رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    ارتفاع سعر الذهب اليوم بالسودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 9 مايو 2024    رسميًا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 9 مايو 2024 بعد الانخفاض في البنوك    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    مئات المستوطنين يقتحمون بلدة "كفل حارس" في الضفة الغربية | شاهد    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأوكراني مستجدات الأزمة الأوكرانية الروسية والجهود الرامية لحلها    أنشيلوتي: هذا هو أفضل فريق دربته في مسيرتي    في بيان رسمي.. الزمالك يشكر وزارتي الطيران المدني والشباب والرياضة    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    مع قرب بداية شهر ذو القعدة.. موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    ليس مرض مزمن.. سبب وفاة والدة كريم عبد العزيز    القضاء هيجيب حق أخويا.. شقيق ضحية حادث عصام صاصا يوجه رسالة مؤثرة    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يكرم فريق سلة الاتحاد لفوزهم بكأس مصر    هل يعود إلى الأهلي؟... مصدر يوضح موقف محمد النني الحالي مع آرسنال    أيمن يونس: واثق في لاعبي الزمالك للتتويج بالكونفدرالية.. وزيزو "قائد الأحلام"    تعرف على موعد إرسال قائمة المنتخب الأوليمبي    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    ماجد عبدالفتاح: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بفلسطين    أخبار الحوادث اليوم: حجز السودانية بطلة فيديو تعذيب طفل بالتجمع.. والسجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز القاهرة الجديدة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    متحدث الوزراء: المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال مستمرة حتى 20 يوليو    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح أسترازينكا|فيديو    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنبا يوحنا قلته لأكتوبر: أسوأ أنواع الحكم فى التاريخ.. حكم رجال الدين
نشر في أكتوبر يوم 26 - 12 - 2010

الكنيسة الكاثوليكية فى مصر كنيسة عريقة.. وهى وإن كانت صغيرة حجماً بالمقارنة بالكنيسة الأرثوذكسية إلا أنها كبيرة نشاطاً خاصة أنشطتها الاجتماعية والثقافية فمدارسها ومستشفياتها منتشرة فى كل أنحاء مصر كما أنها تعتبر جزءاً لا يتجزء من الكنيسة الكاثوليكية الأكبر حجماً فى العالم والتى يتبعها حوالى مليار وربع المليار نسمة من كل أنحاء العالم.. الحديث مع الأنبا يوحنا قلته النائب البطريركى للأقباط الكاثوليك يختلف عن الحديث مع أى رجل دين آخر، فالرجل بالإضافة إلى أنه من أشهر قيادات الكنيسة القبطية الكاثوليكية فهو فى نفس الوقت أحد المفكرين القلائل فى عصر أصبح فيه رجل الفكر عملة نادرة فى مصر.
الأنبا يوحنا قلته ليس مجرد رجل دين عادى مهتم بالشئون الكنسية فقط، ولكنه أيضاً مهموم بشئون وطنه وكيفية نشر ثقافة التسامح واحترام الآخر التى افتقدها المجتمع فى الفترة الأخيرة، يساعده على ذلك دراسته للعلوم الإسلامية فهو حاصل على الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية والأدب العربى التى يؤكد أنها ساعدته فى اكتشاف وحدة الجنس البشرى، وفى نفس الوقت فهو يتولى الإشراف على المدارس الكاثوليكية فى مصر والتى تخرج فيها كثير من نجوم وقيادات المجتمع.
أكتوبر كانت حريصة على الدخول إلى عقل وقلب الأنبا يوحنا قلته الذى يرفع دائماً شعار الجاحظ:
(وكيل الله عندى هو عقلى).
*هل يمكن أن تعطى لنا نبذة قصيرة عن الكنيسة القبطية الكاثوليكية؟
**بدأت الكنيسة القبطية الكاثوليكية مع بداية الانقسام سنة 451 ميلادية عندما عقد مجمع خلقيدونية الذى كان الخلاف فيه حول طبيعة السيد المسيح، وهو كان خلافاً لفظياً حل فى جلسة واحدة مع قداسة البابا شنودة فى ثمانينيات القرن الماضى، وانقسم الشرق وخاصة فى مصر عندئذ إلى كنيسة أرثوذكسية مستقيمة الرأى تابعة للبطريرك ديسقورس وخلفائه.. أما الجزء الضئيل الباقى الذى كان يتبع العقيدة الكاثوليكية فكانوا يسمون «الملكيين» لتبعيتهم للملك والامبراطور ومن هنا بدأت الكنيسة القبطية الكاثوليكية، تضعف مع الزمن، وتقوى فى أوقات أخرى، حتى وصلنا إلى وقتنا هذا طائفة قليلة بسيطة ولكنها نشطة.
ويضيف الأنبا يوحنا قلته أن عدد الايبراشيات التابعة للكنيسة الكاثوليكية فى مصر 8 ايبراشيات يتولاها 8 أساقفة وهناك اثنان نواب لقداسة البطريرك الكاردينال انطونيوس نجيب.
أما عن الأنشطة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية فى مصر فهى ممتدة من مستشفيات ومدارس ففى مصر 170 مدرسة كاثوليكية منتشرة فى جميع أنحاء مصر من أسوان إلى الإسكندرية وهى مدارس تخدم جميع المصريين مسلمين ومسيحيين من الجنسين بنين وبنات.
*ولكن لماذا ينظر البعض للمدارس التابعة للكنيسة الكاثوليكية على أنها منابر تبشيرية؟
**كيف تكون منابر تبشيرية وغالبية الطلاب أحيانا من المسلمين وهناك رقابة من وزارة التربية والتعليم من خلال الموجهين التابعين لها؟ ثم إن البرامج التعليمية كلها تحت إشراف الوزارة.. وهل من المعقول أن نستلم الطلاب من عائلتهم المسلمة لنثقفهم ونمنحهم شهادة ثم نبشرهم؟ نبشرهم بماذا؟!.. هذا كلام غير واقعى.. وغير صحيح اطلاقاً والدليل على ذلك أن أهم نجوم المجتمع فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والسينمائية من خريجى هذه المدارس.
*ماهى طبيعة العلاقة بين الكنيسة القبطية الكاثوليكية والفاتيكان؟
**الكنيسة الكاثوليكية فى العالم تضم حوالى مليارا وربع المليار من البشر من جميع الجنسيات من أمريكا اللاتينية والشماليه وآسيا وأفريقيا وأوروبا إلى أستراليا والعلاقة بين هذه الكنائس علاقة عقيدة وقيم أخلاقية واحدة والمرجع الوحيد هو قداسة بابا روما رئيس الجميع، لكن الكنائس فى شئونها الداخلية حرة والفاتيكان لا يتدخل فى كل ما تصدره من قرارات إلا فيما يمس العقيدة والأخلاق أما النظم فكل كنيسة مستقلة وهذا يمنح ثراء أكبر للكنائس وارتباطاً أكبر ببعضها البعض يوحدنا جميعاً بابا روما الذى نعتبره فى عقيدة الكاثوليك نائب المسيح وخليفة القديس بطرس وأسقف روما.
*ماذا يعنى منح غبطة البطريرك أنطونيوس نجيب لقب كاردينال؟
**يعنى أن الكنيسة الأم فى روما تحترم الكنيسة القبطية الكاثوليكية وتحترم الشرق ورجال الشرق وتاريخ الشرق وإن غبطة البطريرك سيصبح مستشاراً لقداسة البابا فى أهم القضايا وعضواً فى انتخاب البابا القادم.
*ومتى سنرى بابا للفاتيكان من الشرق ومن مصر على الأخص؟
**كل شئ جائز فالبابا الراحل يوحنا بولس الثانى كان من بولندا والبابا الحالى ألمانى وقد كنا نتوقع قبل انتخابه اختيار بابا من أفريقيا وهو الكاردينال النيجيرى ارينزى وهو بالمناسبة اسود ونصف عائلته مسلمة.. ومن يدرى فقد نرى فى يوم من الأيام بابا من الشرق أو آسيا.. والأنبا انطونيوس الآن سيكون من ضمن المرشحين باعتباره عضواً بمجلس الكرادلة، ولكن ما الذى يحكم اختيار البابا؟ يحكمه أولاً تقوى وقداسة وعلم، ثم ثانياً إلى أى مجتمع ينتمى بمعنى مجتمع كاثوليكى يسانده ولهذا أغلب البابوات جاءوا من ايطاليا لأنهم مدعومون من الدولة.
مؤتمر الفاتيكان الثانى/U/
*كان مؤتمر الفاتيكان الثانى ثورة فى أفكار الكنيسة الكاثوليكية لتواكب العصر الحديث كيف تنظرون لهذا المؤتمر؟
**كان هذا المؤتمر بمثابة تغيير جذرى تاريخى فى كل شئون الكنيسة فأولاً أعلن أن الكنيسة ليست ملكاً لأحد.. فكلنا خدام فى الكنيسة.. ثانياً أعلن أن الكنيسة تحترم جميع الأديان وجميع المذاهب بل اعترف المجمع بأنه حتى الحضارات القديمة قبل الأديان الإبراهيمية فيها نور من الله وإلا لم يكن اخناتون وصل إلى وحدانية الله.. اخناتون هو الذى قال «لا اله الا الله» قبل الأديان ولهذا فالكتاب المقدس يقول على لسان بولس الرسول فى سفر أعمال الرسل «وتعلم موسى الحكمة من المصريين».. إذن فالكنيسة تجددت تماماً فى هذا المجمع.. النظرة للمسلمين اختلفت 180 درجة.. كل الاحترام للمسلمين والإسلام ولشعائر أخوتنا المسلمين الذين يؤمنون بالآله والدينونه هذه كلها قيم عظيمة.. الاحترام أيضاً لحقوق الديانه اليهودية.. هناك لجان للحوار مع جميع الأديان.. لجان للحوار مع البوذية.. حتى مع الالحاد.. تغيرت وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية للعالم الخارجى.. كذلك تغيرت فى داخلها.. الرهبنة تجددت هناك قوانين تم إلغاؤها.. هناك قوانين أضيفت.. الثقافات اتسعت لنتعلم ثقافات كل الأمم فكان هذا المؤتمر حدثاً تاريخياً عظيماً أخذ الكنيسة الكاثوليكية إلى مسار جديد.
