أمس فقط أعلنت الصحف القومية الكشوف النهائية للمرشحين لانتخابات الشوري أي قبل نحو أسبوع فقط من إجراء التجديد النصفي وفق تأكيدات واضحة بأن الوطني سوف يحصد أكثر من 80 مقعداً من ال 88 مقعداً التي يجري شغلها هذه المرة، وسوف تجري مفاوضات ومساومات علي المقاعد الباقية، ولن تترك أبداً للمحظورة، بينما ستبقي هناك مساحات للمعارضة الحزبية، أو للمستقلين عن الوطني. التحدي الحقيقي في التجديد النصفي أنه سوف يكون بلا جمهور ناخبين، وأن المسألة كلها سوف تجري، داخل المقرات الانتخابية بين مرشحي الوطني البالغ عددهم 90 مرشحاً بعدما مات مرشح وتنازل آخر، وبين مجموعة من المستقلين عن الوطني وطبعاً بضعة أفراد من المعارضة الحزبية. الناخبون المقدر عددهم بنحو 30 مليوناً لن يخرجوا، لأن النتيجة محسومة، ولأن الحزب الوطني مازال يستخدم التفويض التاريخي الذي يجعله يصوت نيابة عنهم في كشوف الناخبين، وبعدما فاز نحو 15 مرشحاً بالتزكية، بقي أن تنتهي بقية المقاعد من الجولة الأولي، وكنا نتمني ألا تحدث انتخابات هزلية بهذه الصورة ، وكان الأفضل أن تستمر كلها بالتعيين. لكن الشكل مطلوب، والديكور أهم من الجوهر، وهذا ما يثير العجب من أحزاب المعارضة التي أعطت - بقصد أو بغيره- شرعية لما يجري، ودخلت الانتخابات، وهي تعلم أنها لن تفوز. ولن تحقق شيئاً، 12 حزباً معارضاً هم الوفد والتجمع والاحرار والغد والجيل وشباب مصر والجمهوري الحر والسلام الديمقراطي والعربي الناصري والدستوري والعدالة الاجتماعية ومصر العربي الاشتراكي.. هؤلاء ال 12 حزباً يخوضون المعركة - علي حد تعبيرهم - ب 40 مرشحاً فقط، أليست هذه مهزلة أخري. هل يعقل أن تكون عملية بمثل هذا الاسم الضخم، لا تحمل من الوقائع والمضامين إلا هذا الهزل، مشاركة شكلية من أحزاب المعارضة، ومن المستقلين عن الوطني، وترشيحات أكثر من عدد المقاعد للحزب الوطني، وسط علم ووعي الجميع بأن النتائج معروفة مسبقاً، أغلبية كاسحة للوطني، وتمثيل أقل من رمزي للمعارضة، وتقارير وجمعيات ومنظمات للمراقبة، وكأننا جميعاً نضحك علي بعض وتقوم بأداء دور تمثيلي مطلوب منا حتي يكتمل المشهد ونضحك علي الآخرين، بينما الكل في الداخل والخارج يعرف جيداً، أن المسألة أقرب للتعيين منها للانتخابات، وعلينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة حتي يمكننا أن ننهض ونتطور.. ونتقدم خطوة علي طريق الديمقراطية والحرية.. و...