اتفق الإسرائيليون قبل العرب علي أن خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش أمام الكنيست فاق في دلالاته ما كان لأي مسئول إسرائيلي متشدد أن يقوله، الأمر الذي دفع بعض المراقبين للقول إن الخطاب قدم لإسرائيل شيكا علي بياض لزعزعة أمن المنطقة. ففي لغة تخلت عن الدبلوماسية لصالح التصريح الخالي من أي معان ملتبسة، قال بوش إن بلاده ستواصل دعمها لإسرائيل وإن المستقبل سيشهد زوال حركة حماس وحزب الله وتنظيم القاعدة، وشدد علي أن إسرائيل لن تكون بمفردها في حال تعرضها لهجوم من إيران التي سيكون السماح بامتلاكها أسلحة نووية "خيانة لا تغتفر بحق الأجيال المقبلة". بالمقابل خلا خطاب الرئيس الأمريكي في الذكري الستين لقيام إسرائيل من أي إشارة لمعاناة الفلسطينيين سوي جملة عابرة عن التوصل لتسوية سلمية مع الشعب الفلسطيني، بل طرح رؤياه لإسرائيل "دولة مزدهرة بعد ستين عاما آخر". المفكر العربي ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي داخل أراضي 48، د.عزمي بشارة قال إن خطاب بوش عبر عن حالة تماه مع إسرائيل صاحبها "نشوة دينية" للرئيس وهو يتحدث عن العهد القديم، تاركا للسانه أن يخرج "مكنون النفوس". ولفت بشارة في حديث إلي أن الخطاب كان صريحا في إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بناء علي تفاهمات قائمة مسبقا بين واشنطن وتل أبيب تمنح الأخيرة الشرعية "الأمريكية حصرا" للقيام بأعمال عدوانية وبالأشكال المناسبة لقدراتها وخاصة فيما يتعلق بإيران. وتوقف بشارة عند هذه النقطة بالتنويه أن مسألة ضرب إيران تبقي مرهونة في قدرة إسرائيل علي تنفيذ هذه الخطوة أولا، وحساباتها للرد الإيراني ثانيا، لكن ذلك لا يمنع من تجربة أشكال غير تقليدية مثل أعمال تخريبية داخل إيران وما شابه. ورغم اتفاقه مع قراءة بشارة لدلالات خطاب بوش، اعتبر أحمد الطيبي-النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي عن الحركة العربية للتغيير- أن الخطاب وإن قدم تصريحا لإسرائيل بالدفع تجاه التصعيد في المنطقة، فإن الأمر يحتاج بحسب رأيه لظرف إقليمي أو دولي يتيح تنفيذ هذا التصريح ميدانيا. وأضاف الطيبي أن الجنرالات الإسرائيليين -"المتحمسين لرد اعتبارهم مما جري في حرب 2006 ضد حزب الله اللبناني"- يمتلكون في مكاتبهم خططا مدروسة ومعدة سلفا لتوجيه ضربة لحزب الله أو حركة حماس، مشيرا إلي أن بوش وفي خطابه أمام الكنيست أثبت بأنه أكثر "ليكودية" من انصار حزب ليكود المتشدد. يشار إلي أن الطيبي واثنين من النواب العرب في الكنيست قاطعوا خطاب بوش ورفعوا في القاعة التي ألقي فيها الخطاب صورا لضحايا من أفغانستان والعراق وفلسطين كتب عليها عبارة "بوش هو المسؤول". في حين يري الخبير المصري في الشئون العسكرية والاستراتيجية اللواء طلعت مسلم، أن إسرائيل لا تحتاج لتفويض أمريكي فيما يتعلق بحزب الله أو حركة حماس لكنها لا تستطيع قطعا شن ضربة عسكرية لإيران بدون الولاياتالمتحدة. وأشار إلي أن إسرائيل لو كانت واثقة من تحقيق نصر سريع وحاسم علي حزب الله أو حماس، لفعلت ذلك منذ فترة لأن ذلك لن يزعج واشنطن، موضحا أن إسرائيل تسعي حاليا لكسب الوقت استعدادا لجولة حاسمة -لا يمكن التنبؤ بتوقيتها في الوقت الراهن- في جنوب لبنان وقطاع غزة، أو ضد أي هدف آخر في الشرق الأوسط.