*هل تحتاج الكنيسة لمراجعة سياستها العامة كل فترة لتواكب تطورات العصر؟
**ليس الكنيسة الكاثوليكية وحدها التى تحتاج أن تراجع نفسها كل فترة.. كل مجتمع محتاج لهذه المراجعة.. حتى الأسرة تحتاج لمراجعة نفسها كل فترة لتعرف كيف تسير أمورها فى الحياة.. المصروفات.. تقدم الابناء فى الحياة.. العلاقة بين أفرداها.. وفى دائرة أكبر المجتمع كله.. البرلمان.. هذه المراجعة جزء من مسيرة الحضارة والتاريخ فالكنيسة تعطى نموذج وقدوة فى مراجعة النفس.. مراجعة السياسة الخارجية.. السياسة الداخلية.. الاقتصاد.. كل هذه الأمور يحتاج اليها كل مجتمع.. أضف إلى ذلك نحن نحتاج – فى بلادنا الشرقية والعربية – إلى قيادات شابه.. تخيل معى أن رئيس وزراء انجلترا لم يتجاوز عمره الخمسين.. وزير خارجية بلجيكا فى الثلاثينات.. نائب رئيس جامعة كاثوليكية فى بلجيكا مسلم.. العالم تغير.. نحن نحتاج لتجديد حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وننسى العصور الوسطى وتمييز الإنسان بسسب شكله أو دينه أو قبيلته هذا هو ما يطحن آمال الشعوب.
فالكنيسة تحتاج إلى إعادة النظر فى كل الأمور.. حتى الامور العقائدية.. العقيدة ثابتة ولكن تفسير العقيدة هذا هو الذى يختلف وأعطى لك مثلاً كيف كنا نتعامل مع المسلم؟ هذا تغير الآن المسلم أصبح أخا لى احترم صلاته وصومه ويحترم صلاتى وصومى لم يكن هذا الوضع حتى نهاية القرن العشرين.. كان هذا ينكر ذاك وذلك يحتقر هذا.. لابد أن تتغير هذه النظرة.. العقيدة ثابتة.. الثوابت موجودة لكن التغيير فى المعاملات.. فى السلوك.. فى الاخلاقيات.
*كيف تنظر الكنيسة الكاثوليكية لقضايا الطلاق والزواج الثانى التى أثارت لغطاً فى الشارع القبطى مؤخراً؟
**العقيدة المسيحية ثابته وواضحة فى هذه القضية قال السيد المسيح «من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزنى.. ومن تزوج بمطلقة فقد زنى» فقالوا له «موسى أعطى شريعة طلاق وأنت تمنعها» أجاب المسيح «موسى أعطى شريعة الطلاق لقساوة قلوبكم.. فلم يكن هذا فى البدء.. فى البدء خلقهما الله رجلا وامرأة».. وعلى هذا الأساس فالمسيحية واضحة جداً زوجة واحدة لرجل واحد مدى الحياة.. وما يحدث من مشاكل وقضايا الآن ليس معناه أن نتنازل ونكسر الشريعة، وإنما أن نبحث عن الأسباب ونعالجها.
الزواج المدنى/U/
*هل تقبل الكنيسة الكاثوليكية بالزواج المدنى كحل لهذه المشكلة؟
**ما معنى الزواج المدنى؟ الزواج المدنى عقد يتم تطبيقه حالياً.. فالزواج يجرى مراسيمه فى الكنيسة أو فى المسجد ثم يتم توثيقه فى الحكومة وهذا هو الزواج المدنى.. والزواج بوجهيه الدينى والمدنى مهم جداً أما أن نكتفى بالمدنى فقط فستحدث فوضى وعبث بكل القيم.
*ما هى آخر تطورات القانون الموحد للأحوال الشخصية للمسيحيين باعتبار نيافتكم عضوا فى اللجنة المشكلة لإعداد هذا القانون؟
**أود فى البداية أن أبعث بجزيل التحية والتقدير لسيادة المستشار عمر الشريف نائب وزير العدل الذى كان يرأس الجلسات وهو بالمناسبة خريج مدرسة الجيزويت ويتقن اللغات الأجنبية وعلى خلق عظيم وهدوء بال وصبر كبير وكان يقود الاجتماعات بروح عالية من الثقافة وقد أنجزنا القانون وسلمناه للسيد وزير العدل الذى أشكره على مبادرته بتشكيل هذه اللجنة وكما سمعت سيعرض القانون فى الدورة القادمة لمجلس الشعب.
*ما هى طبيعة العلاقة بين الكنيسة القبطية الكاثوليكية بشقيقتها القبطية الأرثوذكسية؟
**علاقة أخوية طيبة.. فالكنيسة الأم الكبرى هى الكنيسة الأرثوذكسية.. الأقباط الكاثوليك كثير منهم جاءوا أو ينتمون لعلائلات ارثوذكسية.. ولهذا فدائماً هناك نوع من المرارة عند الإخوة الأرثوذكس لتحول هؤلاء إلى كاثوليك أو انجيليين ولكن هذه مسألة حرية شخصية.. لكن العلاقة الأخوية دائمة وثابتة.
