في رأيي أن جوهر الدين.. أي دين . واحد، ذلك أن الاديان جميعها إنما تقوم علي أساس مجموعة من الأسس والمبادئ والقيم والفضائل الإنسانية منها قيم الحب والتعاون والعطاء والتسامح وقبول الآخر وعمل الخير ونبذ العنف والإرهاب والتعصب وبذل الذات من أجل خدمة الآخرين وتقدم العون لهم، ومن ثم فهو حوار مطلوب بل وضروري ذلك لأنه يزيد من المساحة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، ومن ثم فإنه ليس غريباً أن ينشط بينناموضوع حوار الأديان لا سيما وأن مثل هذه الحوارات لا تمس العقائد الإيمانية ولا تتدخل فيها وإنما هي تعمل في إطار المساحة المشتركة بين أصحاب كل دين من أجل تحقيق فهم مشترك من كل طرف للآخر. وفي هذا الإطار شد انتباهي مؤخراً ما سطره قلم الكاتب الصحفي المتميز الاستاذ نبيل عمر بجريدة الاهرام حين كتب يقول"يصعب علي المرء احياناً أن يصدق اننا لم نعد نتمتع بهذا القدر من التسامح الذي كنا عليه، وأن أفكاراً لا تمت إلي صحيح الدين بصلة تسيطر علينا، وتتعارض أيضاً في جوهرها مع حقوق المواطنة المتساوية التي كفلها الدستور والقانون لكل مصري، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه أو عقيدته أوثروته أو جنسه.. العدل هوجوهر الدين والتسامح أهم مظاهرة". وربما ليس خافياً مثلما لاحظ الاستاذ نبيل عمر، تنامي ظاهرة ضعف قيمة التسامح في تفكيرنا وتصرفاتنا، ذلك التسامح الذي كان المجتمع المصري يتمتع به بصورة أكبر في مرحلة سابقة، حيث نلاحظ ودون عناء تصاعد لغة العنف والصراع في الشارع المصري، ومن جانب آخر فقد صارت ممارسات العنف عادة تسيطر علي البعض، وذلك بسبب تراجع ثقافة التسامح بين البشر وقبولهم بعضهم لبعض. إنها حقاً لظاهرة تحتاج منا إلي وقفة جادة من قبل كل المثقفين والمفكرين المصريين وصناع الرأي العام ومؤسسات المجتمع المختلفة من أجل نشر ثقافة التسامح بين المصريين. وفي اعتقادي الشخصي، وكما أحب أن أشير دائماً، فإن نشر ثقافة التسامح والحب وقبول الآخر أيضاً أيا كان هذا الآخر يقع علي عاتق كل مؤسسات المجتمع التي تقوم علي تنشئة الإنسان فهنالك أولاً الأسرة الصغيرة حيث الأب والأم والأخوة ودورهم في تربية الأطفال منذ نعومة أظافرة، وهناك المؤسسة التعليمية حيث المدرسة بما فيها من مدرسين ومناهج، ووسائل الإعلام المختلفة من صحف وقنوات تليفزيونية أرضية وفضائية ودورها في إكساب الجمهور أنماطاً سلوكية معينة، وكذا هناك دور مهم لمختلف المؤسسات الثقافية، والجمعيات والمؤسسات الأهلية وكل الهيئات والمنظمات المدنية العاملة في هذا المجال، ولا تنس بالطبع المؤسسة الدينية.. المسجد والكنيسة.. الشيخ والقسيس.. لا سيما وأن الاديان جميعها تحض أبناءها علي الحب واحترام الانسان الذي هو خليفة للهّ سبحانه وتعالي. أعزائي القراء.. إذا كنا جادين في طلب السلام والاستقرار وتحقيق النمو والنجاح لمجتمعنا المصري، فإن علينا أن نتكاتف ونتعاون من أجل نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر.