محافظ دمياط يتابع سير التصويت في جولة الإعادة لانتخابات النواب    توافد الناخبين منذ الساعات الأولى للتصويت بدائرة كفر شكر القليوبية    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    رئيس الوزراء يكتب: "الدّيْن بين لحظة الذروة ومسار التصحيح: كيف تقرأ الدولة عبء اليوم؟"    ارتفاع سعر الدولار بالبنوك المصرية فى تعاملات اليوم الخميس    المنشاوي يتلقى تقريرًا حول زيارة نائب رئيس جامعة أسيوط للمركز القومي للبحوث الاجتماعية    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة..التدخل الخارجى يهدد باستمرار الحرب في السودان    مدن سودانية رئيسية بلا كهرباء عقب قصف بطائرات مسيّرة استهدف محطة طاقة    بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 (لحظة بلحظة) | التشكيل    التشكيل الرسمي لمواجهة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025    جوارديولا: لو كان مرموش معنا لما لعبت بهذه الطريقة أمام برينتفورد    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    ضبط شخص بالإسكندرية لبيع مشروبات كحولية مغشوشة ومجهولة المصدر    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    مكانش قصدى أموته.. اعترافات طالب 6 أكتوبر بقتل زميله بقطعة زجاج    المشدد 15 سنة لمتهم بقتل شخص فى مركز طما بسوهاج    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    التعليم العالي: انضمام 11 فرعا جديدا إلى قائمة الجامعات الأجنبية بمصر    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    إقبال ملحوظ على لجان الاقتراع بالسويس في اليوم الثاني لانتخابات الإعادة    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    إصابة 4 أشخاص والبحث عن مفقودين في انهيار عقار من 5 طوابق بالمنيا    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ قنا يفتتحان محطة مياه الشرب بقرية حجازة بحري    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    صحة الدقهلية نجاح فريق طبي بمستشفى السنبلاوين فى إعادة بناء وجه وفكين لمصاب    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    أنشطة مكثفة لصناع الخير عضو التحالف الوطنى فى محافظات الوجهين البحرى والقبلى    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    سنوات من المعاناة والغياب عن الأضواء في حياة نيفين مندور قبل وفاتها المأساوية    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    أمريكا توافق على مبيعات أسلحة بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان    بعد تداول منشور حزبي.. ضبط متطوعين خارج اللجان بزفتى بعد ادعاءات بتوجيه الناخبين    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    انخفاض ملحوظ، درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    إدارة ترامب تسخر من بايدن بلوحة تذكارية على جدار البيت الأبيض    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية والليبرالية... التباسات واضحة
نشر في نهضة مصر يوم 28 - 10 - 2008

نود الإشارة إلي أن هناك فروقات واضحة بين الليبرالية والليبراليين، كما أن هناك خلطا بين الديمقراطية والليبرالية، فكل من يؤمن بالديمقراطية وبتفعيل آلياتها صار ليبرالياً وهذا غير صحيح.
كثر في السنوات الأخيرة الحديث عن الليبرالية والليبرالية الجديدة واختلطت المفاهيم وساهمت الالتباسات في نعت الليبرالية بأسوأ الاتهامات، فتارة الليبرالية هي نقيض العدل الاجتماعي وتارة هي الجدار الخلفي للإمبريالية والاستعمار وتارة هي التي سمحت بتزاوج السلطة والمال وتارة هي احتكار رجال الأعمال للثروة، وتارة هي الوجه الملعون للرأسمالية المتوحشة.. وفي المقابل يوصف بها كل مفكر عاقل ومنضبط علمياً وفكرياً، وتارة ينعت بها حزب سياسي له من الشعبية ما يزيد عن غيره، وتارة يوصف بها كاتب يساري ولكن غادر يساريته وتبني الديمقراطية نهجاً وآلية في ظل التحولات الجارية.. والأمثلة علي ما أقول كثيرة فعلي سبيل المثال لا الحصر، تم إعادة تقييم الإنتاج الفكري للعديد من مفكرينا العظام منذ أواخر القرن التاسع عشر، فعلي عبد الرازق الأزهري ليبرالياً وطه حسين الباريسي ليبرالياً، ولويس عوض الإنجليزي ليبرالياً، وزكي نجيب محمود فيلسوف الوضعية المنطقية ليبرالياً، ولطفي الخولي ابن الحركة الشيوعية صار ليبرالياً وحازم الببلاوي وسعيد النجار الاقتصاديان العملاقان ليبراليين والدكتور محمد السيد سعيد، -شفاه الله وعافاه- يعتبرونه ليبرالياً بين اليسار ويسارياً بين الليبراليين، وكذلك د. حسام بدراوي الطبيب والقيادي بالحزب الوطني ليبرالياً ود. علي الدين هلال أمين التثقيف بالحزب الوطني ليبرالياً والدكتور عبد المنعم سعيد الباحث الليبرالي بحق- ليبرالياً.