*توترت العلاقة بين الفاتيكان والكنيسة الارثوذكسية بعد بيان البابا بيندكتوس الذى وصف فيه الكنيسة الأرثوذكسية بأنها ليست مكتمله الأركان وهو ما أثار الأرثوذكس ما رأى الكنيسة القبطية الكاثوليكية فى هذا الخلاف؟
**البابا بيندكتوس لم يكن يقصد هذا.. فكل ما قاله «إنه لا تكتمل كنيسة فى العقيدة الكاثوليكية إلا بالاتحاد مع بابا روما».. الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة مقدسة رسولية عظيمة.. كنيسة شهداء بها قديسون ورهبان.. كنيسة كامله ولكن البابا بيندكتوس أشار فقط إلى أن الشئ الناقص الوحيد هو الاتحاد بين الكنيسة القبطية الارثوذكسية وكنيسة روما وهذا ما يقصده ويعتبره نقصا فى الكنائس الشرقية.
الوحدة بين الكنائس/U/
*كل أربع سنوات تحتفل الكنائس المسيحية حول العالم بعيد القيامة فى يوم واحد.. متى سنرى احتفالا موحداً بعيدى الميلاد والقيامة لكل المسيحيين فى العالم؟
**فى السبعينات من القرن الماضى اقترح أحد أعضاء الأمم المتحدة أن يكون عيد الميلاد أول يناير وهذا الأصح جغرافياً فأول يناير هو أول السنة الميلادية، ومع ذلك فقد قوبل الاقتراح بالرفض.. تاريخ العيد ليس عقيدة يؤمن بها الأشخاص.. ولكن موعد العيد يدخل فى تحديده أمور كثيرة.. تاريخ وتقليد وسياسة وسوق ورواج اقتصادى.. أنا لا أرى غضاضة فى الاحتفال بعيدى الميلاد والقيامة فى عدة تواريخ هذا شأن جغرافى تاريخى اقتصادى وليس له صله بالعقيدة.. المهم أنى أومن بأن المسيح ولد فى بيت لحم.. متى ولد ؟ يوم الثلاثاء.. الأربعاء.. الخميس.. لا يهم.. ثم إنه ستحدث مشكلة كبيرة أو كارثة بمعنى أصح لو احتفل 2.5 مليار مسيحى حول العالم بالأعياد فى يوم واحد ستتوقف الدنيا كلها ستتوقف السياسة.. الاقتصاد.. تاريخ الأعياد ليس عقيدة، وإنما دراسة وعلم ويمكن أن يتغير فى المستقبل.
*ولكن هل هناك أمل فى الوحدة بين الكنائس المختلفة كما يتمنى المسيحيون حول العالم؟
**المسيح نفسه صلى من أجل هذه الوحدة وقال «ليكونوا واحداً كما أنا وأنت يا أبى واحداً» وهذه الصلاة الحارة والواضحة من أجل وحدة المسيحيين لأنه كان يعرف طبيعة البشر واختلافهم وتمزقهم.. أغلب الكنائس ليست على خلاف عقائدى ولكن على خلاف حضارى.. الحضارات مختلفة.. الشرق مازال يعيش فى العصور الوسطى.. الغرب اختلف تماماً.. أبسط مثال على ذلك الغرب يعطى المناولة فى اليد.. الشرق يناول فى الفم.. حضارياً أرقى ان أخذ المناولة فى اليد لكن هذا لا يمكن ان يحدث فى الشرق حتى الآن.. دخول الهيكل فى الشرق بدون حذاء.. صحيح ان الله قال لموسى «اخلع نعليك لأن هذا رمز لتواجد الله على الأرض» لكن الكنائس الآن بها موكيت وسجاد ولا حاجة لخلع الحذاء.. ومع ذلك الشرق يرفض هذا تماماً والغرب ترك كل هذه الأشياء.. ولكن هذا لا يعنى أننى أوافق على ترك الطقوس.. أبداً.. فالطقوس مدرسة لاهوتية.. ولكن خلع الحذاء ليس له معنى عقائدى ولكنه معنى طقسى رمزى.. علينا أن نواكب الحضارة بطقوسنا ولا نجعل الناس تمل الصلاة.
*ومع ذلك تظل أمنية المسيحيين حول العالم فى تحقيق الوحدة بين المذاهب المسيحية مرة أخرى فهل يحدث ذلك قريباً؟
**إذا توحد العالم فى الثقافة والحضارة هناك أمل فى وحدة الكنيسة ولكن مع وجود اختلافات حضارية وثقافية فهذا صعب، ومع ذلك فالاختلاف ليس عقائديا والدليل على ذلك ان هناك كنائس أرثوذكسية سريانية وكلدانية وروماً وأقباطاً كلهم ارثوذكس وليسوا متحدين إذن الخلاف ليس عقائديا ولكنه خلاف لغة وطقس وحضارة وتاريخ.
*ما هى آخر تطورات الحوار بين الكنائس؟
**الحوار قائم ولكن بصورة غير منتظمة فاهتمام الكنائس بالقضايا الاجتماعية والوطنية والسياسية يأخذ منها الحيز الأكبر ولم تعد هناك مساحة كبيرة للحوار الدينى.. وقد نستأنفه فى المستقبل إن شاء الله.
