وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    5 شهداء جنوب شرقى مدينة دير البلح    وزير الخارجية خلال جولة مع رئيس الوزراء الفلسطيني في معبر رفح: لا لمخططات التهجير    أوتشا: نحو 86% من مساحة غزة تخضع لأوامر إخلاء أو مناطق عسكرية    نطور في المطور بمناهجنا    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    زيلينسكي: سيتم البت في مسألة الأراضي بين روسيا وأوكرانيا    ترامب: أوروبا ستقدم الضمانات الأمنية لأوكرانيا    لو فعلها ترامب!!    رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا يكتب ل«المصرى اليوم» .. المشاركة معًا في خلق مستقبل أكثر إشراقًا لإفريقيا: عصر جديد من الشراكة فى مؤتمر «تيكاد 9»    مقلب.. نجم ريال مدريد يثير قلق الجماهير قبل مواجهة أوساسونا    السوبر السعودي: خورخي خيسوس «عقدة» الاتحاد في الإقصائيات    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    ارتفاع درجات الحرارة تصل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    ما صحة إدعاءات دولة إسرائيل «من النيل إلى الفرات» في التوراة؟ (أستاذ تاريخ يوضح)    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ديون بابا للضرائب ونجم شهير صدمنا برده عندما لجأنا إليه (فيديو)    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    قد يسبب تسارع ضربات القلب.. 6 فئات ممنوعة من تناول الشاي الأخضر    إنزال الكابل البحري «كورال بريدج» في العقبة بعد نجاح إنزاله في طابا    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    أحدث صيحات موضة الأظافر لعام 2025    60.8 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    رئيس وزراء السودان يوجه نداء إلى الأمم المتحدة بشأن مدينة الفاشر ويطالبها بالتدخل فورا    رئيس نادي طنطا يؤكد حرص النادي على تنظيم حضور الجماهير ويثمن دور الجهات المختصة    تأكيدًا لمصراوي.. نقل موظفين بحي الهرم في الجيزة على خلفية مخالفات بناء    هشام نصر: وزارة الإسكان قررت سحب أرض فرع الزمالك في 6 أكتوبر    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    "رشاقة وفورمة الساحل".. 25 صورة لنجوم ونجمات الفن بعد خسارة الوزن    أحمد السبكي: "مش عارف رافعين عليا قضية ليه بسبب فيلم الملحد!"    موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    تواجه اتهامًا باستغلال الأطفال ومحرر ضدها 300 قضية.. 16 معلومة عن لعبة «روبلوكس»    محاولة تهريب عملات ومخدرات.. مباحث مطار القاهرة تحقق ضربات أمنية ناجحة    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقرية في الصف    العمراوى حكما لمباراة سيراميكا وإنبى.. وعبد الرازق للجونة والمحلة فى الدورى    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريداتور‏..‏ الطائر المفترس
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 07 - 2010

في الأيام الأولي من شهر يونيو الماضي‏,‏ نعي تنظيم القاعدة علي الإنترنت مقتل أبواليزيد في ضربة جوية صاروخية علي المناطق القبلية في باكستان‏,‏ حيث يعتقد أنها معقل لكثير من قادة القاعدة‏.‏ وجاء في البيان أنه بالإضافة الي أبو اليزيد‏,‏ قتل معه أيضا زوجته وثلاث من بناته وحفيدته‏,‏ ورجال آخرون ونساء وأطفال‏.‏ ويعتبر أبو اليزيد‏,‏ أو الشيخ سعيد المصري‏,‏ الرجل الثالث في تنظيم القاعدة بعد أسامه بن لادن وأيمن الظواهري‏,.‏
