لم يعد خافيا علي أحد أن منطقة الشرق الأوسط في الفترة الراهنة باتت فعلا لا قولا مسرحا للأحداث الدولية.. وما كنا نقرأ عنه صغارا من تواطؤ القوي الدولية بات حقيقة نلمسها بأيدينا في هذه الأيام فإيران هي الهدف المستهدف إسرائيليا قبل أن تكون هدفا أمريكيا والقضاء علي طموحاتها الخاصة بامتلاك التكنولوجيا النووية هو حلم إسرائيل بامتياز لذلك فإن قرار تدمير إيران هو قرار عبري إسرائيلي يهودي صهيوني. وما أمريكا والغرب إلا الناطق الرسمي لإسرائيل والسبب هو رغبة قادة الدولة العبرية في أن يتسيدوا المنطقة ويعيدوا مجددا حلمهم السابق وهو فرض الهيمنة الإسرائيلية علي منطقة الشرق الأوسط من منطلق مشروعهم الخبيث وهو: العقل الإسرائيلي والمال الخليجي والأيدي المصرية الرخيصة. ومثلما نجحت إسرائيل في تجييش العالم ضد العراق والقضاء تماما علي طموح هذا البلد العربي الشقيق وتفتيته حاليا إلي ثلاث دويلات.. اتجهت لفعل الشيء نفسه مع إيران حتي إذا انتهت من مهمتها الخبيثة في إيران شرعت تتجه إلي دول أخري من المنطقة.. وكأن إسرائيل منوط بها مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي روجت له إدارة جورج بوش والذي يقضي بتذويب المنطقة العربية في محيط أوسع وإعادة هيكلة المنطقة بما يتناسب مع طموحات إسرائيل. وهي إقامة دولة إسرائيل الكبري من المحيط إلي الخليج.. ما معني ذلك معناه أن كل ما يحدث في منطقتنا يأتي في إطار خطة إسرائيلية وإرادة صهيونية الشيء الآخر هو أن ما يجري يتم بتنسيق مسبق بين القوي الغربية الكبري وإسرائيل الشيء الثالث أن إدارة أوباما تعمل وفق الأجندة الإسرائيلية وما روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي والسيدة كلينتون وزيرة الخارجية ليسا إلا موظفين في الحكومة الإسرائيلية بدليل أنهما لسان حال هذه السياسة الاستعمارية في المنطقة. يبقي أن نلفت الانتباه إلي أن هذا المخطط يفضحه التواطؤ ضد إيران التي تبدو في هذه الحالة أشبه بالصيد الثمين وكلنا يعلم أن الآلة الإعلامية تخدم كثيرا هذا المخطط سواء الآلة الإعلامية الغربية "الأوروبية والأمريكية" أو الآلة الإسرائيلية أو الآلة الإعلامية العربية "المتأمركة" وهي كثيرة وتنغرس في الجسد العرب كالسرطان الذي يتمدد وتتسع دوائره في كل مكان. باختصار.. إن استعداء المنطقة ضد إيران ليس إلا رأس جبل الثلج وأخشي ما أخشاه عندما تنكشف الأشياء ونتكلم جميعا عن المسكوت عنه سوف نكتشف أن حقائق كثيرة وعظيمة غابت عن عيوننا عن عمد مع سبق الإصرار والترصد. أحداث اليوم والأمس تذكرني أحداث اليوم التي يقوم بها أو يصنعها الرئيس الأمريكي أوباما ووزيرة خارجيته السيدة كلينتون ووزير دفاعه السيد جيتس بأحداث الأمس التي كان يصنعها الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس ووزير دفاعه الرجل نفسه السيد جيتس، وخصوصا فيما يتعلق باستعداء المنطقة العربية والخليجية تحديدا ضد إيران. وتتبع إدارة أوباما الأسلوب نفسه وتتحرك حاليا علي ثلاثة محاور الأول إقامة منتدي في قطر يعرف باسم منتدي أمريكا والعالم الإسلامي وإن أصابوا أطلقوا عليه منتدي أمريكا وإيران لأن كل ما قيل فيه لا هدف له سوي أبلسة إيران والتأكيد علي أنها خطر علي الأمن والسلم الدوليين. والثاني مجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي جيشت فيه أمريكا مختلف القوي لإدانة إيران وهو المجلس ذاته الذي حاول العرب استصدار قرار منه يدين إسرائيل علي جرائمها ضد الشعب الفلسطيني فاعترضت أمريكا ورأت دول أوروبية كبري أن أصدار مثل هذا القرار سيكون من شأنه عرقلة جهود السلام واليوم لا إدانة لإسرائيل ولا سلام أيضا وإنما كان مجرد كلام لعدم إغضاب إسرائيل! المحور الثالث هو زيارات مكوكية يقوم بها قائد الأركان الأمريكي الذي ترك كل شيء ولم يتحدث إلا عن إيران والخوف منها علي المنطقة وإذا سألنا وهذا من حقنا عن إسرائيل التي تملك بالفعل قنابل نووية وتمثل خطرا علي أمن المنطقة بل وأمن العالم بحسب استطلاع رأي أجري في 57 دولة فلن نجد إجابة علي الإطلاق! وهكذا اختزلت إدارة العالم مشكلات المنطقة بل ولدينا بأسرها في محاولة إيران تخصيب اليورانيوم أما امتلاك إسرائيل لخطر داهم يعرض العالم كل العالم للتدمير فهذا أمر لا يحرك في رأس أمريكا سيدة العالم شعرة. لسنا بالطبع مع امتلاك إيران وكذلك إسرائيل أسلحة دمار شامل لكن تحديد المواقف وفضح الشعارات الكاذبة هو أمر يفرض نفسه علينا والأهم هو أن يعود العالم إلي دعوة أطلقتها مصر ومازالت تتمسك بها وهي إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع وسائل الدمار الشامل يستوي في ذلك إسرائيل أو إيران أو أي قوة أخري تريد أن تحصل علي عضوية النادي النووي. بكلمة أخري: إن أوباما يؤكد مرة أخري أنه أشبه بماريونيت "ألعوبة" في يد قوي إسرائيلية ويهودية وصهيونية تحركها في الاتجاه الذي تريد.. وما هو إلا مجرد متحدث رسمي باسمها.. فالعراق كانت بالأمس وإيران اليوم.. والمتوالية العددية لن تتوقف بحسب المصالح.