مع تفجر المواهب الشابة علي سطح المستطيل الأخضر يوما بعد يوم، بدي سن الثلاثين وكأنه حاجز يخضع عنده استمرار أي لاعب في أداء وظيفته إلي محور جدل ما بين مؤيد لعطائه وخبرته، ومشكك في قدراته ولياقته، إلا أن هذا اللاعب يبقي رافعا لشعار "لا للاعتزال". ولعل المثال الأبرز علي ظاهرة الدعوة لتقاعد النجوم بمجرد إكمال العقد الثالث من العمر، هي الهداف التاريخي للمنتخب الإسباني راءول جونثاليث (مواليد 1977) والذي استبعد من تمثيل بلاده في حين ارتفعت أصوات المطالبين بإجلاسه علي مقاعد بدلاء ناديه ريال مدريد بعد 14 موسما كمهاجم أساسي حصد خلالها مختلف الألقاب. ولكن في الوقت الذي يحظي فيه راءول بدعم المؤسسة المدريدية باعتباره رمز النادي الملكي وابن مدرسة أشباله، فإن الحال مخالف لدي نجوم آخرين لا يشفع لهم تاريخهم للاستمرار في اللعب بصفة أساسية علي الملاعب الإيطالية، مثل المهاجم الأوكراني أندري شيفتشنكو (1976) والأرجنتيني إرنان كريسبو (1975). وعلي الرغم من احتفاظ شيفتشنكو بجائزة أفضل لاعب أوروبي عام 2004 إلا أن تجربته مع تشيلسي الإنجليزي كانت نقطة تحول سلبي في مسيرته لم تشفع لتصحيحها عودته لصفوف إيه.سي ميلان الإيطالي حيث صنع أمجاده كهداف من طراز فريد. وأصبح شيفتشنكو الآن بديلا للبرازيلي اليافع ألكساندر باتو الذي لم يتجاوز العشرين من العمر، والذي خلفه أيضا في الاحتفاظ بالقميص رقم 7. وتبقي جماهير ميلان في حيرة من أمر شيفتشنكو العاجز عن هز الشباك في الدقائق المعدودة التي يلعبها بقميص الروسونيري، خاصة أن زميله المخضرم فيليبو إينزاجي (1973) مازال محتفظا بشهيته التهديفية رغم تقدمه في العمر. أما كريسبو، فيعاني من التجاهل في صفوف إنتر ميلان الإيطالي علي الرغم من مسيرته الناصعة التي لعب خلالها لميلان ولاتسيو وبارما في إيطاليا، وتشيلسي في إنجلترا، وريفر بليت في بلاده، حيث مازال في انتظار فرصة جديدة لإعادة اكتشاف مواهبه في الثالثة والثلاثين. وعلي النقيض تماما، تكشف الملاعب الإيطالية أيضا عن حالتين من اللاعبين رفعا شعار "شباب للأبد"، أولهما هو قائد ميلان باولو مالديني (1968) الذي يوجه دفاع الفريق رغم وصوله لسن الأربعين، وثانيهما الأرجنتيني خابيير زانيتي (1973) قائد إنتر وأحد أعمدة منتخب بلاده، والذي يتجه مستواه للأفضل مع تقدمه في العمر، علي حد وصف كريسبو، زميله ومواطنه. إلا أن أيا من مالديني وزانيتي لا يخطط لتكرار نموذج الإنجليزي ستانلي ماثيوس الذي لعب حتي الخمسين من العمر، ولكن ربما ينجحان في معادلة أرقام الأرجنتيني أنخل لابرونا (43)، أو أي من الكولومبي كارلوس فالديراما و الكاميروني روجيه ميلا والبرازيلي روماريو الذين توقفوا عن اللعب عند 42 عاما. ويمكن اعتبار البرتغالي لويس فيجو (1972) جناح إنتر حالة وسط، فتارة يستعيد ذاكرة التألق برفعة متقنة أو مراوغة ذكية، وتارة يكشف الزمن عن عجزه عن فتح شارع باسمه في الجبهة اليمني كما كان الحال قبل سنوات. علي غرار حالة فيجو، يضرب مانشستر يونايتد الإنجليزي المثل في الاحتفاظ بمخضرمي الفريق والاستفادة من إمكانياتهم، وهو ما يكشف عنه احتواء التشكيل الأساسي علي الثلاثي بول سكولز (1974) وجاري نيفيل (1975) والجناح الويلزي ريان جيجز (1973). وعلي عكس من فضلوا إثبات الذات والرد علي الانتقادات في أوروبا حيث قمة كرة القدم، فضل آخرون العودة إلي بلادهم حيث التقدير المنتظر من الجماهير المحلية، أو أحيانا الذهاب للعب في بطولات أقل من الناحية الفنية. وكان الأرجنتيني سانتياجو سولاري (1976) علي رأس من تركوا أوروبا بعد مسيرة حافلة لعب خلالها لريال مدريد وأتليتكو مدريد في إسبانيا، وإنتر ميلان في إيطاليا، ليتجه إلي بلاده مدافعا عن ألوان فريق سان لورنثو. ولم يختلف الوضع كثيرا لدي المدافع البرازيلي روكي جونيور (1976) فبعد الفوز مع بلاده بلقب كأس العالم 2002 واللعب في أكبر أندية ألمانيا وإيطاليا، قفل عائدا إلي بلاده لارتداء القميص الأخضر المميز لفريق بالميراس. أما البرازيلي سافيو بورتوليني (1974) جناح ريال مدريد السابق فيبحث عن التقدير في صفوف أنورتوسيس القبرصي، وهو سيناريو شبيه بما فعله من قبله نجوم مثل الأرجنتيني جابرييل باتيستوتا (1969) والذي اختتم مسيرته عام 2005 مع العربي القطري.