وبعض رجال الأعمال الذين لم يقرأوا كتاباً صاروا ليبراليين، وبعض قيادات حزب الوفد ليبراليين بحكم التاريخ الليبرالي لحزب الوفد قبل عام 1952م وأصحاب المشروعات الخاصة العملاقة ليبراليين، ومتعهدو الأجندات الاختراقية ليبراليين، وأخيراً لوبي المصالح الاقتصادية سواء بالحزب الحاكم أو غيره يمثلون الليبرالية الجديدة.. وهكذا صارت الليبرالية مرتعاً يوصف بها كل من كان ليبرالياً حقيقياً وصادقاً وكل من لا يفقه شيئاً عنها سوي أنها تعني الحرية بلا حدود والاستفادة من التغيرات الحادثة في العالم.
وقبل البدء في تفنيد تلك الالتباسات نود الإشارة إلي أن هناك فروقات واضحة بين الليبرالية والليبراليين، كما أن هناك خلطا بين الديمقراطية والليبرالية، فكل من يؤمن بالديمقراطية وبتفعيل آلياتها صار ليبرالياً وهذا غير صحيح. فتعريف الديمقراطية يوضح بادئ ذي بدء أمرين. الأول هو أن الديمقراطية لا تتعلق فقط بمجال الدولة أو الحكومة حسب ما ننزع عادة إلي اعتقاده. فالمبادئ الديمقراطية ذات صلة وثيقة بالاتخاذ الجماعي للقرارات في أي نوع من التجمعات. ذلك أن هناك في الواقع علاقة مهمة بين الديمقراطية علي مستوي الدولة أو الحكومة وبين الديمقراطية في المؤسسات المجتمعية الأخري. بيد أن الديمقراطية علي مستوي الدولة ذات أهمية حاسمة، بالنظر إلي أنها التجمع الأكثر شمولاً، وأن من حقها تنظيم شئون المجتمع ككل، وأن لها سلطة علي أعضاء الجماعة.
والأمر الثاني هو أن الديمقراطية ليست سمة مطلقة إما أن تكون كاملة أو لا تكون، تتوفر لأي مجتمع بكاملها أو لا تتوفر له علي الإطلاق. وإنما هي بالأحري مسألة نسبية تتعلق بمدي تحقق مبدأي الرقابة الشعبية والمساواة السياسية، وبمدي الدنو من المثل الأعلي للمساواة في المشاركة في اتخاذ القرارات الجماعية. وقد تعارفنا علي إطلاق صفة "الديمقراطية" علي الدول التي تكون فيها الحكومة مسئولة أمام الشعب من خلال الانتخابات التنافسية للمناصب العامة، ويكون جميع الراشدين فيها متساوين في الحق في الاقتراع وفي الترشيح للانتخابات، وتكون الحقوق المدنية والسياسة مكفولة قانوناً. بيد أن أياً من هذه الدول لا تحقق أي الممارسة مبدأي الرقابة الشعبية والمساواة السياسية علي الوجه الأكمل الذي ينبغي لها. ومن ثم فإن جهود تحقيق الديمقراطية لا تنتهي أبداً، والديمقراطيون
في كل مكان منهمكون في نضال من أجل دعم وتوسيع نطاق المبادئ الديمقراطية، أياً كان نظام الحكم أو النظام السياسي الذي قدر لهم أن يعيشوا في ظله. أما الليبرالية فهي تختلف جذرياً، فمعظم الدول الغربية أصبحت "ليبرالية" قبل أن تصبح ديمقراطية. أي أنها أقامت نظاماً دستورياً ليبرالياً قبل أن تمنح حق الاقتراع العام أو تنشئ أحزاباً سياسية كبيرة. وقد كانت السمات الرئيسية لهذا النظام هي: إخضاع الحكومة أو السلطة التنفيذية للقوانين التي يقرها برلمان منتخب "سيادة القانون"، وكفالة حقوق الأفراد في الدعاوي القضائية وفقاً للقانون، وفي حرية التعبير والاجتماعات والانتقال، ووجود سلطة قضائية مستقلة عن الحكومة وعن البرلمان بما يكفي لتكون حارساً علي القانون وعلي هذه الحقوق الفردية. وقد ثبت تاريخياً أن الديمقراطيات التي تم فيها منح حق الاقتراع العام وإنشاء الأحزاب السياسية الجماهيرية دون دعم سابق لهذه السمات الدستورية الليبرالية ديمقراطيات مزعزعة جداً.
