تأكدت بالأمس ان مبني التليفزيون الضخم الكائن في شارع ماسبيرو بالقاهرة والذي يعمل فيه نحو 34 ألف موظف هو مبني مخصص لخدمة بعض الناس من سكان العاصمة، وربما هو موجه أساسا لتلبية احتياجات واهتمامات عدة احياء بالقاهرة .. مصر الجديدة، الزمالك، قصر العيني حيث مجلس الوزراء ومجلس الشعب وبعض الوزارات، ثم جاردن سيتي والمعادي حيث الامريكان والسفارة في العمارة..! وكنت اشاهد برنامج صباح الخير يا مصر في تجربته الجديدة التي يذهب خلالها بكاميراته ومذيعيه الي محافظات مصر وكانت بالامس بني سويف هي بطل الحلقة بمناسبة عيدها القومي، وبقدر ما اسعدتني التجرية بقدر ما حزنت لأنني اكتشفت مع كثيرين غيري ان هناك شيئا ما يحدث خارج العاصمة، وان هناك مصريين خارج القاهرة لا يعرف عنهم أهل ماسبيرو شيئا!! وتذكرت اننا كنا قد انشأنا ضمن "منظومة الريادة والسيادة الاعلامية" 8 محطات تليفزيونية محلية تبين انها الآن بكل المقاييس تجربة بائسة بعد حصاد من الانتاج الرديء والصورة الرديئة ، والمسئولون - عن هذه المحطات فاقدو الخبرة والحس والخيال والذين لم يفهموا من الأساس لماذا قامت هذه القنوات التليفزيونية المحلية، ما هو هدفها ومن هم جمهورها، وهذا الجهل والفشل ليس هو مسئوليتهم وحدهم ولكنه مسئولية من اختارهم من البداية ومن قرر في الأساس ان يطلق هذه القنوات الديكورية التي تحولت الي بيزنس يدار احيانا لصالح مذيعين ومذيعات ومخرجين تورطوا في فضائح فساد نشرت الصحف بعض وقائعها في السنوات الأخيرة. "صباح الخير يا مصر" في بني سويف .. نجوم تليفزيون العاصمة تنازلوا وتواضعوا وتكرموا وذهبوا الي ابناء الاقاليم، واخيرا باشوات العاصمة سمحوا للفلاحين بأن يظهروا علي الشاشة! كان هذا هو احساسي وانا اشاهد هذه التجربة الممتازة التي بدأها قطاع الاخبار اخيرا وأتمني ان يكون هناك كل يوم "صباح الخير" من كل بقعة في مصر، وان تنتشر كاميرات البرنامج في المدن المصرية بدلا من تسخيرها لخدمة بهوات القاهرة فقط ! نريد ان نعرف كيف يعيش الناس في السلوم والعريش وسيوة واسيوط ودمياط، حرام ان يتعامل الاعلام مع مصر وكأنها كذا شارع في القاهرة،.. تقسيم البلد وتهميش الناس وتجاهلهم ولا اقول احتقارهم واعتبارهم مواطنين درجة ثالثة.. كل هذا تدفع العاصمة ثمنه غاليا عند اقرب ازمة.. وما اكثر الأزمات في بلادنا!!.