مجلس النواب يوافق نهائيا على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025-2026    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    دول أوروبية تبدأ إجلاء رعاياها من إسرائيل    رئيس الوزراء: أي تصعيد يجر المنطقة إلى خراب ودمار كبير    سموتريتش يفصح عن حصيلة خسائر الهجمات الإيرانية    طولان :قائمة منتخب «كأس العرب» بعد اختيارات المنتخب الأول    طولان: إعلان قائمة منتخب "كأس العرب" بعد اختيارات المنتخب الأول    طلاب الثانوية الأزهرية أدبي يؤدون اختبار الفقه دون شكاوى    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    محمود فوزي: الحكومة أوفت بالنسب الدستورية المقررة للقطاعات ذات الأولوية في الموازنة    مجدي البري: «مصر معاكم» تعبير راق عن امتنان الدولة لأسر الشهداء    التصعيد بين إسرائيل وإيران يُنذر بانفجار إقليمي وحرب نووية في الشرق الأوسط    السفارة الصينية في إيران تحث رعاياها على مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن    رئيس جامعة بني سويف يتفقد أعمال امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التجارة    شملت افتتاح نافورة ميدان بيرتي.. جولة ميدانية لمحافظ القاهرة لمتابعة أعمال تطوير حى السلام أول    وزير المالية أمام النواب: حجم الدين مناسب للاقتصاد وسينخفض مستقبلًا    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم لحيازته وتعاطيه المخدرات بالسلام    وزير التعليم العالي ومحافظ القليوبية يفتتحان مشروعات تعليمية وصحية ب جامعة بنها    تراجع كبير بإيرادات أفلام العيد والمشروع x في الصدارة    رئيس جامعة أسيوط يستقبل السفير الهندي للمشاركة في ورشة تعريفية برياضة اليوجا    اليوم.. عزاء نجل صلاح الشرنوبي بمسجد الشرطة فى الشيخ زايد    محافظ كفر الشيخ: مبادرة من بدرى أمان خطوة نحو تعزيز الصحة والوقاية المبكرة    محافظ المنوفية يفتتح وحدة الأشعة المقطعية الجديدة بمستشفى زاوية الناعورة    «برج العرب التكنولوجية» تفتتح ثالث فروع جامعة الطفل بالشراكة مع نادي سموحة (صورة)    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية يتابع اختبارات الدراسات العليا ويشيد بسير العملية الإمتحانية    ارتفاع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    ارتفاع ضحايا حادث تصادم سيارة بأخرى تحمل عمالة زراعية إلى 4 وفيات في البحيرة    مصرع 3 عمال زراعيين وإصابة 15 في حادث على الطريق الصحراوي بالبحيرة    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    محافظ المنوفية والسفيرة نبيلة مكرم يتفقدان قافلة ايد واحدة.. مباشر    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    محافظ المنيا: استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 509آلاف طن منذ بدء موسم 2025    ننشر أسماء أوائل طلاب الشهادة الإعدادية ببنى سويف 2025    من مؤتمر نسائي إلى أجواء حرب.. إلهام شاهين تحكي لحظات الرعب في رحلة العراق    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    برفقة صديقها.. نور عمرو دياب تدعم شيرين رضا في العرض الخاص ل «في عز الضهر»    هشام ماجد يسترجع ذكريات المقالب.. وعلاقته ب أحمد فهمي ومعتز التوني    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    الجامع الأزهر: حب الوطن غريزة متأصلة والدفاع عن قضايا الأمة يجسد منهج النبوة    جدول مباريات اليوم: مواجهات نارية في كأس العالم للأندية ومنافسات حاسمة في الكونكاكاف    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    نصائح لطلاب الثانوية العامة لحماية انفسهم من التعرض للإجهاد الحراري    ترامب: دعوت لإخلاء طهران حفاظا على سلامة مواطنيها    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    "فقرات استشفائية".. الأهلي يواصل تدريباته استعداداته لمواجهة بالميراس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    تغييران منتظران في تشكيل الأهلي أمام بالميراس    «غاضب ولا يبتسم».. أول ظهور ل تريزيجيه بعد عقوبة الأهلي القاسية (صور)    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب جديد
نشر في نهضة مصر يوم 14 - 01 - 2004

يقدم الكاتب الأمريكي ديفيد ديوك أحدث التصورات لتفسير لغز خضوع أكبر وأقوي دولة في العالم لسيطرة ونفوذ دولة تعد في المقام الأول والأخير صغيرة مهما بلغت قوتها بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقدم ديفيد تصوره في كتاب جريء اختار له عنوان "My Awakeningس أو "عودة الوعي". وأهم ملامحه في أنه يفسر الانحياز الأمريكي لإسرائيل من منظور أمريكي وعن طريق وجهة نظر أمريكية بحتة تصل في بعض الأحيان إلي حد الشوفونية أو التعصب القومي للأمريكيين ذوي الأصول البيضاء. ورغم ذلك فإن كتاب ديفيد ديوك فجر قضية شديدة الجرأة عندما تحدي كل المفاهيم الصهيونية وتجاوز كل مشاعر الخوف من الابتزاز والإرهاب اليهودي في الولايات المتحدة والذي كشفه من قبل عضو الكونجرس الأمريكي السابق بول فيندلي في كتابه الرائع "من يجرؤ علي الكلام".
