للأسف وخلال محادثتي مع فنانة شابة، لم تتزوج بعد،سألتها عن أمنيتها، قالت أن أضع مولودي في أمريكا، وقد أعددت العدة لذلك، ولكنني مازلت أبحث عمن سيكون والد طفلي الأمريكي الموعود.!! تحدثت إلي زوجة شابة من العائلة برغبتها في السفر إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية حتي تلد ابنها القادم بعد عدة أشهر هناك، وعندما سألتها عن السر في هذه الرغبة، أخبرتني أن ابنها بذلك سيحصل علي الجنسية الأمريكية، ويتمتع بكافة حقوق المواطن الأمريكي. قلت لها، وهل سيعيش ويتعلم هناك؟، قالت لايهم ذلك، فحتي إذا عاد إلي مصر سيحتفظ بالجنسية الأمريكية، وسيحظي بمعاملة مختلفة عن الذين يولدون في مصر، فسيحمل جواز سفر أمريكيا، يكون له بمثابة حصانة ، أو قل حصنا أمينا، وسيتغير وجه حياتنا كلها، لو حدث ذلك، فسوف نُعامل معاملة أفضل، لأن ابننا سيكون أمريكيا، وسنُكرم من أجله. " علي رأسهم ريشة" هذه الفكرة أزعجتني جدا، وحاولت أن أناقشها، ولكنها أصرت علي فكرتها، وقالت اننا لم نأت ببدعة جديدة، فمعظم أبناء القادرين الآن، من وزراء ورجال أعمال، وفنانين، وأساتذة بالجامعات، وغيرهم ، ممن يستطيعون الحصول علي تأشيرة زيارة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية، وثمن التذكرة ذهابا وإيابا ومصاريف الإقامة هناك، وحتما المحصلة مربحة، وتتضاءل قيمة تكلفة هذه الرحلة إلي جانب مكاسبها، فسيكون المولود وأبواه" علي رأسهم ريشة" ولن يستطيع أحد أن" يدوس لهم علي طرف" وستُفتح لهم الأبواب، وينحني لهم الجميع، حتي الفقر سيفر من طريقهم، فهم سيكونون من رعايا الدولة الأقوي،أصحاب الحقوق التي تعلو علي حقوق أصحاب البلاد المصريين. وللأسف وخلال محادثتي مع فنانة شابة، لم تتزوج بعد،سألتها عن أمنيتها، قالت أن أضع مولودي في أمريكا، وقد أعددت العدة لذلك، ولكنني مازلت أبحث عمن سيكون والد طفلي الأمريكي الموعود.!! هل وصلت الأمور إلي بنا هذا الحد ؟ حتي أصبحنا نبحث عن جنسية أخري لأولادنا، حتي يتمتعوا بحقوقهم الطبيعية، والتي ينص عليها دستور بلدهم وبلد أجدادهم،ماذا حدث لمصر والمصريين، حتي وصلوا إلي هذه الدرجة من الكفر بوطنهم، وراحوا يبحثون عن وطن آخر للأبناء ينتسبون إليه،من أجل أن يكونوا مميزين، أو أن تعود لهم كرامتهم؟! هل هانت مصر،وتدهورت أحوال الناس فيها، واسودت الدنيا أمام أعينهم، حتي يهرول البعض للحصول علي جنسية مزدوجة، حتي لو كان يعيش مستقرا بمصر، بحثا عن الأمان أو الحصانة، وخوفا من غد مجهول،هل أصبح جواز السفر من دولة أجنبية يكفل الحماية للمواطنين المصريين في مصر؟ تساؤل طرحه علي الشاشة فيلم "عسل اسود" بشكل كوميدي، ولكنه طُرح في الواقع بشدة في أعقاب حادثة خالد سعيد الشاب السكندري الذي لقي حتفه مؤخرا في ظروف ملتبسة. القصة أثارت لغطا كثيرا ولكن البعد الآخر الذي تناولته بعض الصحف هو أن خالد يحمل الجنسية الأمريكية، وهذا مارأي البعض أنه جعل الدنيا قامت ولم تقعد.. مظاهرات وتنديد محلي ودولي، ما السر في كل هذا التصعيد في قضية قتل لم يحسمها القضاء وتحدث كثيرا في مصر. السر كشفه عم الشاب في برنامج (من قلب مصر): خالد أمريكي، معه جرين كارد وأيضا أمه وأخوه!" وهو الأمر الذي دفع الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستصدار بيان تعرب فيه عن قلقها حيال الأوضاع الحقوقية في مصر. ومثل هذا الكلام يحمل في طياته نوعا من التمييز الصارخ ويفرض تساؤلا آخر: هل لو لم يكن خالد أمريكيا بحسب ما تردد لم تكن هذه القضية لتأخذ كل هذا الاهتمام وكأن دم المواطن المصري أصبح مباحا؟ هل وجود جنسية أخري إضافة للمصرية تعتبر سندا ضروريا وحصانة للكثيرين؟ ** الإجابة هي نعم، فقد أصبح المصري الحقيقي رخيصا في بلده ليس له ثمن، ولايجد من يحميه أو يعطيه أبسط حقوقه،وهذا يفسر إصرار الكثيرين علي تحقيق الحلم بجواز السفر الأمريكي، أو الجنسية الأوربية، فكل من يحصل علي تلك الجنسية غير المصرية، يعتقد أنه يعيش أفضل من المصريين سواء عند دخوله البلاد أو عند خروجه منها، وعندما يحصل علي عمل ، لايعامل معاملة المصريين ، ولكن تتم معاملته كخبير أجنبي في عمله فيحصل علي أجر أعلي من نظرائه المصريين. غرباء في وطنهم هذا الحديث عن حرص بعض المصريين علي الحصول علي جنسيات أجنبية، وأن ذلك يحدث بسبب تجاوزات وفساد استشري في جسد الجهاز الحكومي والإداري، جعل المصريين يهربون من جنسيتهم، يذكرني بما كان يحدث في عهد الخديو توفيق قبيل الاحتلال البريطاني، فقد كان الأجانب يحظون بنوع من الامتيازات الخاصة بل كانت لهم محاكم مختلطة لفض منازعاتهم، وكانت هذه المحاكم تمثل تمييزا صارخا ضد أبناء البلاد. هذا الشعور بتميز الأجنبي حتي في الوطن الأم هو ما يجعل الكثير من المصريين خصوصا من أبناء الطبقات الثرية يسعون وراء حلم الجنسية الغربية، فدولة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية تطرح قرابة 55 ألف فرصة هجرة سنويا علي مستوي العالم، طبقا لأرقام إدارة الهجرة التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية. ونظرا لأن الطلبات المقدمة قد تصل إلي 82 ألفا فقد يلجأ البعض لوسائل أخري من أجل أن تطأ قدمه بلاد العم سام تمهيدا للحصول علي الجنسية الأمريكية التي أصبحت تفتح باب الجنة. فقد أصبح هاجس جنسية المولود شغل بعض المصريين الشاغل،وهاهي زوجة أحد الأصدقاء تستعد حاليا لتحقيق هذا الحلم، التي تري أنه سيغير مجري حياتها، فهي لم تتورع أن تركب الطائرة في شهرها السابع كي تذهب للولايات المتحدةالأمريكية وتضع مولودها هناك، فهذا الأخير بحكم محل مولده قد ينقل أسرتها نقلة كبيرة، وقد درست المشروع جيدا، فقبل أن تشرع في الحمل قامت بجولة علي المستشفيات الأمريكية كي تتعرف علي تكاليف عملية الإنجاب التي قد تصل إلي 55 ألف جنيه مصري،وقامت أيضا بدراسة مستفيضة للقوانين الأمريكية الخاصة بمنح الجنسية. وخلال شهور الحمل عكفت علي استخراج كل الأوراق المطلوبة ومستلزمات المواطن الأمريكي القادم. فكرسي السيارة مثلا الذي سوف تصطحب فيها وليدها يجب أن يراعي شروطا معينة، لو لم تتوافر قد لا تتمكن من تسلم