هذه الحالة تحديداً غير مملة البتة.
الفيلم المقصود عنوانه ببساطة "دييغو مارادونا" "من إخراج آصف كاباديا، مخرج بريطاني من أصل هندي سبق أن أتحفنا بعملين وثائقيين عن شخصيتين مميزتين: الأولى، سائق الفورمولا وان البرازيلي إرتون سينا الذي قضى في حادث في الرابعة والثلاثين من عمره، والثانية، المغنية البريطانية إيمي واينهاوس التي رحلت فجأةً في السابعة والعشرين. بعدهما، انكب على فيلم ملحمي عن مارادونا يُعد في رأيي ذروة السينما الوثائقية التي تتناول السيَر. اليوم، بعد رحيل مارادونا عن عمر مبكر نسبياً، يُمكن النظر إلى هذه الأفلام كثلاثية تتمحور حول مصائر ثلاثة من المشاهير الذين عرفوا المجد ثم السقوط الحر.
العبقري الماكر
عندما عُرض الفيلم في مهرجان كانّ السينمائي الفائت، التقى الصحافي الفرنسي صامويل دوهير كاباديا فتحدّث إليه الأخير عن فكرة إنجاز وثائقي عن عبقري الكرة. قال: "كان مارادونا أفضل لاعب في العالم وأكبر غشاش في الحين نفسه. كان ماكراً مع خصومه. اكتشفتُ في الأرشيف أنه لامس الطابة بيده مرات، وأحداً لم يلاحظ ذلك إلا مرة واحدة. لكن دييغو كان قبل أي شيء يعمل كثيراً. عندما لعب في نادي برشلونة أدرك أنه يتفوق على زملائه وخصومه قوةً جسدية وموهبةً. لهذا السبب قام بتعيين مدرب شخصي، هذا أمر نادر، إن لم يكن فريداً، في هاتيك الأيام. قبل نهائيات كأس العالم 1986، تدرب ثلاثة أشهر ليعتاد على ظروف اللعب في مدينة مكسيكو. في حين كان تحضير اللاعبين الإنجليز يقتصر على الفودكا والبيرة”.
يروي كاباديا أنه في أوائل الثمانينيات، أراد وكيل مارادونا إنتاج فيلم وثائقي عنه، فاستأجر إثنين من المصوّرين لتصويره بلا توقف. جمعت 500 ساعة التقطت في الأرجنتين وبرشلونة ونابولي. في العام 2012، خلال الألعاب الأولمبية في لندن، أخبر أحد المنتجين كاباديا عن "المادة المصوّرة الرائعة". إلا أن الأخير كان أنجز للتو فيلمه عن إرتون سينا وما كان راغباً مجدداً في فيلم عن بطل رياضي آخر من أميركا اللاتينية. بعد عرض فيلمه عن إيمي واينهاوس في الصالات، تم الاتصال به مجدداً، فوافق. يقول إنه مع سينا وواينهاوس كان لديه الإحساس بأنه صنع فيلمين عن لامعَين ماتا على نحو مأسوي في ذروة شبابهما. لذا الوقت مناسب لتصوير سيرة رجل على قيد الحياة.
عندما بدأ العمل على الفيلم، وجد كاباديا أشرطة فيديو مسجّلة منذ أوائل الثمانينيات في صندوق ضخم مرمي في بوينس آيرس. لم ينظر إليها أحد مدة 25 عاماً، وحالتها تتدهور مع الوقت. بدأ بنسخها على نظام رقمي لحفظها وتوليفها. بداية، كان يود أن يروي كلّ شيء عن دييغو، من الظهور الأول له في نادي بوكا جونيورز حتى الزمن الراهن، مروراً بعلاقته مع فيديل كاسترو. لكن أول مونتاج للفيلم امتد عشر ساعات، اختصرها إلى أربع. في النهاية، اقتطع من الفيلم كثيراً إلى ساعتين ودقائق عشر.