*باعتبارك رئيساً شرفياً لمجلس كنائس الشرق الأوسط ورئيساً سابقاً للعائلة الكاثوليكية فى المجلس ما مصير المجلس بعد الخلاف الأخير؟
**بصراحة مصير المجلس غامض ومجهول ونتمنى من الله أن ينعم علينا بإشراقه نورا لنرى بارقة أمل.
*ما سبب الخلاف بالضبط؟
**السبب أنه بعد الإهانة التى وجهت للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ولمصر وللبابا شنودة من قبل بطريرك القدس اليونانى انسحب قداسة البابا من المجلس فسقط تلقائياً لأن الكنيسة الأم والأكبر والأعظم هى الكنيسة القبطية الارثوذكسية ولن يكون هناك مجلس بدونها.. وقد حاولت ومعى غبطة البطريرك انطونيوس نجيب والمطران بولس مطر فى لبنان والمطران جورج صليبا أن نصلح سبب الخلاف بأن يعتذر البطريرك اليونانى وحتى الآن لم ننجح ونصلى لكى نزداد تواضعاً ونقبل بعضنا البعض.
سنودس الشرق الأوسط/U/
*لماذا دعا الفاتيكان لسنودس الشرق الأوسط؟
**دعا الفاتيكان لسنودس الشرق الأوسط لعدة أسباب فأولاً تغير المناخ الدينى فى العالم الذى اصبح مدينة كبيرة.. المسلم بجوار المسيحى بجوار اليهودى والبوذى.. لا توجد مدينة إسلامية 100%.. مكة المكرمة والمدينة المنورة بهما الآلاف من المسيحيين والبوذيين والهندوس يعملون هناك.. فى روما على بعد نصف كيلو من الفاتيكان يوجد جامع إسلامى.. العالم تغير.. إذن يا أصحاب الأديان هل تتعايشون معاً فى محبة وتضامن أم تتحاربون وتدمرون الحياة؟.. كان هذا السؤال مطروحاً فى السنودس.. ضرورة التعايش.. المناخ الدينى فى العالم تغير تركب الطائرة تجد بجوارك شخصا بوذيا.. هندوسيا.. هل تتقاتل معه أم تتعايشا معاً؟ بيوت الله.. المساجد.. الكنائس.. المعابد.. يجب ان تأخذ حرية مطلقة لم يعد من حقك ان تمنع إنسانا من أن يتعبد.. هذه شريعة فى كل الأديان.. حرية الصلاة.. هذا سبب لدراسة المناخ الدينى فى العالم.. السبب الثانى لعقد السنودس كان الدخول فى أعماق الكنيسة من الداخل وترتيب أوراقها داخلياً وتنظيمياً ومراجعة الذات فى أساليبها والأهم ألا تتحول الكنيسة المسيحية إلى مجرد مؤسسة «علمانية» بمعنى أن الكنيسة ليست مهمتها الأمور الاجتماعية من مستشفيات ومدارس كل هذا عظيم ولكن قبل كل هذا مهمة الكنيسة تقديس النفوس.. التقوى.. الورع.. المحافظة على وصايا السيد المسيح.. هذا كله يسبق المشروعات الاجتماعية وبالتالى النقطة الثانية فى السنودس كانت «علمنة» الكنيسة.
أما النقطة الثالثة التى أثيرت فى السنودس فكانت القضية الفلسطينية.. فلن يكون هناك سلام فى الشرق الأوسط إلا إذا حلت القضية الفلسطينية حلا عادلاً وأخذ الفلسطينيون حقوقهم.. اليوم يوجد فى فلسطين من 4 إلى 5 ملايين نسمة فأين يذهبون؟.. لهم حقوق تماماً كحقوق اليهود.. القضية الفلسطينية أخذت مجهوداً وتفكيراً كبيراً من السنودس وهذه هى أهم النقاط التى بحثها السنودس.
*لماذا قوبل السنودس بهجوم حاد من قبل إسرائيل إلى حد وصف نائب وزير الخارجية الإسرائيلى للسنودس بأنه رهينة أغلبية مناهضة لأسرائيل؟
**إسرائيل انتقدت السنودس لأنه ناقش قضية فلسطين وأثار حقوق الفلسطينيين لقد كنا أكثر من 300 شخص.. السنودس حضرة عالم دين شيعى وعالم سنى وحاخام يهودى وكان الأنبا برنابا أسقف ميلانو ممثلاً شخصياً للبابا شنودة وجميع الكنائس الأرثوذكسية كانت ممثلة فى السنودس.. ولكن إسرائيل دائماً تفسر الأمور كيفما تشاء.. نحن شرق أوسط.. نحن عرب نتمسك بالقضية الفلسطينية وندافع عن حقوق أخوتنا الفلسطينيين ولا ننافق اسرائيل كما يحدث فى المحافل الدولية.. السنودس معقود للكنيسة العربية.. ونحن شركاء فى المصير مع جميع اخوتنا العرب.. وهنا أريد أن ألفت النظر إلى ان كلمة شيوخ الاسلام كانت رائعة.. سلمية.. جميلة.. أما كلمة الحاخام اليهودى.. فكانت كالسم فى العسل من أول كلمة لآخر كلمة دفاعاً عن حق اسرائيل فى الاستيطان.. كلنا بالطبع كنا فاهمين.. ولكن لاحظ فن استخدام المحافل الدولية لصالحهم.. يجب أن نتعلم منهم.. لا يتركون فرصة.. جلسة أو أجتماعا إلا واستفادوا منه لصالحهم.. متى نتعلم هذا؟.