تحدث ديوك في الكتاب عن قضايا تمثل عصبا شديد الحساسية لليهود والصهاينة مثل قضية مذابح اليهود في عهد النازي "الهولوكوست" والتي استغلها اليهود كسلاح لابتزاز الإنسانية حتي تتغاضي عن جرائمهم المروعة في فلسطين. وأشار صراحة إلي أن اليهود استثمروا قصة الهولوكوست لأقصي درجة ممكنة من أجل تكميم الأفواه وقطع الألسنة وإخفاء الحقائق.
كما تناول أيضاً قصة السفينة الأمريكية "ليبرتي" التي قصفها الإسرائيليون في البحر المتوسط أمام سواحل العريش مما أسفر عن مصرع العشرات من أفراد طاقمها الأمريكيين، وأوضح ديوك أن الإسرائيليين لا يقيمون وزنا لعلاقات الصداقة والتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بمصالحهم وأطماعهم. وحاول أيضاً في كتابه كشف الأسباب التي تمنع وسائل الإعلام الأمريكية من نشر وعرض مشاهد القتل والاغتيالات وعمليات التدمير الوحشية التي تمارسها إسرائيل بشكل يومي ضد الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين.
وقد استند المؤلف إلي المنهج العلمي لتوضيح قضيته وقدم وجهة نظره من خلال الإحصاءات والوثائق التي تدعم ما ذهب إليه وتؤكد الهدف من كتابه وهو أن اليهود يسعون إلي تدمير الثقافة الأمريكية وتفتيت المجتمع الأمريكي إلي جماعات أقلية حتي يكون بوسعهم السيطرة علي هذا المجتمع الضخم رغم عددهم المحدود في الولايات المتحدة.
وخلال بحثه لم يتردد ديفيد ديوك أمام الهجمات التي توجهها إليه وسائل الإعلام الخاضعة للسيطرة اليهودية والتي تسخر منه باعتباره متطرفاً عنصرياً يؤمن بسيادة الجنس الأبيض. وبصرف النظر عن بعض وجهات النظر التي قد تحمل شبهة العنصرية فإن الآراء التي قدمها ديفيد ديوك تكتسب مصداقية هائلة في ضوء ممارسات اليهود داخل الولايات المتحدة وخارجها وأيضاً وفي ضوء السياسات الإسرائيلية التي تمثل تحدياً رهيباً لكل القيم الإنسانية.
وقد كتب البروفيسور جليد ويتني أستاذ علم الوراثة السلوكي في الجامعات الأمريكية مقدمة لهذا الكتاب وصفه فيها بأنه "عمل موثق علمياً بصورة رائعة وبجهد كبير يبحث في التاريخ السياسي والبيولوجي والاجتماعي بشكل يثير جدلاً هائلاً".
ورأي المؤلف أن خير طريقة لمواجهة هذا التشويه هي الاستناد إلي المنهج العلمي الواقعي. ومن خلال هذا المنهج عاد المؤلف مئات السنين إلي الوراء حتي يصل إلي جذور القضية التي يبحثها ويطرحها علي القراء.