وتشير بعض التقارير الي دور له في عملية اغتيال الرئيس أنور السادات‏1981,‏ والوسيلة التي استخدمتها الولايات المتحدة للقضاء علي أبو اليزيد كانت طائرة بدون طيار تحمل اسم‏:‏ بريداتور‏Predator‏ أو المفترس‏,‏ وهي طائرة ارتبط تاريخها بالحرب ضد الارهاب‏,‏ وذاعت شهرتها مع الأشهر الأولي لحرب الولايات المتحدة في أفغانستان بعد أحداث‏11‏ سبتمبر المأساوية‏.‏ ومن بين الأحداث التي لفتت الأنظار إليها في ذلك الوقت‏,‏ قيام طائرة من هذا النوع في‏3‏ نوفمبر‏2002‏ بمهاجمة سيارة في اليمن‏,‏ تحمل ستة أشخاص من بينهم قائد سالم سينان الحارثي‏,‏ ويعتقد أنه كان منتميا الي تنظيم القاعدة في اليمن‏,‏ ومازالت اليمن حتي الآن مسرحا مفضلا لعمليات هذه الطائرة‏.‏
تعتبر الطائرة بريداتور من فصيلة الطائرات بدون طيار‏.UnmannedAerialVehicleUAV,‏ وتختلف عن الصواريخ في أنها تستعمل لمرات عديدة وليس لمرة واحدة‏,‏ وهي في حد ذاتها ليست سلاحا‏,‏ ولكن من الممكن تزويدها بالصواريخ الموجهة‏,‏ وتحلق البريداتور علي ارتفاعات متوسطة حتي‏9‏ كيلو متر‏,‏ وتطير لمسافة قد تصل الي‏200‏ كيلو متر‏,‏ ويمكنها البقاء في الجو ليوم كامل‏.‏ وفي البداية كانت تستخدم لأغراض الاستطلاع المتقدم‏,‏ ثم أضيف إليها مهام جديدة قتالية لاغتيال الأفراد‏,‏ أو تدمير المواقع الاستراتيجية‏,‏ وتطلب ذلك تزويدها بصاروخين موجهين من طراز إيه جي إم 114(‏ هيل فاير‏).‏ وقد دخلت الطائرة الخدمة علي نطاق واسع في‏1995‏ بعد حرب الخليج‏1991,‏ ومع ظهور الإرهاب في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط والعالم‏,‏ صار لها دور متميز في أفغانستان وباكستان والبوسنة وصربيا والعراق‏.‏
تعطينا الطائرة بريداتور درسا عمليا في فن اختراع الأسلحة الجديدة غير الموجودة من قبل لمواكبة مطالب عملياتيه مستجدة في الحرب‏.‏ ويقتصر هذا الفن علي عدد محدود من الدول وفي الطليعة منه الولايات المتحدة الأمريكية‏.‏ وبسبب أن السلاح لم يكن موجودا من قبل بصورته الحالية بل تم بناؤه لتحقيق احتياجات عسكرية معينة‏,‏ كان لابد من اللجوء الي تكنولوجيا العصر ومدي مايقدمه من فرص جديدة لتغطية هذه الاحتياجات المستجدة‏.‏ وعادة ما يواجه العسكريون موقفا من اثنين لحل مشاكلهم العملياتية‏.‏ فإما أن تكون التكنولوجيا الأساسية متاحة في تطبيقات أخري بعيدة تماما عن الحرب ثم نكتشف من خلال عملية بحثية دقيقة إمكانية استخدامها في بناء سلاح جديد أو إضافة قدرات ثورية لأسلحة موجودة بالفعل‏.‏
والموقف الثاني‏,‏ ألا تكون التكنولوجيا متاحة من الأصل فيتم تطويرها من البداية خصيصا من أجل بناء جيل جديد من الأسلحة تواكب مطالب القادة واحتياجاتهم الميدانية‏.‏ وعادة ما تنتشر هذه النوعية من التكنولوجيا في تطبيقات وأسلحة أخري‏,‏ وقد تجد مجالا لها في تطبيقات مدنية بمواصفات قد تختلف عن تلك المستخدمة في الميدان‏.‏ ومن المعروف أن شبكة الإنترنت بشكلها الحالي المدني لها أصول في الماضي تعود الي كيفية تحقيق الاتصال في إدارة حرب نووية‏.‏
في حالة الطائرة بريداتور بدأ مشوار التطوير بوضع مفهوم جديد للطائرة الحربية من أجل القيام بمهام غير تقليدية‏.‏ وتم ترجمة هذا المفهوم النظري الي نموذج تجريبي‏,‏ وعادة مايتم بناء أكثر من نموذج الي أن يستقر الأمر علي نموذج بعينه‏,‏ إما لكفاءته أو بسبب عنصر التكلفة‏,‏ أو لأسباب أخري قد تفرضها المطالب العملياتية‏.‏ وقد مرت القوات المسلحة المصرية في فترة الاستعداد لحرب أكتوبر بمثل هذه التجارب غير التقليدية ربما لم ترق الي بناء سلاح جديد من الألف الي الياء‏,‏ ولكن فلسفة المزج بين التكنولوجيات الجديدة والاحتياجات العملياتية المبتكرة كانت حاضرة بقوة في تلك الفترة‏.‏ وقد طارت البريداتور لأول مرة في يونيو‏1994,‏ وتم نشرها في عمليات حقيقية في البوسنة في‏1996,‏ ثم انتقلت من ميدان الي آخر في أوروبا وآسيا‏.‏ ومن أشهر العمليات التي شاركت فيها هذه الطائرة بنصيب وافر كانت حرب كوسوفو‏,‏ حيث قامت برصد الأهداف بدقة‏,‏ وتوصيل هذه المعلومات الي الذخيرة الموجهة علي متن الطائرات أو القطع البحرية‏.‏