أدرك كاباديا أن حياة اللاعب حلقات. يقول: "في كلّ نادي لعب تحت رايته أو في المنتخب الوطني الأرجنتيني، كان يصل كبطل، يحرز نجاحاً باهراً، وينتهي به الأمر بالتصرف بشكل سيّء، بالتالي يسقط، ولا يعود له خيار سوى المغادرة. ثم يبرز في مكان آخر، فتبدأ دورة جديدة من الصعود والموت والقيامة (…). لكن الأشد حدةً في حياته تجسّدت في نابولي، عندما فاز مرتين بالدوري الإيطالي متغلباً على الأندية الشمالية الغنية. هذا الفصل لم يكن الأكثر دراماتيكية في حياته المهنية فحسب، بل كان لديّ عنه الكثير من المواد المصوّرة التي لم يسبق عرضها. قررتُ تكريس معظم الفيلم لهذه التجربة النابوليتانية. مع تعليقات من شهود عاصروه، مستعيناً بصوت دييغو نفسه للتعليق الصوتي".
فيلم غير دعائي
أهم ما في الرواية التي يقدّمها كاباديا عن أسطورة الكرة أنها ليست دعائية، بل نقد لتجربته يغدو لاذعاً أحياناً. توثيق لا يخلو من الموضوعية لصعود إحدى أيقونات العصر الحديث وهبوطها، لها ملاييين المتابعين والمعجبين حول العالم. عملياً، أخذ كاباديا مواد مصوّرة جاهزة لا يملك سطوة ليبني عليها سرديته، بوتيرة تحبس الأنفاس، سيرة مارادونا، الشخص الذي يلخّصه بالصفات الآتية: "المتمرد والبطل والمحتال والرب". فلا يوجد أي تملق في الفيلم يقدّم اللاب باعتباره نموذجياً، في الشق المتعلق بتجربته الإيطالية. عكس ذلك، يحاول فكفكة الأسطورة للوصول إلى الرجل خلفها، مشدداً على ازدواجية التجربة.
لماذا الحيز الأكبر للفصل الإيطالي في الفيلم؟ ربما لأن في سنواته النابوليتانية خلاصة تجربته. من المعروف أن مارادونا عشَقَه أهل نابولي ثم نبذوه في قمّة مجده في الثمانينيات، على خلفية صراعات مع المافيا وإدمان المخدرات وخسارة. صحيح أن الفيلم غير رحوم مع مارادونا، لذا يستمد بعض أهميته، في الحين نفسه، يفي حقّه كاملاً، مصوّراً إياه رجلاً متحدّراً من عشوائيات بوينس آيرس، يجد نفسه في فخّ الشهرة والمجد، الذي وقع فيه. ما صنعه بقدمه، هذا الذي جاء من القاع أنقذه بقدر ما دمرّه. لكن، الفيلم ليس فقط عن هذا، بل أيضاً تحية لموهبة إستثنائية تتراقص في الملعب، مع العديد من لقطات تسجليه أهدافاً أسطورية.
لفهم سيرة مارادونا المهنية علينا بخلفتيه الثقافية. السيرتان متداخلتان، الواحدة مع الأخرى. في هذا المجال لا يبخل الفيلم. سنكتشف رجلاً انتقل من نادٍ إلى نادٍ، ليترك شيئاً منه في كلّ مكان يمر به. ثم حكايته في نابولي، وهي واحدة من أفقر مدن إيطاليا. علاقته معها سترسم مساره. فبعد نشوة الانتصارات الأولى، ستأتي الخيبات. يركّز كاباديا على السنوات السبع بين 1984 و1991 التي تقول ما يجب عن مارادونا، كاشفاً خفايا شخصيته المعقدة، الكائن المعذّب الذي كثيراً ما يراهن على غريزته للاستدلال على طريقه.
براعة الفيلم في شكل خاص في توليفته. كيف استطاع كاباديا انتشال سيرة من داخل آلاف اللقطات المنسية التي تراكم عليها الغبار عبر السنوات؟ مشاهدة الفيلم تمنحنا بعض الإجابات. أيضاً الإيقاع الذي يمنح العمل صوتاً خاصاً يتماهى مع ما يعيشه مارادونا من صعود وهبوط. لا يستخدم أدوات الوثائقي التقليدي، مع نبذ قاطع للراوي، تاركاً الصور تتكلّم عن نفسها، فتحملنا إلى ذروة المجد التي يحتاج المرء ليكون مستعداً لها وإلا مفاعيلها أكثر دماراً من الفقر والتهميش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.