يقول ديفيد ديوك إن تدفق الأوروبيين إلي قارة أمريكا الشمالية أدي إلي اقتلاع السكان الهنود الأصليين من أرضهم وحصرهم في معازل. وبالمثل كانت الهجرة اليهودية إلي فلسطين ضد مصالح الشعب الفلسطيني بلا رحمة. ولكنها كانت ضرورية للاحتلال اليهودي للمنطقة، إذ أرست أسس الدولة الصهيونية التي تهدف أولاً وأخيراً إلي السيطرة علي الشرق الأوسط، تنفيذاً لفكرة أن أي قبيلة، أو عرق أو أمة ترغب في الاحتفاظ بثقافتها ومصالحها الجماعية وسيادتها لابد لها من الاحتفاظ بهيمنتها علي المنطقة الجغرافية التي تقيم فيها. ولقد فهمت غالبية الأمم هذه الحقيقة منذ أقدم الحضارات، كما تسعي كل أمة حديثة لإحكام مراقبة حدودها والهجرة إليها ومنها.
ولم يتجاهل الكونجرس الأمريكي رغبات الأكثرية إلا بعد صدور قانون الهجرة لعام 1965 ومنذ ذلك الحين أخذت الحكومة الفيدرالية تبدي اهتماماً أقل بفرض قوانين الهجرة الأمريكية وحراسة حدودنا. وأسفرت هذه السياسات عن طوفان من المهاجرين غير البيض بصورة شرعية وغير شرعية. حولت الهجرة ومعدلات الولادة المرتفعة عند غير البيض نسبة الأوروبيين في الشعب الأمريكي من 90% في مطلع ستينيات القرن العشرين إلي أقل من 70% في نهاية القرن. ويتنبأ مكتب الإحصاء الأمريكي أن الأمريكيين الأوروبيين سيغدون أقلية في أمريكا بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، أي في زمن يدركه الكثير ممن يقرءون الآن هذه الكلمات. ونحن الآن أقلية بالفعل في معظم المدن الأمريكية الكبري، وسرعان ما سنغدو كذلك في ولايتي كاليفورنيا وتكساس. كما أن اتباع مثل هذه السياسات أدي إلي دخول أعداد كبيرة من غير الأوروبيين إلي كندا، ومن الزنوج إلي بريطانيا، ومن سكان شمال أفريقية وآسيا إلي فرنسا، ومن الأتراك إلي ألمانيا، ومن مزيج من الأعراق إلي إسكاندينافيا وأسبانيا وإيطاليا.
ولم يمض وقت طويل علي تغيير سياسة الهجرة حتي تصاعدت الإشكاليات الجنائية في جميع الدول ذات العلاقة المتأثرة بتلك السياسات. وأصبح التعليم يعاني من انخفاض في نوعيته، إضافة إلي تفاقم إشكاليات الرفاه الاجتماعي. وبتسارع هذا التحول العرقي المخطط سوف تصل هذه الأمراض إلي حد الكارثة.
أي الجماعات تكسب شيئاً من هذه المعركة الديمغرافية الفاصلة؟ فالأجانب الأفراد الذين ينتفعون من الفرص الاقتصادية التي تقدمها لهم المجتمعات الغربية ليس لهم خارج الدول الغربية من الفرص الاقتصادية والسياسية إلا قليل. لدي إطلاعي علي نضال الأمريكيين ضد قوانين الهجرة خلال المائة سنة المنصرمة ظهرت لي القوة الكامنة وراء فتح الحدود الأمريكية، بوضوح. إنها القوة اليهودية المنظمة التي تعبر عنها الشاعرة اليهودية إما لازاروس.
ورأيت أن قانون الهجرة لعام 1965 سوف يدق في النهاية أجراس نعي بلادي، مالم يتم إلغاؤه. وتشير الكثير من المواد التي قرأتها إلي تاريخ طويل من الجهود اليهودية المنظمة لتغيير قوانين الهجرة تغييراً جذرياً. اتصلت ب "درو سميث" وهو محام كهل في ولاية نيو أورليانز ألف كتاباً بعنوان "ميراث القدر المنصهرة" الذي علمني كثيراً عن قضية الهجرة.
