فقدت الإضرابات والاحتجاجات الضخمة في فرنسا قوة دفعها فيما يبدو, بعد عودة خمسة معامل لتكرير بترول للعمل واستئناف عمال جمع القمامة في مدينة مارسيليا عملهم, وذلك مع استمرار أزمة مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد الذي يقضي برفع سن التقاعد من60 إلي62 عاما, حيث انضم الطلاب الفرنسيون أمس إلي الاحتجاجات لدعم موقف المعارضة, بينما توعدت النقابات العمالية والطلابية بتحركات جديدة في الشارع أولها إضراب عام غدا والثاني في6 نوفمبر المقبل. وأعلن بريس أورتفوه وزير الداخلية الفرنسي أن خمس معامل تكرير بترول من إجمالي12 معملا في البلاد استأنفت عملها أمس, بعد أن أدت الإضرابات إلي إغلاقها جميعا والتسبب في أزمة وقود. وأكد أورتفوه, بعد اجتماع بمجلس غرفة الطواري المقامة منذ أسبوع تقريبا بوزارة الداخلية للتعامل مع أزمة الوقود والمظاهرات والاضرابات, أن قوات الشرطة ستعيد اقتحام مستوعات النفط بالقوة الجبرية حينما يستدعي الامر, طالما أنه يتم في ظل احترام حق الإضراب ودون المساس بأمن المواطنين لتوفير الوقود لتحركاتهم. وقال إن غرفة الأزمات تواصل عملها بصفة مستمرة ولن تنقطع عن الاجتماعات منذ إقامتها مرتين يوميا في الصباح والمساء. وكانت ثلاثة معامل قد أعلنت أمس الأول استعدادها لاستئناف العمل وإنهاء إضرابها, مما يوحي بشبه انفراجة قريبة في أزمة نقص الوقود. وصوت العاملون علي إنهاء الاضراب في معملي بترول إسو بمجموعة إكسون موبيل الأمريكية ومجموعة بتروبلاس السويسرية, ليعود بذلك العمال المضربون إلي العمل بفتح25% من مستودعات النفط بفرنسا بعد إضراب عام استمر ثلاثة أسابيع.وفي الوقت نفسه, منعت نقابة عمال بلجيكية أمس دخول جميع الشاحنات إلي إثنين من مستودعات الوقود, أحدهما تديره شركة توتال الفرنسية, تضامنا مع المتظاهرين الفرنسيين المحتجين علي مشروع قانون التقاعد. وأوضح مسئول في النقابة أن نحو50 شاحنة أكثر من المعدل المعتاد كانت تنقل الوقود من مستودع توتال في جنوببلجيكا إلي محطات الوقود الفرنسية. وأكد وزير البيئة والطاقة جون لوي بورلو أن الأمور تتحسن وأن الحكومة تستهدف عودة العمل في80% من محطات الوقود في البلاد إلي طبيعتها اليوم. وأشار إلي أنه لم يتبق سوي محطة خدمة واحدة تعاني شح الوقود من أصل خمس محطات علي مستوي فرنسا, وذلك بعد أن كانت محطة واحدة فقط, من أصل ثلاثة, تعمل منذ يومين. يأتي هذا في الوقت الذي سئم فيه الفرنسيون من الانتظار في صفوف طويلة قد تصل إلي20 دقيقة, مع اختلاف المناطق, لتعبئة سياراتهم بالوقود إذا وجدت محطة خدمة بها وقود. كما بدء عمال جمع القمامة في مدينة مارسيليا برفع القمامة التي وصلت إلي12 طنا إثر الإضرابات التي استمرت ثلاثة أسابيع, بينما خفت حدة الإضرابات في قطاعات أخري حيث عادت حركة قطارات الأقاليم وخدمات يوروستار إلي طبيعتها تقريبا بعد أسبوعين من التعطل. وأكدت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد أمس أن الإضرابات لن تؤثر علي التوقعات الحكومية بشأن نمو الاقتصاد في2010, والتي تشير إلي نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة1.5%. وعلي الصعيد نفسه, احتشد الطلاب أمام مجلس الشيوخ في باريس في محاولة لإقناع النواب والشيوخ بالتراجع عن الإقرار الأخير لمشروع قانون التقاعد, في ظل دعوة النقابات لتنظيم إضرابات علي الصعيد الوطني الخميس المقبل.ومن المتوقع أن تصوت الجمعية الوطنية( البرلمان) في قراءة نهائية اليوم علي مشروع القانون, مع توقعات بمقاطعة نواب الاشتراكيين للمشاركة. وناقش أعضاء البرلمان مشروع القانون أمس لمدة ثلاث ساعات, قبل تصويتهم عليه بشكل نهائي. وأعلنت المعارضة الاشتراكية عزمها مواصلة معارضة خطة الإصلاح الخاصة بالتقاعد, حيث دعي سكرتير عام الحزب الاشتراكي السابق- فرانسوا أولاند الحركة الطلابية- مستغلا العطلة الدراسية للاحتشاد والتظاهر أمام مجلس الشيوخ لإسماع أصوات اعتراضاتهم لنواب مجلسي الشعب والشيوخ المجتمعين بالداخل للتصويت علي النص النهائي للقانون. كما دعت النقابات الطلابية الشباب بمدينة بوردوا للتظاهر بالتوازي مع مظاهرات نظرائهم ظهر اليوم. وتوعدت النقابات العمالية والطلابية بتحركات جديدة في الشارع يكون أولها غدا في إضرب عام بجميع أنحاء فرنسا, وثانيها إضراب عام آخر في6 نوفمبر المقبل. وأعلنت النقابات الرئيسية الأربع عن رغبتها في الاجتماع والتحاور مع الحكومة, بينما أكد فرانسوا شيريك رئيس الاتحاد الفرنسي للعمل, خلال برنامج تليفزيوني, أن أفضل شئ يمكن عمله باعتباره أمرا محوريا وضرورة ملحة, هو فتح مفاوضات بين أرباب العمل والمنظمات النقابية حول عمل الشباب والكبار. وردت لورانس باريزو رئيسة اتحاد أرباب العمل علي الفور بالموافقة.