يهودية الدولة/U/
*كيف ترى دعوة رئيس وزراء اسرائيل بيهودية الدولة؟
**أنا بصراحة لا أجد جديداً فى هذه الدعوة فهى منذ نشأتها عام 1948 دولة يهودية.. ذلك ليس أمراً جديداً ولا شاذاً.. هى بالفعل يهودية.. ولكن أن تضع هذه الصفة فى إطار شرعى من أجل أن تزيد من عزلة العرب الفلسطينيين وتضيق الخناق عليهم داخل هذه الدولة، فهذا هو الأمر الكارثى.. هناك دول إسلامية وهناك دول مسيحية الأمر ليس شاذاً ولكن المخيف أن تستخدم هذه الهوية اليهودية لطرد مزيد من المسلمين والمسيحيين ولمزيد من الاستيطان ولبلورة فكرة أيدلوجية لا تتيح لغير اليهود الحياة فى إسرائيل.
*هل تعتقد أن السنودس حقق الهدف منه؟
**السنودس لم يسع لتحقيق أهداف.. ولكن لتفجير قضايا.. وكشف أفكار.. والبحث عن مقترحات ومبادرات.. ولتجديد حياتنا المسيحية.. أما تحقيق الأهداف فهذا سيقع على عاتق من حضروا السنودس وعادوا لبلادهم ليحققوا نوع من العدالة والحرية والإخوة والتعايش بين الناس، بعض المثقفين رأى أن سنودس الشرق الأوسط يثير نعرة دينية وهو شىء غير صحيح ولكنه يقول للمسيحيين فى الشرق الأوسط تعايشوا مع اخوتكم المسلمين عيشوا فى دول إسلامية بمنتهى الاحترام مع احترام القانون.
*بعد أيام من السنودس وقعت حادثة كنيسة سيدة النجاة ودعا أحد رجال الدين المسيحى فى العراق المسيحيين هناك إلى الهجرة خارج البلاد فهل توافقون على هذا؟
**أنا أرفض ذلك تماماً.. فأولا العراق حتى الآن ليس دولة.. ممزق.. قبائل وطوائف ومذاهب.. الله يسامح أمريكا.. العراق بلد عظيم.. بلد حضارة.. العراق كان يداً يمنى للعروبة ولبلادنا العربية.. كان هناك مليون مصرى يعيشون فى العراق.. جاءت أمريكا ودمرت كل شىء.. فما حدث من القاعدة شىء كارثى.. وأنا أناشد أخوتى المسلمين فى العراق ان يحموا أخواتهم المسيحيين.. وأناشد العراقيين أن يتكتلوا ضد الإرهاب وضد التطرف وأن يرفضوا أى شخص إرهابى متطرف يقوم بتمزيق أمنهم.. كارثة حدثت.. هل هناك فكرة لتفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين؟ القاعدة أعلنتها صراحة.. لا نريد مسيحيين معنا فى الشرق الأوسط.. ولكن هل المسيحيون دخلاء؟ هل هم جالية أجنبية.. هؤلاء جزء من نسيج المجتمع.. لقد دخل الإسلام مصر.. شخص أسلم وأخوه لم يسلم.. ولكن الاثنان مصريون.. الاثنان اصلاء.. الاثنان من أب واحد.. فكيف يعقل أن نفرغ العالم العربى من المسيحيين؟.. هذه جريمة فى حق العروبة وفى حق الحضارة الإسلامية وليست جريمة فى حق المسيحيين.. العراقيون خائفون بالطبع ويغادرو بلادهم.. لكن أنا أرفض ذلك تماماً.. أرفض أن يغادر مصرى وطنه خصوصاً إذا كان ذلك لهجرة دائمة.. أنا عندى مصر بالدنيا كلها وأرفض أن يغادر المسيحيون الشرق الأوسط.
الفلسفة الإسلامية/U/
*كرجل دين مسيحى حاصل على الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية.. كيف أفادتك دراستك للإسلام؟
**رسالة الماجستير الخاصة بى كانت عن أثر الثقافة الفرنيسة فى أدب طه حسين وقد طبعتها دار المعارف أما الدكتوراه فكانت دراسة حول «دراسة المستشرقين الفرنسيين للشعر العربى» وبالتالى فقد كانت دراستى عربية إسلامية.. كيف استفدت؟.. سأقول لك جملة بسيطة.. تصور الجاحظ قبل ديكارت بمئات السنين يقول «وكيل الله عندى هو عقلى» هذا ما قاله ديكارت بعد ذلك «أنا أفكر إذن أنا موجود» ويقول الجاحظ أيضاً «خمسون شكاً أفضل من يقين واحد» وهو ما قاله ديكارت «إنى أشك حتى أتأكد» أفادتنى الثقافة العربية فى الجرأة واستخدام العقل وهو الذى نفتقده حالياً فى العالم العربى.