التقيت بالسيد سميث في يوم ماطر بعد الانصراف من المدرسة في مكاتب مجلس المواطنين. شرح لي تاريخ قانون الهجرة الأمريكي. وبعد اقتباس أبيات للشاعرة لازاروس من قاعدة تمثال الحرية سألني: "مَنْ صاحب المصلحة في أن تغمر أمريكا بالنفاية البائسة؟" وأجاب هو نفسه عن السؤال فوراً بقوله: "إنها مصلحة شعب متماسك يستخدم التضامن العرقي سلاحاً لهم وحدهم، وليس لسواهم. اليهود هم الذين يقودون الجهود المتواصلة لتغيير قانون الهجرة الأمريكية وقلب ميزان الأكثرية الأوروبية لتصبح أكثرية غير أوروبية".
قال سميث: إن لازاروس كغيرها من النشطاء في مجال الهجرة من الأنصار اليهود الذين دعموا خلق دولة صهيونية يهودية حصراً في فلسطين، ولكنها في الوقت نفسه تدعم "التنوع السكاني" في أمريكا. ويوضح المحامي سميث كيف أن اليهود، مثل لازاروس، قد غيروا معني تمثال الحرية. ليس للتمثال الضخم الملون بألوان الأحجار الكريمة أية علاقة أصلية بالهجرة، بل هو سابق لإنشاء مركز الهجرة في جزيرة أليس. جاء هذا التمثال هدية من فرنسا إحياء لذكري الثورة الأمريكية، وليس لتكريم وصول المهاجرين الذين وصفتهم لازاروس ب "النفاية البائسة" إلي شواطيء أمريكا.
اشتهرت إما لازاروس بشجبها العنيف لبرامج روسيا بعد ذبح القيصر السكندر الثاني عام 1881. والسخرية هنا غنية: امرأة كرست نفسها لخلق دولة نخبة يهودية في فلسطين، تبدي اهتماماً كبيراً بتحويل أمريكا إلي ملجأ للمنبوذين من العالم. كان المحامي دور سميت يملك كتباً عديدة تتعلق بقضية الهجرة، بما فيها كتب ألفها يهود، حدد فيها بعض الصفحات المهمة. فاستعرت هذه الكتب وغصت فيها بحماس.
مازالت المنظمات اليهودية مثل المؤتمر اليهودي العالمي يقود الجهود الرامية إلي تحرير الهجرة الأمريكية، ودحر التشريعات المقيدة لها. حاول الكونجرس في الأعوام 1921، و1924، 1952 مجرد سن قانون يحافظ علي الوضع العرقي الحالي في أمريكا. ومن المدهش تماما أن الأنكلو أمريكان الذين كانوا يشكلون أكثرية كبيرة في المجتمع الأمريكي في الكونجرس كذلك لم يحاولوا زيادة نسبتهم المئوية في الشعب الأمريكي، بل سعوا بكل بساطة إلي المحافظة علي النسب السكانية لكل جماعة وإبقائها علي حالها. وكان اليهود يقودون حملات أثناء المعارك التشريعية الأولي لفتح الهجرة ومعارضة أي تشريعات يمكن أن تحافظ علي كون الأمة الأمريكية أمة مسيحية من عرق أوروبي. ففي مجلس النواب البرلماني قاد "أدولف سابات" و"صموئيل ديكشتاين" و"إيمانويل سيلر" المعركة من أجل هجرة مفتوحة غير مقيدة، في حين قاد المعركة ذاتها في مجلس الشيوخ "هيربرت ليهمان" وساهم في السنوات الأخيرة في هذه المعركة "جاكوب جافيتز".
التورط اليهودي
ولخص النائب "ليفيت" بوضوح التورط اليهودي في ملاحظات طرحها أمام الكونجرس: "لا تدان غريزة المحافظة علي العرق أو القومية. ولا أحد يستطيع فهم رغبة الأمريكيين في أن تظل أمريكا هي أمريكا أكثر من رجل من ولاية الينوي، وهو السيد سابات، الذي يقود الهجوم علي هذا المعيار، أو من السادة القادمين من نيويورك مثل السيد ديكشتاين، وجاكوب شتاين وسيلر وبيرلمان.
