التهدئة هي اختراع جيد بالمقارنة مع الثمن الذي ستضطر اسرائيل لدفعه لقاء العملية العسكرية في ازقة مخيمات اللاجئين المظلمة في القطاع. الي جانب الخسائر الفادحة بالارواح وزيرة الخارجية تسيبي ليفني طلبت من نظيرها الفرنسي برناركوشنير توضحيات حول الاتصالات غير الرسمية التي تجريها فرنسا مع حماس. ذكروه في القدس ان اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي قد اتفقت فيما بينها علي عدم اجراء اتصالات مع حماس قبل ان تعترف باسرائيل. كوشنير لن يتصبب عرقاً، بامكانه فقط ان يضع علي طاولة ليفني ما قاله نائب رئيس الوزراء حاييم رامون اذ اتهمها انها هي واولمرت وباراك يجرون مفاوضات مع حماس خلافا لموقف الحكومة. رامون قصد طبعاً اتفاق التهدئة الآخذ في التبلور الآن بوساطة مصرية والاتصالات الجارية من اجل اطلاق سراح شاليط. رامون دعا رفاقه من كاديما الي ايقاف مسيرة انتصار الاسلام الراديكالي . يبدو انه قد تعلم شيئاً ما من مسيرات الانتصار التي نظمتها حماس غداة فك الارتباط احادي الجانب من غزة والانتخابات البرلمانية التي جرت عند الفلسطينيين. حقا ان كل مسيرة من هذه المسيرات تعني مسيرة حداد مقابلة في المعسكر الاسلامي البراجماتي، هذا الذي جدد رامون ورفاقه بطاقة عضوية في نادي الدولتين الشعبين . ان واصلت حكومة اسرائيل تلمس خطواتها بناء علي عناوين الصحف الجديدة فلن يكون ذلك اليوم الذي تسير فيه حماس نحو المقاطعة ببعيد. ولكن المفاوضات غير المباشرة مع حماس حول اتفاقية التهدئة ضرورة لا بد منها. استئناف اطلاق الصواريخ علي سديروت وعسقلان وتواصل الحصار علي غزة ستؤدي الي اعادة احتلال القطاع عاجلا. التهدئة هي اختراع جيد بالمقارنة مع الثمن الذي ستضطر اسرائيل لدفعه لقاء العملية العسكرية في ازقة مخيمات اللاجئين المظلمة في القطاع. الي جانب الخسائر الفادحة بالارواح قد تفقد اسرائيل نهائيا مع من تبقي من شريكها الفلسطيني. وعليه لم يكن ما صرح به محمود عباس للرئيس الامريكي جورج بوش في لقائهما الاخير في الشهر الماضي صدفة عندما قال انه يؤيد عقد اتفاق بين حماس واسرائيل. الرئيس الفلسطيني يعرف انه لا يستطيع استعادة مفتاح الحكم في غزة علي ظهر الدبابات الإسرائيلية وهو يعرف ايضا انه لا قيمة لاتفاق السلام الذي يعقد في ذروة القتال في الجنوب. خسارة ان حكومة اولمرت تنجر الي التهدئة كمن أصابه مس بدلا من ان تبدو في صورة من يملي الشروط. بذلك هي تمنح حماس بعض النقاط الاضافية في الرأي العام الفلسطيني، تحديدا في الوقت الذي تفقد فيه تعاطف الشارع معها لشدة الحصار المتواصل. يبدو أنه لا مفر من حصول حماس علي التهدئة من دون دفع الثمن من خلال الاعتراف باسرائيل وتبني الاتفاقيات التي وقعتها مع م.ت.ف. إلا ان حماس لا تكتفي بذلك وهي تسعي لاستغلال جلعاد شاليط لتعرية خصومها الداخليين الذين اعترفوا باسرائيل ويتفاوضون معها حول تقسيم البلاد. هذا سبب وضع حماس لمروان البرغوثي علي رأس قائمة السجناء الذين تطلب اطلاق سراحهم مقابل الجندي الاسير. كل الاستطلاعات التي جرت في المناطق مؤخراً تشير الي ان البرغوثي هو القائد الاكثر شعبية في اوساط الفلسطينيين في المناطق. والد شاليط قال عبر الاذاعة بالامس ان رئيس الوزراء قد وعده بأن لا يتعاون مع اي اتفاقية مع حماس لا تشمل اطلاق سراح ابنه. من الصعب ان نحدد الامكانية الاكثر سوءا ان يحبط اولمرت الجهود لتحقيق التهدئة ويجر الجيش الي مصيبة في غزة او ان يمنح حماس مسيرة الاسري وفي مقدمتهم البرغوثي المحبوب فيما تصك السلطة الفلسطينية اسنانها غيظا. بدلاً من الانقضاض علي فرنسا وعلي اطراف اخري تحاول دفع الاتفاقيات مع حماس يفضل ان يقوم صناع القرار في اسرائيل بحشد جميع الجهود لتعزيز قوة فتح. الوسيلة الاكثر نجاعة هي طبعا التوصل السريع الي تسوية دائمة تضع نهاية للاحتلال. ليس لدي رئيس الوزراء قوة تمكنه من فرض اخلاء بؤرة استيطانية واحدة وازالة الحواجز في ظل الوضع الذي وصل اليه. ولكن القائد الذي يتصرف وكأنه ليس هناك يوم غد يتوجب عليه الانصراف الي بيته واليوم قبل الغد.