صراحته تبدو موجعة للكثيرين من الذين لم يعتادوا أن يكون الفنان صاحب رأي أو موقف، وربما لهذا السبب جرت عليه المشاكل، لكن شيئاَ لم يغير من شخصية هشام سليم، الذي اختار طريقه بإرادته الحرة، ولم يستسلم لأفكار لا يقتنع بها، ولا مناخ لا تروق له أجواؤه. ومن هنا ظل منفرداً ومتفرداً، ويعمل بشروطه لأن أحداً لا يستطيع أن يملي عليه أي شروط. لماذا ورطت نفسك في مسلسل "اختفاء سعيد مهران" الذي يعيد صياغة الفيلم الجميل "اللص والكلاب"؟ لأن "اختفاء سعيد مهران" لا يمت بصلة للفيلم الشهير، وعلاقتهما ببعض تنحصر في أن كلا العملين يبحث في الحقيقة ورفع الظلم، لكن الاختلاف هذه المرة أن البطل "طه" بطل المسلسل شديد الإعجاب ب "سعيد مهران" بطل الفيلم،لكنه يصر علي انتزاع حقه بالقانون ولا يريد أن "يأخذه بيديه" مثلما فعل "سعيد مهران". والمسلسل تأليف محمد حلمي هلال وإخراج سعيد حامد وإنتاج مدينة الإنتاج الإعلامي، وبطولتي مع طاقم مميز علي رأسه الفنان القدير أحمد بدير ودرة. وما الذي أغراك بالموافقة علي بطولة المسلسل الجديد؟ لأنه عمل قوي، كما أن شخصية سعيد مهران ثرية بشكل كبير،ومن ناحيتي لم أقدم شخصية الشرير منذ فترة طويلة، بالإضافة إلي أن إخراج المسلسل للمخرج الرائع سعيد حامد، الذي يوظف "تكنيك" السينما في أعماله التليفزيونية. ألم تخش المقارنة الحتمية بين الفيلم والمسلسل وبين أدائك وأداء العملاق شكري سرحان؟ المقارنة واردة بكل تأكيد، ودائماً ما تحسم لصالح العمل الأول، الذي يكون قد رسخ أكثر في الذاكرة، لكنني أكرر مرة أخري أن أحداث المسلسل لا علاقة لها بالمرة بأحداث الفيلم الشهير، كما أن شخصيتي لا علاقة لها بالشخصية التي جسدها الفنان القدير شكري سرحان في فيلم "اللص والكلاب"، الذي أري نفسي واحداً من عشاقه، وشرفت بالعمل معه في فيلم "عودة الابن الضال" وكان بمثابة والدي. هل أحسست أن الأقدار ردت لك اعتبارك عندما توقف مسلسل "المصراوية" عند الجزء الثاني، وغادرت غادة عادل الجزء الثاني الذي تركته من أجلها؟ أولاً أنا لم أترك الجزء الثاني من "المصراوية" بسبب غادة عادل بل لأن المخرج اسماعيل عبد الحافظ أراد كتابة اسمها قبلي ،الأمر الذي اعتبرته بمثابة إساءة لشخصي،وتجاهل لتاريخي، فما كان مني سوي أن اتخذت قراري بالانسحاب، فأنا صاحب مبدأ لكن "ابقي غلطان" لو فرحت أن "المصراوية" توقف عند جزئه الثاني، ولم تُستكمل أجزاؤه فهو عمل مميز، يرصد تاريخ الشعب المصري. وكيف رأيت أداء الفنان ممدوح عبد العليم للشخصية التي جسدتها في الجزء الأول؟ لقد سعدت كثيراً لأن الفنان ممدوح عبد العليم هو الذي قدم دور "العمدة" في الجزء الثاني من "المصراوية"، وبالطبع أجاد تقديمه إلي حد كبير. وفي كل الأحوال نحن أصدقاء ،وعملنا معاً من قبل مع نفس المؤلف أسامة أنور عكاشة رحمه الله والمخرج إسماعيل عبد الحافظ. هل أسعدك في المقابل موقف منة شلبي عندما تعاطفت مع موقفك من "تترات" مسلسل "حرب الجواسيس"؟ بالطبع لأنها تعرف مكانتها جيداً، وتعرف أقدار الناس من حولها، وبالتالي كان عليها أن تساند موقفي كوجه جديد مقارنة بي كفنان له تاريخ، لكنني أعلنت وقتها أنني لم أعد مهتماً بمسألة ترتيب اسمي في "تترات" الأعمال التي أشارك في بطولتها، لكن الحق يقال إن المخرج نادر جلال وضع اسمي بشكل جيد جداً في "تترات" المسلسل، مما جعلني أشعر بالرضاء. هل يمكن أن تشعر في لحظة بأنك لا تريد التعاون مع الممثلات الشابات بسبب وضع الاسماء في "التترات"؟ "مش أنا اللي مش حابب العمل معاهم" لكن أغلب الظن أنهن سيرفضن العمل معي خشية تاريخي ! هل رأيت أن بطولة مسلسل "اختفاء سعيد مهران" تعني أن البطولة المطلقة في الفيديو جاءت متأخرة؟ تأخرت كثيراً لكن المهم أنها جاءت أخيراً، وفي مسلسل "اختفاء سعيد مهران" بالتحديد،لأنني سعيد بالتجربة جداً، وإن كنت أري أن كل من يتعاون معي في هذا العمل أبطال بنفس الدرجة حتي لو قدم الواحد منهم مشهداً واحداً، فلا يوجد النجم الذي يعمل بمفرده. ولماذا هجرت السينما بهذه الدرجة علي الرغم من بدايتك القوية في "إمبراطورية ميم" ثم"عودة الابن الضال"؟ لا أبالغ عندما أقول إنه بعد "عودة الابن الضال" ورحيل يوسف شاهين فيما بعد لم تعد هناك السينما الجيدة التي نعرفها أو نريدها. ومن ناحيتي لم استبعد نفسي من السينما فأنا موجود، وصناع السينما يعلمون ذلك جيداً، ويعرفون كيف يصلون لي لو أرادوا لكنهم لا يفعلون لأنهم يعرفون مستوي الموضوعات التي لديهم، والتي لو عرضوها علي لن أقبلها، ولن أوافق علي القيام بأدوار هزيلة. وكيف السبيل إذن لتواجدك علي الشاشة الكبيرة بالشكل الذي يرضيك؟ ليس بيدي شيئ أفعله، ولن ألجأ إلي طرق الأبواب، أو التحايل علي أحد ،أو أقبل أيديهم، لكي أجد لنفسي مكاناً في السينما، فلن أفعل شيئاً من هذا حتي لو أمضيت العمر بأكمله من دون أن أغادر منزلي، فأنا كرامتي قبل فني، ولا أحب أن أقدم أي دور.. والسلام، كما أنني لا أفضل التعاون مع أي حد.. وخلاص! وما رأيك في حال السينما الآن؟ وهل تنظر إلي نفسك بأنك واحد من "آخر الفنانين المحترمين"؟ حال السينما في الوقت الراهن "لا يسر عدوا ولا حبيبا"، فقد بلغت المرحلة القصوي من التدهور،وإن كنت أعلم أن جيل الوسط الذي أنتمي إليه تعرض لظلم بين، فإذا كان يحلو لك أو لغيرك أن تطلقين علي أبناء هذا الجيل "آخر الفنانين المحترمين" فمن حقك هذا،لكني أراه جيلاً مظلوماً بالفعل لأنه وقع بين فكي رحي، وأعني المرحلتين المهمتين بين جيل الكبار الذي أثري السينما، ونالوا الفرصة الحقيقية، وبين الجيل الجديد الذي أخذ من الفرص الكثير، وكانت النتيجة أن ظلم أبناء جيلنا، بعدما انحرفت السينما عن مسارها. هل يمكن القول إن ما تقوله يحمل رأياً ضمنياً في أبناء الجيل الجديد؟ أود التوضيح أن الكثيرين من أبناء هذا الجيل، ممن يطلق عليهم "نجوم سينما اليوم" لا يدرون المعني الحقيقي للنجومية، أو ماهية الفيلم الناجح، وكيف نجح؟ وبأي طريقة؟ وما معني أن يكون الفيلم محترماً، ويقدم مضموناً يفيد الناس؟ بدلاً من أن يعتمد الواحد منهم علي أنه "نجم بيكسر الدنيا.. وخلاص"، وبالتالي يواصل تقديم العديد من الأفلام "الواقعة"، وليست ذات صلة بالسينما في معناها الحقيقي الذي نعرفه، ويسهم في هذا التدهور بكل أسف التجار الذين دخلوا الصناعة من أجل "الاسترزاق" ليس أكثر. وعليكم البحث عن أولئك المنتجين لتضعوا أيديكم علي السر وراء تدهور صناعة السينما المصرية، فالملاحظ أن صالات العرض كثرت وتعددت لكن الأفلام باتت دون المستوي، لأن وراءها منتجين جلبوا الأموال من أمريكا، أو يتم غسلها لحساب أشخاص وجهات مشبوهة، والواجب علي محبي السينما المصرية أن يقفوا في وجه هؤلاء الدخلاء. حوار: سامية عبد القادر