فهم أناس تاريخيون صانوا هويتهم وعرقهم عبر القرون لأنهم يؤمنون بإخلاص بأنهم شعب مختار يحمل مثلاً معينة لابد من المحافظة عليها، ويعلمون علم اليقين أن تغيير الهوية العرقية يعني تغيير المثل. تلك الحقيقة يجب أن تسهل لهم وللأكثرية المعادية لهذا المعيار في الحوار الكلامي الاعتراف والتعاطف مع وجهة نظرنا، التي هي في واقع الأمر ليست متطرفة جداً كتطرفهم العرقي، بل إن ما نطلبه هو أن يظل المزيج السكاني في أمريكا علي ما هو وبالكميات التي لا تغير الخصائص العرقية للشعب بسرعة أكبر من سرعة احتمال تمثل أفكار الحكومة ودمها". يقتبس عالم الاجتماع "إدوارد أ.روس" في كتابه المؤثر الذي صدر عام 1914 بعنوان "العالم القديم والعالم الجديد" مغزي الهجرة الماضية والحاضرة للشعب الأمريكي، قول زعيم الحركة المؤيدة للهجرة "إسرائيل زانغويل" بأن أمريكا تعد مكاناً مثاليا لتحقيق المصالح اليهودية. ثم كتب روس بفظاظة عن النفوذ اليهودي "لذلك فإن لليهود مصلحة قوية في سياسة الهجرة: ومن ثم كانت محاولات اليهود للسيطرة علي سياسة الهجرة في الولايات المتحدة. وعلي الرغم من أن هجرتهم تشكل سبع هجرتنا الصامتة، فإنهم يقودون النضال في قائمة لجنة الهجرة.. أما الحملة المنظمة التي تشن في الصحف والمجلات لتحطيم الحوار الذي يصب في صالح تقييد الهجرة ولتهدئة مخاوف المواطنين إنما تثار من قبل عرق واحد ولمصلحته هو فقط. المال العبري وراء عصبة الهجرة الحرة القومية ووراء مطبوعاتها العديدة".
ويوضح عضو الكونجرس "نود ويفاد" الروابط الشيوعية للمهاجرين اليهود، وقال: إن الكثيرين من اليهود "لا يشعرون بأي تعاطف مع مثلنا القديمة" لقد غدت قيادة حياتنا الفكرية في جوانبها وأطوارها العديد بأيدي هؤلاء القادمين الجدد الأذكياء ممن لا يتعاطفون أبداً مع مثلنا الأمريكية القديمة.. الذين يتحرون مواضع ضعفنا ويروجون لها ويحققون الثراء بفضل الإساءات التي يقدمونها لنا.
لقد تم الاستياء علي نظامنا الترفيهي برمته من قبل أناس جاءوا هنا علي رأس موجة الهجرة من الجنوب ومن أوروبا الشرقية. فهم ينتجون حكايات أفلامنا المرعبة، وهم الذين يؤلفون الكتب التي نقروها، ويحررون صحفنا ومجلاتنا.
كان آخر التشريعات المهمة التي أصدرها الكونجرس لحماية الوضع القائم في أمريكا هو قانون "وولتر ماك كارن" لعام 1952 قاد المعارضة في الكونجرس ضد هذا القانون، الثلاثي اليهودي سيلر وجافيتس وليهمان. واصطف إلي جانبهم في المعارضة جميع المنظمات اليهودية الكبري "إضافة إلي الحزب الشيوعي الأمريكي" بما في ذلك المؤتمر اليهودي العالمي واللجنة اليهودية الأمريكية وعصبة مناهضة التشهير والمجلس القومي للمرأة اليهودي، وعشرات غيرها. قال فرانسيس وولتر: إن المنظمة المدنية الوحيدة التي عارضت القانون بأكمله هي منظمة المؤتمر اليهودي العالمي. قال النائب سيلر: "ينبغي ألا يبالغ وولتر بالتأكيد علي أن شعبنا ذا العقيدة الواحدة هو الذي يعارض هذا التشريع".
عندما شهد القاضي اليهودي "سيمون ريفكند" ضد القانون في جلسة استماع مشتركة، أكد أنه بدعم تحطيم قانون الهجرة الأمريكية قد مثل "الفكرة الدينية الدنيوية الكاملة للمجموعة اليهودية من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار".
