تباينت أراء الخبراء والمحللين السياسيين بشأن علاقة جنوب السودان بشماله بعد مضي نصف الفترة الانتقالية (ست سنوات)، بين متوقع لانفصال الجنوب وآخر مستبعد له. ففي حين رأت مجموعة من الخبراء أن انفصال الجنوب أصبح أمرا مسلما به في ظل متناقضات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان وعدم الثقة بينهما، استبعدت أخري اللجوء إلي الانفصال لزوال كثير من مرارات الماضي بالنسبة للجنوبيين. غير أن الفئتين اتفقتا علي ضرورة بذل مزيد من جهد الشمال والجنوب معًا لجعل الوحدة أمرا جاذبا لشعب الجنوب الذي سيتم استفتاؤه علي تقرير المصير، كما هو مقرر في اتفاق السلام الشامل في نيفاشا بكينيا نهاية عام 2011. فقد اعتبر رئيس التحالف الديمقراطي المعارض العميد عبد العزيز خالد أن الجنوب ما زال أقرب إلي الوحدة منه إلي الانفصال. لكنه لم يستبعد الانفصال في ظل ما سماه مثالب نيفاشا لتقنينها مشروعين لدولتين أسسا للانفصال في نهاية الفترة الانتقالية. وأكد أن هناك صراعا بين الانفصاليين والوحدويين الشماليين كما أن هناك صراعا آخر بين الانفصاليين والوحدويين الجنوبيين، متوقعا أن تكون الكلمة في النهاية لمن يسيطرون علي الشارع العام في البلاد. وقال إن غرس الوحدة أصبح أقوي لأنهم بحثوا في أرض الانفصال فوجدوها حجرية لا يمكن غرسها بأي نبات، مشيرا إلي وعورة الطريق وطوله علي الوحدويين. واعتبر أن أي تفريط في معركة الوحدة سيقود إلي الانشطار، داعيا في الوقت ذاته إلي الكونفدرالية بوصفها حلا وسطا لمشاكل الحكم بالبلاد. أما الخبير في مجال حقوق الإنسان صالح محمود فأكد بروز مؤشرات واضحة للانفصال بين الشمال والجنوب بعد ثلاث سنوات من توقيع نيفاشا. وقال إذا تمكنت الحكومة من إزالة الظروف الداعية للانفصال خلال ما تبقي من المدة الانتقالية فإن كثيرا من الجنوبيين سيصوتون لصالح الوحدة، "لأنها الخيار الأفضل للجميع ومن الصعوبة أن يخدم الانفصال قضية الإقليم في الوقت الحالي بل من شأنه أن يؤجج كثيرا من الصراعات القبلية داخله". وقلل محمود مما تم تحقيقه خلال ثلاث سنوات من عمر الاتفاق، وقال إن "الحديث عن الوحدة الجاذبة غير ممكن وإن عوامل الجذب غير موجودة، وإن تطبيق الاتفاق نفسه ظل محل نزاع واتهامات بين الطرفين". واتهم الجنوبيين بالسلبية في التعامل مع قضية الوحدة، "لأنهم ما زالوا يتعاملون مع الأمر كأنهم غير معنيين به، كما أن القوي السياسية الأخري بشقيها الشمالي والجنوبي لم تقدم حتي الآن أي مبادرة جادة للوحدة الجاذبة ومعالجة فقدان الثقة بين الجنوب والشمال". أما المحلل السياسي تاج السر مكي فقد أكد أن الوحدة هي الأقرب لاعتبارات أهمها أنه لم يحدث في التاريخ القريب أن حكم الجنوبيون أنفسهم بأنفسهم كما حدث بعد اتفاق نيفاشا. وقال إن ما كسبه الجنوب من اتفاق السلام ربما أزال كثيرا من المرارات والإحساس بالظلم في الماضي. وذكر أن قادة الجنوب هم الذين يسيطرون علي اتجاهات الرأي العام، وأنهم الآن يدعون إلي الوحدة لا إلي الانفصال. ورهن مكي عودة الحرب إلي الجنوب بانفصال الإقليم عن السودان. وقال إن التجربة الحالية رغم مراراتها أعادت للجنوبيين شيئا من الثقة بأنفسهم، كما أنها قادت إلي علاقة قوية بين الشمال والجنوب.