لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأولي للأراضي الفلسطينية، كافية كي توقف إسرائيل اعتداءاتها علي الفلسطينيين، أو تزيل بعضا من مئات الحواجز والمستوطنات التي تقسم الأراضي المحتلة إلي قطع مترامية. أكثر ما أثار امتعاض الفلسطينيين أن بوش كان حريصا في زيارته لرام الله علي أمن الإسرائيليين بتفهمه لحاجة إسرائيل لنشر مئات الحواجز العسكرية، ولم يكن بذات الحرص علي حقوق الفلسطينيين التي من أبسطها حرية التنقل. ربما وصلت رسالة بوش إلي الشارع الفلسطيني بألا يتوقع الكثير، فقبل أن يصل وقبل المؤتمر الصحفي قُمع اعتصام فلسطيني مناهض لزيارته، وفرضت إجراءات أمنية مشددة ونشر آلاف الجنود في الشوارع وعلي أسطح البنايات في مدينتي رام الله وبيت لحم، وسادت حالة تشبه حظر التجول، ولم يصل الكثيرون إلي أماكن عملهم. وبينما عبر بوش عن قلقه من توسيع المستوطنات وتفهمه للإحباط لدي الفلسطينيين من الحواجز، أبدي في المقابل تفهمه للحاجة الإسرائيلية إليها "بهدف إعطاء الإسرائيليين شعورا بالأمن. وتنشر إسرائيل في الأراضي الفلسطينية أكثر من 500 حاجز عسكري وترابي وأكثر من 250 مستوطنة وعشرات البؤر الاستيطانية، وتشق مئات الكيلومترات من الشوارع الالتفافية علي حساب الفلسطينيين. أما بالنسبة للدولة الفلسطينية فكرر الرئيس الأمريكي تقديراته السابقة بإمكانية إقامتها قبل انتهاء ولايته، ولم يشأ التحدث عن القرارات الدولية فيما يخص القضية أو قضية الأسري التي تشغل بال كل بيت فلسطيني. ويعلق الناشط الحقوقي ماجد عاروري قائلا إن موقف بوش يعبر عن النظر للقضية الفلسطينية والصراع كقضية أمنية إسرائيلية بالدرجة الأولي وليس علي أساس أنها قضية تمس حقوق الفلسطينيين. وأوضح ان الفهم الأمني يسيطر حاليا علي مستوي المنطقة والعالم "علي حساب الجوانب الحقوقية"، مضيفا أنه "لا يتم توفير الحقوق وضمانها وعدالتها باعتبارها الطريق إلي الأمن بقدر ما تعتبر الإدارتان الأمريكية والإسرائيلية الأمن مدخلا نحو الحقوق، ما يعني مزيدا من التضييق والمساس بحقوق المدنيين الفلسطينيين". وحول تعبير بوش عن قلقه من توسيع المستوطنات قال عاروري إن "القلق غير كاف.. بوش لم يعبر عن الموقف الدولي الذي يعتبر المستوطنات غير قانونية أصلا.. الحد الأدني المطلوب أن يكون الموقف الأمريكي والدولي منسجما مع القانون الدولي. وانتهي إلي القول إن "عليهم كما يطالبون الفلسطينيين بأن تنسجم مواقفهم مع الموقف الدولي، أن تنسجم مواقفهم أيضا مع الموقف الدولي وأن تكون المعايير الدولية هي المدخل لأي حل سياسي". الشارع الفلسطيني من جهته رأي في الزيارة استفزازا له وشرعنة لعمليات الاحتلال ضد المقاومة الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة، ولا يعتقد أن دولة فلسطينية ستقوم قبل نهاية العام كما قال بوش. الطالب الجامعي "إسلام" من رام الله رأي في الزيارة تنسيقا واضحا في المواقف ضد المقاومة الفلسطينية، ورسالة تهديد إلي قطاع غزة المحاصر، حيث عقد المؤتمر الصحفي لبوش برام الله بينما كانت المدافع الإسرائيلية تلقي بقذائفها علي غزة. أما محمد دويك (موظف) فيقول إن زيارة بوش في هذا الوقت تشكل استفزازا للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وشرعنة للحصار والاغتيالات في قطاع غزة، مضيفا أن النتائج واضحة علي الأرض حيث تفهم بوش حاجة الإسرائيليين للحواجز ولم يتحدث عن إزالتها. واستبعد دويك أن يتم بالفعل إعلان الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام، واعتبر ذلك الوعد بمثابة "تسكيت للفلسطينيين وتأجيل للقضية في الوقت الذي تتوسع فيه المستوطنات وتزيد الحواجز.