الهدف الصهيوني
وأخيراً تحقق الهدف الذي رسمته المنظمات اليهودية في ستينيات القرن التاسع عشر بتمرير الكونجرس قانون الهجرة في عام 1965 وأسفر عن كون 90% من المهاجرين من غير الأوروبيين. فانتقلت أمريكا من برنامج للهجرة يهدف إلي التمثيل النسبي لجميع الجماعات البشرية في الولايات المتحدة إلي برنامج تمييز عنصري ضد الأوروبيين. والذي قاد هذا الهجوم للوصول إلي هذا الهدف هم أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس الشيوخ من اليهود ومنظمات اللوبي اليهودي، كما حصل في إصدار تشريعات سابقة أخري. ونجحت هذه الحملة، لأن القوة اليهودية تعاظمت خلال الإحدي والأربعين سنة منذ عام 1924 بصورة درامية في جميع مجالات الحياة الأمريكية تقريباً.
كتب السناتور جاكوب جافيتس مقالة عام 1951 بعنوان "لنفتح بواباتنا" يدعو فيها إلي فتح باب الهجرة الجماعية دون أي قيود. برز دور جافيتس وسيلر تماما في تمرير لائحة 1965. فقد اقترح المؤتمر اليهودي الأمريكي العناصر الجوهرية لهذه اللائحة قبل تسع سنين من صدورها، وامتدح الرئيس أيزنهاور ل "معارضته الواضحة لنظام الحصة القومية"، وفي عام 1956 امتدحوه في مقالة افتتاحية لاتخاذه موقفاً متقدماً علي العديد من دعاة سياسة الهجرة الحرة وتبنيه موقفاً كان المؤتمر اليهودي الأمريكي وغيره من الوكالات اليهودية يحثون عليه.
ويوضح العالم الاجتماعي كيفين ماك دونالد في كتابه "شعب ينبغي أن يسكن وحيداً" أن حركات لاسامية كبيرة تظهر عادة في شعوب متجانسة عرقياً. وأن التعددية العرقية والدينية تخدم مصالح اليهود الخارجية لأن اليهود يصبحون مجموعة من المجموعات العرقية العديدة.. ويغدو من الصعب، بل من المستحيل تطوير مجموعات موحدة متماسكة من غير اليهود وموحدين في موقفهم المعارض لليهودية.
اللاجئون العرب
من أغرب الأمور فيما يتعلق بأولئك الذين ادعوا بصوت عال أن قانون 1952 عنصري وأنه لا يسمح بالعدد الكافي ممن يزعم أنهم لاجئون بدخول أمريكا، هو أنهم هم أنفسهم يعارضون عودة حوالي مليون لاجيء عربي يعيشون في مخيمات في ظروف تثير الشفقة بعد طردهم من إسرائيل.
إن اليهود المنظمين لا يحولون دون عودة اللاجئين العرب إلي بيوتهم في إسرائيل فحسب، بل يعارضون قدومهم إلي الولايات المتحدة الأمريكية. فهل يرون الفلسطينيين المطرودين من ديارهم خصماً سياسياً محتملاً لهم؟ تقوم المجموعات اليهودية بتعزيز أشكال التعديدة الثقافية التي تدمر تماسك غير اليهود، ولكنها لا تعزز تلك التي يمكن أن تهدد قوتهم الخاصة.
لقد دعمت المؤسسات الإعلامية والسياسية التي يهيمن عليها اليهود الغزو الديمغرافي لأمريكا وتفكيك مجتمعها، منذ زمن طويل، ففي حين أن الإعلام اليهودي يصم أولئك الذين يعارضون طوفان هجرة غير البيض إلي أمريكا وكندا وكل الدول الأوروبية بالشياطين، فإنه يغفر لسياسة الهجرة الإسرائيلية استثناء غير اليهود من دخول إسرائيل. لقد تم طرد مليون فلسطيني من بيوتهم غداة الاستيلاء الإسرائيلي الخاطف علي فلسطين، ولا يستطيعون العودة إلي أرض آبائهم وأجدادهم، وأجبر الكثيرون منهم علي السكن في مخيمات لاجئين لا تفضل كثيرا معسكرات الاعتقال فقراً وقذارة.