أفادتنى أيضاً فى اللغة العربية تلك اللغة الجميلة.. اللغة الموسيقية التى فيها أدب رائع ولكن للأسف بدأت تضيع من الأغانى المشبوهة واللغة الدارجة.. أنا معجب جداً بالأستاذ انيس منصور وقد التقيته قبل ذلك.. لغته سهلة عربية سليمة ومفهومة.. اللغة الوسطية فلا هى لغة العصر الجاهلى والشعراء والأدباء ولا هى لغة السوق والعامة فلماذا لا نأخذ هذه اللغة ونعممها فى المدارس؟
لقد اكتشفت من خلال الفلسفة والعلوم الاسلامية وحدة الجنس البشرى.. المسلم المسيحى اليهودى البوذى والهندوسى.. ما يضحك عليه أحدهما يضحك الآخرين.. النكته الحلوة تضحك الجميع.. الجملة الحلوة تبسط الجميع.. اللحن الحلو يعجب الجميع.. إذن فنحن متحدون فى إنسانيتنا.. مختلفون فى عقائدنا.. فى ثقافتنا.. ولكن هناك أقوى من كل هذا.. نحن واحد فى انسانيتنا هذا ما تعلمته من الثقافة العربية.
*كيف يمكن نشر ثقافة التسامح واحترام الآخر بين اتباع الديانات المختلفة؟
**أنا أناشد السيد وزير التربية والتعليم أن يعطى هذا السؤال للجنة لدراسته.. فيجب تغيير البرامج التعليمية كلها ابتداء من كى جى وان إلى الثانوية العامة بالتدريج لكى نخلق جيلاً مصرياً انسانياً عالمياً.. هذا لن يضر الدين أو العقيدة فى شىء.. عقيدتنا الإسلامية أو المسيحية ليست هشة ولا تهتز بشئ لكن علينا أن نربى جيلا جديداً ملامحه انسانية ثقافته عالمية ديانته مسلم أو مسيحى هذا لا يتناقض مع ذلك.. التعامل مع اختلاف الدين واللون والجنس.
العلمانية والدولة المدنية/U/
*هل العلمانية خطر على الأديان؟
**إطلاقاً.. العلمانية ظلمت لأن كلمة العلمانية التصق بها لفظ الإلحاد وهذا غير حقيقى مطلقاً.. العلمانية هى بالضبط استخدام العقل والعلم.. فهل استخدام العقل والعلم ضد الإيمان بالأديان؟!.. طبعاً لا.. الجاحظ كما ذكرت يقول وكيل الله عندى هو عقلى.. والمعتزلة فى القرن الرابع الهجرى العاشر الميلادى نادوا باستخدام العقل إذن فعلينا أن نفهم أن العلمانية هى تطبيق قوانين العقل والمنطق والدستور دون تمييز أو تحيز أو عنصرية.. هذه هى العلمانية دولة مدنية تحترم وتقدس الأديان ولكن قبل كل شىء المواطن متساو.. له قيمة.. ولا ننسى أن العلمانية تتفق مع الأديان.. أن الأديان جاءت لخدمة الإنسان وليس الإنسان لخدمة رجال الدين.. فليس الإنسان للسبت، وإنما السبت لخدمة الانسان كما قال السيد المسيح.. الشريعة فى خدمة الإنسان.. نحن قلبنا الآية.. جعلنا الإنسان عبد لرجال الدين من هنا كانت الكارثة التى تحدث فى البلاد المتخلفة.
*هل تؤيد دولة دينية أم دولة مدنية؟
**مدنية 100%، دولة دينية يحكمها رجال الدين «لا».. مرفوضه.. أسوأ أنواع الحكم فى التاريخ حكم رجال الدين من أيام كهنة آمون إلى العصور الوسطى إلى يومنا هذا .. فى الحضارة الإسلامية.. فى الحضارة المسيحية.. أسوأ أنواع الحكم الفاشل كان حكم رجال الدين، إنما دولة مدنية معناها أن يحكمها متخصصون فى كل المجالات (اقتصاد - علوم - سياسة) وهى فى نفس الوقت دولة دينية إذا كانت جماهير الأمة متدينة ولكن يحكمها قانون مدنى فالعلمانية والدولة المدنية لا تتناقض ابداً مع الأديان وعقائدها.
*هل القنوات الفضائية أحد أسباب الاحتقان الطائفى الذى يعانى منه المجتمع حالياً؟
**القنوات الفضائية الدينية تجارة واستثمار.. وهى تجارة رابحة وأحد أسباب الحرب الدينية الفضائية.. فبأى حق يشتم إنسان دين الآخر؟ أنت لا تؤمن بدين الآخر فلماذا تتكلم فيه؟ تكلم فى دينك.. اشرح دينك.. مزاياه.. متى نتعلم أن نحترم من يخالفنا؟.. القنوات الفضائية من ضمن كوراث الحضارة التى اساءت استغلالها الفضائيات العربية.
*كيف يمكن معالجة الاحتقان الطائفى الحالى؟
**من خلال طريقين.. الطريق الأول يبدأ من المدارس والجامعات.. المساواة واحترام الآخر والطريق الثانى من خلال القانون يطبق على الجميع.. لا على الفقراء ولا الضعفاء فقط مثلا مشكلة بناء الكنائس لقد كتبت مقالا فى الأهرام قلت فيه فضوها سيرة.. بنينا مائة كنيسة.. مئتين.. خمسمائة هل سيغير هذا وجه مصر الإسلامية؟.. ماذا يضير أخى جارى المسلم إن بنيت كنيسة وقام هو ببناء جامع؟ هذا سيسعدنى على الأقل سأضمن أنه يوجد بيت من بيوت الله بجوارى وأن هناك أشخاصا يذهبون للصلاة؟ المسألة فى حاجة دائماً إلى طريق للتعليم والتربية وطريق القانون احترام القانون للجميع.
