مفاعل ديمونة لا يشبع النهم النووى الإسرائيلى بقدرة قادر تحول مؤتمر »الاستخدامات السلمية للطاقة النووية« الذي انعقد الأسبوع الماضي في پاريس إلي سوق عكاظ نووي! وبسرعة فائقة. فيه قررت فرنسا ان يصبح المؤتمر مناسبة جيدة لترويج بضاعتها النووية وهي ثاني أكبر دولة منتجة للطاقة النووية بين الستين دولة التي حضرت المؤتمر خاصة وقد استشعرت حجم المجاعة النووية السائدة في الشرق الأوسط، وأعلنت استعدادها لمساعدة أي دولة ترغب في استعمال التكنولوچيا النووية للأغراض السلمية بشرط ان تكون تلك الدولة ملتزمة بمعاهدة حظر نشر السلاح النووي. في المؤتمر بدت كل من الغريمتين سوريا واسرائيل وكأنهما علي موعد نووي في پاريس، فنقلتا المنافسة النووية بينهما إلي هناك. إذ أعلنت اسرائيل اعتزامها بناء مفاعل نووي جديد لإنتاج الكهرباء. سوريا في المقابل أبدت رغبتها في مواكبة العصر وامتلاك تكنولوچيا نووية سلمية لا تكون حكرا علي دولة دون الأخري. ردا علي ذلك قال المندوب الاسرائيلي ان أي دولة ترغب في توليد الطاقة النووية ينبغي ان تحظي بقيادة »مسئولة« تتبع كل المعايير والاحتياطات لضمان استخدامها في أغراض سلمية!! المعروف ان العلاقة النووية بين دمشق وتل أبيب تعدت مستوي المنافسة ووصلت إلي الصراع ومحاولة إسرائيل حرمان دمشق من أي طموحات نووية بل والتحريض عليها والاغارة علي مواقع زعمت انها منشآت نووية سورية قيد البناء ودمرتها في 8002. المعروف أيضا ان الصراع النووي في المنطقة يحكمه عنصران: الأول: حقيقة امتلاك اسرائيل لقوة نووية تحرص علي احتكارها وعدم اعلانها ، ولا تسمح لأي دولة في المنطقة بامتلاكها أو منافستها فيها. والثاني: هو قيام ايران بمنافسة هذه القوة النووية في المنطقة، لعدم السماح لها بالاستئثار بها..ومع ان كلا من مصر والأردن ودولة الامارات أبدت رغبتها في امتلاك القوي النووية السلمية إلا ان اعلان سوريا تحديدا لهذه الرغبة أشعل المنافسة خاصة في السوق الفرنسية.. فإيران في خلفية الصورة. لذلك كانت هناك أكثر من ملاحظة تلفت الانتباه وتثير التساؤلات. كان لافتا مثلا ان تتفاوض فرنسا مع اسرائيل حول المفاعل الجديد بينما هي التي اشترطت أن تلتزم الدولة الراغبة في المساعدة بمعاهدة حظر نشر الأسلحة النووية، وهي تعلم ان اسرائيل ترفض تماما التوقيع علي هذه المعاهدة. كما ان پاريس هي أكثر من يعلم ان اسرائيل لديها بالفعل مفاعلان نوويان أحدهما مفاعل ديمونة الشهير الواقع في صحراء النقب، وكانت فرنسا هي التي ساهمت في بنائه. والمفاعل الآخر يقولون انه للأغراض البحثية ومفتوح أمام التفتيش الدولي. هنا يأتي السؤال عن حقيقة الموقف الفرنسي خاصة وقد تزامن انعقاد المؤتمر وسوقه الترويجية النووية مع الحملة التي تقودها پاريس لفرض عقوبات علي ايران. ويأتي سؤال آخر عن طبيعة التعاون النووي الراهن بين فرنسا واسرائيل رغم ان الأخيرة من الدول »المارقة« نوويا. ويأتي سؤال ثالث عن الهدف الاسرائيلي وراء الاعلان عن المفاعل الجديد وهل هو مجرد بالونة اختبار لرد الفعل الدولي (لاحظ انه لم تصدر كلمة واحدة تعليقا علي الاعلان الاسرائيلي)، أم ان هذا الاعلان يأتي لتثبيت استثنائية اسرائيل واعفائها الذي فرضته علي العالم من التوقيع علي المعاهدة الدولية؟ الأجدر بالملاحظة هو ان الطريق لتحقيق هذه الرغبات سواء في اسرائيل أو سوريا محفوف ببعض التحديات. فإسرائيل مثلا عليها أن تجد طرفا مستعدا لبيع المعدات اللازمة لبناء مشروعات قوي نووية بينما هي ليست من الدول الموقعة علي معاهدة حظر الانتشار. هنا تبرز الهند كمصدر محتمل، بل كنموذج قد تحتذي به اسرائيل. فقد تلافت نيودلهي التوقيع علي المعاهدة، لكنها تمكنت من تطوير طاقة نووية وأسلحة بمساعدة دولية خاصة من الولاياتالمتحدة. أما فيما يخص سوريا، فثمة شكوك في قدرتها علي امتلاك قدرات نووية خاصة بها لأنها لا تملك المهارات والمعرفة اللازمة لهذا الأمر، كما ان امكانياتها المالية قد لا تلبي طموحاتها البعيدة. هنا تصبح ايران أو كوريا الشمالية مصدرا محتملا لتوفير هذا ال»نو هاو« المطلوب لكن تبقي مشكلة التمويل. مع ان بعض المتفائلين تمنوا ان يؤدي هذا الاعلان الاسرائيلي إلي فائدة ما بزيادة الضغط علي تل أبيب لفتح منشآتها النووية أمام التفتيش الدولي واحراج الدول الغربية بحيث تتخلي عن معاييرها المزدوجة، إلا ان عوزي لنداو وزير البنية التحتية ومندوب اسرائيل في المؤتمر وجه صفعة قوية لهؤلاء المتفائلين وقال: »نحن نراعي تماما الاحتياطات اللازمة وليس لدينا ما يمكن التفتيش عليه«! أمام اسرائيل حسب تقديرات الخبراء من 51 02 سنة لاتمام مشروعها النووي.. إلي هذا الحين تري كيف ستكون خريطة المنطقة؟