يعد "أ.م روزنتال" الذي شغل منصب رئيس تحرير أكبر صحيفة نفوذاً في أمريكا وهي صحيفة "نيويورك تايمز" التي يملكها اليهود، لزمن طويل، من الصقور المؤيدين لإسرائيل، ويشكو فقط أن الدولة الصهيونية ليست صهيونية بما فيه الكفاية حسب ذوقه. ومع ذلك يشعر روزنتال في افتتاحية عام 1992 أنه مضطر لانتقاد بلد آخر يرغب في الاحتفاظ بسلامته العرقية وتراثها الثقافي: خير لهم أن يطبقوا نظام الحصص علي المهاجرين ولينشئوا مجتمعاً أكثر تعددية بفضل تبني صيغة للمواطنة تقوم علي السكن وليس علي الروابط الدموية. ومن المحزن كذلك فشل "بون" بتعديل قانون الجنسية المتأصل في العرقية. ففي ظل النظام القائم، يحرم عامل تركي ضيف عاش في ألمانيا ثلاثين سنة ويتكلم الألمانية بطلاقة من الحصول علي الجنسية، وفي حين تمنح الجنسية بصورة آلية إلي مهاجر يتكلم الروسية يثبت أنه من أصل ألماني.
وبوصفي قارئا مزمنا لصحيفة "نيويورك تايمز" ينبغي أن اقرأ ذات يوم افتتاحية بقلم روزنتال تدعو إلي قبول مليون فلسطيني أو أكثر إلي إسرائيل ممن يعيشون في قذارة مخيمات اللاجئين، أو أن اقرأ، إلا إذا فاتني ذلك يوماً مقالة له يدعو فيها اليهود إلي الترحيب بالفلسطينيين العائدين إلي إسرائيل "بالأناشيد والعناق". روزنتال ليس غبياً، ولكنه منافق بعمق. فهو يعرف أن منح الفلسطينيين الموجودين حاليا في إسرائيل والذين هم في مخيمات اللاجئين خارج حدودها حق المواطنة والجنسية سوف يمسح الدولة السياسية الصهيونية تماما كما سوف تدمر هجرة غير البيض أمريكا آبائنا وأجدادنا. لكنه لا يقلق علي أمريكا لأنه يطابق نفسه مع الغرباء.
يتفاخر روزنتال بأنه وغيره من اليهود غرباء، مثلهم في ذلك كمثل المكسيكيين الذين يدخلون الولايات المتحدة بصورة غير شرعية. إنه يعيش هنا مشاركا كل ميزات المواطنة الأمريكية، ولكنه لن يكون بل لا يستطيع أن يكون أمريكيا حقيقيا الذي يضع مصالح أمريكا فوق مصالح البرنامج الصهيوني.
بما أن اليهود أصبحوا أكثر وقاحة وصفاقة في ممارستهم لقوتهم، فإنهم يتباهون اليوم بدورهم بطرد الأمريكيين الأوروبيين غير اليهود من أمريكا. يقول "إيرل راب" المدير التنفيذي الفخري لمعهد "بيرلمتر" اليهودي للمحاماة، وزميل لعصبة مناهضة التشهير "باعناي بيريت" والكاتب الصحفي بجريدة "سان فرانسيسكو" اليهودية، في مقالة له: "لم يتغير قانون الهجرة جذرياً لدرجة إلغاء مثل هذا التمييز، إلا بعد الحرب العالمية الثانية. ومن أولي الدلائل علي نضجه سياسياً إن كان للجالية اليهودية دور ريادي في إحداث تلك التغيرات".
ويتابع راب مشيراً إلي ضرورة الاحتفال يومياً بتحول البيض في أمريكا إلي أقلية. وعندما يحدث ذلك فإنه يتطلع إلي "قيود دستورية" "هل يعني قيوداً علي حرية الكلام".
تدمير الثقافة الأمريكية
ورد في تقرير لمكتب الإحصاء أن حوالي نصف السكان الأمريكيين سوف يصبحون عما قريب من غير البيض، أو من غير الأوروبيين. وسوف يكونون مواطنين أمريكيين. لقد تجاوزنا النقطة التي سيكون عندها الحزب الآري النازي قادراً علي أن يسود هذا البلد.