وهذا يؤدي بنا إلي سبب عملي ثان في أن النظام الدستوري والديمقراطية يتوافقان معاً. فللحكومة في دولة حديثة سلطات ضخمة تحت تصرفها. فإذا لم تبق الحكومة، أياً كانت شعبيتها، خاضعة للقانون مثل أي فرد آخر، أو إذا لم تلزم بالتماس الموافقة علي التشريعات من البرلمان طبقاً للإجراءات المقررة، أو لم تحترم حريات مواطنيها مهما تكن ممارستها غير مستحبة أحياناً، فسرعان ما سيفقد الشعب قدرته علي مراقبتها. فالديمقراطية ليست نظاماً يعطي للناس أي شيء يطلبون في وقت معلوم أو في أقصر وقت أمكن، وإنما هي تكفل الظروف المناسبة لممارسة تأثيرهم ورقابتهم علي الحكومة علي أساس متواصل. وقد تبين أن من بين هذه الظروف تلك العناصر الأساسية في النظام الدستوري الليبرالي السابق إيضاحها سيادة القانون، والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وضمان الحقوق والحريات الفردية.
وهذه السمات، التي تنطوي عليها "الدستورية"، إلي جانب العناصر المكونة الأخري للديمقراطية، تجد أفضل حماية لها في دستور مكتوب تكون فيه حقوق وواجبات المواطنين، وكذلك أجهزة الدولة المختلفة، محددة بوضوح ومعرفة لعامة الناس. ويكفل الاعتراف بالوضع الخاص للدستور بإلزام المسئولين العامين بأداء قسم الولاء له، فوق أي اعتبار أو مصلحة حزبية أو طائفية، ومن خلال اشتراط تدابير خاصة، كأغلبية أو استفتاء، إذا ما أريد تغييره. ومع ذلك فإن احترام الدستور المكتوب لا يكون مضموناً في الممارسة إلا بقدر ما تكون هناك هيئة قضائية مستقلة تتمتع بالسلطة والتصميم علي إنفاذه، ويكون الجمهور عامة يقظاً في الدفاع عنه.
فهل تبين الاختلاف؟ وهي أدركنا أنه من الممكن أن يكون هناك ليبراليون، ولكن ليس بالضرورة يتوفر المناخ الديمقراطي؟ وهل أدركنا الفروقات بين دعاة الديمقراطية ودعاة الليبرالية؟ وهل أدركنا حجم النضال لإقامة الديمقراطية والفرق بينها وبين بناء مجتمع ليبرالي حقيقي؟ وأخيراً هل أدركنا الفروقات الواضحة والبينة بين كل الأسماء التي ذكرناها في مقدمة المقال؟ أعتقد أنه علي الأقل- قد تم نفض الغبار عن بعضها وفهم التباسات المصطلحين للبعض الآخر وأن ليس كل ما يؤمن بالديمقراطية ويدعو إليها ليبرالياً.. فالعبرة فيما بعد الديمقراطية.. هل ستكون الليبرالية أم العودة للأيديولوجيات البائدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.