وأهم مايميز الطائرة بريداتور أنها بدون طيار‏,‏ أو أن الطيار موجود خارجها علي بعد مئات الأميال وفي مقدوره توجيه الطائرة الي الهدف المطلوب إصابته‏,‏ فاذا أصيبت الطائرة ستكون الخسارة محدودة لعدم وجود عنصر بشري في الطائرة‏.‏ وقد يتحقق في المستقبل حلم إلغاء العنصر البشري كلية‏,‏ وترك هذه المهمة الي الكمبيوتر نفسه المتصل بصورة مستمرة بكل مصادر المعلومات الي أن يتم القضاء علي الهدف وتدميره تماما‏.‏ والطائرة أثناء قيامها بالمهمة تكون علي اتصال دائم بوحدة تحكم أرضية‏,‏ ووحدة اتصال بالاقمار الصناعية‏.‏ ولايقتصر استخدام هذه الطائرات في مهام للولايات المتحدة‏,‏ بل تتولي مهام مشتركة في إطار حلف الناتو وفي أكثر من منطقة وخاصة في أوروبا الشرقية ومنطقة المتوسط‏.‏ وتشارك هذه الطائرات في عمليات استخبارية علي مستوي حلف الناتو والاتحاد الأوروبي‏.‏ وعادة ما تتكون الوحدة المتكاملة للنظام من‏4‏ طائرات‏,‏ بالإضافة الي محطة أرضية للتحكم‏,‏ ووحدة اتصال بالأقمار الصناعية‏.‏
أضيفت الصواريخ هيل فاير لأول مرة علي الطائرة بريداتور في‏2001‏ داخل قواعد في باكستان و أوزباكستان‏,‏ واستخدمت في الأساس في اغتيال أفراد وقادة أعتقدت القيادة الأمريكية أنهم من القاعدة‏.‏
ومن فوائد استخدام مثل هذه النوعية من الطائرات بدون طيار أنها تجنب الدولة الحرج الدبلوماسي إذا سقطت الطائرة ووقع الطيار في الأسر خاصة أن مثل هذه العمليات قد تحدث بدون أخذ موافقة رسمية‏.‏ وهناك أيضا جدل حول دقة هذه الطائرات في إصابة الهدف ومدي ماتحدثه من خسائر بشرية جانبية في مهمة قد تستهدف رجل واحد‏.‏ وعلي سبيل المثال قتلت طائرة إسرائيلية‏48‏ فلسطينيا مدنيا في غزة في مارس‏2009,‏ وقد استتبع ذلك تدخل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وقيامها بتحقيقات في أكثر من حالة ومدي ما اتخذته هذه العمليات العسكرية من احتياطيات لتجنب قتل أو إصابة المدنيين‏.‏ وفي دراسة لمؤسسة بروكنجز الأمريكية تبين أنه من بين‏35‏ الي‏40‏ عملية هجومية بهذه الطائرات قتل فقط‏8‏ 9‏ من رجال القاعدة‏,‏ كما أنه لكل اغتيال واحد لأحد رجال القاعدة بهذه الطائرة يقابله مقتل‏10‏ من المدنيين بدون قصد بسبب نقص الدقة في إصابة الهدف‏.‏
ومع كل هذا النقص والانتقاد والتشكيك في قدرات الطائرة بريداتور وهو شيء معتاد في تاريخ الأسلحة إلا أنها تشير الي عدد من التحولات المستقبلية في الآداء العسكري نما وتطورا منذ نهاية الحرب الباردة وحتي الآن‏.‏ فالطائرة تتيح دمج المراحل في العملية القتالية واختصارها في مراحل قليلة أو في مرحلة واحدة‏.‏ والمعتاد كان الفصل بين عملية جمع المعلومات وتحليلها‏,‏ وعملية اتخاذ القرار بضرب الهدف‏,‏ وعملية تحديد الوسيلة المناسبة لتنفيذ القرار‏.‏ ويعيب هذا الفصل طول فترة التنفيذ‏,‏ واحتمال اختفاء الهدف قبل تدميره‏,‏ لكن الأسلوب الجديد يؤدي الي تركيز سلطة اتخاذ القرار في يد واحدة‏.‏ ومن هنا تبدو الطائرة برايداتور مثالية‏,‏ ففي استطاعتها التحليق في الجو علي مهل ولفترات طويلة‏,‏ ثم الضرب بدون تردد إذا شاهدت هدفا أوقعه حظه العاثر في طريقها‏.‏

المزيد من مقالات د. محمد قدري سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.