مازلنا نعمل علي إزدهار المناخ الأمريكي المعارض للتعصب العربي منذ حوالي نصف قرن، لم يكتمل ذلك المناخ بعد، ولكن الطبيعة المتغايرة لسكان أمريكا تميل إلي جعل هذا التوجه غير قابل للنكوص، وتجعل القيود الدستورية ضد التعصب عملية أكثر من أي وقت مضي".
يعمل النشطاء اليهود الصهاينة، الذين دعموا إقامة دولة يهودية حصراً، علي ازدهار الهجرة الجماعية اللاتقليدية إلي أمريكا، ويتطلعون إلي الوقت الذي تعكس فيه نسبة المقترعين في الولايات المتحدة هذا التحول.
أتساءل هل يتصور الصهيوني "إسرائيل زانغويل" الذي ابتكر مصطلح "القدر المنصهرة" دولته اليهودية وقد أصبحت "قدراً منصهرة" لليهود العرب، وللإسلام واليهودية؟ولكن بوجود التمركز العنصري الذاتي لدي الصهيونية أشك في أن يتخيل ذلك. كتب أحد كتاب أفلام الكارتون الأمريكيين قائلاً: إن مشكلة القدرالمنصهرة هي أن ما في قاعها يحترق دائما وأن الزبد يطفو علي السطح. صحيح أن أمريكا شهدت انصهارا بين قوميات أوروبية مختلفة ضمن الأكثرية الأمريكية التقليدية، ولكن برغم دعاية الخلط العرقي التي تروج لها وسائل الإعلام اليهودية، لم يحدث هناك انصهار كبير بين البيض والسود.. بل كل ما حدث هو انصهار هامشي بين عناصر انكلو هندية أمريكية، علي أي حال، إن ما لم يستطع هؤلاء الصهاينة انجازه بفضل دعوتهم إلي التمازج العرقي عن طريق التزاوج، يسير في طريق الانجاز بفضل الهجرة الجماعية والفرق في معدلات التوالد.
لقد روج اليهود من خلال دعاة (السكان الصفر) مثل بول آهرليخ لنشوء الأسر الصغيرة ضمن القادة الطبيعيين للأكثرية الأمريكية، فقد أدي الدعم اليهودي لحركة تحرير المرأة والإجهاض عند الطلب إلي خفض معدلات الولادات في أكثر الطبقات الأمريكية ذكاء وثقافة، إن رغبة اليهود الفظة هي إذابة العرق الأبيض في الغرب بأية وسية ضرورية. واستمرار الهجرة الجماعية لغير الأوروبين يمكن أن يحقق هذا الهدف.
وباختصار، تعد الهجرة الجماعية لغير البيض إلي أمريكا من أكثر الأسلحة الفعالة التي تستخدمها اليهودية المنظمة في حربها الثقافية والعرقية ضد الأمريكيين من أصل أوروبي. ولا نستطيع كسب معركة الحياة والموت هذه ما لم نعترف أننا نخوض حربا، وأننا نتكبد خسائر فادحة، وخسارة هذه الحرب تعني دمار ثقافتنا الأمريكية، وتراثنا، وحريتنا، ويمكن أن تعني أيضا ليس ما هو أقل من دمار الجينات ذاتها التي كانت سببا في ظهور كل الإبداعات الاجتماعية والثقافية والروحية التي تميز حضارتنا، لقد كبتت أصواتنا بفضل وسائل الإعلام التي يهيمن عليها أعداؤنا.
والكثير منها يشهد إبادة شعبنا ويظل صامتا، الوقت متأخر. علينا أن نتكلم الآن بصوت مرتفع وندافع عن أنفسنا، علينا أن نناضل من أجل استمرار الثقافة الرائعة التي أورثنا إياها أسلافنا، وعلينا أن نتخذ أي إجراءات ضرورية مهما كانت لتأمين مستقبل أطفالنا وأجيالنا القادمة، وعلينا أن نناضل من أجل حقنا في الحياة كما هو واجب كل كائن حي.
وإذا ما بقينا صامتين في هذا الزمن الحرج فإن الشعب الأمريكي سينقرض ويخرس إلي الآبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.