الطفل! إجراءات طويلة لا تنم عن شيء سوي احترامهم للإنسان القادم للحياة والذي سوف يحمل جنسيتهم". التجهيزات شملت أيضا سائر أفراد الأسرة، فالأب سوف ينظم إجازته السنوية في الوقت نفسه الذي سيتم فيه تسجيل الابن كأمريكي لأن القوانين الأمريكية تستلزم وجوده. وهكذا فإن الاتجاه للحصول علي جنسية مزدوجة بدأ يسري بين المواطنين ،وبصفة خاصة بين رجال الأعمال كوسيلة للحماية إذا ما شب نزاع مع الدولة، فيكون بالتالي لديه بلد آخر يتوجه إليه، كما أنه وسيلة لضمان نوعية أفضل من الخدمات الصحية والتعليمية. وهو ما يؤكده أحد الأصدقاء الذي حصل علي الجنسية الأمريكية من خلال ابنه المقيم بالولاياتالمتحدة، فقد قرر أن يمضي فترة المعاش هناك وكان يدفع تأميناته كأمريكي، لأنه لا يريد أن "يتبهدل في مصر في أواخر عمره". علي حد تعبيره. وجاهة إجتماعية! وبين البحث عن الأمان والحياة الآدمية تبقي فئة أخري تبحث عن القبول الاجتماعي في الخارج، فمثلا حصلت مؤخرا إحدي الراقصات علي الجنسية الأمريكية، مؤكدة أنها لجأت إلي هذا الإجراء علي الرغم من أنها تعيش في رغد ببلادها لأنها تخشي أن يعاير الناس ابنها بمهنة والدته عندما يكبر. ولذا فهي تفضل أن يخالط الأجانب في إحدي المدارس الدولية حتي لا يدفع ثمن النظرة الدونية لمهنتها. ** واذا كانت الجنسية هي تعبير عن الانتماء لارض الوطن من الناحية الشكلية فانه يعتبر من الناحية الموضوعية قيمة اخلاقية ووطنية عاطفية لا يمكن للانسان ان يتخلي عنها الا اذا كان هناك خلل في القيم السائدة في ذلك المجتمع يتوجب البحث عنها وعلاجها وحيث ان الجنسية هي عامل معنوي فان القدوة تلعب في وجودها دورا جوهريا وحاسما والمؤسف ان نجد الكثير من المسئولين وعلي قمة السلطة التنفيذية من مزدوجي الجنسية،وأيضا من الغريب، والمخجل أن نجد بعض النواب في البرلمان من مزدوجي الجنسية، ولم يكفهم أن يجمعوا يبن السلطة التنفيذية والتشريعية في آن، فراحوا يتحصنون بجنسية أخري!!!! ، وهذا هوالمسكوت عنه في حياتنا العامة مثل اشياء اخري كثيرة تحتاج المراجعة واعادة النظر. عريس الجنة.. حيث الحور العين ما أقصي الفراق، وما أمر كأس الحرمان من الأحباب،ولكنها الحياة،ميلاد ووفاة،والموت كأس لابد لنا جميعا أن نشربه، وجسر محتم علينا أن نعبره،وقضاء الله الذي لاراد لقضائه، يوم الخميس الماضي ودعت بعضا مني،ونسمة من نسمات حياتي، شاب في مقتبل العمر،داعبته الأحلام، كان شاعرا، صاحب عواطف جياشة،رغم أنه درس الهندسة، وعمل بها،كان ابتسامة في وجه الجميع،زهرة عطر فواحة، عاد من غربته يبحث عن عروس،ولم يكن يعلم أن حور العين في انتظاره،هو المهندس الشاب أحمد عصام الدين عبد الرازق سالم، ابن صديق كفاحي وتوأم روحي الكاتب الصحفي عصام سالم، الناقد الرياضي ومدير تحرير جريدة الاتحاد الإماراتية. أحببت " أحمد عصام" كابن من أبنائي، فقد حملته علي يدي رضيعا، وداعبته طفلا،وحاورت أحلامه صبيا، وصادقته شابا حالما، عاشقا للحياة، وأحسبه عند الله في جنان الخلد، فهو كان سمحا خلوقا، لم يغضب أحدا،أخذ من والده الكثير من الصفات الجميلة، أكتب وأنا أرجو ربي أن يبدله دارا أجمل وأرحب من دارنا، وأن تكون الحور العين عروسه التي لم يرزق بها قبل مماته، وسبحان الله العظيم، الذي يجعل أشجار التوت تموت، وأن تعمر أشجار الجميز" أمثالنا". وإلي صديقي عصام الأب المكلوم في وفاة ابنه وصديقه" أحمد" وإلي نفسي أصبرها، أقول :الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وخاتم النبيين والمرسلين محمد الأمين وعلي آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين. أخي ، عصام أين أبي وأبوك، وأين أمي وأمك ،بل أين من هو أفضل منهم ومنا ومن الخلق أجمعين، أين ياعصام . سيد المرسلين "محمد" صلي الله عليه وسلم ؟تذكر ياحبيبي وفاة سيد الأمة وإمام الأئمة من أرسله الله للناس هدي ورحمة ،فهذا يذكرنا بأن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر، وبأن الموت حق قد كتبه الله علي العباد، وأفضل العباد قد مات ولا بد لكل واحد منا أن يموت ،فقد قال الله تعالي مخاطبا نبيه المصطفي في الكتاب: { إِنَّكَ مَيتٌ وَإِنَّهُم مَّيتُونَ (30)}[سورة الزمر] أي إنك ستموت وهم سيموتون. فاللهُ تباركَ وتعالي كتبَ علي خلقِهِ الفناءَ, ولنفسِهِ البقاءَ فقالَ كلُّ مَنْ عليهَا فان{26} ويبقي وجهُ ربِّكَ ذوالجلال والإكرَام{27}) الرحمن . وقال: ( كلُّ شيءٍ هالكٌ إلاَّ وَجهَهُ {88}) القصص . فالموتُ هوَ الوقتُ المعلومُ , والأجلُ المحدودُ , فإذا جاءَ أجلُ الإنسان فقد دنتْ ساعَتهُ , وحانتْ مَنيتُهُ، وصدقَ الله ( ولِكُلِّ أمَّةٍ أجلٌ فإذا جاءَ أجلهُمْ لا يستأخِرونَ ساعة ولا يستقدِمُون{34} ) الاعراف . وفي الحديثِ الشريفِ عن رسول اللهِ صلي اللهُ عليهِ وسلمَ أنَّهُ قال إذا حَضَرَتِ ابنَ آدمَ الوفاة جاءَهُ المَلكُ المُوَكَّلُ في طعامِهِ فيقولُ لهُ : يا ابنَ آدمَ لقد طفتُ لكَ مشارقَ الأرض ومغارِبَهَا,علِّي أجدُ لكَ لقمَةً تقتاتُ بها فلم أجد,ثم يأتيهِ المَلكُ المُوَكَّلُ في شرابهِ فيقولُ لهُ: يا ابنَ آدمَ لقد طفتُ لكَ مشارقَ الأرض ومغارِبَهَا،علِّي أجدُ لكَ شَربَة مَاءٍ تشرَبُهَا فلم أجد , ثمَّ يأتيهِ مَلكُ الموت فيقولُ لهُ: يا ابنَ آدمَ لقد طفتُ لكَ مشارقَ الأرضِ ومغارِبَهَا علِّي أجدُ لكَ نفساً تتنفَّسْهُ فلم أجد, فإنْ كانَ في شهيقِهِ لمْ يزفرْ, أو كانَ في زفيرِهِ لمْ يشهَق) وجاء في الحديث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ( أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت ، فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك نفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس) رواه الطبراني. انظر وتمعن وتذكر، فإنّ الذكري تنفع المؤمنين، فعليك إن أصبت يوما بمصيبة أن تذكر موت النبي صلي الله عليه وسلم، واعمل لآخرتك حتي تكون مع النبي صلي الله عليه وسلم في الجنّة، وأكثر من الصلاة عليه فإن الصلاة عليه نور وضياء. اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ونجنا في الآخرة بفضلك يا أرحم الراحمين.