الخطاب الدينى/U/
*هل نحن فى حاجة لتغيير لغة الخطاب الدينى؟
**هذا موضوع قديم جداً.. منذ سنوات عديدة وأنا أطالب بتغيير لغة الخطاب الدينى وسيادة الوزير محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف بذل جهداً غير عادى فى هذا المجال والمرحوم فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق رحمه الله بذل جهداً كبيراً هو الآخر وكذلك قداسة البابا شنودة الثالث.. يجب أن يكون الخطاب الدينى دينياً بمعنى أن يشرح الدين ومميزاته وفضائله وليس خطاباً ترويعياً وتحميسياً واستفزازياً.. بمعنى آخر يجب أن تكون خطب الأحد والجمعة لتنوير الناس.. لزرع المحبة والتسامح والصفح.. وليس تقليب صفحات الماضى والكراهية والعداء.. الذى يزرع الكراهية ويحث على الانتقام ليس خطابا دينيا ولكنه خطاب عدائى.
*كيف نحوله من خطاب عدائى لخطاب دينى؟
**عن طريق الندوات والمؤتمرات والتوعية والشدة على من يتلفظ بعبارت تهين الآخر.
*كعضو فى نقابة الصحفيين لماذا لا نشاهد نشاطاً إعلامياً كاثوليكياً من قنوات فضائية ومجلات دورية كما هو الحال مع الكنيستين الأرثوذكسية والبروتستانتية؟
**لدينا قناة نور سات.
*ولكنها قناة لبنانية فمتى سنرى قناة كاثوليكية مصرية؟
**هى قناة كاثوليكية ونحن نعتبر الكنيسة الكاثوليكية فى أى مكان فى العالم كنيسة واحدة وهناك قناة أخرى تسمى نور 7 ويوجد تفكير فى إنشاء محطة كاثوليكية أخرى ولكن اتجاه الكنيسة الكاثوليكية اتجاه ثقافى للمدارس وخدمى للمستوصفات والمستشفيات، بالإضافة إلى أنها مسألة نسبة وتناسب فعدد الكاثوليك قليل.
*ولكن البروتستانت أقل عدداً ولديهم نشاط إعلامى مكثف أكثر من الكنيسة الكاثوليكية فما رأيك؟
**ليس أكثر ولكن البروتستانت لديهم فن التسويق والدعاية عالى جداً.
*مصر طوال تاريخها قامت على التعايش الدينى والتعدد الثقافى لماذا اختفى هذا الآن؟
**لم يختف ولكن الذى يحكم مسيرة التاريخ وتطوره.. الاقتصاد والثقافة.. الاقتصاد تأثر بالاقتصاد البترولى والمذاهب التى يرفضها الإسلام المعتدل.. إسلام الأزهر الشريف.. إسلام المحبة والتعايش، ودخلتنا مذاهب مختلفة تدعو للكراهية والعداء فإذن نحن فى حاجة إلى العودة للأصالة المصرية، الاقتصاد البترولى أثر على الملايين التى تعمل فى الخليج والذين يحدث لهم غسيل مخ فيعودون وهابيين ومتعصبين هذا من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية الثقافة فكما ذكرنا يجب أن تعاد دراسة كل برامج التعليم والتربية لكى نربى نشئا إنسانى الأخلاق والتعامل وعالمى الثقافة.. يحترم كل إنسان.. ويحترم كل ثقافة وكل دين.. وكل مذهب.
*كيف يستطيع المجتمع أن ينشأ نوابغ مثل طه حسين وسلامة موسى وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم ممن اثروا الحياة الثقافية والفكرية المصرية؟
**إذا تحرر المجتمع من «قيود العصور الوسطى» بمعنى أن الفترة التى نشأ فيها نجيب محفوظ وطه حسين كانت هى الفترة التى نسميها الفترة الليبرالية من سنة 1920 إلى سنة 1952 أنا سأذكر لك مثلا بسيطا كان السياسى عدلى يكن إذا لم تخنى الذاكرة وفى أثناء إحدى جلسات البرلمان وقف أحد الأعضاء يستأذن فى الذهاب للصلاة فصاح عدلى يكن: أجلس وماذا نعمل نحن نبحث شئون الشعب أليست هذه صلاه؟ هذه الروح التى نفتقدها.. طه حسين من ثمار مجتمع بدأ الحرية وتذوقها.. كان هناك نوع من الديمقراطية والمساواة.. لم يكن هناك تطرف ولذلك انتج المجتمع طه حسين.. أما ما نراه الآن فلن ينتج إلا الأغانى التى نسمعها حالياً والأدب الذى نقرؤه.. لن ينتج إلا ضحالة وسطحية.. وإن شاء الله المستقبل واعد ومشرق بأن يكون هناك خلفاء لهؤلاء العظماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.