حذرت دراسة حقوقية عن الاحتقان الطائفي وخطايا التعليم العام والأزهري أن هناك عددا من المخططات التي تدبر لايقاع مصر في شراك الصراع الطائفي بين المسلمين والمسيحيين بهدف تحويل مصر إلي لبنان جديد لإعاقة تقدمها ودورها علي الصعيدين العربي والاسلامي. وقالت الدراسة التي أعدها الدكتور خالد عثمان وأصدرها مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان أن اخطر هذه الخطط هي التي أعدها المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" والذي دعا فيه إلي تقسيم مصر إلي دولتين علي الأقل واحدة إسلامية والثانية قبطية، وبعدها كانت هناك الندوة التي عقدت في عشرين من مايو 1992 بمركز "باران إيلان" للأبحاث الاستراتيجية في إسرائيل والتي ناقشت أحد عشر بحثًا من بينها بحث بعنوان "الاستقطاب بين المسلمين والأقباط في مصر" والذي تحدث عن ضرورة تنامي انشقاق المسلم والمسيحي وتقسيم مصر جغرافيا إلي مناطق إقليمية ووجود دولة مسيحية في مصر هو المفتاح لتطور الأوضاع في إسرائيل. ورقة الفتنة وأشارت الدراسة إلي وجود محاولات من جانب الولاياتالمتحدة لاستخدام ورقة الفتنة الطائفية كوسيلة للتدخل في شئون مصر الداخلية. وطرحت الدراسة فكرة هامة وجديرة بالنقاش وهي فكرة قبول الذات والتي تنطلق من أن الحالة الاسلامية المسيحية المصرية هي حالة ذات جذور سلالية، وجغرافية ولغوية وإجتماعية ودينية وتاريخية وجذور مشتركة ربطت المسلم المصري والمسيحي المصري ببعضهما لافتًا إلا أن انفصالهما عن بعضهما يعني انفصال جزء من الذات المصرية. وأكدت الدراسة أن هناك دورا كبيرا يمكن أن تقوم به المؤسسات التعليمية والثقافية والاعلامية والدينية في مصر من أجل ترسيخ مفهوم قبول الذات بين المسلمين والمسيحيين في إطار الوضع الذي شهده الواقع المصري في الربع الأخير من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين وفي إطار الفلسفة والأهداف العامة التي صيغت لتقوم هذه المؤسسات بتحقيقها خاصة وأن محاربة التعصب والغلو في الدين وإستخدام العنف، وهو لا يتحقق من خلال عمل واحد أمني أو سياسي، وإنما يتحقق من خلال مسيرة متواصلة الحلقات جوهرها تعليمي تربوي مع إبراز دور القيم من منطق أن القيم تعمل كعجلة توازن تحفظ للمجتمع توازنه. المواطنة هي الحل وحددت الدراسة عدة أسس يجب أن تقوم عليها العلاقة وهي تواجد المصري في وطن يحترم حرية وأمان وإستقرار المواطن ويحتم قبوله كشريك في الأرض وكل ممتلكات الوطن وله نفس الحقوق. وكذلك إجلاء موقف الاسلام من المسيحيين وأهل الكتاب خاصة وأن التعرف علي هذه الأمور من شأنه القضاء علي الخوف الذي ينتاب بعض المسيحيين وبعض المسلمين من حصول الآخر المسيحي أو المسلم المصري علي حقوق متساوية في الوطن، كما انه سوف يضع الدين والمعتقد في المساحة المخصصة إليهما في ضمائر المصريين والتي حددها الله "سبحان وتعالي" ولن يكون الدين الذي أرسل به رسله لينشروا السلام علي الأرض إلا وسيلة لقبول الآخر الديني باعتباره شريكا في الوطن والانسانية يمكن الاعتزاز به والعمل معه لصالح الوطن. وقالت الدراسة أن هناك قضيتين هامتين تهددان بقوة قيمة المواطنة وتؤثران في تشكيل ملامح العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وهاتان القضيتان هما قضية الذمة وقضية الجزية، وهاتان القضيتان اللتان مازلتا تمثلان عقبة فكرية تحول دون إجلاء وجهة النظر الحقيقية للشريعة الاسلامية تجاه الكتابيين من أبناء مجتمعهم. وحول الجزية أوضحت أنه ليس هناك ثمة خلاف حول المضمون حيث أتفق اصحابه جميعًا علي أحقية أهل الكتاب داخل المجتمع الاسلامي في الحصول علي جميع حقوق المواطنة مساواة مع المسلمين ولكنها تري أن التعويل لا يجب أن ينصب أبدًا علي اللفظ القرآني مشيرًا إلي انه إذا جاز تأويل هذه النصوص فيعتقد أن المسلم المصري يعتبر في ذمة المسيحي المصري والمسيحي المصري يعتبر في ذمة المسلم المصري أي انهما علي عهد بالوفاء لوطنهما وبجميع أهله. وثيقة المدينة وتحدثت الدراسة عن فائدة الرجوع التاريخي لوثيقة المدينة وهي العهد الذي اتفق عليه المهاجرون من أهل مكة وأهل المدينة - مسلمين وأهل كتاب - علي تكوين أمة واحدة والذي يعتبرها المؤرخون أول وثيقة لدستور دولة متعددة الأديان والثقافات في التاريخ والذي قام علي مبدأين هما كفالة الحقوق الفردية عن طريق سلطة قضائية محايدة والمساواة أمام القانون. واعتبرت الدراسة هذه الوثيقة انها تعبر عن موقف الاسلام من قيمة المواطنة القائمة علي المشاركة والمساواة بالاضافة لبعض القيم الاخري وهو أمني يعني أن الديانة الاسلامية قد حثت أتباعها علي الالتزام بمجموعة من القيم من شأنها تحقيق العدالة والمساواة بينهم وبين أهل الكتاب الذين يعيشون معهم في مجتمع واحد. قيمة المساواة وطالبت الدراسة باعلاء قيمة المساواة وتعني تساوي الجميع مسلمين ومسيحيين في مصر في الحقوق والواجبات مع جميع أبناء الوطن، وأن حجم العطاء للوطن هو الأداة الوحيدة للتمييز بين المصريين، وأن انتماء أحد ابناء مصر إلي أحد الأديان لا يمنحه فرصًا أفضل من الفرص المتاحة لغيره من المواطنين من المعتقدات الهامة ومن الممارسات الأساسية المهيئة لقبول الذات الوطنية في مصر. وأكدت الدراسة بأهمية الاعتقاد بأن جميع ابناء مصر أحرار في اختيار عقائدهم وممارسة شعائر دينهم وأنه لا يجوز لشخص أو لهيئة، أن تكره أحد ابناء مصر علي اعتقاد عقيدة غير عقيدته أو ممارسة شعيرة من شعائر دينه، معتبرة ذلك من الممارسات الأساسية والمؤهلة لقبول الذات في مصر. قيمة التسامح وطالبت الدراسة مصر في المناهج التعليمية إلي تأجيل فكرة الاعتقاد بأن كل صاحب إعتقاد أو فكر له منطقه الخاص في تبني عقيدته أو فكرة في الأمر الذي يجعل المجتمع الواحد ذا معتقدات وآراء متنوعة، يجب أن تقبلها باعتبارها ظاهرة طبيعية طالما انها لا تشكل عدوانا علي حقوقنا من المعتقدات العامة ومن الممارسات الأساسية المهيئة والمؤهلة لقبول الذات في مصر. وقالت إن الحوار مع الآخر - الدين أو الفكر - هو السلوك المقبول لأنه يعني الاعتراف بهذا الآخر وأن قاعدة كل حوار هي الاعتراف الكامل بحق الآخر في الاختلاف أو في التنوع ضمن وحدة النوع الوطني أو القومي، أي حق في أن يكون كما هو لا كما نتصوره.