تحتفل الكنيسة القبطية الارثوذكسية،وهي الكنيسة المصرية الأم، في هذه الايام الجميلة بمناسبة عيدالقيامة المجيد، تلك المناسبة الغالية والعزيزة علي نفوس المسيحيين ليس في مصر وحدها ولكن في كل أنحاء العالم. والواقع أننا نتعلم من عيد القيامة المجيد معاني كثيرة ونكتسب قيماً إنسانية جميلة كما نتعرف، وعن قرب علي فضائل عديدة منها الحب والتعاون والعطاء وقبول الآخر وعمل الخير ونبذ العنف والإرهاب ومحاربة التعصب، بل أكثر من ذلك فإننا نتعلم قيمة بذل الذات من أجل خدمة الآخرين وتقديم العون لهم والتعاون معهم. ومن القيم التي نتعلمها أيضاً من حياة السيد المسيح وقيامته المجيدة قيمة التسامح.. والتسامح في حقيقته وجوهر معناه هو رسالة حب وأنشودة سلام يقدمها الشخص المتسامح لكل من هم حوله. إن الإنسان المتسامح هو إنسان يغفر ويسامح، إنسان ينسي الإساءة بل يقدم عوضها وبدلاً منها حب وخير وسلام للجميع، فعندما كان السيد المسيح معلقاً علي الصليب فإنه غفر لهؤلاء الذين صلبوه ولم يفكر في القصاص منهم، بل إنه دعا لهم بكل الحب، إذ قال وهو في أشد لحظات الألم علي الصليب:"يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، فكان هذا الموقف درساً عملياً من السيد المسيح في التسامح مع الآخرين ومسامحة المخطئين. كم أتمني أن يكون عيدالقيامة المجيد هذا العام فرصة طيبة لنشر ثقافة التسامح بين البشر، من أجل زيادة المساحة المشتركة بين الناس ومن أجل تحقيق فهم مشترك من كل إنسان تجاه أخيه الإنسان، ومن أجل أن تسود في مجتمعنا قيم الحب والسلام، فالقيامة الحقيقية وفي معناها المعاصر هي الغفران والتسامح. ولعله يمكن نشر ثقافة التسامح من خلال كل مؤسسات المجتمع الرسمية منها والاهلية (المدينة).. الاسر الصغيرة.. الاب والام والاخوة والمؤسسة التعليمية ..المدرسة والجامعة.. مدرسون ومناهج، ووسائل الإعلام المختلفة من صحف وإذاعات وقنوات تليفزيونية، والمؤسسات الثقافية، والجمعيات والمؤسسات الاهلية وكل الهيئات المنظمات المدنية، وبالطبع فإننا لا ننسي هنا دور المؤسسة الدينية.. المسجد والكنيسة.. الشيخ والقسيس. القراء الاعزاء .. إنه علينا أن نتكاتف وأن نتعاون من أجل نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وكل عام ومصرنا الحبيبة بمسلميها ومسيحييها في خير وسلام ودعوني أقدم هنا تهنئة خاصة من القلب بهذ العيد المبارك لقداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وشركائه الآباء الاجلاء أساقفة الكنيسة وكهنتها.