في ظل التطور السريع والرهيب لتكنولوجيا المعلومات أصبح هناك نوعية جديدة من الجرائم المستحدثة لم يكن يسمع بها العالم قبل عام 2000 وفي غضون 5 سنوات باتت تلك الجرائم تشكل تهديداً كبيراً وخطراً علي أمن واقتصاد البلاد للدرجة التي جعلت مرتكبي تلك الجرائم يحققون أرباحاً تفوق ما يحققه تجار الهيروين بمعدل أربعة أضعاف وتلك الجرائم هي المعروفة باسم جرائم "القرصنة" وتشمل التعدي علي حقوق الملكية الفكرية وتقليد العلامات التجارية والغش التجاري والتعدي علي حقوق الهيئات الإذاعية والقضائية وجرائم نسخ المؤلفات العلمية والأدبية ونسخ وطبع المصنفات السمعية والبصرية وغيرها مما اصطلح علي تسميتها جرائم أصحاب الياقات البيضاء ووفقاً للتقارير والاحصاءات الصادرة عن الأممالمتحدة فإن تلك الجرائم تتصل بجرائم أخري في ذات الخطورة مثل جرائم غسيل الأموال والاستغلال الجنسي للأطفال وتجارة المخدرات والسلاح وغيرها من الجرائم الأخري. وأوضحت الاحصاءات أن خسائر منتجي الأفلام عالمياً بلغت نحو 18 مليار دولار وخسائر منتجي الموسيقي تقرب من 2 مليار دولار في حين بلغت القرصنة علي المحتوي في مجالات البث الإذاعي والتليفزيوني المشفر والقنوات الفضائية نحو 100 مليون جنيه. وهو ما جعل وزارة الداخلية تتنبه مبكراً لتلك الجرائم وتقوم برصدها وبذل جهود مضنية من أجل مكافحة جرائم القرصنة للحد من مخاطرها وتقليل خسائرها. وحول تلك الجهود يؤكد اللواء مجدي كامل نائب مدير الإدارة العامة لمباحث المصنفات الفنية وحماية حقوق الملكية الفكرية أن مصر كانت من أوائل دول العالم التي تنبهت لخطورة جرائم القرصنة وما تشكله من تهديد لأمن واقتصاد البلاد، مضيفاً أن المشرع المصري منذ قديم الزمن حرص علي سن القوانين والتشريعات التي تكفل حماية الحقوق وأن مصر أدركت هذا باقرار الحماية وقواعد العدالة بسن سلسلة قوانين شملت جميع عناصر الملكية الفكرية خاصة أن فلسفة الحماية تختلف من دولة لأخري وهي ليست مجرد حماية أفكار وابداعات وحقوق أشخاص بل هي آلية مهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية. وأضاف اللواء مجدي كامل أن وزارة الداخلية أنشأت أول جهاز شرطي متخصص لمكافحة جرائم المصنفات في عام 1981 وتم تطويرها لتصبح إدارة رئيسية مستقلة عام 1996 وتنفيذاً لرؤية واهتمام السيد حبيب العادلي وزير الداخلية المتنامي بالملكية الفكرية أصبحت هناك إدارة عامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية تنفيذاً لالتزامات مصر الدولية بحماية حقوق الملكية الفكرية وهذه الإدارة هدفها العمل علي حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة داخل مصر ومكافحة صور التعدي وضبط مرتكبيها وتقوم الإدارة بالتنسيق مع أجهزة الوزارة وباقي أجهزة الدولة لتنفيذ القوانين والقيام بالحملات التي تستهدف ضبط هؤلاء القراصنة وتقويض جرائمهم. وأشار إلي أن أهم الجرائم التي تعمل الإدارة علي مكافحتها لما لها من آثار سلبية علي الاقتصاد القومي وأصحاب الحقوق والمستهلك نفسه هي جرائم القرصنة علي حقوق الهيئات الإذاعية والفضائية المتمثلة في شبكات الدش أو الوصلات غير المرخصة ومقاهي النت والقرصنة علي البرمجيات وجرائم نسخ المؤلفات العلمية والأدبية وجرائم نسخ وطبع المصنفات السمعية والبصرية، مؤكداً أن الإدارة نجحت خلال النصف الأول من عام 2009 في ضبط 8184 قضية من بينها 482 قضية مصنفات سمعية و189 قضية مصنفات سمعية وبصرية و897 قضية مطبوعات في حين تم ضبط 3616 قضية شبكات "بث فضائي" ونت دون ترخيص و3 آلاف قضية حاسب آلي ومؤخراً شاركت مصر تحت رعاية جامعة الدول العربية في مؤتمرين إقليميين الأول من خلال وزارة الداخلية هو مؤتمر القرصنة وحماية حقوق الملكية الفكرية في العصر الرقمي بالأردن والذي ناقش علي مدار 3 أيام التحديات التي تواجه الإعلام والفضائيات وقضايا القرصنة الفكرية التي أصبحت ظاهرة مقلقة محلياً وعربياً وعالمياً وكشف أساليبها في السطو والسرقة والبحث عن تفعيل قوانين الحماية ومستقبل البث التليفزيوني خاصة مع تلاحم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات مع الإعلام والحد من انتشار الجريمة الالكترونية والمؤتمر الثاني كان بالعاصمة السورية دمشق وناقش إجراءات حماية حقوق الملكية الفكرية في الوطن العربي. ويضيف أن أحد أخطر أشكال وأساليب القرصنة بعد الوصلة يأتي عن طريق إعادة البث علي الإنترنت، الأمر الذي أصبح بعد تلك التعديات يمثل تهديداً خطيراً للملكية الفكرية، الأمر الذي يجعل التصدي لتلك الجرائم مهمة غاية في الأهمية بما يعود بالنفع علي أصحاب الحقوق ويقلل من تلك الجرائم ومعدلاتها التي أصبحت في تزايد مستمر. ومن جانبه أكد الدكتور إيهاب يوسف رئيس مجلس إدارة شركة ريسك فري لإدارة المخاطر أنه أصبحت هناك حاجة ملحة لمواجهة جرائم القرصنة في ظل زيادة معدلاتها وتنامي قدرات مرتكبيها بالصورة التي تجعل منها جريمة اقتصادية تكبد المنتجين خسائر فادحة تقارب ملايين الدولارات سنوياً خاصة فيما يتعلق بجرائم الغش التجاري وتقليد العلامات التجارية وهي جرائم تدر علي مرتكبيها أرباحاً طائلة تفوق ما يتكسبه تجار الهيروين بأربعة أضعاف طبقاً لإحصائية صادرة عن الأممالمتحدة وخاصة ما يتعلق بتقليد العلامات التجارية للشركات متعددة الجنسية العاملة في مجال الأدوية وهي جريمة مزدوجة ترتكب في حق المنتج والمستهلك معاً، فالمنتج يتكبد خسائر مادية فادحة جراء تقليد منتجه والمستهلك لا يحصل علي الافادة المرجوة من استخدام المنتج المغشوش أو المقلد. ويضيف د. إيهاب يوسف أنه لايزال هناك قصور في التشريعات والقوانين المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية هذا القصور لا يظهر إلا عند تطبيقها كما أن حرفية هؤلاء المجرمين العالميين تجعلها دائماً بعيداً عن المساءلة وتجعل من ضبطهم مهمة صعبة علي رجال الشرطة.