تدخل بعد غد أزمة قانون التقاعد الفرنسي مرحلة "عض الأصابع" حيث يتوقع أن يصدق البرلمان علي القانون بشكل نهائي مما يتعذر عنه تراجع الحكومة في حين أبدت النقابات الفرنسية معارضة شديدة ضد القانون المثير للجدل والذي يقضي برفع سن التقاعد إلي 62 عاماً وتوعدت بمواصلة النضال ضده حتي بعد التصديق عليه نهائيا.. ودعت أنصارها إلي التظاهر مجدداً ضد القانون فاقد الشعبية الخميس المقبل و6 من نوفمبر المقبل. ويبدو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أدمن الدخول في معارك خاسرة بعد وقوفه خلف قانون حظر النقاب وهو ما لاقي معارضة شديدة باعتباره تهديداً لمبادئ الثورة الفرنسية. ومن المؤكد أن القانون الجديد قد هبط بشعبية ساركوزي إلي أدني مستوي ويهدد فرصه في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي تجري بعد 18 شهراً. وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد اعتمد الجمعة الماضية قانون اصلاح التقاعد المثير للجدل، والذي تسبب منذ بداية العام الدراسي بحركة كثيفة من الاضرابات والتظاهرات، اسفرت عن نقص الوقود واندلاع اكبر ازمة في عهد نيكولا ساركوزي. وأقر مجلس الشيوخ باغلبية 177 صوتا مؤيدا مقابل 153 صوتا معارضا القانون الذي ينص خاصة علي رفع السن الدنيا للتقاعد من 60 الي 62 عاما، كما يؤخر من 65 الي 67 سن تسلم الراتب التقاعدي كاملا. وستجري المواءمة بين هذا النص والنص الذي اعتمده مجلس النواب قبل ان يتم تبنيه بشكل قاطع في تصويت نهائي الاربعاء، كما قال وزير العلاقات مع البرلمان هنري دو رينكور لوكالة الأنباء الفرنسية، وبعدها سيجري تعديل الحكومة. وقال وزير العمل اريك فيرت "سيأتي يوم يعترف فيه اعداء الامس بجميلنا". وتقول الحكومة ان الإجراءات المطروحة لابد منها من أجل الحفاظ علي نظام التقاعد الذي يتم من خلاله تمويل صناديق التقاعد من مساهمات العاملين، لان امتداد سنوات العمر ترغم الموظفين علي العمل لفترة اطول. ويري الخبراء ان النظام سيحتاج الي قرابة 44 مليار دولار في 2018 لسد العجز في غياب الاصلاحات. وتعول الحكومة علي بداية عطلة "عيد جميع القديسين" مساء الجمعة لاضعاف التعبئة المعارضة لهذا الاصلاح بينما دعت النقابات الخميس الي يومي احتجاج وطنيين جديدين الخميس المقبل و6 نوفمبر..ونفذت النقابات ستة ايام احتجاجات وطنية منذ بداية سبتمبر حققت خلالها تعبئة كبيرة لا بل قياسية. وندد منسق الكونفدرالية العامة للعمل (سي.جي.تي-احدي اكبر النقابات في فرنسا) في مجموعة توتال شارل فولار "بانتهاك حق الاضراب" الذي قال انه سيكون له وقع "الصدمة الكهربائية". واتهم ساركوزي المضربين بانهم "يرهنون الاقتصاد والشركات وحياة الفرنسيين اليومية". واتهمت الامينة العامة للحزب الاشتراكي الفرنسي مارتين اوبري ساركوزي وحكومته "بالدوس علي روحية الديموقراطية ونصها" منددة بفرض الحكومة "الية مسرعة" للتصويت في مجلس الشيوخ. واوضحت "ازدروا النقابات عندما رفضوا التفاوض معها علي ما يفرض احترام الديمقراطية الاجتماعية، ورفضوا الاستماع الي الفرنسيين الرافضين لمشروعهم الذين يشكلون سبعة علي عشرة علي الاقل، ورفضوا مناقشة المعارضة كما يفرض احترام الديمقراطية السياسية"..وأدي اضراب المصافي وفرض العمال الحصار علي مستودعات الوقود الي نفاد البنزين في خمس اجمالي المحطات صباح الجمعة، كما اضاف بورلو. ودعت اكبر نقابة طلاب فرنسية الشباب والطلبة الي يوم "احتجاجي في كافة ارجاء فرنسا" غداً قبل يومي الاحتجاج الوطني المقررين الخميس المقبل و6 نوفمبر ضد اصلاح نظام التقاعد. وأعلن رئيس الاتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين جان باتيست بريفوه في مؤتمر صحفي "اننا ندعو الشبان والطلاب الي مضاعفة مبادرات التعبئة في يوم وطني الثلاثاء". ودعا الاتحاد خصوصا الي "تجمعات" و"اعتصامات" بهدف التاكيد ان التعبئة متواصلة خلال العطلة الدراسية بينما تامل السلطات ان تؤدي العطلة الي تراجع تعبئة الشبان. وبحسب وزارة التربية فان 185 ثانوية (من مجمل 4300 ثانوية) كانت "معطلة بدرجات مختلفة". وقال الزعيم الطلابي ان "التعبئة لن تتوقف" خلال عيد جميع القديسين و"سنبذل الجهود لمواصلتها". وقالت الحكومة الجمعة اثر اجتماع مع اكبر شركات انتاج النفط وتوزيعه، ان عودة الامور الي وضعها الطبيعي "يستلزم عدة ايام اضافية" واوضح بورلو ان اتخاذ اجراء تقنين الوقود "غير وارد حاليا". ونظمت العديد من التحركات والحواجز المؤقتة في مناطق البلاد. واقام 150 متظاهرا الجمعة حاجزا عند مدخل محطة سيفو النووية (جنوب) ولم يسمحوا بالمرور الا لبعض العمال. في المقابل لم يشهد النقل الحديدي اضطرابا كبيرا حيث تم تسيير ثمانية من عشرة قطارات فائقة السرعة (تي جي في). وقالت منظمة اصحاب العمل (سي جي بي ام اي) الجمعة انه بسبب هذه الاضرابات فإن "مئات آلاف الشركات الوسطي والصغيرة تعمل ببطء" ما ينذر بدفع "الاشد هشاشة" بينها الي الافلاس. وتأمل النقابات في استمرار التعبئة في الشوارع عبر التظاهرات التي بلغت منذ عدة أسابيع مستويات عالية وقياسية احيانا، حيث تظاهر الثلاثاء ما بين 1.1 مليون الي 3.5 مليون شخص حسب المصادر، للمرة السادسة منذ بداية الاحتجاجات علي هذا الاصلاح مطلع سبتمبر. وأعلن الأمين العام للفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل (سي. اف. دي. تي- ثان اكبر نقابة فرنسية) فرانسوا شيريك ان "الاجراء يطلبون منا الاستمرار وهذا ما نفعله"..وبعد نشر استطلاع افاد بأن 69% من الفرنسيين يؤيدون حركة الاحتجاج قال شيريك "حان وقت الحوار مجددا".